مواكب «مليونية 6 يناير» تعم أنحاء السودان

«العنف المفرط» للسلطات أوقع 3 قتلى بالرصاص الحي... وطائرات درون لإلقاء قنابل الغاز

محتجون سودانيون يجددون مسيراتهم ضد الحكم العسكري في الخرطوم ومدن أخرى (أ.ف.ب)
محتجون سودانيون يجددون مسيراتهم ضد الحكم العسكري في الخرطوم ومدن أخرى (أ.ف.ب)
TT

مواكب «مليونية 6 يناير» تعم أنحاء السودان

محتجون سودانيون يجددون مسيراتهم ضد الحكم العسكري في الخرطوم ومدن أخرى (أ.ف.ب)
محتجون سودانيون يجددون مسيراتهم ضد الحكم العسكري في الخرطوم ومدن أخرى (أ.ف.ب)

شهدت مدن وأنحاء السودان المختلفة مواكب احتجاج مليونية حاشدة ضد الانقلاب على الحكومة الانتقالية وخرق الوثيقة الدستورية، وللمطالبة بمدنية كاملة وعودة العسكريين للثكنات، فردّت القوات الأمنية عليهم بعنف مفرط، استخدمت فيه الرصاص والرصاص المطاطي والغازات المسيلة للدموع، والمياه الملونة الآسنة المعروفة بـ«ماء الظربان»، ما أدى إلى استشهاد محتجين في مدينة أم درمان.
ونشرت السلطات العسكرية مئات العربات المسلحة وآلاف الجنود، وعربات مكافحة الشغب والشرطة وجهاز المخابرات، منذ مساء أول من أمس، ونصبت الارتكازات (نقاط التفتيش) في معظم التقاطعات الرئيسة في العاصمة الخرطوم ومداخل المدن.
وأغلقت قوات الأمن 8 من جملة 10 جسور، تربط مدن العاصمة الثلاث، مستخدمة «الحاويات الفارغة» والأسلاك الشائكة، والمتاريس الإسمنتية، للحيلولة دون وصول المحتجين إلى القصر الرئاسي، هدف الاحتجاجات القادمة من الخرطوم وبحري وأم درمان، فضلاً عن قطع خدمة الإنترنت والاتصالات بشكل كامل منذ منتصف نهار أمس، وهي عادة ما تفعل ذلك كلما أعلن عن موكب احتجاجي أو نُظم، منذ الانقلاب العسكري الذي نفذه قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في 25 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وكان من المقرر حسب «لجان المقاومة» أن تتجمع المواكب القادمة من المدن الثلاث في عدد من المناطق، لتتجه جميعها إلى القصر الرئاسي للمطالبة بتنحي السلطات العسكرية، وتسليم السلطة كاملة للمدنيين، والقصاص من قتلة «الشهداء» وتقديمهم للمحاكمات. بيد أن الإغلاق التام الذي نفذته السلطات العسكرية للجسور حال دون تجمعها ووصولها إلى القصر، ولا سيما أولئك القادمين من أم درمان وبحري وشرق النيل، ما حوّل هذه التجمعات إلى مواكب محلية، شارك فيها مئات الآلاف، حاولوا ما استطاعوا إزالة المتاريس وعبور النهرين، وصولاً للخرطوم، وخاضوا في سبيل ذلك معارك كرّ وفرّ طويلة مع القوات العسكرية.
وأعلنت «لجنة أطباء السودان المركزية» (تجمع مهني) أن 3 محتجين قُتلوا إثر إصابتهم برصاص حي في الرأس، من قبل قوات السلطة الانقلابية، خلال مشاركتهم في «مليونية 6 يناير» في مواكب محلية أم درمان. وبحسب اللجنة، التي دأبت على إحصاء ضحايا عنف السلطات العسكرية، فإن «عدد الشهداء الذين حصدتهم آلة الانقلاب ارتفع إلى 61 منذ الانقلاب في أكتوبر (كانون الثاني) الماضي».
وذكر ناشطون أن محتجين اثنين على الأقل أصيبا بالرصاص الحي في الصدر والرجل في أم درمان. ولم تفلح المتاريس البشرية واستخدام العربات العسكرية كمتاريس، في منع المحتجين القادمين من جنوب الخرطوم حيث لا جسر يمكن إغلاقه، من الوصول إلى محيط القصر الرئاسي، واستطاعت الحشود إجبار القوات على التراجع والدفع بها تجاه شارع القصر، واستطاعت أن تدخل شارع القصر على مبعدة مئات الأمتار من القصر الرئاسي، وخاضوا معركة «كسر عظم»، قبل أن يتفرقوا التزاماً بالمواعيد المحددة من قبل «لجان المقاومة» بالخامسة عصراً.
واستخدمت السلطات هذه المرة مسيّرات (طائرات درون) لإلقاء قنابل الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية على المحتجين. كما استخدمت بكثافة خراطيم المياه الملونة المعروفة بـ«ماء الظربان» في صدّ المحتجين، لكن صفوفهم صمدت. وشوهدت القوات العسكرية المشكّلة من مختلف الصنوف (جيش، شرطة، دعم سريع، مخابرات، قوات شركاء السلام)، وهي تتراجع أمام إصرار المحتجين على الوصول للقصر.
وجرّاء قطع الاتصالات وخدمة الإنترنت، لا يستطيع أحد الجزم بما حدث في أم درمان والخرطوم بحري، لكن أصوات الأسلحة المختلفة وقنابل الغاز والقنابل الصوتية كانت تُسمع من بعيد. وشوهدت سحب كثيفة من دخان الغاز المسيل للدموع تغطي سماء المدينتين، مثلما كان الحال في منطقة شرق النيل؛ حيث احتشد المحتجون القادمين من هناك أمام جسر المنشية المسدود بالحاويات الفارغة والأسلاك الشائكة، ومن هناك أيضاً سُمعت أصوات الأسلحة وشوهدت سحابات الدخان.
ومثلما خرج سكان العاصمة وهم يرفعون شعار «لا تفاوض، ولا شراكة، ولا شرعية» للانقلاب، فإن معظم مدن السودان الرئيسية وحواضر الولايات خرجت جميعها في مواكب احتجاجية في أكثر من 18 مدينة حول البلاد، وأبرزها: مدني، كسلا، القضارف، كوستي، بورتسودان، عطبرة، الأبيض، الضعين، زالنجي، الفاشر، دنقلا.
وعلى الرغم من تعهد البرهان بعدم استخدام العنف المفرط ضد المحتجين السلميين، فإن قواته واصلت القمع المفرط، بما يشبه «التشفي» من المحتجين، من دون أن يفلح في منع خروج المواكب المعلنة وغير المعلنة، التي بلغ عددها 15 موكباً منذ الانقلاب، وراح ضحيتها 58 قتيلاً، وآلاف المصابين، ومئات المعتقلين من النشطاء ولجان المقاومة الشعبية.
وجاءت احتجاجات أمس بعد 4 أيام من استقالة عبد الله حمدوك من رئاسة الوزراء، ما أدخل مستقبل السودان في حالة غموض. وتولى حمدوك رئاسة الوزراء في 2019، وأشرف على إصلاحات اقتصادية كبيرة، قبل أن يخلعه الانقلاب، ثم يعيده، في محاولة فاشلة لإنقاذ اتفاق اقتسام السلطة.



«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
TT

«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)

حذّرت منظمة الصحة العالمية، اليوم الخميس، من أنّ قطاع غزة، ولا سيّما شطره الشمالي، يعاني نقصاً حادّاً في الأدوية والأغذية والوقود والمأوى، مطالبة إسرائيل بالسماح بدخول مزيد من المساعدات إليه، وتسهيل العمليات الإنسانية فيه.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، وصفت المنظمة الأممية الوضع على الأرض بأنه «كارثي».

وقال المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس إنه عندما اندلعت الحرب في غزة، قبل أكثر من عام في أعقاب الهجوم غير المسبوق الذي شنّته حركة «حماس» على جنوب إسرائيل، في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لجأ تقريباً جميع الذين نزحوا بسبب النزاع إلى مبان عامة أو أقاموا لدى أقارب لهم.

وأضاف، في مؤتمر صحافي بمقرّ المنظمة في جنيف: «الآن، يعيش 90 في المائة منهم في خيم».

وأوضح أن «هذا الأمر يجعلهم عرضة لأمراض الجهاز التنفّسي وغيرها، في حين يتوقّع أن يؤدّي الطقس البارد والأمطار والفيضانات إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية».

وحذّر تيدروس من أن الوضع مروِّع بشكل خاص في شمال غزة، حيث بدأ الجيش الإسرائيلي عملية واسعة، مطلع أكتوبر الماضي.

وكان تقريرٌ أُعِدّ بدعم من الأمم المتّحدة قد حذّر، في وقت سابق من هذا الشهر، من أن شبح المجاعة يخيّم على شمال قطاع غزة؛ حيث اشتدّ القصف والمعارك، وتوقّف وصول المساعدات الغذائية بصورة تامة تقريباً.

وقام فريق من منظمة الصحة العالمية وشركائها، هذا الأسبوع، بزيارة إلى شمال قطاع غزة استمرّت ثلاثة أيام، وجالَ خلالها على أكثر من 12 مرفقاً صحياً.

وقال تيدروس إن الفريق رأى «عدداً كبيراً من مرضى الصدمات، وعدداً متزايداً من المصابين بأمراض مزمنة الذين يحتاجون إلى العلاج». وأضاف: «هناك نقص حادّ في الأدوية الأساسية».

ولفت المدير العام إلى أن منظمته «تفعل كلّ ما في وسعها - كلّ ما تسمح لنا إسرائيل بفعله - لتقديم الخدمات الصحية والإمدادات».

من جهته، قال ريك بيبركورن، ممثّل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية، للصحافيين، إنّه من أصل 22 مهمّة إلى شمال قطاع غزة، قدّمت طلبات بشأنها، في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، جرى تسهيل تسع مهام فقط.

وأضاف أنّه من المقرّر أن تُجرى، السبت، مهمّة إلى المستشفيين الوحيدين، اللذين ما زالا يعملان «بالحد الأدنى» في شمال قطاع غزة؛ وهما مستشفى كمال عدوان ومستشفى العودة، معرباً عن أمله في ألا تحدث عرقلة لهذه المهمة.

وقال بيبركورن إنّ هذين المستشفيين «بحاجة إلى كل شيء»، ويعانيان بالخصوص نقصاً شديداً في الوقود، محذراً من أنّه «دون وقود لا توجد عمليات إنسانية على الإطلاق».

وفي الجانب الإيجابي، قال بيبركورن إنّ منظمة الصحة العالمية سهّلت، هذا الأسبوع، إخلاء 17 مريضاً من قطاع غزة إلى الأردن، يُفترض أن يتوجه 12 منهم إلى الولايات المتحدة لتلقّي العلاج.

وأوضح أن هؤلاء المرضى هم من بين نحو 300 مريض تمكنوا من مغادرة القطاع منذ أن أغلقت إسرائيل معبر رفح الحدودي الرئيسي في مطلع مايو (أيار) الماضي.

لكنّ نحو 12 ألف مريض ما زالوا ينتظرون، في القطاع، إجلاءهم لأسباب طبية، وفقاً لبيبركورن الذي طالب بتوفير ممرات آمنة لإخراج المرضى من القطاع.

وقال: «إذا استمررنا على هذا المنوال، فسوف نكون مشغولين، طوال السنوات العشر المقبلة».