آية الله الصرخي لـ {الشرق الأوسط}: تدخل إيران بالمنطقة دفاعا عن مصالحها فقط.. والشيعة وقودها

المرجع الشيعي العراقي قال إن فتوى السيستاني بالجهاد في سوريا فخ وقع فيه الجميع

آية الله الصرخي
آية الله الصرخي
TT

آية الله الصرخي لـ {الشرق الأوسط}: تدخل إيران بالمنطقة دفاعا عن مصالحها فقط.. والشيعة وقودها

آية الله الصرخي
آية الله الصرخي

يؤكد المرجع الديني آية الله السيد الصرخي الحسني في حوار مع «الشرق الأوسط»، أن «التمدد الإيراني لن يتوقف عند حدّ ما دامت الدول والشعوب مستكينة وخاضعة ولا تملك العزم والقوة والقرار للوقوف بوجه الغزو والتمدد القادم والفاتك بهم»، موضحا أن «السياسة والحكم التسلطي والمشاريع الإمبراطورية التوسعية تفعلُ كلَّ شيء وتقلِبُ كلَّ الحقائق من أجل الحفاظ على وجودِها وتسلّطِها وتنفيذ مشاريعها. وتحدث الصرخي، الذي يعد من المراجع الدينية الشابة، ومن تلامذة المرجع الشيعي الراحل محمد صادق الصدر، وقد عرف بمواقفه السياسية المثيرة للجدل ومعارضته للاحتلال الأميركي للعراق، وتدخل إيران في شؤونه، وتحريمه لحمل السلاح لمقاتلة السنة بالعراق، في حواره بشأن العلاقة بين الشيعة وكل من الحوثيين والعلويين وإشكالياتها التي ظهرت على السطح مع اندلاع الثورة السورية وقيادة إيران جبهة الدفاع عن النظام السوري من خلال تدريب وتسليح ودعم ميليشيات شيعية تقاتل بمبرر الدفاع عن العلويين على اعتبارهم شيعة، وعلى اعتبار أن الثورة ما هي إلا صراع طائفي يستهدف بشار الأسد العلوي.
وأشار إلى أن استنساخ التجربة السورية في اليمن عن طريق الحوثيين فتح أبواب الصراع في المنطقة على مصراعيه، مما يثير مخاوف الشيعة قبل السنة، انطلاقا من أن السلطة في إيران تدافع عن مصالحها فقط والشيعة وقودها في المنطقة. وفيما يلي نص الحوار.
* إلى أين تتجه إيران في تمددها؟
- أصحاب المشاريع الإمبراطورية لا يقفون عند حدّ ما دامت الدول والشعوب مستكينة وخاضعة ولا تملك العزم والقوة والقرار للوقوف بوجه الغزو والتمدد القادم والفاتك بهم.
* ما قراءتكم الفكرية والسياسية لواقع الشيعة في العالم بعد تدخل إيران في عدد من بلدان المنطقة، وهل ولاية الفقيه سيقود فعلا شيعة العالم؟
- الضيم والظلم والمرض والفقر والجوع وفقدان الأمان والتشريد والتطريد والتهجير والقتل وسفك الدماء الذي مرّ ويمر على شيعة العراق جَعَلَهم يترحّمون على أيام صدام حسين والذي جعلهم ينفرون ويفرّون من ولاية الفقيه.. ولم يرتبط بولاية الفقيه إلا الميليشيات القاتلة المتعطشة لسفك الدماء.. وبعد هذا هل يخطر ببال أن الشيعة سيتوحدون خلف ولاية فلان أو علّان؟! يمكن لأي شخص أن يجري دراسة وإحصاء للشارع العراقي فسيتيقن أن ولاية الفقيه علّان لا يملك أي حضور في الشارع العراقي لا هو ولا المرجعيات الأخرى، فقد فشلوا فشلا ذريعا في التأثير واستقطاب الشارع العراقي. على الرغم من ذلك الفشل الساحق فإن إيران نجحت وبأساليب مختلفة في السيطرة الكلية على الرموز الدينية والمرجعيات الطائفية الأعجمية وغيرها فصارت تحركها كيفما تشاء ومتى تشاء ومن خلالهم تمت السيطرة على عموم الشارع العراقي الشيعي والسني.
وهذا الأسلوب ممكن أن يتكرر مع باقي المجتمعات الشيعية في باقي البلدان فتحصل السيطرة الكلية والتحريك الجمعي بنفس المنهج والسلوك في العراق فيسير الجميع جاهلا غافلا نائما مخدَّرا نحو تحقيق المشروع الإمبراطوري المزعوم.
* كيف تقرأ فتوى السيستاني بالجهاد في سوريا، وأين وصلت إيران في مشروعها في نقل السلطة الدينية من كربلاء إلى قم؟
- فتوى السيستاني بالجهاد فخ وقع فيه ويقع فيه الجميع، وقع فيه الغرب والشرق، وقع فيه صدام وغيره من الحكام، والكلام طويل جدا وأكتفي بذكر أمرين: أولهما - هل هناك عاقل سأل نفسه هل يوجد سلطة دينية في العراق خارجة عن قبضة إيران حتى نتحدث عن نقل سلطة من العراق إلى إيران؟!
وهل يوجد عاقل سأل نفسه أنه إذا كان العراق عاصمة إمبراطورية إيران فكيف تنقل إيران سلطتها الدينية وقبضتها الدينية من عاصمة إمبراطوريتها التاريخية الأبدية إلى غير العاصمة؟!
وإذا كان المشروع الطائفي القاتل لا يمكن التأسيس له وتجذيره وتأصيله والبناء عليه وتوسيعه إلا في العراق ومن خلال النجف وكربلاء وسامراء ومن خلال أبناء العراق وقود نار صراعات الإمبراطوريات وقوى الاحتلال؟!
ثانيا.. أنا اعتقلت 3 مرات من قبل نظام صدام، والسبب شكاوى من مرجعية آية الله السيستاني باتصالات مباشرة مع قصي وعدي وضباط الحرس الخاص.. والتهمة هي نفس التهمة التي سجّلت على الشهيد الصدر الثاني، رحمه الله، وتسببت في اغتياله.. وهي إزعاج المرجع السيستاني بادعاء الصدر وادّعائي الاجتهاد والأعلمية وإصدار البحوث الأصولية والفقهية إلى الساحة العلمية والأسواق، وهذا يربك ويزعج المرجعية.
وهذا الإرباك والإزعاج للمرجعية كان يمثل إرباكا وإزعاجا، بل يعد تهديدا لنظام صدام وأمن العراق، من حيث انخداعهم أن وجودَ ودعمَ وبقاءَ مرجعية النجف ضروري لوجودهم وأمنهم القومي لأنه يخلق التوازن مع مرجعية قم إيران ولكي لا تنتقل السلطة الدينية من العراق إلى إيران.. ولكن هذا تفكير قاصر.
* ماذا يدفع الشيعة من العراق وإيران ولبنان إلى سوريا وبلدان أخرى للقتال في سوريا وغيرها؟
- كل تجمع بشري إن شعر بأن وجوده وثقافته ودينه ومعتقده مهدد بالخطر والزوال فإنه سيبذل كل جهده من أجل الدفاع عن نفسه ووجوده وكيانه ومعتقداته حتى لو استعان بأعداء أو شيطان، فضلا عن حاكم فاسد متسلط محتال.
ومن هنا يسلك المتسلطون المحتلون والحكام الظالمون مسلك التأجيج الطائفي والمذهبي المقيت كي يخاف الشعب ويفقد القدرة على التفكير الصحيح لشعوره بالتهديد والاستئصال فيتصور ويصدق أن الحاكم والمتسلط الظالم هو المنقذ والمخلّص، ومن هنا إن أردنا التغيير فلا بد من المقدمات الصحيحة لذلك، ومنها أن نتعامل مع رموز فكرية واجتماعية ونهيئ لها كل الأسباب كي تكون بديلا حقيقيا صالحا مصلحا كي يثق المجتمع بقوى التغيير وإلا فسيفقد الثقة بالناس وسيكون النفور والابتعاد كما يحصل الآن.
* هل تسعى إيران ليكون حزب الله بديلا عن الأسد كما سعى لاستبدال الزيديين بالحوثيين، وهل يطمح حزب الله للعب هذا الدور؟
- إيران تسعى لتحقيق مشروعها بغض النظر عن الأشخاص والمسميات والتجمعات.



مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
TT

مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)

في بلدة عمشيت الساحلية الهادئة التي تبعد 45 دقيقة بالسيارة شمالي بيروت، استأنفت المدارس الحكومية أخيراً مهمتها التعليمية وسط عشرات الآلاف من النازحين الذين اتخذوا من بعض المدارس مأوى مؤقتاً.

وحسب «رويترز»، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إنه مع تصاعد الصراع بين إسرائيل و«حزب الله» في سبتمبر (أيلول) لحق الدمار بمئات المدارس في لبنان أو اضطرت لغلق أبوابها بسبب الأضرار أو المخاوف الأمنية.

وقالت وزارة التربية والتعليم العالي اللبنانية إنه تم تحويل 505 مدارس من بين نحو 1250 مدرسة حكومية في لبنان إلى ملاجئ مؤقتة لبعض النازحين الذين يبلغ عددهم 840 ألف شخص.

وبدأت الوزارة، الشهر الماضي، إعادة فتح المدارس على مراحل، مما سمح بعودة 175 ألف طالب منهم 38 ألف نازح إلى بيئة تعليمية لا تزال بعيدةً عن وضعها الطبيعي.

وفي مدرسة عمشيت الثانوية الحكومية، التي تضم الآن 300 طالب مسجل ويُتوقع انضمام المزيد منهم مع استمرار وصول العائلات النازحة، تحولت المساحات المألوفة ذات يوم إلى مكان مخصص لاستيعاب الواقع الجديد.

وقال مدير المدرسة، أنطوان عبد الله زخيا، إنه قبل شهرين ونصف الشهر اختيرت المدرسة كملجأ.

واليوم، تتدلى الملابس المغسولة من نوافذ الفصول الدراسية، وتملأ السيارات ساحة اللعب التي كانت ذات يوم منطقةً صاخبة، والممرات التي كان يتردد فيها صوت ضحكات التلاميذ أصبحت الآن استراحةً للعائلات التي تبحث عن ملجأ.

وأعربت فادية يحفوفي، وهي نازحة تعيش مؤقتاً في المدرسة، عن امتنانها الممزوج بالشوق. وقالت: «بالطبع، نتمنى العودة إلى منازلنا. لا أحد يشعر بالراحة إلا في المنزل».

كما أعربت زينة شكر، وهي أم نازحة أخرى، عن قلقها على تعليم أطفالها.

وقالت: «كان هذا العام غير عادل. بعض الأطفال يدرسون بينما لا يدرس آخرون. إما أن يدرس الجميع، أو يجب تأجيل العام الدراسي».

التعليم لن يتوقف

قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن الخطة المرحلية لاستئناف الدراسة ستشمل تسجيل 175 ألف طالب من بينهم 38 ألف طفل نازح في 350 مدرسة عامة غير مستخدمة كملاجئ. وقال وزير التربية والتعليم العالي، عباس الحلبي، لـ«رويترز»: «العملية التعليمية هي أحد مظاهر مقاومة العدوان الذي يواجهه لبنان». وأضاف الحلبي أن قرار استئناف العام الدراسي كان صعباً لأن العديد من الطلاب والمدرسين النازحين لم يكونوا مستعدين نفسياً للعودة إلى المدرسة. وفي مبنى مجاور في مدرسة عمشيت الثانوية الرسمية، يتأقلم المعلمون والطلاب مع أسبوع مضغوط مدته 3 أيام ويشمل كل يوم 7 حصص دراسية لزيادة وقت التعلم إلى أقصى حد.

ولا تزال نور قزحيا (16 عاماً)، وهي من سكان عمشيت، متفائلة. وقالت: «لبنان في حالة حرب، لكن التعليم لن يتوقف. سنواصل السعي لتحقيق أحلامنا». ويتأقلم المعلمون مع الظروف الصعبة. وقال باتريك صقر وهو مدرس فيزياء (38 عاماً): «الجميع مرهقون ذهنياً... في نهاية المطاف، هذه الحرب تطولنا جميعاً». وبالنسبة لأحمد علي الحاج حسن (17 عاماً) النازح من منطقة البقاع، يمثل الأسبوع الدراسي الذي يدوم 3 أيام تحدياً لكنه ليس عائقاً. وقال: «هذه هي الظروف. يمكننا أن ندرس رغم وجودها».