الجيش الوطني يتقدم في مأرب والجوف... و«العمالقة» تخنق الميليشيات في بيحان

مقتل 390 حوثياً بضربات «التحالف» وتدمير 44 آلية عسكرية

جنود من الجيش الوطني والمقاومة الشعبية يجهزون أسلحتهم استعداداً للتصدي للهجمات الحوثية في مأرب (أ.ف.ب)
جنود من الجيش الوطني والمقاومة الشعبية يجهزون أسلحتهم استعداداً للتصدي للهجمات الحوثية في مأرب (أ.ف.ب)
TT

الجيش الوطني يتقدم في مأرب والجوف... و«العمالقة» تخنق الميليشيات في بيحان

جنود من الجيش الوطني والمقاومة الشعبية يجهزون أسلحتهم استعداداً للتصدي للهجمات الحوثية في مأرب (أ.ف.ب)
جنود من الجيش الوطني والمقاومة الشعبية يجهزون أسلحتهم استعداداً للتصدي للهجمات الحوثية في مأرب (أ.ف.ب)

واصلت قوات ألوية العمالقة أمس (الخميس) تقدمها نحو مدينة بيحان، وسط انهيارات في صفوف الميليشيات الحوثية، بالتزامن مع إحراز قوات الجيش الوطني تقدماً في الجبهات الجنوبية من مأرب، وباتجاه منطقة اليتمة في محافظة الجوف، بحسب ما أفاد به الإعلام العسكري.
هذه التطورات واكبها استمرار ضربات تحالف دعم الشرعية في اليمن، التي أدت إلى تكبيد الميليشيات الحوثية أكثر من 390 قتيلاً إلى جانب العشرات من الجرحى وتدمير العشرات من الآليات العسكرية المتنوعة في جبهات مأرب وشبوة.
وأكد تحالف دعم الشرعية، أمس (الخميس)، في بيان، أنه نفذ 28 عملية استهداف ضد الميليشيات الحوثية في محافظة مأرب خلال 24 ساعة، وأن الاستهدافات أدت إلى مقتل 150 عنصراً إرهابياً وتدمير 19 آلية عسكرية.
إلى ذلك، أوضح التحالف أنه نفّذ 35 عملية استهداف للميليشيات في محافظة شبوة حيث تدور المعارك في أطراف مديرية بيحان، مؤكداً أن الاستهدافات أسفرت عن تدمير 25 آلية عسكرية ومقتل 240 عنصراً إرهابياً.
وكان تحالف دعم الشرعية في اليمن أفاد «الأربعاء» أنه نفذ 12 عملية استهداف ضد الميليشيا الحوثية في مأرب، وأن الاستهدافات دمرت 9 آليات عسكرية، وقضت على أكثر من 70 عنصراً إرهابياً.
أما في محافظة شبوة، فأعلن في اليوم نفسه تنفيذ 37 عملية استهداف ضد الميليشيا خلال 24 ساعة، وقال إن الاستهدافات دمرت 23 آلية عسكرية، ومنصة إطلاق صواريخ، وقضت على أكثر من 190 عنصراً إرهابياً.
وأدت ضربات التحالف الداعم للشرعية في اليمن إلى مضاعفة خسائر الميليشيات الحوثية في مختلف الجبهات المحيطة بمأرب وفي محافظتي الجوف وشبوة، وسط تقديرات بأن الميليشيات خسرت خلال الشهرين الأخيرين نحو 8 آلاف عنصر، ليرتفع أعداد قتلاها إلى أكثر 30 ألف مسلح منذ فبراير (شباط) 2021.
في غضون ذلك، أفاد الإعلام العسكري لقوات ألوية العمالقة «الخميس» بأن القوات واصلت تقدمها بعد إكمال تحرير وتأمين مديرية عسيلان؛ حيث سيطرت نارياً على «مفرق السعدي» ومفترق طرق استراتيجي يربط بين شبوة ومأرب والبيضاء؛ حيث تمكنت من قطع إمداد الميليشيات الحوثية.
ومع هذا التقدم، باتت القوات على بعد كيلومترات من وسط مدينة بيحان، كما بات في إمكانها التقدم باتجاه مديرية حريب شمالاً في محافظة مأرب، لتلتحم مع قوات الجيش الوطني التي تحاول هي الأخرى التقدم جنوب مأرب في أكثر من اتجاه، كما بات في إمكانها عقب تحرير بيحان التقدم في مسارين، باتجاه وادي خير إلى عقبة القنذع، باتجاه محافظة البيضاء، إلى جانب إمكانية التوغل باتجاه البيضاء نفسها عن طريق مديرية الصومعة.
وبحسب مصادر ميدانية، تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، دفعت الميليشيات الحوثية بالعشرات من قناصتها إلى الجبال المحيطة بمدخل مدينة بيحان، إلى جانب قيامها بزرع مئات الألغام، بالتوازي مع سحب آليات ثقيلة باتجاه البيضاء خوفاً من سقوطها في يد قوات «العمالقة».
في الأثناء، ذكر متحدثون في الإعلام العسكري أن نحو 38 قيادياً وعنصراً حوثياً سلموا أنفسهم لقوات العمالقة بالقرب من بيحان، فيما أقدمت الميليشيات على «إعدام 16 عنصراً من مسلحيها حاولوا الفرار من جبهة بيحان بعد نصب نقاط عسكرية للقبض على الفارين وتنفيذ عمليات إعدام فوري لترهيب عناصرهم».
وكانت قوات ألوية العمالقة أفادت «الأربعاء» بأنها خاضت معارك ضارية ضد الميليشيات الحوثية، تكللت بالسيطرة على معسكر اللواء 163 في محور بيحان ومنطقة السليم والصفراء، في حين تكبدت الميليشيات الحوثية خسائر فادحة في العتاد والأرواح، وسقط مئات القتلى والجرحى من عناصرها، بالإضافة إلى اغتنام كميات من الأسلحة التابعة للميليشيات الحوثية، وتدمير عدد من الآليات والعتاد العسكري، وسط انهيار واسع في أوساط الميليشيات التي تراجع عناصرها باتجاه حريب شمالاً وبيحان جنوباً.
وفي حين تتوالي تعزيزات قوات ألوية العمالقة التي يرجح أن تلتحق بالمعارك باتجاه البيضاء ومأرب في الأيام المقبلة، تمكنت قوات الجيش الوطني جنوب مأرب من تحرير عدد من المواقع باتجاه معسكر أم ريش ومنطقة ملعاء، مع تحقيق تقدم موازٍ باتجاه منطقة العمود في مديرية الجوبة.
وفي وقت سابق، أفاد المتحدث باسم الجيش اليمني عبده مجلي بأن قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية شنّت عملية هجومية مباغتة ضد الميليشيا الحوثية في الجبهات الجنوبية لمأرب حيث تم تحرير منطقة العكدة الاستراتيجية بالكامل، وتحرير عدة مواقع هامة بمنطقة الأعيرف ولظاة.
وأكد مجلي أن العملية الهجومية مستمرة في مختلف جبهات القتال في الجبهة الجنوبية للمحافظة، وتحقق التقدم والمكاسب على الأرض، وسط انهيارات واسعة للميليشيا وفرار عناصرها.
وإذ يأمل القادة العسكريون أن يؤدي الضغط الذي تقوده ألوية العمالقة لتحرير بيحان في تشتيت قدرات الحوثيين، أفادت مصادر عسكرية بأن قوات الجيش والمقاومة في محافظة الجوف المجاورة تمكنت من استعادة مناطق واسعة في منطقة اليتيمة التابعة لمديرية خب والشعف، بما في ذلك معسكر «طيبة» التدريبي الذي كانت الميليشيات الحوثية سيطرت عليه قبل أيام.
وبحسب مصادر مطلعة في صنعاء، فإن الميليشيات الحوثية استنفرت قادتها المحليين وأمرتهم بأن يحشدوا مزيداً من المجندين للقتال بالترهيب والترغيب، في ظل رفض مجتمعي واسع واستياء من تردي الأوضاع المعيشية وتصاعد أعداد القتلى والجرحى.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يُخضعون إعلاميين وناشطين في الحديدة للتعبئة

المشرق العربي جانب من إخضاع الحوثيين سكاناً في مدينة الحديدة للتعبئة القتالية (فيسبوك)

الحوثيون يُخضعون إعلاميين وناشطين في الحديدة للتعبئة

بعد أن أخضعت العشرات منهم لدورات تدريبية تعبوية، منعت الجماعة الحوثية إعلاميين وصحافيين وناشطين حقوقيين في محافظة الحديدة اليمنية (223 كلم غرب صنعاء) من العمل.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي جرافة حوثية تهدم محلاً تجارياً في إحدى المناطق التابعة لمحافظة الضالع (فيسبوك)

اعتداءات مسلحة أثناء تحصيل الحوثيين جبايات في الضالع

يتهم سكان محافظة الضالع اليمنية الجماعة الحوثية بارتكاب ممارسات إجرامية خلال تحصيل إتاوات تعسفية وغير قانونية من الباعة والتجار والسكان.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي مركز الملك سلمان وقع اتفاقية تعاون لتنفيذ مشروع العودة إلى المدارس في اليمن (واس)

«مركز الملك سلمان» يوقع اتفاقيات لتعزيز التعليم والصحة في اليمن

وقع «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، اتفاقيات متنوعة لتعزيز القطاع التعليمي والطبي في محافظات يمنية عدة يستفيد منها ما يزيد على 13 ألف فرد.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي انتهاكات جسيمة بحق الصحافة والصحافيين ارتكبتها الجماعة الحوثية خلال سنوات الانقلاب والحرب (إعلام محلي)

تأسيس شبكة قانونية لدعم الصحافيين اليمنيين

أشهر عدد من المنظمات المحلية، بالشراكة مع منظمات أممية ودولية، شبكة لحماية الحريات الصحافية في اليمن التي تتعرّض لانتهاكات عديدة يتصدّر الحوثيون قائمة مرتكبيها.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أطفال مرضى السرطان في محافظة إب اليمنية خلال مشاركتهم في مخيم ترفيهي (فيسبوك)

الموت يهدّد آلاف مرضى السرطان في إب اليمنية

يواجه الآلاف من مرضى السرطان في محافظة إب اليمنية خطر الموت بسبب إهمال الرعاية الطبية وسط اتهامات للجماعة الحوثية بنهب الأدوية والمعونات

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».