خبراء مجلس الأمن يشددون على وقف تدفق الأسلحة للحوثيين... ويوصون بعقوبات جديدة

TT

خبراء مجلس الأمن يشددون على وقف تدفق الأسلحة للحوثيين... ويوصون بعقوبات جديدة

اتهم فريق لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن الدولي بشأن اليمن في أحدث تقاريره المقدمة إلى المجلس، الميليشيات الحوثية بمواصلة ارتكاب المزيد من الجرائم الجنسية في مناطق سيطرتهم ضد معارضيهم لاسيما النساء، بحسب ما ورد في نسخة متداولة باللغة الإنجليزية اطلعت عليها «الشرق الأوسط».
كما سلط التقرير الجديد للخبراء الضوء على استمرار تدفق الأسلحة المهربة إلى الميليشيات الحوثية، وكشف جانبا عن مواصلة الجماعة تجنيد الأطفال وتجريف الهوية الثقافية للسكان في المناطق الخاضعة للميليشيات.
التقرير الذي جاء في 51 صفحة تضمن بيانات وإحصاءات حول الأوضاع العسكرية والسياسية والاقتصادية والانتهاكات التي ارتكبتها الميليشيات الحوثية خلال العام الماضي، لاسيما في محافظة مأرب والساحل الغربي، كما تطرق إلى تطورات اتفاقية «استوكهولم» و«اتفاق الرياض».
وأفاد التقرير بأن لجنة تنسيق إعادة الانتشار التابعة للأمم المتحدة في الحديدة لم تكن على علم بإعادة الانتشار التي نفذتها القوات المشتركة في جنوب الحديدة، متهما الميليشيات الحوثية بارتكاب انتهاكات ضد السكان في المناطق التي سيطروا عليها، وذكر أن الجماعة منعت «بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة من تنفيذ مهمتها».
وجاء في ملخص التقرير أن الميليشيات الحوثية واصلت حملتها الممنهجة لإجبار السكان على التمسك بآيدولوجيتها، بما في ذلك قيامها بتنظيم معسكرات صيفية وثقافية ودورات تعبوية للكبار والصغار.
وأكد التقرير أن سياسة الحوثيين القائمة على العنف الجنسي استمرت، كما استمر القمع ضد النساء والناشطات سياسيًا، حتى بعد وفادة القيادي الحوثي سلطان زابن المسؤول الأول عن الانتهاكات الجنسية في سجون الجماعة.
إلى ذلك، أشار التقرير إلى استمرار الأعمال العدائية للميليشيات الحوثية المتمثلة في إطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، وقال إنه يتم تجميع معظم أنواع الطائرات دون طيار والصواريخ قصيرة المدى في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون باستخدام المواد المتاحة محليًا وكذلك التجارية، مثل المحركات والإلكترونيات، التي يتم الحصول عليها من الخارج باستخدام شبكة معقدة من الوسطاء في أوروبا والشرق الأوسط وآسيا.
واستشهد التقرير بشحنات الأسلحة التي صادرتها البحرية الأمريكية في بحر العرب في فبراير (شباط) ومايو (أيار) الماضي على متن مراكب شراعية، حيث شملت كميات كبيرة من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة بما فيها المضادة للدبابات والمعدات المرتبطة بها.
وأوضح الفريق التابع لمجلس الأمن أن معاينة الأسلحة التي أجراها كشفت عن وجود علامات وسمات تقنية بما يتفق مع الأسلحة التي وثقها في ضبطيات سابقة، مبيناً أن النمط الشائع لإمدادات هذه الأسلحة هو المراكب الشراعية.
وعلى الرغم من أن المعابر الحدودية تقع تحت سيطرة الحكومة اليمنية، قال الفريق إن هناك أدلة على أن مكونات أنظمة أسلحة الحوثيين فضلا عن المعدات العسكرية الأخرى وصلت برا للميليشيات من قبل «أفراد وكيانات» بحسب التقرير.
وتضمن التقرير خلاصة عن الأوضاع الاقتصادية في اليمن، مشيرا إلى حالة التجزئة الممنهجة للنظام الاقتصادي، وقال إن ذلك أدى بدوره إلى مزيد من التدهور الاقتصادي والظروف المعيشية للسكان، في حين لقد خلق الإفقار وضعاً يستغل من قبل البعض لتعميق أوضاعهم ضمن أهداف سياسية.
وأوضح أن الحوثيين يتبنون أساليب مختلفة لإثراء أنفسهم والحفاظ على حياتهم، لا سيما من خلال استخدام العنف أو التهديد به، متهما الجماعة بأنها تواصل حملتها الممنهجة ضد السكان لإجبارهم على اتباع أفكارهم وتأمين الدعم المحلي للصراع، حيث يتم استهداف الفئات الضعيفة.
وعلى سبيل المثال، قال الفريق إنه وثق تسع حالات قام فيها الحوثيون باحتجاز أو تعذيب أو تشويه أو انتهاك جنسي أو قمع النساء الناشطات اللاتي عارضن آراءهم. مشيرا إلى استخدام الجماعة لـ«مزاعم الدعارة» لضمان إسكات معارضيها، حيث يتخذ قادتها المساومة الجنسية ويستمرون في ذلك عبر تسجيلات الفيديو، التي يستمرون في استخدامها كرافعة ضد أي معارضة من هؤلاء من النساء والرجال.
وذكر الفريق أنه حقق في بعض المعسكرات الصيفية في المدارس والمساجد حيث يقوم الحوثيون بنشر آيديولوجيتهم بين الأطفال لتشجيعهم على القتال وتدريبهم عسكريا في هذه المعسكرات الصيفية، وكذا تشجيعهم على خطاب الكراهية والعنف وترديد شعار «الموت لأميركا وإسرائيل واليهود».
وفي أحد المعسكرات قال الفريق إنه وثق قيام الميليشيات الحوثية بتعليم أطفال لا تتجاوز أعمارهم 7 سنوات استخدام الأسلحة، كما أكد أنه وثق حالة انتهاك جنسي تم ارتكابها ضد طفل أخضعته الجماعة للتدريب العسكري. إلى جانب حصوله على معلومات عن عشر حالات اقتيد فيها أطفال للقتال بعد أن نقلوا إلى دورات ثقافية تعبوية، فضلا عن توثيق تسع حالات ربطت فيها الجماعة تقديم المساعدات الإنسانية للأسر بتقديم أطفالهم للمشاركة في القتال.
وأوصى فريق الخبراء التابعين للجنة العقوبات مجلس الأمن في تقريرهم، بأن يدعو المجلس في قراره المقبل الأطراف اليمنية المحسوبة على الشرعية إلى الامتناع عن القيام بأي أعمال من شأنها تقويض «اتفاق الرياض»، وأن يعرب عن نيته في فرض عقوبات على الذين يشاركون في هذه الأعمال.
كما أوصى الفريق بأن يدعو مجلس الأمن الحوثيين والحكومة اليمنية إلى الامتناع عن القيام بأي أعمال لتقويض «اتفاق استوكهولم»، وأن يدعو أطراف النزاع إلى الامتناع عن استخدام الوسائل التربوية والدينية والمؤسسات العامة للتحريض على الكراهية أو العنف، وأن يعرب المجلس عن نيته في فرض عقوبات على من هم مسؤولون عن هذه الأعمال، إلى جانب الدعوة إلى الامتناع عن استخدام المدارس والمخيمات الصيفية والمساجد لتجنيد الأطفال.
وجاءت في توصيات الفريق أن يدعو مجلس الأمن الدول الأعضاء إلى تكثيف الجهود لمكافحة تهريب الأسلحة والمكونات عبر الطرق البرية والبحرية لمنع وصولها إلى الحوثيين، وإلى زيادة تدابير العناية الواجبة فيما يتعلق بتصدير المكونات المتاحة تجاريًا الموثقة من قبل الفريق والتي يمكن استخدامها في تصنيع الأسلحة.
وشدد الفريق في توصياته على أن يقوم مجلس الأمن بدعوة الحوثيين إلى اتخاذ إجراءات لوقف الاستخدام العشوائي للألغام الأرضية، وتسجيل أماكنها، وإزالة الألغام الأرضية الموجودة في المناطق المدنية الخاضعة لسيطرتهم.
إلى ذلك، أوصى الفريق أن يدرج مجلس الأمن في جدول أعماله مناقشة مركزة حول التحديات التي تواجهها المحتجزات في اليمن لإدراج هؤلاء النساء في مبادرات العدالة الانتقالية المستقبلية، وإمكانية إنشاء لجنة مخصصة تكون من مهامها إنشاء صندوق للناجيات من العنف الجنسي والتعامل بشأن ضوابط التصدير الخاصة بالأسلحة التقليدية والسلع والتكنولوجيات ذات الاستخدام المزدوج والأجزاء التجارية المستخدمة في صواريخ الحوثي والطائرات دون طيار والعبوات الناسفة المفخخة.



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).