تثير قلق أميركا... لماذا تنمي الصين ترسانتها النووية بوتيرة متسارعة؟

مركبات عسكرية تحمل صواريخ باليستية تظهر خلال عرض عسكري في الصين (رويترز)
مركبات عسكرية تحمل صواريخ باليستية تظهر خلال عرض عسكري في الصين (رويترز)
TT

تثير قلق أميركا... لماذا تنمي الصين ترسانتها النووية بوتيرة متسارعة؟

مركبات عسكرية تحمل صواريخ باليستية تظهر خلال عرض عسكري في الصين (رويترز)
مركبات عسكرية تحمل صواريخ باليستية تظهر خلال عرض عسكري في الصين (رويترز)

أظهر التقرير السنوي لوزارة الدفاع الأميركية حول الجيش الصيني، الذي صدر في نوفمبر (تشرين الثاني)، مرة أخرى الوتيرة المذهلة وحجم التحديث العسكري الخاص بالصين. كما سلط تقرير هذا العام الضوء على عدد من التطورات التي يمكن أن تهدد الولايات المتحدة بشكل مباشر أكثر من القوات التقليدية الصينية - وبالتحديد «توسيع الصين لقواتها النووية»، وفقاً لموقع «بزنس إنسايدر».
وهذا التوسع موثق جيداً، حيث أشار تقرير البنتاغون لعام 2020 عن الجيش الصيني إلى أن مخزون بكين من الرؤوس النووية سيتضاعف على الأقل بحلول نهاية العقد. لكن تقرير هذا العام يتضمن رسالة أكثر إلحاحاً مفادها أن الصين «سرّعت توسعها النووي» و«تتجاوز وتيرة وزارة الدفاع المتوقعة في عام 2020»، كما يقول البنتاغون.
وهذا الشهر، نفى مسؤول صيني في الحد من التسلح هذه التأكيدات، لكن عمل بكين لا يزال يُنظر إليه على أنه مثير للقلق. يمكن النظر إلى ذلك أيضاً على أنه تذكير بمدى صغر حجم الترسانة النووية الصينية مقارنة بالقوى الكبرى الأخرى، ويظهر كيف تغير التفكير الصيني بشكل كبير بشأن الأسلحة النووية في السنوات الأخيرة.


* ترسانة صغيرة
يقدر البنتاغون أن مخزون الصين من الرؤوس الحربية النووية لا يتجاوز الـ200. رغم أن آخرين قدّروا أنه يصل إلى 350. وبالمقارنة، يُعتقد أن لدى الولايات المتحدة وروسيا 5550 و6225 رأساً حربياً، على التوالي، رغم أنهما اتفقتا على تحديد عدد الرؤوس التي يمكن نشرها.
يُعتقد أن لدى المملكة المتحدة 225 رأساً حربياً، وفرنسا 290، والهند 156. وباكستان 165. ويُقال إن لدى إسرائيل وكوريا الشمالية مخزونات تتراوح بين عدة عشرات إلى بضع مئات من الرؤوس الحربية.
وترسانة الصين الأصغر هي جزئياً إرث الديناميكيات الصينية السوفياتية خلال الحرب الباردة.
تلقت الصين في البداية مساعدة واسعة النطاق بشأن أسلحتها النووية من الاتحاد السوفياتي، لكن الانقسام الصيني السوفياتي في أواخر الخمسينيات من القرن الماضي ترك الصين بمفردها. كشفت بكين عن أول سلاح نووي في عام 1964 وأول سلاح نووي حراري في عام 1967.
بينما طورت القوى الأخرى أنظمة توصيل متعددة - الأسلحة التي تطلق من الجو، والأرض، والبحر للثالوث النووي - كافحت بكين في البداية للقيام بذلك، كما أن التكلفة العالية لمثل هذه الأسلحة حدت من إنتاج الصين لها، حيث كانت آنذاك واحدة من أفقر دول العالم.
علاوة على ذلك، أدت الحاجة إلى تحديث جيشها في مواجهة التهديدات التقليدية الأكثر إلحاحاً إلى الحد من الموارد التي يمكن أن توفرها الصين في مجال الأسلحة النووية. كما تبنت الصين سياسة «عدم الاستخدام الأول»، التي تمنع بشكل أساسي استخدامها كأسلحة هجومية.
وقال تيموثي هيث، الباحث الدولي البارز في مؤسسة «راند» للأبحاث، لـ«إنسايدر»: «نظراً لمحدودية الموارد الدفاعية، ركز الصينيون بشكل أساسي على القوات التقليدية وتحديث قوة نووية رادعة صغيرة».

*بناء القدرات النووية
مع انتهاء الحرب الباردة، تغير مفهوم التهديد الصيني. اختفى الاتحاد السوفياتي، وأصبحت الولايات المتحدة نوعاً من الشريك. سمحت تلك التحولات في التسعينيات وأوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين للصين بأن تصبح ثاني أكبر اقتصاد في العالم، الأمر الذي مكّن بدوره من جهود التحديث العسكري الهائلة. ركزت الصين في البداية على القدرات التقليدية، لكن هذا الجهد توسع.
ويقول البنتاغون إن الصين تأمل في الحصول على 700 رأس نووي قابل للتسليم بحلول عام 2027 وما لا يقل عن ألف رأس حربي بحلول عام 2030. وفقاً للتقرير، تقوم الصين ببناء «مفاعلات مولدة سريعة ومنشآت إعادة المعالجة»، التي ستزيد من قدرتها على إنتاج البلوتونيوم لدعم هذا التوسع. تقوم الصين أيضاً بتوسيع وتحديث ثالوثها النووي.

* الردع
الهدف الأسمى للتحديث العسكري الصيني هو الوصول إلى التكافؤ وتحقيق مفهوم «الردع» مع الولايات المتحدة.
تخشى الصين من أن الولايات المتحدة - بمزيد من الأسلحة النووية والثالوث النووي المكتمل - قد تشن ضربة استباقية ضد الترسانة النووية الصينية وقدرات الإطلاق، مما يترك الصين دون دفاعات كافية. وقد دفع هذا بكين إلى السعي وراء المزيد من الأسلحة وأنظمة الإيصال بحيث يكون لديها ما يكفي للنجاة من هجوم والتغلب على الدفاعات الصاروخية الأميركية.
وقال هيث: «ما يحاولون القيام به هو بناء صواريخ كافية على منصات عدة بحيث يمكن للصينيين أن يكونوا على ثقة تامة من قدرتهم على تمرير صواريخ عبر الدفاعات الأميركية وضرب الأراضي الأميركية في حالة نشوب حرب نووية». ويأمل الصينيون أن يجعلوا من المستحيل على الولايات المتحدة أن تثق في قدرتها على توجيه ضربة استباقية تقضي على القدرات النووية للصين.



الأمم المتحدة تسعى لجمع 47 مليار دولار لمساعدة 190 مليون شخص في 2025

فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
TT

الأمم المتحدة تسعى لجمع 47 مليار دولار لمساعدة 190 مليون شخص في 2025

فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)

أطلق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا»، الأربعاء، نداء لجمع أكثر من 47 مليار دولار، لتوفير المساعدات الضرورية لنحو 190 مليون شخص خلال عام 2025، في وقتٍ تتنامى فيه الحاجات بسبب النزاعات والتغير المناخي.

وقال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، توم فليتشر، مع إطلاق تقرير «اللمحة العامة عن العمل الإنساني لعام 2025»، إن الفئات الأكثر ضعفاً، بما في ذلك الأطفال والنساء والأشخاص ذوو الإعاقة والفقراء، يدفعون الثمن الأعلى «في عالم مشتعل».

سودانيون فارُّون من المعارك بمنطقة الجزيرة في مخيم للنازحين بمدينة القضارف (أ.ف.ب)

وفي ظل النزاعات الدامية التي تشهدها مناطق عدة في العالم؛ خصوصاً غزة والسودان وأوكرانيا، والكلفة المتزايدة للتغير المناخي وظروف الطقس الحادة، تُقدِّر الأمم المتحدة أن 305 ملايين شخص في العالم سيحتاجون إلى مساعدات إنسانية، العام المقبل.

أطفال يحملون أواني معدنية ويتزاحمون للحصول على الطعام من مطبخ يتبع الأعمال الخيرية في خان يونس بقطاع غزة (إ.ب.أ)

وأوضح «أوتشا»، في تقريره، أن التمويل المطلوب سيساعد الأمم المتحدة وشركاءها على دعم الناس في 33 دولة و9 مناطق تستضيف اللاجئين.

وقال فليتشر: «نتعامل حالياً مع أزمات متعددة... والفئات الأكثر ضعفاً في العالم هم الذين يدفعون الثمن»، مشيراً إلى أن اتساع الهوة على صعيد المساواة، إضافة إلى تداعيات النزاعات والتغير المناخي، كل ذلك أسهم في تشكُّل «عاصفة متكاملة» من الحاجات.

ويتعلق النداء بطلب جمع 47.4 مليار دولار لوكالات الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الإنسانية لسنة 2025، وهو أقل بقليل من نداء عام 2024.

وأقر المسؤول الأممي، الذي تولى منصبه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأن الأمم المتحدة وشركاءها لن يكون في مقدورهم توفير الدعم لكل المحتاجين.

أم أوكرانية تعانق ابنها بعد عودته من روسيا... الصورة في كييف يوم 8 أبريل 2023 (رويترز)

وأوضح: «ثمة 115 مليون شخص لن نتمكن من الوصول إليهم»، وفق هذه الخطة، مؤكداً أنه يشعر «بالعار والخوف والأمل» مع إطلاق تقرير «اللمحة العامة»، للمرة الأولى من توليه منصبه.

وعَدَّ أن كل رقم في التقرير «يمثل حياة محطمة» بسبب النزاعات والمناخ «وتفكك أنظمتنا للتضامن الدولي».

وخفضت الأمم المتحدة مناشدتها لعام 2024 إلى 46 مليار دولار، من 56 ملياراً في العام السابق، مع تراجع إقبال المانحين على تقديم الأموال، لكنها لم تجمع إلا 43 في المائة من المبلغ المطلوب، وهي واحدة من أسوأ المعدلات في التاريخ. وقدمت واشنطن أكثر من 10 مليارات دولار؛ أي نحو نصف الأموال التي تلقتها. وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية إن عمال الإغاثة اضطروا لاتخاذ خيارات صعبة، فخفّضوا المساعدات الغذائية 80 في المائة في سوريا، وخدمات المياه في اليمن المعرَّض للكوليرا. والمساعدات ليست سوى جزء واحد من إجمالي إنفاق الأمم المتحدة، التي لم تفلح لسنوات في تلبية احتياجات ميزانيتها الأساسية بسبب عدم سداد الدول مستحقاتها. وعلى الرغم من وقف الرئيس المنتخب دونالد ترمب بعض الإنفاق في إطار الأمم المتحدة، خلال ولايته الرئاسية الأولى، فإنه ترك ميزانيات المساعدات في الأمم المتحدة بلا تخفيض. لكن مسؤولين ودبلوماسيين يتوقعون تقليل الإنفاق في ولايته الجديدة، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

من جانبه، قال يان إيغلاند، الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين: «الولايات المتحدة علامة استفهام كبيرة... أخشى أننا ربما نتعرض لخيبة أمل مريرة؛ لأن المزاج العام العالمي والتطورات السياسية داخل الدول ليست في مصلحتنا». وكان إيغلاند قد تولّى منصب فليتشر نفسه من 2003 إلى 2006. والمشروع 2025، وهو مجموعة من المقترحات المثيرة للجدل التي وضعها بعض مستشاري ترمب، يستهدف «الزيادات المسرفة في الموازنة» من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية. ولم تردَّ الإدارة التي يشكلها ترامب على طلب للتعليق. وأشار فليتشر إلى «انحلال أنظمتنا للتضامن الدولي»، ودعا إلى توسيع قاعدة المانحين. وعند سؤال فليتشر عن تأثير ترمب، أجاب: «لا أعتقد أنه لا توجد شفقة لدى هذه الحكومات المنتخبة». ويقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن أحد التحديات هو استمرار الأزمات لفترة أطول تبلغ عشر سنوات في المتوسط. وقال مايك رايان، المدير التنفيذي لبرنامج منظمة الصحة العالمية للطوارئ الصحية، إن بعض الدول تدخل في «حالة أزمة دائمة». وحلّت المفوضية الأوروبية، الهيئة التنفيذية في الاتحاد الأوروبي، وألمانيا في المركزين الثاني والثالث لأكبر المانحين لميزانيات الأمم المتحدة للمساعدات، هذا العام. وقالت شارلوت سلينتي، الأمين العام لمجلس اللاجئين الدنماركي، إن إسهامات أوروبا محل شك أيضاً في ظل تحويل التمويل إلى الدفاع. وأضافت: «إنه عالم أكثر هشاشة وعدم قابلية على التنبؤ (مما كان عليه في ولاية ترمب الأولى)، مع وجود أزمات أكثر، وإذا كانت إدارة الولايات المتحدة ستُخفض تمويلها الإنساني، فقد يكون سد فجوة الاحتياجات المتنامية أكثر تعقيداً».