تونس تعد برنامج إصلاحات لعرضه على {النقد الدولي}

يعتمد على تجميد الأجور والانتدابات... ورفع تدريجي للدعم

كشفت الحكومة التونسية عن برنامج إصلاحات اقتصادية تعتزم تنفيذه خلال السنوات المقبلة (أ.ف.ب)
كشفت الحكومة التونسية عن برنامج إصلاحات اقتصادية تعتزم تنفيذه خلال السنوات المقبلة (أ.ف.ب)
TT

تونس تعد برنامج إصلاحات لعرضه على {النقد الدولي}

كشفت الحكومة التونسية عن برنامج إصلاحات اقتصادية تعتزم تنفيذه خلال السنوات المقبلة (أ.ف.ب)
كشفت الحكومة التونسية عن برنامج إصلاحات اقتصادية تعتزم تنفيذه خلال السنوات المقبلة (أ.ف.ب)

كشفت الحكومة التونسية برئاسة نجلاء بودن عن برنامج الإصلاحات الاقتصادية، الذي تعتزم تنفيذه خلال السنوات المقبلة، والذي ستعرضه على صندوق النقد الدولي للحصول على تمويلات لميزانية الدولة التي تحتاجها بقوة لاستعادة توازن المالية العمومية ورفع مستويات النمو التي لم تزد على 0.3 في المائة خلال الربع الأخير من السنة الماضية.
وتعتمد الحكومة التونسية في تفاوضها مع صندوق النقد على مجموعة من الإصلاحات التي تنوي تنفيذها للخروج من الأزمة الاقتصادية والمالية الخانقة، من أهمها تجميد الزيادات في الأجور في القطاع العام لمدة ثلاث سنوات تمتد من 2022 إلى 2024، وتجميد الانتدابات في القطاع العام خلال الفترة نفسها، والتخلي عن الديون العمومية المجمدة لدى المؤسسات العمومية، ومراجعة سياسة الدولة على مستوى مساهمتها في رأسمال المؤسسات غير الاستراتيجية، علاوة على تخصيص البعض منها بداية من هذه السنة، والتوجه نحو الرفع التدريجي للدعم المسند للمحروقات ليبلغ مع نهاية سنة 2026 سعره الحقيقي، ورفع رسوم استغلال الكهرباء والغاز، وتقديم تعويضات للفئات الفقيرة نتيجة رفع الدعم عن المواد الأساسية بداية من سنة 2023.
وفي السياق ذاته، كشفت منظمة «أنا يقظ» الحقوقية عن وجود وعود عربية لتمويل عجز الميزانية التونسية، وذلك بقيمة لا تقل عن 2.9 مليار دينار تونسي في إطار التعاون المالي الثنائي، علاوة على الضمان الأميركي المشروط بعقد اتفاق مع صندوق النقد الدولي. وكانت الجزائر المجاورة قد مكنت تونس من قرض مالي في حدود 300 مليون دولار.
وكان البنك المركزي التونسي قد حث الحكومة على التسريع بالتفاوض مع صندوق النقد والاتفاق حول برنامج اقتصادي جديد هدفه إرسال إشارات إيجابية للمستثمرين في الخارج والداخل، وتحسين التصنيف السيادي لتونس. وكشف البنك المركزي عن حجم الاحتياطي المحلي من النقد الأجنبي، مؤكداً أنه قادر على تغطية نحو 136 يوم توريد. وأكد على انتعاش تحويلات التونسيين بالخارج التي ارتفعت بنسبة 34.9 في المائة، علاوة على تحسن مداخيل القطاع السياحي بنسبة 6.6 في المائة مع نهاية السنة الماضية.
يذكر أن وزارة المالية التونسية قد توقعت تحقيق الاقتصاد المحلي بنسبة نمو لا تقل عن 4 في المائة خلال السنة الماضية، ثم عادت لتخفيض تلك النسبة إلى 2.5 في المائة، وهي نسبة من الصعب تحقيقها وفق عدد من الخبراء التونسيين في مجال الاقتصاد والمالية. ونتيجة للصعوبات الاقتصادية التي عرفها الاقتصاد التونسي، فقد قفزت نسبة عجز الميزانية من 1 في المائة سنة 2010، لتصل إلى 9.6 في المائة خلال سنة 2020، ومن المتوقع أن تبلغ نسبة العجز 8.3 في المائة خلال السنة المنقضية، وهو رقم يتجاوز العتبة المحددة بـ3 في المائة، وهذا ما يتطلب إصلاحات اقتصادية هيكلية ترفضها العديد من الأطراف الاجتماعية والاقتصادية على رأسها القيادات النقابية.
وأنهت تونس السنة الماضية بتراجع على مستوى الاستثمارات الأجنبية بنسبة 21.3 في المائة، كما سجلت قيمة الاستثمارات المصرح في الصناعات المعملية تقلصاً بنحو 17 في المائة، وهو ما يجعل المشاكل الاقتصادية المحلية ترحل إلى السنة الحالية والسنوات المقبلة.



هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
TT

هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)

تواصل الأسهم الأميركية تعزيز تفوقها على منافسيها العالميين، ويعتقد العديد من المستثمرين أن هذه الهيمنة قد تزداد إذا تمكن الرئيس المنتخب دونالد ترمب من تنفيذ برنامجه الاقتصادي بنجاح، دون الانجرار إلى حرب تجارية شاملة أو تفاقم العجز الفيدرالي.

وحقق مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» زيادة تفوق 24 في المائة في عام 2024، مما جعله في الصدارة بين مؤشرات الأسهم في أوروبا وآسيا والأسواق الناشئة. وبمعدل 22 ضعفاً للأرباح المستقبلية المتوقعة، فإن علاوته مقارنة بمؤشر «إم إس سي آي» للأسواق من أكثر من 40 دولة، تعد الأعلى منذ أكثر من عقدين، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي». وعلى الرغم من أن الأسهم الأميركية قد تفوقت على نظيراتها العالمية لأكثر من عقد من الزمان، فإن الفجوة في التقييم قد اتسعت هذا العام بفضل النمو الاقتصادي المتين والأرباح القوية للشركات، لا سيما في قطاع التكنولوجيا، حيث ساعدت التطورات المثيرة في مجال الذكاء الاصطناعي على تعزيز أسهم شركات رائدة مثل «إنفيديا».

ويعتقد بعض المشاركين في السوق أن أجندة ترمب الاقتصادية، التي تشمل تخفيض الضرائب، وتخفيف القيود التنظيمية، وحتى فرض الرسوم الجمركية، قد تعزز من تفوق الولايات المتحدة، متفوقة على المخاوف المتعلقة بتأثيراتها المزعزعة المحتملة على الأسواق وزيادة التضخم.

وقال رئيس استراتيجية الأسهم الأميركية في بنك «باركليز»، فينو كريشنا: «نظراً للتوجهات المؤيدة للنمو في هذه الإدارة الجديدة، أعتقد أنه سيكون من الصعب مواجهة الأسهم الأميركية، على الأقل في عام 2025». وكانت هناك مؤشرات على تزايد تفضيل المستثمرين للأسهم الأميركية مباشرة بعد الانتخابات التي جرت في 5 نوفمبر (تشرين الثاني)، عندما استقبلت صناديق الأسهم الأميركية أكثر من 80 مليار دولار في الأسبوع الذي تلا الانتخابات، في حين شهدت صناديق الأسهم الأوروبية والأسواق الناشئة تدفقات خارجة، وفقاً لبنك «دويتشه».

ويعد «مورغان ستانلي»، و«يو بي إس» لإدارة الثروات العالمية، ومعهد الاستثمار «ويلز فارغو» من بين المؤسسات التي توصي بزيادة الوزن للأسهم الأميركية في المحافظ الاستثمارية أو تتوقع تفوقها في العام المقبل.

محرك الأرباح

أحد المحركات الرئيسية لقوة الأسهم الأميركية هو ميزة أرباح الشركات الأميركية، حيث من المتوقع أن ترتفع أرباح شركات «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 9.9 في المائة هذا العام وبنسبة 14.2 في المائة في 2025، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي». وفي المقابل، من المتوقع أن ترتفع أرباح الشركات في مؤشر «ستوكس 600» الأوروبي بنسبة 1.8 في المائة هذا العام وبنسبة 8.1 في المائة في 2025.

وقال كبير الاستراتيجيين الاستثماريين في «ستيت ستريت غلوبال أدفايزر»، مايكل أرون: «الولايات المتحدة تظل المنطقة الجغرافية التي تحقق أعلى نمو في الأرباح وأكبر قدر من الربحية على مستوى العالم».

ويسهم الدور المهيمن للشركات التكنولوجية العملاقة في الاقتصاد الأميركي، وأوزانها الكبيرة في مؤشرات مثل «ستاندرد آند بورز 500»، في تعزيز هذا النمو. إذ تبلغ القيمة السوقية لأكبر خمس شركات أميركية («إنفيديا» و«أبل» و«مايكروسوفت» و«أمازون دوت كوم» وألفابت) أكثر من 14 تريليون دولار، مقارنة بحوالي 11 تريليون دولار لجميع شركات «ستوكس 600»، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي».

وعلى نطاق أوسع، من المتوقع أن ينمو الاقتصاد الأميركي بنسبة 2.8 في المائة في 2024 وبنسبة 2.2 في المائة في 2025، مقارنة بنسبة 0.8 في المائة هذا العام و1.2 في المائة في العام المقبل لمجموعة من حوالي 20 دولة تستخدم اليورو، وفقاً لتوقعات صندوق النقد الدولي.

وقد تساعد خطط ترمب لزيادة الرسوم الجمركية على الواردات الولايات المتحدة في تعزيز هذا التفوق، رغم المخاطر التي قد تترتب على ذلك، وفقاً لما قاله مايك مولاني، مدير أبحاث الأسواق العالمية في «بوسطن بارتنرز»، الذي يفضل الأسهم الأميركية. وقال مولاني: «إذا فرض ترمب رسوماً جمركية تتراوح بين 10 في المائة و20 في المائة على السلع الأوروبية، فإنهم سيتأثرون أكثر منا بشكل نسبي».

وقد دفع تحكم الجمهوريين في السلطة في واشنطن، ما يسهل على ترمب تنفيذ أجندته، اقتصاديي «دويتشه بنك» إلى رفع توقعاتهم لنمو الاقتصاد الأميركي في 2025 إلى 2.5 في المائة مقارنة بـ 2.2 في المائة.

وبينما من المتوقع أن تعزز تخفيضات الضرائب وإلغاء القيود التنظيمية النمو الاقتصادي، فإن الهوامش الضيقة نسبياً في الكونغرس الأميركي وحساسية الإدارة تجاه ردود الفعل السوقية قد تحدان من نطاق بعض السياسات «المتطرفة»، مثل الرسوم الجمركية، كما ذكر البنك في تقريره الأخير.

من جانبه، يتوقع «يو بي إس» لإدارة الثروات العالمية أن يصل مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى 6600 في العام المقبل، مدفوعاً بالتطورات في مجال الذكاء الاصطناعي، وانخفاض أسعار الفائدة، وتخفيضات الضرائب، وإلغاء القيود التنظيمية. وأغلق المؤشر عند 5948.71 يوم الخميس. مع ذلك، قد تؤدي حرب تجارية شاملة مع الصين ودول أخرى إلى التأثير سلباً على نمو الاقتصاد الأميركي وزيادة التضخم. وفي سيناريو يتم فيه فرض دول ردود فعل على الرسوم الجمركية الأميركية الواسعة، قد ينخفض مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى 5100، رغم أن الأسهم العالمية ستتراجع أيضاً، وفقاً لتوقعات «يو بي إس».

ويمكن أن تكون بعض القطاعات في السوق أكثر عرضة لتأثيرات سياسات ترمب، حيث أدت المخاوف بشأن خطط تقليص الفائض البيروقراطي إلى تراجع أسهم شركات المقاولات الحكومية الأسبوع الماضي، بينما تراجعت أسهم شركات الأدوية بعد اختيار ترمب للمشكك في اللقاحات روبرت ف. كينيدي جونيور لقيادة وزارة الصحة والخدمات الإنسانية.

كما قد تثير التخفيضات الضريبية الواسعة القلق بشأن زيادة الدين الأميركي. وقد أسهمت المخاوف المتعلقة بالعجز في تراجع بيع السندات الحكومية الأميركية مؤخراً، مما دفع عائد سندات الخزانة الأميركية لمدة 10 سنوات إلى أعلى مستوى له في خمسة أشهر الأسبوع الماضي.

وفي الوقت نفسه، قد تصبح الفجوة في التقييم بين الولايات المتحدة وبقية العالم واسعة لدرجة تجعل الأسهم الأميركية تبدو باهظة الثمن، أو قد تصبح الأسهم الدولية رخيصة للغاية بحيث لا يمكن تجاهلها. ومع ذلك، في الوقت الراهن، تظل الاتجاهات طويلة المدى لصالح الولايات المتحدة، مع ارتفاع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بأكثر من 180 في المائة مقارنة بارتفاع بنسبة 50 في المائة تقريباً لمؤشر «ستوكس» في أوروبا على مدار العقد الماضي. وقال رئيس استراتيجيات الأصول المتعددة في «روبيكو»، كولين غراهام: «الزخم شيء رائع. إذا كان لديك شيء يستمر في التفوق، فإن المستثمرين سيتبعون الأموال».