قصة اعتقال شاعر معروف في زمن معين وفي مكان معين

عبد الزهرة زكي في «واقف في الظلام»

قصة اعتقال شاعر معروف في زمن معين وفي مكان معين
TT

قصة اعتقال شاعر معروف في زمن معين وفي مكان معين

قصة اعتقال شاعر معروف في زمن معين وفي مكان معين

‏أعتقد أن تدوين الألم يمثل جزءاً من معالجته. أنت ترى، وأنا أرى. لك تجربة قاسية، ولي مثلها. الخلاص من التجربتين، العبرة، والعظة، تبدأ من تدوينها. أقول ذلك لأن النظر إلى ما حدث خلال نصف قرن، وأكثر، في العراق كثيراً ما كان يخضع لوجهات نظر تنحرف بالحدث من موضعه الواقعي إلى نقيضه.
يشكك عراقيون كثر بأحداث معينة حدثت في فترات زمنية مختلفة. التشكيك، على الأغلب، يستند إلى مرجعيات قومية، وطائفية، وعنصرية، وحزبية. ولكن من الذي يمتلك السلطة ليقرّر أن ما حدث هنا أو هناك قد حدث فعلاً؟ أعتقد أن الأدب وحده هو القادر على هذه المهمة الخطيرة، والوطنية أيضاً. وكتاب الشاعر عبد الزهرة زكي «واقف في الظلام» يمثّل مسعى محموداً في هذا الإطار. الأدب لأنه ابن الحق. ولأنه أيضاً الشاهد والشهيد.
وقبل الحديث عن كتاب زكي هذا، بودي التعمق قليلاً في فكرة المقدمة، لأنها معضلة مروّعة. نعم، مروّعة جداً حين يختلف اثنان من العراقيين على وجود «المقابر الجماعية»، التي خلفها نظام ما قبل 2003. ولو اتفقا بعد جهد، على وجودها، فإن أحدهما سيبرّر تلك المقابر، بل ويذهب أبعد من ذلك في اتهام أصحابها بالعمالة لجهة أجنبية. ويختلف الاثنان مرة أخرى في النظر إلى حدث مفصلي في عراق ما بعد 2003. كأن يكون تحرير الموصل من قبضة التنظيم الإرهابي. أحدهما سيعتبره نصراً مبيناً، فيما ينظر له الآخر على أنه مجرد حلقة في سلسلة وضيعة هدفها النيل من أبناء مكون معين.
أستطيع الإتيان بالكثير من هذه الأمثلة المؤلمة. وهي مؤلمة لأنها تعني ببساطة شديدة أن ذاكرة أبناء هذا البلد ليست واحدة. وهي فعلاً كذلك. الأحداث المتتالية أثبت ذلك. وما محاولة الأدب إلا باجتراح ذاكرة وطنية، مع القبول بتمايزاتها المختلفة.
وبالعودة لكتاب الشاعر عبد الزهرة زكي أقول إنه يمثل شهادة عن زمن معين وفي مكان معين. هذه الشهادة أتلقاها بوصفها وثيقة صادقة كتبت بلغة الأدب عن مرحلة حسّاسة من عمر البلاد. شهادة تحكي عن الطريقة، الأسلوب الذي تتعامل به الديكتاتورية مع المواطن المشكوك في ولائه.
وإذ يذهب الكتاب لرواية قصة بطل الكتاب الشخصية، والتي هي هنا قصة زكي نفسه مع الاعتقال التعسّفي، فإن المؤلف يمرّ، وحسناً يفعل، على قصص مجاورة، لا تختلف بأي حال عن القصة الأساس، بل تعضدها.
الموضوع باختصار هو محاولة السلطة إدامة الخوف في نفوس مواطنيها. وهو دأب يتفق العراقيون على أنه كان السمة الأبرز في زمن الديكتاتورية، إلا أن المفاجأة كانت بعد انهيار تلك الديكتاتورية، وذلك عندما ارتضى عراقيون، آخرون، أن يلعبوا الدور ذاته، وهذه المرّة بطريقة جديدة.
يندرج كتاب زكي فيما يمكن تسميته: رواية السيرة. وهو كتاب في أدب السجون أيضاً. يقول المؤلف إنه كان يكره قراءة هذا النوع من الكتب، أي أدب السجون، مع ذلك، هو يقدم كتاباً في هذا المعنى بلغة مشحونة بالعاطفة.
إنها قصة اعتقال شخصية. شاعر، وصحافي معروف، يلقى به في زنزانة انفرادية، مع سيل من التعذيب الجسدي، لمجرد أنه تسلم رسالة من شخص محسوب على الجهة المعادية لنظام صدّام.
ثم ينتقل المعتقل إلى زنزانة جماعية فيقدم من خلالها المزيد من النماذج لمعتقلين عند جهاز المخابرات، مع أن تهمهم سخيفة فعلاً: أحدهم سرق قطعة آثار، الثاني شتم الرئيس، الثالث حضر في مكان خطأ، الرابع متهم بتزوير تقرير... إلخ.
هل أريد تبرير الجريمة عندما وصفت التهم بالسخيفة؟ كلا بالطبع، ولكنني أردت الوصول إلى الطريقة الغليظة التي تم التعامل بها مع هؤلاء المتهمين، مع أن تهمهم كان من الممكن التحقيق فيها بطريقة أبسط بكثير. ولكن، كان الهدف واضحاً: إدامة الخوف.
يحمل الكتاب بتفاصيل، بعضها طريفة، عن حياة مجموعة النزلاء في «الحاكمية»، أي سجن المخابرات العامة، بالإضافة إلى اليوميات البائسة، التجويع، الإذلال، العنف الذي عادوا منه، ناهيك عن الغياب التام لأبسط معايير حقوق الإنسان الدولية.
الفجيعة الحقيقية أن يتمنى أعضاء المجموعة التي ألقي الكاتب ببنها، وهم من خلفيات طائفية ومناطقية وقومية مختلفة، بالإضافة إلى مواطن مصري وآخر إيراني، أن يتمنوا جميعاً وقوع الحرب، عام 2003، ودخول قوات «غازية» لاحتلال العراق لأنها بدت الحل الوحيد القادر على انتشالهم من مأزقهم الوجودي في هذا المكان الرهيب.
أما خاتمة الكتاب فقد كانت بمثابة حلّ روائي معتبر، لولا أن الكتاب بعيد عن المخيال الروائي. وهو ما أفضّل شخصياً ترك لذة اكتشافه لقارئ الكتاب.
إن عبد الزهرة زكي، ورغم صدور كتابه في زمن شهد قصصاً مروّعة في ذات السياق حصلت في مرحلة لاحقة، كان أغلبنا يعتقد بأنها ستفارق سيرة ما عشناه قبل 2003، فإنه مع ذلك كله يحمل حسنته معه، وهي حسنة أن تكشف اللثام عن انحطاط إنسان في لحظة ما، مقابل سموّ آخر في اللحظة ذاتها والمكان ذاته.



فهم العالم... المسعى الذي لا ينتهي

إيمانويل كانط
إيمانويل كانط
TT

فهم العالم... المسعى الذي لا ينتهي

إيمانويل كانط
إيمانويل كانط

ما حدودُ قدرتنا المتاحة والممكنة على فهم العالم؟ هل أنّ أحلامنا ببلوغ معرفة كاملة للواقع تُعد واقعية أم أن هناك حدوداً قصوى نهائية لما يمكننا بلوغه؟ يتخيّل مؤلّف كتاب منشور أواخر عام 2023 لقاءً جمع ثلاثة عقول عظيمة: الكاتب الأرجنتيني خورخي لويس بورخس، والفيزيائي الألماني فيرنر هايزنبرغ والفيلسوف الألماني إيمانويل كانط. مؤلّف الكتاب هو الدكتور ويليام إيغنتون أستاذ العلوم الإنسانية ومدير معهد ألكساندر غراس للإنسانيات في جامعة جونز هوبكنز. كتابه الأخير المشارُ إليه، صدر عن دار نشر «بانثيون» في 368 صفحة، بعنوان «صرامة الملائكة: بورخس، هايزنبرغ، كانْط، والطبيعة النهائية للواقع».

هذا الكتابُ نتاجُ عقود عدّة من القراءة والتدريس والتفكير في التداخلات المثيرة بين الأدب والفلسفة والفيزياء. يؤكّدُ المؤلّفُ أنّ نطاق تفكيره بهذه التداخلات شمل عدداً أكبر بكثير من الكّتّاب والمفكّرين غير هؤلاء الثلاثة؛ لذا يوضّحُ قائلاً: «عندما نضج الوقت لتحويل المشروع إلى كتاب ارتسمت أمامي، بقوّة طاغية لم يكن مفرٌّ من مواجهتها، أسئلة على شاكلة: كيف يتوجب علي تنظيم الكتاب؟ ومن هم أفضل الشخصيات التي يمكن عدّها تمثلاتٍ صالحة للكشف عن التداخلات بين الأدب والفلسفة والفيزياء؟ والأهمّ من هذا: كم عدد الشخصيات التي يمكن تناولها في الكتاب؟

خورخي لويس بورخس

كان طموحي المبكّر عند التفكير في تصميم هيكلة الكتاب أكثر اتساعاً مما انتهى إليه الشكل النهائي للكتاب. أغوتْني فكرة سرد حكايات عن شخوصٍ محدّدين بغية استخلاص رؤاهم من وراء تلك الحكايات؛ لكن في بداية الأمر واجهتني معضلة وجود عدد كبير من الحكايات التي يتوجب علي سردُها. خطّطتُ في بداية الأمر لتأليف كتاب يحوي إثني عشر فصلاً، مع شخصية مركزية مختلفة في كلّ فصل منها؛ أي بمعنى أنّ الكتاب سيحوي اثنتي عشرة شخصية. شعرتُ بعد تفكّر طويل أنّ الكتاب سيكون نتفاً مشتّتة تغيب معها الفكرة الأساسية التي أسعى إليها. حتى لو ظلّ يدور في مدار المشروع الفكري الذي يجولُ بعقلي. بعد ذلك استطعت السيطرة على ذلك التشتّت وكبح مفاعيله إلى حدّ ربّما يجوز لي القول معه إنّني ضيّقتُ على العدد كثيراً عندما جعلته ثلاثة وحسب. وضوحُ الفكرة أفضل من كثرة الشخصيات: هذا ما انتهيتُ إليه من قناعة».

الفكرة الأساسية التي ارتسمت أمام المؤلف طيلة حياته، وأظنّ أن كثيرين منا لهم شغف عظيم بها حتى لو لم يكونوا فلاسفة مكرّسين، هي: الكشف عن الكيفية التي يستطيع بها التفكير العميق في معضلة ما أن يقود إلى رؤى عميقة بصرف النظر عن النطاق المعرفي الخاص بالباحث. بعبارة أخرى أكثر تقنية: يمكن للمقاربات (الناعمة Soft) المعتمدة في الإنسانيات أن تقدّم استنارة عظمى للمقاربات العلمية (الصارمة Hard)، والعكس صحيح أيضاً.

في المقاربات الثلاث التي اعتمدها المؤلّف في كتابه أظنّه قدّم شاهدة تطبيقية على جوهر الفكرة الأساسية أعلاه: قراءة بورخس، وتوظيفُ بعض ما استخدمه (كانط) للتفكّر ومساءلة معضلات طرحها بورخس قادت المؤلّف على مدى سنوات عديدة إلى بلوغ فهم أعمق لما اكتشفه هايزنبرغ. يؤكّد المؤلّف في هذا الشأن: «أعتقد بقناعة مؤكّدة أنّ فهمي لإنجازات هايزنبرغ كان أفضل بعد اطلاعي على أعمال بورخس وكانْط، وما كانت لتبلغ هذا المبلغ من الفهم لو اكتفيتُ بقراءة ما كتبه هايزنبرغ ذاته بشأن منجزاته الثورية!!».

فيرنر هايزنبرغ

يبدو للقارئ المتفحّص والشغوف بالمساءلات الفلسفية أن الموضوعة الأساسية في الكتاب والتي تقود كلّ الفعالية السردية فيه هي الصراع الجوهري بين رغبتنا في المعرفة والتوق لبلوغ نوع من الإجابة «النهائية» عن أعمق أسئلتنا بشأن الوجود من جانب، واستحالة بلوغ مثل هذه الإجابات قطعياً من جانب آخر. يصرّحُ المؤلّفُ بإمكانية تلمّسِ بعض العزاء في محض محاولة بلوغ هذه الإجابات حتى مع معرفتنا المسبّقة بأننا كائنات مقدّرٌ لها مواجهة نهاية وجودية مغلقة والبقاء في متاهة الأسئلة الوجودية التي لا إجابات نهائية لها. يشيرُ المؤلّف بهذا الشأن وفيما قد يبدو مفارقة مثيرة، أنّ ما نفترض فيه أن يكون الأقل حساً شعرياً بين الثلاثة (أعني هايزنبرغ) هو الذي عبّر عن هذه المعضلة بكيفية أكثر كثافة وقوّة مفاهيمية من الاثنيْن الآخرين!!. كتب هايزنبرغ في مخطوطة له عام 1942 يقول: «قدرة البشر على الفهم لا حدود لها؛ أما (الأشياء النهائية Ultimate Things) فلا نستطيع الحديث عنها». يؤكّدُ المؤلّفُ أنّ هايزنبرغ كان يقصدُ بملحوظته هذه شيئاً ما حول ما اعتبره محدّداتٍ (داخلية) أو (جوهرية) للمعرفة البشرية. سعيُنا إلى المعرفة لا يمكن أن ينتهي لمجرّد معرفتنا بوجود هذه الحدود الجوهرية لما يمكننا معرفته. إنّ معرفة العالم على نحو كامل وتام تعني القدرة على بلوغ تلك (الأشياء النهائية) التي عناها هايزنبرغ، وهذا يستلزم الوقوف خارج إطار الزمان والمكان (أي خارج كلّ حدود الوجود البشري) بطريقة مماثلة لما تصوّره القدّيس أوغسطين والأفلاطونيون الجُدُد عن الرب باعتباره قادراً على استيعاب وحدة الوجود في كليته وخلوده. من الواضح أنّ مثل هذا التوصيف للمعرفة لا يتوافق أبداً مع أي شيء يمكننا توصيفه على أنّه معرفة بشرية. الخواص المطلقة والنهائية لا تتفق مع أي معرفة بشرية. نحن عاجزون عن بلوغ المعرفة المطلقة لا لنقص أو عيب فينا، بل لأنّ هذا العجز واحد من المظاهر الحتمية المرافقة للوجود البشري.

من المفارقات المدهشة والباعثة على التفكّر أننا نميل ككائنات بشرية، وبرغم اقتران وجودنا البشري بعدم القدرة على بلوغ الإجابات النهائية، إلى التأكّد واليقين في كلّ ما نفعله وما نتخذه من خيارات في الحياة. يؤكّدُ المؤلف أنّ هذه اليقينية أمر سيئ، وفضلاً عن سوئها فهي ليست توقّعاً واقعياً أو مرغوباً فيه. اللايقين هو الأمر الحسن؛ لأن سعينا لليقين يقود إلى الغطرسة، ومحدودية الأفق والرؤية، وإغلاق مسالك جديدة للتفكير. العلم نشاط يختص بالملاحظة والتجريب وبلوغ تفسيرات مؤقتة، وهذه التفسيرات تخضعُ لتدقيق الجماعات العلمية، وإذا دُعِمت بالأدلة فإنها تُقبلُ بوصفها أفضل تفسير لدينا حتى الآن. لكنّما العلمُ لا يرتقي في مسلكه الحثيث متى ما قلنا إنّ اللعبة انتهت وبلغ العلم حدوده النهائية: الحقيقة المطلقة.

الفكرة الأساسية التي ارتسمت أمام المؤلف هي: الكشف عن الكيفية التي يستطيع بها التفكير العميق في معضلة ما أن يقود إلى رؤى عميقة بصرف النظر عن النطاق المعرفي الخاص بالباحث

لو طُلِبَ إلى إبداءُ رأيي الشخصي في انتقاء المؤلّف لمقارباته واختياره للشخوص الممثلين لهذه المقاربات الثلاث فسأقول: مقاربة المؤلّف للواقع من بوابات الأدب والفيزياء والفلسفة هي مقاربة رائعة ومتفقة تماماً مع روح العصر الذي نعيش، ونحتاجُ تأكيداً لمثل هذه المقاربات التي تعمل على تمتين الجسور الرابطة بين الحقول المعرفية باعتبارها أنساقاً معرفية مشتبكة وليست جسوراً متناثرة. أما اختيار المؤلّف للشخوص الممثّلة لكلّ مقاربة فكان خيارُ بورخيس موفقاً للغاية. بورخيس هو الأكثر تمثيلاً للفكر الفلسفي وملاعبة الواقع بألعابه التي اتخذت تمظهرات ميتافيزيقية بدت عسيرة على القراءة والفهم أحياناً؛ لكنّه بقي البارع دوماً في طرق مفاهيم الزمان والخلود والأبدية وأشكال الواقع المخادعة، وأظنه كان فيلسوفاً بمثل ما كان مشتغلاً ماهراً بالأدب، ولو قرأنا أعماله الفلسفية الخالصة مثل (تفنيد جديد للزمن) لشهدنا مصداقية شغفه الفلسفي. يبدو بورخس أوّلَ من ابتدع في مقالته الفلسفية تلك بدائل للزمن الخطي Linear Time، كما قدم إضاءات كاشفة لمفهوم الزمن الدوري Cyclic Time الذي له تمثلات عدّة في الثقافات القديمة وفي العديد من الأدبيات التي لطالما أشار إليها بورخس فيما كتب. لاحظوا معي النبرة الفلسفية القوية التي يكتب بها بورخس في هذه الفقرة المستلّة من مقالته: «أنكر هيوم وجود فضاء مطلق يحدث فيه كل شيء (نعيشه). أنا أنكر كذلك وجود زمن واحد تتعاقب فيه الوقائع. إنكارُ التعايش ليس أقلّ مشقة من إنكار التعاقب».

الأمرُ ذاته يسري على كانط، الفيلسوف الأكثر تمثيلاً لعصر التنوير بنتاجاته التأسيسية العظيمة التي جعلت منه مثابة عليا في الفكر البشري. ربما الاختلاف هو بشأن هايزنبرغ. لن نختلف بالتأكيد حول الجهد الفلسفي الهائل الذي عرضه هايزنبرغ في كتاباته، وليس هذا بالأمر النادر أو المثير للدهشة؛ إذ كلُّ الفيزيائيين الكبار هم بالضرورة فلاسفة عظام باستثناءات قليلة (مثل هوكنغ). يكفي مثلاً أن نقرأ مؤلفات هايزنبرغ التي ترد فيها مفردة (الفلسفة) في عناوينها؛ لكنّي - وكذائقة شخصية - أظنّ أنّ «إرفن شرودنغر» هو الأكثر تمثيلاً بين فيزيائيي القرن العشرين للإسقاطات الفلسفية على الفكر العلمي والمسعى البشري الحثيث نحو فهم الواقع.

سيكون جهداً طيباً أن نتذوّق بعض جمال صرامة هؤلاء المفكّرين، وهي صرامة نابعة من عقول جميلة، وليست بصرامة لاعبي الشطرنج كما أورد بورخيس في واحدة من ملاحظاته المثيرة.