تمادي نصر الله في التهجم على السعودية يعرضه للمساءلة والمحاسبة القانونية

خبير بالقانون الدولي لـ {الشرق الأوسط}: التعرض لدولة صديقة لا يجوز قانونيًا

تمادي نصر الله في التهجم على السعودية يعرضه للمساءلة والمحاسبة القانونية
TT

تمادي نصر الله في التهجم على السعودية يعرضه للمساءلة والمحاسبة القانونية

تمادي نصر الله في التهجم على السعودية يعرضه للمساءلة والمحاسبة القانونية

لا يعرّض أمين عام حزب الله حسن نصر الله العلاقات اللبنانية - السعودية ومصالح اللبنانيين في دول الخليج وحدها للخطر في حملته ضد المملكة، بل هو من حيث يدري أو لا يدري يضع نفسه وحزبه في إطار المساءلة القانونية بتماديه في الإساءة لدولة شقيقة وصديقة.
وأطل نصر الله منذ انطلاقة «عاصفة الحزم» ثلاث مرات، معظمها من دون مناسبة، للتهجم على المملكة، إحداها على شاشة «الإخبارية السورية»، وآخرها في مهرجان أقامه حزب الله تحت عنوان «دعم الشعب اليمني»، جدّد فيه التطاول على السعودية، لا سيما من الناحية المذهبية، وتبنى الموقف الإيراني، داعيا إلى «حل سياسي» في اليمن، مدعيا أنه «بات واضحا أن القصف الجوي لا يحسم المعركة، والهجوم البري مكلف، وليس أمام اليمنيين سوى الصمود، وهم جاهزون للحل السياسي».
وأوضح الخبير في القانون الدولي والأستاذ المحاضر بالجامعة الأميركية في بيروت والجامعة اللبنانية والجامعة اللبنانية الأميركية شفيق المصري أنه «في العلاقات الدبلوماسية بين الدول تحرص الدولتان على احترام كل الشعارات والقيم التي تؤمن بها الدولة الأخرى، لأن الهدف من هذه العلاقات تعزيزها على كل الصعد، وبالتالي من مهام الحكومة أن تتأكد من أن تصرف مواطنيها ينسجم مع هذه الغاية».
وأشار المصري، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه «في القوانين اللبنانية حرص على عدم الإساءة إلى دولة صديقة وإلا يصبح الطرف المسيء عرضة للمحاسبة من قبل دولته». وقال «أما لما يعود للعلاقات الدبلوماسية، فالسفير المعتمد في الدولة المضيفة يقوم بما يعزز العلاقات الثنائية بين الدولتين، ويحق له إذا أساء أحدهم لبلاده أن يعترض رسميا أمام وزارة خارجية الدولة المضيفة».
وشدّد المصري على أن «التراشق بالتصريحات كما هو حاصل حاليا لا يجوز لا دبلوماسيا ولا أخلاقيا ولا قانونيا، وعلى الحكومة التي تتولى السلطة الإجرائية وفقا للدستور أن تراقب وتحاسب وتصوّب عند الاقتضاء».
بدوره، أكّد المحامي طارق شندب أن تمادي نصر الله في التهجم على المملكة العربية السعودية «عمل مخالف للقوانين اللبنانية»، لافتا إلى أن «الهجوم على أي دولة والإساءة لشعبها ورئيسها، خاصة إذا كانت عربية، يُعتبر جرما تتحرك على أساسه النيابة العامة التمييزية إما من تلقاء نفسها أو من خلال تقديم الطرف المتضرر شكوى أو اخبارا ضد نصر الله». وقال شندب لـ«الشرق الأوسط»: «بغض النظر عن المنحى القانوني، فما يقوم به نصر الله يسيء للعلاقات الدولية خاصة أن لبنان موقّع وملتزم بقرارات الجامعة العربية التي تمنع إطلاق مواقف كالتي يطلقها نصر الله».
ويتمادى نصر الله في مواقفه ضد «عاصفة الحزم» غير آخذ بعين الاعتبار الموقف اللبناني الرسمي المؤيد لها. وهو ما كان قد عبّر عنه رئيس الحكومة تمام سلام، في القمة العربية الأخيرة، مؤكدا أن لبنان «انطلاقا من حرصه على دعم الشرعية الدستورية في اليمن، وعلى الإجماع العربي ووحدة كل البلدان العربية واستقرارها، يعلن تأييده أي موقف عربي يحفظ سيادة اليمن ووحدة أراضيه وتماسك نسيجه الاجتماعي». كما دعا سلام إلى «تحييد لبنان عن كل النزاعات الإقليمية التي قد تكون لها انعكاسات سلبية على الوضع اللبناني».
كما كان لوزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، حليف حزب الله، موقف قريب لموقف سلام خلال كلمة ألقاها أمام اجتماع وزراء الخارجية العرب، شدّد فيه على أن «لبنان ينطلق من ثابتة وهي أن ما يتفق عليه الجميع وفيه وحدة موقف وقوة موقف فإننا نسير به، وما يختلف عليه العرب بشأن عربي فيه ضعف للموقف، وبالتالي فإننا من خلال سياسة النأي بالنفس نمتنع عنه». ويعي نصر الله أن موقفه من «عاصفة الحزم» مخالف تماما للموقف اللبناني الرسمي، وهو ما دفعه خلال إطلالته الأخير لدعوة الأفرقاء اللبنانيين الذين يؤيدون «عاصفة الحزم» إلى أن «يحتفظ كل منا بموقفه، ويعبر عن موقفه بالطريقة المناسبة، مع الالتزام بالضوابط الأخلاقية، فنحن في لبنان نريد أن نعمل معا، ولا نريد أن ننقل الخلاف في الموضوع اليمني إلى لبنان».
ولطالما كان لبنان بمثابة الولد المدلل للمملكة العربية السعودية، ولعل الموقف الذي أعلنه الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، إثر العدوان الإسرائيلي على لبنان في صيف 2006، أكبر دليل على مكانة لبنان بالنسبة للمملكة، إذ قال «إن دعم لبنان واجب علينا جميعا، ومن يقصِّر في دعم لبنان فهو مقصِّر في حق نفسه وعروبته وإنسانيته».
وكان السفير السعودي في بيروت علي عواض عسيري استهجن في وقت سابق الحملة التي يشنها حزب الله على المملكة منذ بدء عملية «عاصفة الحزم»، متسائلا عن خلفية مواقفه، قائلا «إذا كان رد فعل حزب الله ذاتيا فما هي علاقته بأحداث تجري في اليمن وما علاقة لبنان بذلك؟ وإذا كان موقفه موجها إيرانيا فالتساؤل حينها: أين مصلحة لبنان في أن يتم تحويله إلى صندوق رسائل وفي تعريض وضعه الداخلي للتأزم وتعريض علاقاته بالدول العربية للاهتزاز وتعريض مصالح اللبنانيين العاملين في هذه الدول للخطر؟».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».