الحكومة التونسية تستهل 2022 بمواجهة موجة من الإضرابات

أحد المشاركين في وقفة احتجاجية للمطالبة بالتشغيل والتنمية وسط العاصمة (إ.ب.أ)
أحد المشاركين في وقفة احتجاجية للمطالبة بالتشغيل والتنمية وسط العاصمة (إ.ب.أ)
TT

الحكومة التونسية تستهل 2022 بمواجهة موجة من الإضرابات

أحد المشاركين في وقفة احتجاجية للمطالبة بالتشغيل والتنمية وسط العاصمة (إ.ب.أ)
أحد المشاركين في وقفة احتجاجية للمطالبة بالتشغيل والتنمية وسط العاصمة (إ.ب.أ)

خوت أغلب محطات البنزين في تونس، أمس، من السيارات، بسبب الإضراب الذي ينظمه سائقو نقل المحروقات، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء الألمانية أمس.
ويدخل الإضراب الممتد حتى الثامن من الشهر الجاري، يومه الأول، والذي بدأ بسبب مطالب مهنية ومالية واجتماعية. وبسبب ذلك اضطر آلاف المواطنين إلى الاصطفاف بسياراتهم في طوابير أمام محطات البنزين، قبل دخول الإضراب يومه الأول. وقال «اتحاد عمال تونس»، إنه لن يوقف الإضراب قبل نهاية موعده، وقبل التوصل إلى اتفاق مع الوزارة المعنية.
في سياق ذلك، أعلنت الجامعة العامة للبريد، المنضوية تحت لواء «الاتحاد العام التونسي للشغل»، بدورها، أمس، عن دخول موظفيها في إضراب ليومين، 19 و20 يناير (كانون الثاني) الحالي، وذلك تنفيذاً لقرار الهيئة الإدارية القطاعية المنعقدة بتاريخ 16 سبتمبر (أيلول) الماضي؛ مؤكدة أنه سيكون «إضراب الكرامة».
واعتبرت الجامعة أن كرامة موظفي البريد «لن تتحقق إلا بتحقيق مطالبهم التي تفننت الوزارة في رفضها».
ويطالب أعوان البريد بإصدار نظام أساسي، يضمن الحد الأدنى من الحقوق المادية والاجتماعية والقانونية والترتيبية؛ مشيرين إلى أنها «حقوق تعود إلى أكثر من 20 سنة دون مراجعة، رغم تطور التشريعات، وتغير نمط العيش بالبلاد، وارتفاع مداخيل البريد بشكل كبير».
ودعت الجامعة أعوانها إلى رفع الشارة الحمراء إلى حدود تاريخ الإضراب، والاحتجاج لساعة واحدة، تبدأ من الثامنة إلى التاسعة صباحاً بكافة هياكل البريد، يومي الاثنين والجمعة المقبلين.
من ناحية أخرى، نفذ صباح أمس عدد من خريجي المعاهد العليا للتربية البدنية، المعطَّلين عن العمل، وقفة احتجاجية أمام مقر وزارة الشباب والرياضة، للمطالبة بسد الشغورات في سلك التربية البدنية، الخاضع لإشراف وزارة التربية. وندد المحتجون خلال تحركهم بما وصفوه بسياسة التهميش والمماطلة التي يتعرضون لها، نتيجة عدم سد الشغورات في سلك التربية البدنية بالمؤسسات التربوية، وفق ما أكده محمد نجيب النغموشي، الكاتب العام للتنسيقية الوطنية لخريجي المعاهد العليا للرياضة والتربية البدنية والتسيير الرياضي المعطلين عن العمل، المنضوية في اتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل؛ مؤكداً أن عدد المعطلين عن العمل في اختصاص التربية البدنية تجاوز عشرة آلاف شخص. ومشيراً إلى أن تجميد الانتداب في الوظيفة العمومية «ساهم في تفاقم البطالة في هذا القطاع». وعبَّر المحتجون عن استنكارهم لما اعتبروه «تحيزاً» من وزارة التربية لشعبة خريجي علوم التربية التي أحدثتها خلال السنوات الأخيرة، وهو ما وصفته التنسيقية الوطنية لخريجي المعاهد العليا للتربية البدنية بالانتهاك المسلط على حق منظوريها.
وأكد الكاتب العام للتنسيقية مواصلة التحركات، والضغط من أجل تحقيق مطلبهم في الانتداب؛ موجهاً الدعوة إلى الحكومة للتفاعل الإيجابي مع استحقاقات قطاع التربية البدنية.
وعلى صعيد متصل، أفاد الكاتب العام للجامعة العامة للنفط والمواد الكيميائية، محمد البرني خميلة، بأن الإضراب الذي كان مبرمجاً يوم الثلاثاء والأربعاء لموظفي «المجمع الكيميائي التونسي»، تأجل إلى يومي 26 و27 من هذا الشهر، مع عقد جلسة تفاوضية من المنتظر أن تلتئم في 24 من هذا الشهر، للنظر في مطالب الموظفين.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.