عائلات في شمال سوريا تطالب بكشف مصير مفقوديها

الفنان السوري عزيز أسمر وشعار «المعتقلون جرحنا المفتوح» في أعزار بريف حلب شمال سوريا أمس (أ.ف.ب)
الفنان السوري عزيز أسمر وشعار «المعتقلون جرحنا المفتوح» في أعزار بريف حلب شمال سوريا أمس (أ.ف.ب)
TT

عائلات في شمال سوريا تطالب بكشف مصير مفقوديها

الفنان السوري عزيز أسمر وشعار «المعتقلون جرحنا المفتوح» في أعزار بريف حلب شمال سوريا أمس (أ.ف.ب)
الفنان السوري عزيز أسمر وشعار «المعتقلون جرحنا المفتوح» في أعزار بريف حلب شمال سوريا أمس (أ.ف.ب)

طالبت أكثر من سبعين عائلة في مدينة أعزاز في شمال سوريا، الجمعة، بالكشف عن مصير أفرادها من مفقودين ومعتقلين، مناشدة المجتمع الدولي التحرك لبت الملف الذي يعد من أكثر ملفات النزاع السوري تعقيداً.
وأفادت وكالة الصحافة الفرنسية، بأنه منذ بدء النزاع عام 2011 دخل قرابة مليون شخص إلى سجون ومراكز اعتقال تابعة للنظام، قضى نحو 105 آلاف منهم تحت التعذيب أو نتيجة ظروف اعتقال مروعة، فيما عشرات الآلاف في عداد المغيبين قسراً، وفقاً لإحصاءات «المرصد السوري لحقوق الإنسان».
داخل مغلف، وضعت لمى عنداني رسالة كتبتها وطالبت فيها بمعرفة مصير زوجها المعتقل منذ أكثر من تسع سنوات. ثم علقتها على جدار في ساحة وسط مدينة أعزاز، إلى جانب عشرات الرسائل المماثلة التي كتبها ذوو معتقلين ومفقودين في إطار نشاط نظمته منظمة «تستقل» غير الحكومية التي تُعنى بتمكين النساء والشباب.
وتقول لمى، وهي نازحة من مدينة حلب (شمال) لوكالة الصحافة الفرنسية، «أحلم برؤية زوجي المعتقل... ومعرفة ما هو مصيره».
وتضيف المرأة التي اقتيد زوجها في دمشق في سبتمبر (أيلول) 2012 إلى فرع المخابرات الجوية ولم يعد من بعدها: «جئنا بهذه الوقفة لعل أصواتنا تصل إلى المجتمع الدولي»، ولكي لا يبقى الملف «طي النسيان».
وتمكنت لمى التي اعتقلتها السلطات السورية عندما كانت تبلغ 15 عاماً عام 1981 ولتسع سنوات، من متابعة بعض الأخبار عن زوجها عبر وسطاء لمدة عام ونصف عام قبل أن تنقطع أخباره عنها بشكل تام. وتضيف بحرقة: «أعرف ماذا يعني أن تكون معتقلاً يموت مائة مرة في اليوم الواحد».
وتناوب عشرات الأشخاص، وفق مصور للوكالة، في مدينة أعزاز الخاضعة لسيطرة فصائل معارضة موالية لأنقرة، على كتابة تمنياتهم بمعرفة مصير أقاربهم. وعلقوها على الجدار الذي كُتبت عليه عبارة «المعتقلون جرحنا المفتوح».
على الجدار ذاته، خط الرسام عزيز الأسمر جدارية تضامن مع المعتقلين. ويقول لوكالة الصحافة الفرنسية: «سنبقى نطالب الجهات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان بالمساعدة في كشف مصيرهم ومعاقبة معتقلهم، وهو نظام (الرئيس) بشار الأسد».
ورغم تسريب مصور سابق في الشرطة العسكرية السورية، يُعرف باسم «قيصر»، بعد فراره من سوريا، 55 ألف صورة توثق التعذيب والانتهاكات في سجون النظام السوري بين العامين 2011 و2013، وشهادات عائلات المعتقلين، واتهام منظمات حقوقية نظام الأسد بإعدام عشرات آلاف في السجون، لم يتم إحراز أي تقدم في هذا الملف الشائك.
وأقر الكونغرس الأميركي قانون عقوبات باسم «قانون قيصر»، فرضت إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب بموجبه عقوبات على حوالي 114 مسؤولاً سورياً ورجل أعمال تابعاً للنظام.
ولم تفلح محاولات الأمم المتحدة في إطار مفاوضات جنيف في تحقيق أي تقدم فيما يخص الكشف عن مصير المعتقلين والمفقودين أو المخفيين.
وتجري بين الفينة والأخرى عمليات تبادل معتقلين بي فصائل معارضة والنظام برعاية تركيا وروسيا، لكنها لا ترقى لمستوى معاناة أهالي المفقودين. ورفضت دمشق انخراط الأمم المتحدة في عملية الكشف عن مصير المفقودين.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».