«النواب» الأردني ينهي التصويت على 30 تعديلاً دستورياً

رئيس الوزراء بشر الخصاونة في جلسة نواب الأمس (الشرق الأوسط)
رئيس الوزراء بشر الخصاونة في جلسة نواب الأمس (الشرق الأوسط)
TT

«النواب» الأردني ينهي التصويت على 30 تعديلاً دستورياً

رئيس الوزراء بشر الخصاونة في جلسة نواب الأمس (الشرق الأوسط)
رئيس الوزراء بشر الخصاونة في جلسة نواب الأمس (الشرق الأوسط)

أنهى مجلس النواب الأردني، أمس الخميس، التصويت بالموافقة على 30 تعديلا دستوريا تسببت في جدال ساخن لدى الرأي العام محليا، بعد ما شهده مشروع التعديلات من انتقادات واسعة، وسط اتهامات تحدثت عن «عبث» بالدستور وإفراغ للسلطات من صلاحياتها.
وفي تسع جلسات نيابية بدأت صباح الأحد الماضي، وانتهت صباح أمس الخميس، اختتم المجلس مناقشاته بإقرار التعديلات الدستورية التي استحدثت مركزا جديدا في الدستور، تحت مسمى «مجلس الأمن القومي»، يعنى بالسياسات الخارجية، ليرفض المجلس أن يترأسه الملك، مبقيا على صلاحيات الحكومة في ولايتها العامة لتظل تحت رقابة مجلسهم. على أنه من جهة أخرى، أعطت التعديلات، الملك، صلاحيات منفردة في تعيين رئاسات المواقع القضائية والعسكرية والأمنية والدينية والمحكمة الدستورية، بدون الحاجة إلى تنسيب حكومي.
وإلى جانب تعديلات دستورية تتعلق بتخفيض مدة رئاسة مجلس النواب إلى سنة بدل سنتين، وصلاحيات عزل رئيس المجلس إذا طلب ثلثا الأعضاء عزله، فقد رفعت التعديلات نسبة التقدم بطلب نيابي على مذكرات طرح الثقة بالوزير أو الحكومة، من 10 في المائة إلى 25 في المائة من أعضاء المجلس، ليتسنى تسليمها إلى أمانة مجلس النواب والشروع بإجراءات مناقشتها والتصويت عليها. في حين منعت التعديلات، الجمع بين موقعي الوزير والنائب في أي حكومية برلمانية قد تتشكل مستقبلا. وبعد أن أضافت التعديلات الدستورية الأخيرة كلمة «الأردنيات»، على مطلع الفصل الثاني من الدستور، إلى جانب «الأردنيين»، وسط مخاوف عبرت عنها قوى وحراكات شعبية، من المساس بالديموغرافية السكانية في حال منحت الأمهات الأردنيات المتزوجات من غير الأردنيين الجنسية لأبنائهن، حصنت التعديلات من جهة أخرى، قانون الجنسية وقانون الأحوال الشخصية، من أي تعديل أو تغيير، من خلال طلب ثلثي أعضاء المجلس تعديل القانونين، وهو ما قد يتعذر فعله، واعتبر القانونان، مكملين للدستور ومحصنان به، إلى جانب قوانين القضاء والهيئة المستقلة للانتخاب وقانون الانتخاب والأحزاب وديوان المحاسبة وهيئة النزاهة ومكافحة الفساد.
كما جاء في التعديلات الدستورية، خفض سن الترشح للانتخابات إلى 25 عاما بدلا من 30 عاما، وتعديلات أخرى تضمنت نصوصاً تحفز تمكين المرأة والشباب والأشخاص ذوي الإعاقة، وهي التعديلات التي أقرها النواب من دون تعديل على صياغاتها.
يذكر أنه في السنوات العشر الماضية، أجريت تعديلات على الدستور الأردني 4 مرات، خلال الأعوام 2011 و2014 و2016، وأخيرا العام الحالي 2022، وشمل إجمالي التعديلات الدستورية التي جرت خلال تلك السنوات، أكثر من 80 مادة دستورية، من أصل 131 مادة يتكون منها الدستور الأردني.
وبعد إقرار مجلس النواب أمس مشروع التعديلات الدستورية بمجمله، ينتقل المشروع إلى الغرفة الثانية من السلطة التشريعية مجلس الأعيان (المجلس الذي يعنيه الملك وعدده (65 عينا) نصف أعضاء عدد مجلس النواب البالغ 130 نائبا)، ليصار إلى مناقشة التعديلات والتصويت عليها، وفي حال اختلف المجلسان ستعود البنود الخلافية للنواب فإن أصروا عليها تنعقد جلسة مشتركة للمجلسين، على أن متابعين استبعدوا أن يخالف الأعيان النواب، خصوصاً بعد معارضة نواب كتلة الإصلاح (8 نواب) الذراع النيابي لحزب جبهة العمل الإسلامي التعديلات الدستورية وصوتوا ضدها، وبعد تصويت معظم الكتل النيابية (8 كتل تضم 121 نائبا) الموافقة على التعديلات.
وكانت الجلسة الافتتاحية لمناقشة التعديلات الدستورية التي عقدت منتصف الأسبوع الماضي، شهدت شجاراً عنيفا بين أعضاء من مجلس النواب الأردني، لتستأنف جلسات المجلس صباح الأحد الماضي، في جلسات ماراثونية استمرت 5 أيام في 9 جلسات متواصلة عدا عشرات المداخلات والمخالفات، لتنتهي بإقرار تعديل 30 بندا دستوريا، في مشهد يعيد إلى الذاكرة جلسات تعديل الدستور العام 2011 عشية أحداث الربيع الأردني التي انتهت بتعديل 42 مادة دستورية وقتها تحت ضغط من الشارع الأردني ومطالباته.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.