مواكب سودانية حاشدة أمام القصر الجمهوري

البرهان: أبواب الحوار مفتوحة مع الجميع... وغوتيريش ونواب في الكونغرس ينددون بالعنف

محتجون يشعلون الإطارات في شارع الأربعين في أم درمان أمس (أ.ف.ب)
محتجون يشعلون الإطارات في شارع الأربعين في أم درمان أمس (أ.ف.ب)
TT

مواكب سودانية حاشدة أمام القصر الجمهوري

محتجون يشعلون الإطارات في شارع الأربعين في أم درمان أمس (أ.ف.ب)
محتجون يشعلون الإطارات في شارع الأربعين في أم درمان أمس (أ.ف.ب)

نزل آلاف السودانيين إلى الشوارع مرة أخرى، أمس (الثلاثاء)، احتجاجاً على «حكم الجيش»، فيما انتشرت قوات الأمن بكثافة في الخرطوم ومدن أخرى. وفي الأثناء، أكد رئيس مجلس السيادة الانتقالي، الفريق عبد الفتاح البرهان، أن أبواب الحوار مفتوحة مع جميع القوى السياسية وشباب الثورة للتوافق على استكمال هياكل الفترة الانتقالية، خلال لقاء له مع القائم بأعمال السفارة الأميركية في الخرطوم براين شوكان.
وأطلقت قوات الأمن السودانية قنابل الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية على المتظاهرين عندما تجمعوا بالقرب من قصر الرئاسة بوسط الخرطوم حتى أبعدتهم عن محيطه.
وبعد يومين من استقالة رئيس الوزراء المدني عبد الله حمدوك، خرج المتظاهرون في الخرطوم ومدن سودانية أخرى، مطالبين بإعادة الحكم للمدنيين، ورجوع «العسكر للثكنات». كما دعوا إلى إسقاط المجلس السيادي الذي يترأسه البرهان.
وأغلقت قوات الأمن الشوارع المؤدية إلى مقر قيادة الجيش في وسط العاصمة وسط وجود كثيف لشرطة مكافحة الشغب والقوات شبه العسكرية وأفراد الجيش. وتجمع آلاف كذلك في ضاحية أم درمان بعد انتشار دعوات صباح الثلاثاء إلى التظاهر والتوجه في مسيرة إلى القصر الرئاسي بوسط الخرطوم «حتى يتحقق النصر». كما أفاد شهود عيان بأن قوات الأمن أطلقت الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين في حي بالخرطوم بحري شمال العاصمة وهم يحاولون الوصول إلى الجسر الذي يربط الحي بالخرطوم. كما أطلقت الغاز المسيل للدموع في منطقة بري، شرق الخرطوم.
ولم تقتصر الاحتجاجات على العاصمة بل امتدت خارجها. ففي مدينة بورتسودان أكبر المدن شرق البلاد، على البحر الأحمر، أطلقت قوات الأمن الغازات المسيلة للدموع كذلك على المحتجين. وخرجت مظاهرات أيضا في مدينة مدني عاصمة ولاية الجزيرة التي تبعد 186 كيلومتراً جنوب الخرطوم.
من جهته، قال رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان، عبد الفتاح البرهان، إن أبواب الحوار مفتوحة مع جميع القوى السياسية وشباب الثورة للتوافق على استكمال هياكل الفترة الانتقالية.
وشدد البرهان لدى لقائه القائم بالأعمال الأميركية في البلاد، براين شوكان، بالقصر الجمهوري بالخرطوم أمس، على ضرورة استمرار الحوار بين الأطراف كافة للخروج ببرنامج توافقي وطني لإدارة الفترة الانتقالية، وصولاً إلى انتخابات حرة ونزيهة تأتى بحكومة مدنية منتخبة تلبى تطلعات الشعب السوداني. وجدد البرهان بحسب بيان صادر عن مجلس السيادة، حرص السودان على استمرار الشراكة والتعاون مع أميركا في مختلف المجالات، بما يحافظ على الإنجازات التي تمت خلال الفترة الماضية والبناء عليها في المستقبل لخدمة المصالح المشتركة للبلدين.
ومن جانبه، دعا شوكان، إلى الإسراع في تشكيل الحكومة التنفيذية واستكمال بقية هياكل السلطة الانتقالية والاستمرار في مسار التحول الديمقراطي.
من جهة ثانية، بحث البرهان مع المبعوث الأممي، فولكر بيرتس، الأوضاع السياسية الراهنة بعد استقالة رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك من منصبه. وذكر بيان المجلس أن اللقاء يأتي في إطار التشاور المستمر بين الحكومة السودانية وبعثة الأمم المتحدة في السودان «يونيتامس»، لدعم عملية الانتقال في البلاد. وأضاف البيان أن المبعوث الأممي استمع لرؤية رئيس مجلس السيادة حول الأوضاع الراهنة بالبلاد، كما أطلعه على رؤية الأمم المتحدة للفترة المتبقية من المرحلة الانتقالية. وأكد الجانبان على ضرورة استكمال هياكل الفترة الانتقالية والإسراع بتعيين رئيس وزراء جديد خلفاً للرئيس السابق عبد الله حمدوك.
وفي نيويورك، عبّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن أسفه «لعدم التوصل إلى تفاهم سياسي يتيح التقدم إلى الأمام رغم خطورة الوضع في السودان»، بحسب الناطق باسمه ستيفان دوجاريك.
إلى ذلك دعا السيناتور الديمقراطي الأميركي كريس كونز القادة العسكريين في السودان إلى «الاستماع إلى أصوات الملايين من السودانيين من خلال تسليم سلطة المجلس السيادي إلى المدنيين فوراً والتوقف عن قمعهم العنيف للمتظاهرين».
وقال كونز إن «الملايين من السودانيين خرجوا إلى الشوارع في الأشهر الأخيرة لرفض الحكم العسكري والمطالبة بحكومة بقيادة مدنية». واعتبر السيناتور الديمقراطي البارز أن رئيس الوزراء عبد الله حمدوك «عمل جاهداً لمحاولة تحقيق أهداف الثورة وبناء بلد حر وسالم ومزدهر»، مشيراً إلى أن «استقالته تعزز الانقلاب العسكري الذي حصل في 25 أكتوبر (تشرين الأول) وكشف نوايا القادة العسكريين في التمسك بالسلطة والاستمرار بتخريب انتقال البلاد نحو الديمقراطية».
وتعهد كونز، الذي طرح مشروع العقوبات الفردية في مجلس الشيوخ، بأنه وزملاءه في الكونغرس مستمرون «بدعم الشعب السوداني في هذه المرحلة الصعبة وبالاستثمار في العملية الديمقراطية ومحاسبة الذين يهددون ذلك»، مذكراً بالجهود التي قام بها في الماضي لرفع العقوبات التاريخية القاسية عن السودان وتوفير أكثر من مليار دولار من مساعدات لدعم العملية الانتقالية.
من ناحيته، اعتبر رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الديمقراطي غريغوري ميكس أن «استقالة حمدوك سلّطت الضوء على تهالك العملية الانتقالية بقيادة مدنية تحت حكم الجنرالين البرهان وحميدتي». وقال ميكس، في تغريدة على حسابه على «تويتر»، إن «الشعب السوداني يستحق قادة يحترمون تطلعاته نحو الديمقراطية والسلام».
وكانت المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، غرّدت بأن السودان «لديه فرصة نادرة للانتقال إلى ديمقراطية حقيقية بقيادة مدنية». وأدانت غرينفيلد «استعمال الجيش المتكرر للعنف ضد المتظاهرين السلميين»، وحثّت قادة السودان على احترام مطالب الحكم المدني.



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.