واشنطن وموسكو تتبادلان التحذيرات قبيل انطلاق «أسبوع الدبلوماسية»

أميركا تلوِّح بعقوبات «مدمرة»... وروسيا تستبعد التنازل

بلينكن يعقد مؤتمراً صحافياً بوزارة الخارجية في 7 يناير (رويترز)  -  لافروف خلال مؤتمر صحافي بموسكو في 30 نوفمبر الماضي (أ.ب)
بلينكن يعقد مؤتمراً صحافياً بوزارة الخارجية في 7 يناير (رويترز) - لافروف خلال مؤتمر صحافي بموسكو في 30 نوفمبر الماضي (أ.ب)
TT

واشنطن وموسكو تتبادلان التحذيرات قبيل انطلاق «أسبوع الدبلوماسية»

بلينكن يعقد مؤتمراً صحافياً بوزارة الخارجية في 7 يناير (رويترز)  -  لافروف خلال مؤتمر صحافي بموسكو في 30 نوفمبر الماضي (أ.ب)
بلينكن يعقد مؤتمراً صحافياً بوزارة الخارجية في 7 يناير (رويترز) - لافروف خلال مؤتمر صحافي بموسكو في 30 نوفمبر الماضي (أ.ب)

انخفض سقف التوقعات لما ستُسفر عنه المحادثات الأميركية - الروسية التي تنطلق اليوم في العاصمة السويسرية جنيف، بعد تمسك كل من واشنطن وموسكو بمواقفهما، وتبادلهما الاتهامات.
وتتصدر التهديدات بغزو روسي لأوكرانيا جدول الأعمال، في سلسلة من الاجتماعات رفيعة المستوى، تنعقد هذا الأسبوع بين الدول الغربية وروسيا، إلا أن قائمة طويلة من الخلافات الأمنية والاقتصادية تخيِّم على المحادثات، وتشمل الحد من التسلح والجرائم الإلكترونية والدور الروسي في كازاخستان.
- ماراثون دبلوماسي
وينطلق الأسبوع الدبلوماسي البالغ الحساسية؛ بلقاء ثنائي بين نائبي وزيري خارجية البلدين، الأميركية ويندي شيرمان، والروسي سيرغي ريابكوف. ويتواصل بعدها باجتماع بين حلف شمال الأطلسي وروسيا، الأربعاء، في بروكسل، ومن ثم بلقاء الخميس في فيينا مع منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، بغية إشراك الأوروبيين الذين يخشون تهميشهم، كما ذكرت وكالة «الصحافة الفرنسية».
وأوضح مسؤول في البيت الأبيض، أن الروس والأميركيين «سيجرون مباحثات تمهيدية على الأرجح مساء الأحد»، قبل عقد «الاجتماع الرئيسي الاثنين» في سويسرا.
وتتهم الدول الغربية وكييف، روسيا، بحشد نحو مائة ألف جندي عند حدود أوكرانيا، تحضيراً لغزو محتمل. وهددت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعقوبات «هائلة» وغير مسبوقة، في حال هاجم جارته. وقد تصل هذه الإجراءات إلى حد منع روسيا من التعامل مع النظام المالي العالمي، أو منع وضع خط أنابيب الغاز «نورد ستريم 2» الذي تريده موسكو بقوة، في الخدمة.
وتريد الدول الغربية من موقفها أن تثبت أنها أكثر حزماً وتصميماً من عام 2014، عندما ضمت موسكو شبه جزيرة القرم الأوكرانية، من دون أن ينجح التحالف الأميركي- الأوروبي في جعلها تتراجع عن خطوتها.
- استبعاد التنازل
يعتبر الرئيس بوتين الذي أجرى محادثات مع نظيره الأميركي جو بايدن مرتين، منذ بدء هذه الأزمة، أن فرض عقوبات جديدة سيشكل «خطأ فادحاً»، وهدد بدوره برَدٍّ «عسكري وتقني» في حال استمرار خصومه «في هذا النهج العدائي». وقد نجح في فرض توسيع الحوار ليشمل شروطه ومطالبه التي يعتبرها الغرب خطوطاً حمراء.
واستبعدت روسيا، أمس، تقديم «أي تنازل» قبيل بدء محادثات في جنيف مع الولايات المتحدة، في محاولة لنزع فتيل الأزمة المتفجرة بشأن أوكرانيا، فضلاً عن السعي إلى تقريب وجهات النظر حول الأمن في أوروبا. وقال نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف الذي يشارك في المفاوضات، في تصريحات لوكالات الأنباء الروسية: «لن نقبل بأي تنازل. هذا أمر مستبعد تماماً». وأكد: «خاب ظننا في الإشارات الصادرة في الأيام الأخيرة من واشنطن وبروكسل أيضاً».
ويؤكد الكرملين أن الغرب هو الذي يستفز روسيا، من خلال نشر قوات عسكرية عند حدودها، أو من خلال تسليح الجيش الأوكراني الذي يحارب انفصاليين مؤيدين لروسيا في دونباس في شرق أوكرانيا. ويطالب باتفاق واسع يمنع أوكرانيا من الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، وبسحب كل القوات الأميركية من الدول التي تقع في أقصى شرق حدود حلف شمال الأطلسي.
إلا أن الأميركيين يؤكدون أنهم غير مستعدين لخفض عدد قواتهم في بولندا أو دول البلطيق؛ بل يهددون -على العكس- بتعزيز وجودهم فيها في حال حصول هجوم روسي.
وحذر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، الجمعة، من وجود «خطر فعلي لاندلاع نزاع جديد»؛ مشيراً إلى أن موسكو تطرح شروطاً «غير مقبولة»، وتكثف التهديدات «في حال عدم قبولها».
- المشروع السوفياتي
من جانبه، لم يبدِ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن تفاؤلاً كبيراً حول نجاح المحادثات. وقال في تصريحات لشبكة «سي إن إن» أمس: «نعمل عن كثب مع جميع الدول للتوصل إلى اتفاق بشأن الخطوات التي سنتخذها معاً، في حال تجدد العدوان الروسي. وأعتقد أن لدى روسيا فكرة جيدة عن الأمور التي قد تواجهها إذا أقدمت على العدوان».
وأكد بلينكن الموقف الأميركي من التوتر عند الحدود الأوكرانية، وقال: «أوضحنا أننا سنستمر في تزويد أوكرانيا بالمعدات العسكرية الدفاعية، لتكون قادرة على الدفاع عن نفسها، وفي حال حدوث عدوان روسي سيتعين على (الناتو) تعزيز قواته الشرقية».
وانتقد بلينكن التعزيز العسكري الروسي عند الحدود الأوكرانية، وتدخل روسيا في احتجاجات كازاخستان وفي انتخابات بيلاروسيا، والصراع بين أرمينيا وأذربيجان. واعتبر أن أحد أهداف الرئيس بوتين تكمن في استعادة الاتحاد السوفياتي القديم، والاحتفاظ بنفوذ على الدول التي كانت في السابق جزءاً منه. وشدد قائلاً: «هذا غير مقبول، ولا يمكننا العودة إلى مناطق النفوذ العالمية، وهي وصفة لعدم الاستقرار والصراع، وأدت إلى حربين عالميتين في السابق».
ورفض بلينكن تأكيد احتمالية الغزو الروسي لأوكرانيا، وقال: «نحن ملتزمون بالحوار والدبلوماسية لمعرفة ما إذا كان بإمكاننا حل هذه التحديات سلمياً، ومستعدون للتعامل بحزم شديد مع روسيا. والأمر متروك الآن للرئيس بوتين، ليقرر المسار الذي يريد أن يسلكه».
وعن المطالب الروسية، قال بلينكن في وقت سابق هذا الأسبوع: «بالتأكيد يندرج تقديم لائحة مطالب غير مقبولة، ضمن استراتيجيتهم للادعاء بعد ذلك بأن الطرف الثاني لا يدخل في اللعبة، ولاستخدام ذلك كمبرر لشن عدوان»؛ لكنه أكد أن الولايات المتحدة «لن تتلهى» بـ«النقاش حول حلف شمال الأطلسي» الذي يطالب به بوتين؛ لأن «موضوع الساعة هو العدوان على أوكرانيا». وأكد وزير الخارجية الأميركي أنه «من الصعب جداً إحراز تقدم فعلي» مع «مسدس موجه إلى رأس أوكرانيا»؛ لكنه مد اليد لروسيا؛ مؤكداً أن «الحل الدبلوماسي لا يزال ممكناً» في حال أرادت ذلك.
- عقوبات «مدمرة»
وأصدرت إدارة الرئيس بايدن تحذيرات جديدة بلهجة أكثر حدة وحزماً تجاه روسيا، بشأن العقوبات التي قد تواجهها إذا مضت قدماً في التهديدات بغزو أوكرانيا. وأشار المسؤولون الأميركيون إلى إمكانية حدوث تحولات تدريجية في الموقف الاستراتيجي لأميركا في أوروبا، ولوَّحوا بعقوبات «مدمِّرة»، إذا تدخلت روسيا في أوكرانيا عسكرياً.
وبالإضافة إلى العقوبات المفروضة على الطاقة والسلع الاستهلاكية، تدرس الولايات المتحدة حظر تصدير المكونات الإلكترونية المتقدمة، والبرامج التكنولوجية والمعدات الأميركية إلى روسيا. وقد يمتد هذا الحظر ليشمل قطع تصنيع الطائرات والهواتف الذكية وأجهزة التلفزيون، ومكونات أخرى أساسية لقطاعي الدفاع والطيران المدني.
وقبل ساعات من انطلاق المحادثات، أوضح المسؤولون أن الإدارة ستناقش المقترحات الروسية بشأن الحد من عمليات نشر الصواريخ في أوكرانيا، ووضع قيود على التدريبات العسكرية للولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي في أوروبا الشرقية؛ لكنهم شددوا في المقابل على أنه لا توجد فرصة لقيام الولايات المتحدة بتقليص وجودها العسكري أو ترسانتها العسكرية في أوروبا الشرقية، كما طلبت روسيا. واعتبر المسؤولون بالإدارة الأميركية أن مطالب روسيا بتقليص عدد العسكريين التابعين لحلف «الناتو في أوروبا الشرقية «غير مقبولة»، وأن موسكو ليس لديها الحق في مطالبة حلف «الناتو» برفض انضمام أوكرانيا.
واستعرض مسؤول أميركي رفيع، للصحافيين خلال مؤتمر هاتفي مساء السبت، قائمة للمخاوف الأميركية من التهديدات التي تطرحها موسكو. وتشمل التهديدات للأمن الأوروبي المستمرة منذ عقدين، فضلاً عن تدخل موسكو في الانتخابات، بما فيها الانتخابات الأميركية، واستخدام أسلحة كيماوية لتنفيذ اغتيالات، وانتهاك المعاهدات للحد من الأسلحة، مثل معاهدة الأسلحة النووية متوسطة المدى. ولفت المسؤول إلى أن أي محادثات جادة مع روسيا حول الأمن الأوروبي يجب أن تعالج هذه القضايا كذلك.
- تعدد التحديات
إلى جانب الأزمة الأوكرانية، تأمل واشنطن في استغلال فرصة هذه المحادثات، لتعيد العلاقات الأميركية - الروسية التي تراجعت إلى أدنى مستوى لها منذ الحرب الباردة على مسار أكثر استقراراً، فضلاً عن أملها في تسجيل تقدم على صعيد ملفات أخرى، مثل نزع الأسلحة.
إلا أن الدعوات كثرت من باريس إلى برلين، مروراً ببروكسل، لإشراك الدول الأوروبية فعلياً في المحادثات، ولا سيما الاتحاد الأوروبي، في مواجهة الكرملين الذي يفضل على ما يبدو لقاءً ثنائياً روسياً - أميركياً.
وتشكل هذه المحادثات اختباراً لإدارة بايدن التي أثارت -رغم وعودها بالتنسيق- خيبة أمل في صفوف حلفائها الأوروبيين، بسبب تفردها في أفغانستان، أو على صعيد استراتيجيتها لمواجهة الصين. لكن أنتوني بلينكن أكد: «لن يكون هناك أي شيء عن أوروبا من دون أوروبا».



اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.