رفض لبناني واسع لهجوم نصر الله على السعودية

الحريري لـ«حزب الله»: تريدون لبنان رهينة لإيران

TT

رفض لبناني واسع لهجوم نصر الله على السعودية

لاقت مواقف أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله التصعيدية تجاه دول الخليج والمملكة العربية السعودية ردود فعل مستنكرة من قبل رئيسي الجمهورية ميشال عون والحكومة نجيب ميقاتي وعدد كبير من السياسيين.
وأعرب رئيس الجمهورية ميشال عون عن «تمسكه بموقف لبنان الرسمي الذي عبر عنه مجددا في رسالته الأخيرة إلى اللبنانيين لجهة الحرص على علاقات لبنان العربية والدولية، لا سيما منها دول الخليج العربي وفي مقدمها المملكة العربية السعودية»، لافتا إلى أن «هذا الحرص يجب أن يكون متبادلا لأنه من مصلحة لبنان والدول الخليجية على حد سواء».
بدوره توجه رئيس الحكومة السابق سعد الحريري إلى نصر الله قائلا: «التاريخ لن يرحمكم». وكتب على حسابه على تويتر «إلى السيد حسن نصر الله: إصرارك على استعداء السعودية وقيادتها ضربٌ متواصل من ضروب المغامرة بلبنان ودوره ومصالح أبنائه. السعودية لا تهدد دولة لبنان بالعاملين فيها والمقيمين بين أهلها منذ عشرات السنين»، مضيفا «السعودية ومعها كل دول الخليج العربي احتضنت اللبنانيين ووفرت لهم فرص العمل ومقومات العيش الكريم. من يهدد اللبنانيين في معيشتهم واستقرارهم وتقدمهم، هو الذي يريد دولة لبنان رهينة دولة إيران وامتداداتها في سوريا والعراق واليمن ولبنان».
وتابع «أعلم أنك لن تتراجع عن أساليب الاستفزاز والشتم لدول الخليج العربي، لكن الكل يعلم أن التاريخ لن يرحم حزباً يبيع عروبته واستقرار وطنه ومصالح أهله لقاء حفنة من الشراكة في حروب المنطقة».
كذلك أدان رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، موقف نصر الله معتبرا «أن كلامه بحق السعودية في هذه الظروف والمعطيات اللبنانية والعربية هو بمثابة ارتكاب جريمة موصوفة بحق لبنان وحق اللبنانيين، وبما يعرض مصالحهم الوطنية للخطر».
ووصف السنيورة كلام نصر الله بـ«الخطاب الإيراني بكل معنى الكلمة، وأنه كان كمن يعبر عن فقدان الصبر الإيراني بالصراع القائم والاشتباك مع الولايات المتحدة في مفاوضات فيينا، وتراجع دور إيران في اليمن، واشتباكها أيضا مع دول الخليج العربي، وتراجع مشروعها في العراق وسوريا بسبب اصطدامها بالحقائق البشرية والجغرافية وبقانون الطبيعة».
وأكد «أن أي لبناني يفكر بمصلحة بلاده ومواطنيه لا يتصرف كما تصرف السيد نصر الله في هذه الظروف الصعبة، وهو بالتالي معرض لأن يدان أشد الإدانة من الرأي العام والشعب اللبناني قاطبة على هذا التصرف»، لافتا إلى أن «نصر الله بكلامه الجائر والمفتري عن المملكة العربية السعودية إنما يمعن في خنق لبنان وإقفال الأبواب والمنافذ عليه فوق ضائقته الاقتصادية والمعيشية والسياسية، وهو في هذا الفعل المتقصد إنما يقدم فاتورة لوليه الإيراني المتغول للسيطرة على المنطقة وإرهاب الدول العربية وإرباكها، وذلك على حساب لبنان واللبنانيين الذي يتسبب لهما بالمزيد من الأوجاع والآلام».
بدوره رفض رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان موقف نصر الله وقال: «هل هذا الموقف هو بالنيابة عن إيران أم ضدها، أو توخي مصلحة اللبنانيين والتماهي مع سياسة الدولة، أم هو لمعاكستها ولتخريب علاقاتها، أم لكل هذه الأمور مجتمعة؟». واعتبر سليمان في ختام بيانه «أن غالبية الشعب اللبناني ترفض هذا الموقف وترى فيه ضررا كبيرا على لبنان، وتدميرا للعلاقة مع السعودية التي أحبت لبنان من دون غاية».
وسأل رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط في تغريدة على «تويتر»: هل تقف حرب اليمن باعتبار اللبنانيين العاملين والقاطنين في المملكة منذ عقود رهائن، وهل تحل الأمور بالتهجم الشخصي على الأسرة المالكة؟ ماذا تريد إيران من لبنان ومن المنطقة؟
وغرد النائب فؤاد مخزومي عبر حسابه على «تويتر»: «من يأخذ اللبنانيين رهائن هم أنتم يا (حزب الله). افتراءاتكم على المملكة العربية السعودية أصبحت أسطوانة قديمة وما عادت تنطلي على أحد. مفاخرتكم بالمال والسلاح الإيراني هي العمالة بعينها واستعمال سلاحكم ضد شعبكم والدول العربية هو الإرهاب بذاته».
كما قال عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب وائل أبو فاعور في تصريح: «لم تعد الإساءة إلى المملكة العربية السعودية وقيادتها وإلى علاقات لبنان العربية مجرد موقف عرضي على ضفاف موقف إقليمي عام، بل من الواضح أنها سياسة معتمدة بهدف تدمير هذه العلاقات وإيقاع لبنان في الشرك الإيراني الذي ينصب له، والنظر إليه كساحة من ساحات الإقليم وليس كوطن لا بل تقديمه كساحة تفتدي الساحات الأخرى لمصلحة إيران من سوريا إلى العراق إلى اليمن».
وأضاف «مواقف حزب الله وسياساته الإقليمية باتت عبئا على لبنان لا يحتمل، ولا تستقيم مواطنة في ظل أخذ الوطن رهينة من قبل طرف فيه لأمور لا تمت لانتماء لبنان بصلة ولا مصلحة له فيها ولا قدرة له عليها».
وسخر النائب المستقيل في حزب الكتائب إلياس حنكش من كلام نصر الله واتهامه السعودية بأخذ اللبنانيين الموجودين على أرضها رهينة، قائلا: «الرهائن في الخليج يخططون للمستقبل وفي بلاد الممانعة مذلولون».
وكتب على حسابه على تويتر قائلا: «سألت أصدقائي (الرهائن) في الخليج عن معاناتهم اليومية في بلاد اعتقالهم وعن جلادهم الظالم، فهم ينعمون براحة البال وبحياة كريمة، منتجة، متطورة تواكب العصر، يخططون لمستقبل أفضل لأولادهم أما بلاد الممانعة و(الانتصارات) والعزة فهم بين الحياة والموت، فقراء، مذلولون قلقون على مستقبلهم».



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.