الريال اليمني يعاود انخفاضه وسط اتهامات لشركات الصرافة بالتلاعب

الريال اليمني يعاود انخفاضه وسط اتهامات لشركات الصرافة بالتلاعب
TT
20

الريال اليمني يعاود انخفاضه وسط اتهامات لشركات الصرافة بالتلاعب

الريال اليمني يعاود انخفاضه وسط اتهامات لشركات الصرافة بالتلاعب

عاد سعر العملة اليمنية (الريال) مجدداً إلى الانخفاض أمام العملات الأجنبية بشكل متسارع في الأيام الأخيرة بعد أن كانت استعادت قدراً كبيراً من قيمتها في الأسبوعين الأخيرين عقب تعيين قيادة جديدة للبنك المركزي في عدن، بالتزامن مع تدابير حكومية عدة، وتفاؤل بحصول البنك على دعم إقليمي ودولي.
وفي الوقت الذي تكافح فيه الجهات الحكومية في عدن للسيطرة على السوق المصرفية، اتهم اقتصاديون يمنيون كبريات شركات الصرافة بالتلاعب بالأسعار واللجوء إلى المضاربة، بحثاً عن مكاسب سريعة.
وبحسب مصادر مصرفية، تراوح سعر الدولار الواحد أمس (الجمعة) في عدن والمناطق الخاضعة للشرعية اليمنية بين 1120 و1160 ريالاً، بعد أن كان وصل قبل نحو 10 أيام قرابة 800 ريال.
ويخشى المراقبون أن يواصل الريال اليمني تدهوره ليعود إلى تسجيل أسوأ الأسعار في تاريخه، حيث بلغ الدولار الواحد قبل تعيين القيادة الجديدة للبنك المركزي نحو 1700 ريال.
في السياق نفسه انعكس التراجع في قيمة الريال على أسعار السلع في المناطق المحررة، كما ارتفعت رسوم التحويل الداخلي بين المناطق المحررة وبين المناطق الخاضعة للحوثيين، حيث تفرض الميليشيات في مناطقها سوقاً مصرفية موازية، وتدفع الموالين لها إلى شراء العملات الصعبة من المناطق الخاضعة للحكومة الشرعية.
ويرجح الخبير الاقتصادي اليمني عبد الحميد المساجدي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن العملة اليمنية ستظل في حالة تذبذب وعدم ثبات في القيمة طالما كانت مرتبطة بمتغير الاقتصاد المنهار والاضطراب الأمني والسياسي في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية».
ويرى أن على الإدارة الجديدة للبنك المركزي والحكومة أن تقوم «بإجراء إصلاحات سريعة وملموسة وناجعة في جانب تحصيل موارد الدولة من قبيل الإعلان عن بيع كميات جديدة من النفط اليمني وتوريد عائداتها إلى حسابات البنك المركزي في عدن والاتفاق مع السلطات المحلية لتوريد الموارد المركزية أو التخلص من جزء من الكتلة النقدية التي تفوق حجم الناتج المحلي الإجمالي وتزيد على حاجة السوق».
ومع انتظار الأوساط الحكومية الحصول على ودائع مالية خارجية، يعتقد المساجدي أن الرهان الأساسي ينبغي أن يكون «على موارد الدولة وحسن إدارتها وتعزيز كفاءة تحصيلها وترشيد النفقات والاستغلال الأمثل للمنح والقروض».
ويضيف «البنك الدولي بلغت مساهماته لدعم مشاريع تنموية خلال أربع سنوات مليار و800‪ مليون دولار وهناك مؤسسات دولية مانحة لديها محفظة مشاريع مستمرة ينبغي النظر إلى كيفية الاستفادة منها في سبيل تعافي العملة اليمنية».
وكانت الحكومة اليمنية قد شرعت في اتخاذ عدد من التدابير في الأيام الماضية، حيث أمرت وزارة المالية بإغلاق الحسابات الجارية في البنوك التجارية والمصارف، الخاصة بوحدات الجهاز الإداري، بحسب ما جاء في تعميم موجه إلى الوزراء ومحافظي المحافظات والمؤسسات والمصالح الحكومية والهيئات العامة ومكاتب المالية بالمحافظات.
وشدد التعميم على إغلاق الحسابات الجارية في البنوك التجارية والمصارف الخاصة بوحدات الجهاز الإداري للدولة والمصالح الحكومية والمؤسسات والهيئات والوحدات المستقلة والملحقة، وطلب من الجهات الحكومية الالتزام بتوريد الموارد إلى الحسابات المخصصة لها والمفتوحة لدى طرف البنك المركزي اليمني في عدن وفروعه في المحافظات. إلى جانب الالتزام بقواعد الامتثال المالي والتقيد بالتخاطب مع وزارة المالية، باعتبارها الجهة المختصة بفتح الحسابات ولها حق الإشراف والرقابة والتفتيش والضبط.
في السياق نفسه، عقد محافظ البنك أحمد أحمد غالب المعبقي اجتماعاً مع ممثلي المصارف المحلية، وفق ما أورده الموقع الرسمي للبنك، متهماً من وصفها بـ«قطاعات غير منتظمة وغير منضبطة ولا مرخصة» بالإضرار بالاقتصاد الوطني».
وقال المعبقي إن هذه القطاعات «أثقلت كاهل المواطنين بأعباء ممارساتها ومضارباتها»، مؤكداً استعداد البنك المركزي تقديم ما يمكن من مساعدة للبنوك وتعزيز علاقات التعاون والتكامل مع الجميع وفقاً لأحكام القوانين النافذة والتعليمات الناظمة للعمل المصرفي بما يسهل أعمالها، ويحل الإشكاليات القائمة التي فرضتها الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد.
وأكد «استعداد قيادة البنك المركزي للجلوس مع قيادات البنوك التجارية والإسلامية للوصول إلى تفاهمات تسهم في تصحيح المسار لما من شأنه تفادي أي إجراءات بحق البنوك تضر بالعمل المصرفي وتعقد تعاملها مع البنوك المراسلة في الخارج، خدمة للاقتصاد الوطني».
وشدد محافظ البنك المركزي اليمني «على المسؤولية التي تقع على عاتق البنك في الحفاظ على سلامة البنوك الوطنية وتسهيل التعامل المصرفي لليمن مع الخارج، والسعي لتذليل العقبات الناتجة عن تجميد الحسابات في الخارج، ما يحتم على البنوك الوطنية أن تقف مع البنك المركزي وتنفذ تعليماته وترفع درجة الالتزام في ممارساتها وخصوصاً فيما يتعلق بمعايير مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتوفير كافة البيانات عن أنشطتها وفقاً لأحكام القوانين واللوائح المنظمة للعمل المصرفي».
وفي وقت سابق تعهد رئيس الوزراء اليمني باستمرار الحملات الميدانية القائمة للرقابة على الأسواق وشموليتها بما يحافظ على حقوق المستهلك ويحمي حياة ومعيشة المواطنين. وكشف عن قرارات مقبلة في كل الهيئات والمؤسسات المالية، وشدد على عدم التهاون مع المقصرين في أداء واجباتهم، وتعزيز النزاهة والشفافية في جميع إدارات ومؤسسات الدولة، وتفعيل المحاسبة للفاسدين.
وقال: «نحن في معركة اقتصادية صعبة وتحدٍ صعب، والنتائج بدأت تظهر الآن. هناك إصلاحات كثيرة من الممكن أن الناس لم يكونوا يشعرون بها لكن نتائجها أتت خلال هذه الفترة». مؤكداً أن «المستهلك هو محور اهتمام الحكومة، وشريك أساسي لها في الوقت ذاته، في المعركة ضد الفساد وضد من يلعبون بأقوات الناس».



لماذا تحفّظ العراق وتونس على فقرات في بيان «القمة العربية» الختامي؟

القادة العرب ورؤساء الوفود المشاركون في القمة الطارئة (الرئاسة المصرية)
القادة العرب ورؤساء الوفود المشاركون في القمة الطارئة (الرئاسة المصرية)
TT
20

لماذا تحفّظ العراق وتونس على فقرات في بيان «القمة العربية» الختامي؟

القادة العرب ورؤساء الوفود المشاركون في القمة الطارئة (الرئاسة المصرية)
القادة العرب ورؤساء الوفود المشاركون في القمة الطارئة (الرئاسة المصرية)

رغم الإجماع العربي حول مخرجات القمة العربية الطارئة في مصر (قمة فلسطين)، أثارت تحفظات من العراق وتونس على بعض «فقرات البيان الختامي»، لا سيما المتعلقة بمسألة «حل الدولتين»، تساؤلات حول مدى تأثيرها على «التوافق العربي» بشأن القضية الفلسطينية.

ولا تعني التحفظات العراقية والتونسية رفضاً للإجماع العربي الذي أكده البيان الختامي للقمة، وفق المتحدث باسم الجامعة العربية، المستشار جمال رشدي، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «موقف بغداد وتونس تقليدي، وجرى تسجيله في بيانات سابقة، وفق مبادئ الدولتين الحاكمة للتسوية السلمية للقضية الفلسطينية».

واعتمدت القمة العربية الطارئة، التي استضافتها القاهرة الثلاثاء، «خطة إعادة إعمار وتنمية قطاع غزة، المقدمة من مصر لتكون خطة عربية جامعة»، كما أكدت «الموقف العربي القاطع الرافض لدعوات تهجير الفلسطينيين».

وأعلن الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، في ختام فعاليات القمة، اعتماد البيان الختامي، الذي تضمن 23 بنداً، لدعم القضية الفلسطينية، من بينها «تكثيف التعاون مع القوى الدولية والإقليمية للتوصل لحل عادل وشامل، على أساس إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وحل الدولتين، وبما يضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة، ذات سيادة على خطوط الرابع من يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس الشرقية».

وسجل البيان الختامي تحفظات تونسية عراقية على بعض العبارات، وأشار إلى أن «تونس تؤيد ما جاء في بيان القاهرة، باستثناء ما ورد فيه من إشارات إلى حل الدولتين وحدود 4 يونيو 1967، والقدس الشرقية»، وأعاد البيان ذلك إلى «موقف تونس الثابت الداعم لحق الشعب الفلسطيني في استرجاع حقوقه، وإقامة دولته المستقلة على كامل الأراضي الفلسطينية، وعاصمتها القدس الشريف».

ولم يختلف الموقف كثيراً بشأن العراق، إذ نوّه إلى تسجيل بغداد تحفظها على عبارات «حدود يونيو 1967»، وأيضاً «حل الدولتين، والقدس الشرقية»، بالإضافة لأي عبارة تشير صراحة أو ضمناً إلى «الكيان الإسرائيلي، بعدّه دولة»، وأوضح البيان أن تلك العبارات «لا تتماشى مع القوانين العراقية النافذة، التي تقضي بحق العودة للشعب الفلسطيني وإقامة دولته، وعاصمتها القدس الشريف».

وسبق أن سجل العراق وتونس التحفظات ذاتها في بيانات عربية سابقة، وفق المتحدث باسم الجامعة العربية، المستشار جمال رشدي، وأشار لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «البلدين يسجلان هذا التحفظ في أي بيان عربي تُذكر فيه مسألة حل الدولتين».

ولا يؤثر موقف بغداد وتونس هذا على «الإجماع العربي»، وفق رشدي، مشيراً إلى أنها «تحفظات تطرح بشكل تقليدي للتعبير عن مواقف الدولتين بشأن المبادئ العامة الحاكمة للتسوية السلمية للقضية الفلسطينية»، وقال إن «هذه المواقف لا تعبر عن حالة رفض للموقف العربي الحالي».

ويؤكد متحدث الجامعة العربية أن بيان القاهرة أكد مواقف عربية قاطعة، أهمها «رفض دعوات تهجير الفلسطينيين»، إلى جانب «طرح رؤية جامعة لإعادة الإعمار في قطاع غزة، سيتم حشد الدعم الدولي والإقليمي لها».

وسبق أن سجل العراق وتونس التحفظ على بيانات تتعلق بمواقف عربية من القضية الفلسطينية، كان آخرها «بيان القمة العربية - الإسلامية» الطارئة التي عقدت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، والخاصة بمناقشة التصعيد على قطاع غزة.

وتتسق التحفظات العراقية مع قوانين داخلية تدعم حق الشعب الفلسطيني في العودة، وإقامة دولته على كامل الأراضي الفلسطينية، وفق أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، طارق الزبيدي، ودلل على ذلك بـ«تشريع الجنسية والتجنس العراقي الذي يمنح للفلسطيني حق اللجوء والإقامة، دون حق التجنس»، مشيراً إلى أن ذلك يأتي «من منطلق منح حق العودة الكاملة للفلسطينيين والتشجيع عليها، ورفض التهجير».

ولا يعني التحفظ العراقي رفضاً للقرار العربي، وفق الزبيدي، وأشار لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «تسجيل بغداد لموقفها يدعم الموقف العربي، ولا ينتقص منه»، وقال إن «العراق يرى أن مشروع حل الدولتين لن يحل الصراع بشكل جذري مع الجانب الإسرائيلي».

وشدد الرئيس العراقي، عبد اللطيف رشيد، على «حق الفلسطينيين في العودة إلى وطنهم ومناطقهم الأصلية، في الأراضي الفلسطينية»، ودعا في كلمته بالقمة إلى ضرورة «إنهاء الجانب الإسرائيلي الوضع غير القانوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة»، إلى جانب رفض بلاده «أي محاولات لمصادرة الأراضي الفلسطينية، وتهجير سكانها».

ولا يختلف في ذلك المحلل السياسي التونسي محمد بوعود، عاداً التحفظ التونسي «اختلافاً جزئياً وليس جوهرياً»، مشيراً إلى أن «تونس تدعم الخطة العربية، وستتعاون في تنفيذها».

وينطلق التحفظ التونسي من رؤية الرئيس التونسي قيس سعيد الداعية إلى «تحرير أرض فلسطين كاملة من النهر إلى البحر، وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشريف»، وفق بوعود، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «هذه الرؤية تتبناها تونس منذ تولي الرئيس التونسي السلطة عام 2019، وتحرص على تسجيلها في مشاريع البيانات العربية المتعلقة بالقضية الفلسطينية».

وترأس وزير الخارجية التونسي، محمد علي النفطي، وفد بلاده في القمة العربية، وأكد في كلمته موقف بلاده الثابت «الداعم لنضال الشعب الفلسطيني، لاسترجاع حقوقه، وإقامة دولته المستقلة ذات السيادة على كامل أرض فلسطين، وعاصمتها القدس الشريف».