شركات خدمة الإنترنت في لبنان تضاعف أسعارها وتسابق ارتفاع صرف الدولار

TT

شركات خدمة الإنترنت في لبنان تضاعف أسعارها وتسابق ارتفاع صرف الدولار

فوجئ اللبناني عصام مطلع الشهر الحالي برسالة نصية وصلته من صاحب اشتراك الإنترنت، يبلغه فيها برفع الاشتراك الشهري من 130 ألف ليرة لبنانية إلى 200 ألفا، علما بأنه لم يمض سوى أشهر قليلة على الزيادة الأولى والتي بلغت حينها 65 ألف ليرة لبنانية، حسبما يخبر «الشرق الأوسط».
وحال عصام كحال العديد من اللبنانيين الذين يستخدمون الشبكة العنكبوتية من خلال اشتراكات من موزعي الإنترنت في لبنان والذين رفعوا أسعار الاشتراكات الشهرية بشكل تدريجي منذ صيف العام 2021 بعد غلاء سعر المازوت وارتفاع سعر صرف الدولار.
ويتخوف عصام وهو رب أسرة يعمل في مجال الغرافيك، من ارتفاع إضافي في الأسعار «يضطرنا إلى الاستغناء عن الخدمة»، حسبما يعبر، ويقول: «ما زالت الزيادات مقبولة ما دام أنها بالليرة اللبنانية ولكن ماذا لو أصبح اشتراك الإنترنت بالدولار النقدي؟».
وتشغل قطاع الإنترنت في لبنان حوالي 12 شركة خاصة معروفة ومرخصة إضافة إلى هيئة «أوجيرو»، وفي حين أن الأخيرة لم ترفع أسعارها، أبلغت الشركات الخاصة عملاءها الصيف الماضي بقرار رفع سعر صرف الدولار من السعر الرسمي (1515 ليرة لبنانية) إلى 3900 ليرة للدولار، لتكون بذلك قد رفعت أسعار الإنترنت بما يزيد على الضعف. ومع الارتفاع الإضافي بسعر صرف الدولار الذي لامس الـ30 ألف ليرة مقابل الدولار مع مطلع العام 2022 وصلت الزيادات على اشتراكات الإنترنت اليوم إلى ثلاثة أضعاف السعر الأساسي.
ورغم أن رفع الأسعار هذا يحصل بصورة فردية لكل شركة ولا يخضع لمعيار موحد، يوضح أحد موزعي خدمة الإنترنت على نطاق جبل لبنان لـ«الشرق الأوسط» أن «شركات الإنترنت تأخذ بروتوكول إنترنت (IP) من هيئة (أوجيرو) التي ما زالت تسعر على سعر الـ1515 ليرة لبنانية مقابل الدولار، كما تشتري من مصدر آخر من خارج لبنان حيث تكون الدفعة باليورو أو الدولار النقدي». ويشرح الموزع أن «كل القطع والأسلاك التي يستخدمها الموزعون لمد خطوط الإنترنت أيضا تدفع بالدولار، إضافة إلى أعمال الصيانة».
كما يتوقف عند مشكلة انقطاع الكهرباء في لبنان لحوالي الـ20 ساعة يوميا ما استدعى اتخاذ إجراءات من الموزعين لضمان وصول الخدمة إلى الزبائن بشكل دائم، ويقول: «إضافة إلى ارتفاع تكلفة اشتراكات المولدات تبقى ساعات التقنين طويلة ما اضطر الموزعين إلى تركيب (يو بي إس) وأحيانا طاقة شمسية في كل منطقة يوجد فيها خط إرسال وكلها تكاليف إضافية بالدولار النقدي».
ويشير أيضا إلى «اضطرار أصحاب الشركات إلى رفع رواتب الموظفين خصوصا أن فريق الصيانة يحتاج إلى بدل نقل مرتفع في ظل وصول صفيحة البنزين إلى 350 ألف ليرة لبنانية (حوالي 12 دولارا)»، ليخلص إلى القول إن «جزءا كبيرا من تكلفة الإنترنت أصبح بالدولار ما أدى إلى رفع بدل الخدمة».
وبحسب الموزع، من المؤكد أن تشهد تكلفة الإنترنت ارتفاعا إضافيا خصوصا مع انهيار سعر صرف العملة الوطنية، منبها من أن رفع الدعم عن خدمة الإنترنت في «أوجيرو» قد يؤدي إلى ارتفاع صاروخي في الأسعار، حيث قد تصل تكلفة الاشتراك بالإنترنت إلى المليوني ليرة لبنانية.
ويلفت الموزع إلى أن بعض أصحاب الشركات يختارون بيع شركاتهم بعدما أصبحت التكاليف أحيانا تفوق الإيرادات، ويتحدث عن أن هذه الخطوة الاستباقية التي قام بها البعض جاءت بعدما أصبح من الواضح أن الإعلان عن رفع الدعم عن قطاع الاتصالات لن يطول ما قد يؤدي إلى استغناء السواد الأعظم من المواطنين عن تلك الخدمات.
وتشهد مناطق مختلفة في لبنان تراجعا في مستوى خدمة الإنترنت، وجرى التحذير في أكثر من مناسبة من انقطاع الخدمة كليا بسبب نقص الوقود. ويدعم مصرف لبنان قطاع الاتصالات لإبقاء تسعيرة الخدمة على السعر الرسمي للصرف وهو 1515 ليرة لبنانية مقابلة الدولار، في حين أن الكثير من مستلزماته تدفع بسعر السوق السوداء.
وفي هذا السياق، يوضح مدير عام هيئة «أوجيرو» عماد كريدية لـ«الشرق الأوسط»، أن «من يقرر رفع أسعار الاتصالات هو مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزارة الاتصالات، وفي حين أن مجلس الوزراء لن ينعقد في المدى المنظور فإن موضوع زيادة الأسعار غير وارد على الإطلاق من دون قرار من السلطة التنفيذية»، متوقعا أنه «في حال عدم انعقاد جلسة قبل الانتخابات النيابية من الممكن أن يؤجل موضوع رفع الأسعار إلى حين تشكيل حكومة جديدة».
ويشير كريدية إلى أن «الدعم على تشغيل وصيانة شبكة (أوجيرو) ما زال مستمرا»، ويشرح أن الهيئة «وضعت محاكاة مع وزارة الاتصالات بشأن رفع الأسعار»، ويقول «الأكلاف التشغيلية ارتفعت كثيرا بعد انهيار سعر صرف العملة الوطنية وتكاليف استيراد قطع الغيار ومتممات الشبكة وصيانتها والبرمجيات يتطلب الدفع بالدولار». ويضيف: «لا يمكن الاستمرار على هذا المنوال لأن الموازنات ستفقد التوازن بين الإيرادات والأكلاف التشغيلية وسنكمل بعجز بموازنة الهيئة، في حين أن المنطق يحتم إعادة التوازن لمالية وزارة الاتصالات».
وعما إذا كان يحق للشركات الخاصة رفع بدلات الخدمة، يقول: «شركات القطاع الخاص لها الحرية بوضع السعر الذي يناسبها انطلاقا من تكاليفها ووزارة الاتصالات لا تستطيع منعها من زيادة الأسعار، المنافسة موجودة ولا يوجد احتكار. وعلى شركات الإنترنت النظر إلى مدى استفادتها من رفع الأسعار لأننا نلاحظ دخول زبائن جدد على هيئة أوجيرو».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».