دعوات كردية لحوار بين شرق الفرات وغربه

قائد {قسد} يريد رعاية روسية ـ أميركية للتفاوض مع دمشق

جانب من عرض قوات سوريا الديمقراطية «قسد» في شرق الفرات (الشرق الأوسط)
جانب من عرض قوات سوريا الديمقراطية «قسد» في شرق الفرات (الشرق الأوسط)
TT

دعوات كردية لحوار بين شرق الفرات وغربه

جانب من عرض قوات سوريا الديمقراطية «قسد» في شرق الفرات (الشرق الأوسط)
جانب من عرض قوات سوريا الديمقراطية «قسد» في شرق الفرات (الشرق الأوسط)

قال مسؤولون أكراد سوريون إن العلاقة مع دمشق «لم تنقطع»، مشيرين إلى أن «النظام ليس جدياً بالتفاوض» حول مستقبل الإدارة الذاتية و«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، وسط انتقادات كردية لجهود دمشق لإنجاز «تسويات» في مناطق متاخمة لـ«قسد». وبرزت دعوات لرعاية روسية - أميركية لـحوار بين مناطق شرق الفرات الخاضعة لسيطرة «قسد» بدعم واشنطن وغربه حيث تسيطر الحكومة على مناطقه بدعم من روسيا وإيران.
ونقل عن نائب الرئاسة المشاركة للمجلس التنفيذي في الإدارة الذاتية أمينة أوسي قولها إن «حكومة دمشق تحاول استهداف النسيج الاجتماعي للسكان في شمال شرقي سوريا»، وأضافت «حكومة دمشق حاولت ولا تزال ضرب استقرار المناطق التي تديرها الإدارة الذاتية، والإعلان عن بدء التسويات هو إحدى تلك المحاولات».
وكان «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أفاد أول من أمس، بأنه «بعد الانتهاء من عمليات «التسوية» في مدينة الميادين، والتي بدأتها قوات النظام في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي ضمن مناطق تواجدها بمحافظة دير الزور، افتتحت قوات النظام في 3 الشهر الجاري مركزاً لـ«التسوية» في بلدة الشميطية بريف دير الزور الغربي والمتاخمة لمناطق نفوذ قوات سوريا الديمقراطية، وبدأت قوات النظام وأجهزتها الأمنية، عمليات «التسوية» انطلاقاً من مدينة دير الزور، في 13 من نوفمبر، وانتقلت بعدها إلى مدينة الميادين شرق المحافظة، ومن ثم انتقلت إلى مدينة البوكمال الحدودية مع العراق.
من جهته، قال قائد «قسد» مظلوم عبدي، إن علاقة «الإدارة الذاتية» مع دمشق «متواصلة ولم تنقطع».
وأضاف في مقابلة نشر «معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى» نسختها العربية أول من أمس: «نحن نريد أن نصل إلى حل للخلافات بيننا وبين النظام. نظام الأسد غير جاهز حالياً للتوصل إلى حلول. إنه يتحدث من موقع المنتصر، ومن وجهة نظره يحق له فرض قراراته والعودة إلى ما يشبه عام 2011».
وشدد على أن الإدارة الذاتية «موجودة منذ عشر سنوات، وعليهم (في دمشق) تقبلها دستورياً. أيضاً، وبالنسبة إلى الملف العسكري وأقصد (قسد) و(قوى الأمن) أسايش، لا بد للنظام أن يعترف بهما، لكن النظام غير مستعد لتلك الخطوة بعد».
وأضاف «التوصل إلى حل لن يتحقق إلا بفرض ضغط مستمر من قبل الأطراف الدولية على نظام الأسد، ونحن نؤمن بأنه في حال حدوث اتفاق بين شرق الفرات وغربه وبرعاية دولية، فإن كل المشكلات في سوريا ستُحل تباعاً»، وفق قوله.
وأعرب عبدي عن قناعته بأن حصول اتفاق بين روسيا وأميركا سيحقق تقدماً في الملف السوري، لكنه قلل من أهمية اللقاءات الدولية سواء في جنيف أو أستانة أو سوتشي حول سوريا، لأنها لم تتمكن من «إيجاد مخرج ما، وذلك لأن الأطراف التي ترعاها غير جدية، لا النظام ولا المعارضة القريبة من تركيا يريدان الحل لكونهما يستفيدان من استمرار الصراع».
وأوضح أن الإدارة الذاتية «لا تقول ببقاء الجيش الأميركي في المنطقة للأبد، بل لا بد أن يبقوا حتى الوصول إلى حل سياسي. نريد أن نحول بقاء أميركا هنا إلى أرضية للوصول إلى حل سياسي».
شهد عام 2021 دعوات روسية لبدء حوار، إذ قال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، في 2 من يوليو (تموز) 2021. إن موسكو مستعدة لتسهيل الحوار بين الطرفين لشمال شرقي سوريا، بشرط أن يحافظا على مواقف متماسكة. وأضاف لافروف، «نحن على استعداد لتشجيع الاتصالات والمشاورات، لكن الجانبين بحاجة إلى مواقف متماسكة. أميركا تدفع جزءاً كبيراً من الكُرد السوريين نحو الانفصالية».
وفي نوفمبر الماضي، بحث لافروف مع الرئيسة التنفيذية لـ«مجلس سوريا الديمقراطية» (مسد)، إلهام أحمد، التسوية السياسية في سوريا. وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان لها، في 23 من نوفمبر: «جرى بحث التطورات في سوريا مع التركيز على الوضع في شمال شرقي البلاد. وأُعير اهتمام خاص لمهمة تفعيل التسوية السياسية في سوريا على أساس قرار مجلس الأمن الدولي رقم (2254)، وإعادة تأهيل اقتصادها ومجالها الاجتماعي، وعودة اللاجئين والنازحين وتقديم المساعدات الإنسانية للمحتاجين إليها». وأعلنت «قسد» في بيان، أن النظام السوري غير جاهز لأي تسوية سياسية في المنطقة.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.