دعوة عون للحوار تنتظر ردّ فعل الأفرقاء و«لتتحمل كل جهة مسؤولية قرارها»

TT

دعوة عون للحوار تنتظر ردّ فعل الأفرقاء و«لتتحمل كل جهة مسؤولية قرارها»

بعد نحو أسبوع على دعوة الرئيس ميشال عون إلى حوار وطني شامل، لا توحي الأجواء السياسية وردود فعل الأفرقاء المفترض مشاركتهم فيها بإمكانية اجتماعهم على طاولة واحدة فيما لا تزال رئاسة الجمهورية تترقب كيفية تعاطي هؤلاء مع الدعوة، وقد تتجه لرمي الكرة في ملعب الآخرين عبر إرسال الدعوات «وليتحمل كل فريق مسؤولية حضوره أو غيابه» حسبما تقول مصادر مقربة من الرئاسة لـ«الشرق الأوسط».
وكان عون قد دعا إلى حوار عاجل من أجل التفاهم على ثلاث مسائل والعمل على إقرارها لاحقاً وهي: اللامركزية الإدارية والمالية الموسّعة والاستراتيجية الدفاعية وخطة التعافي المالي.
وفي حين أكد بعض الأفرقاء أنهم لن يرفضوا المشاركة في «حوار وطني» مع التشديد على أهمية نتائجه، على غرار ما أعلن رئيس البرلمان نبيه بري، يتجه حزب «القوات اللبنانية» إلى رفض المشاركة، فيما يؤكد «الحزب التقدمي الاشتراكي» أهمية النتائج، ويطرح «تيار المستقبل» و«حزب الكتائب» أسئلة كثيرة وشكوكاً بشأن التوقيت والقضايا المطروحة.
وعن موقف «الحزب التقدمي الاشتراكي»، يقول النائب بلال عبد الله، لـ«الشرق الأوسط»: «نحن حزب حوار ومع أي حوار هادف ومنتج والوصول إلى تسوية داخلية، على أن يكون الأفرقاء المعنيون جاهزين له، وتحديداً استعداد (حزب الله) مثلاً للبحث في الاستراتيجية الدفاعية لا سيما أنه كان قد سجل محاولة سابقة في هذا الإطار لكنها انتهت بالفشل». ويضيف عبد الله: «سنذهب إلى الحوار، لكن السؤال: ما قيمته في هذه المرحلة في لبنان حيث التعطيل مستمر في الحكومة، وهناك توجه أيضاً لتعطيل مجلس النواب، والاقتتال على الشاشات يستعر، وبالتالي كيف سيكون الوضع إذا اجتمعوا على طاولة واحدة؟»، من هنا يشدد عبد الله على «أن الأولوية بالنسبة إلينا هي لتفعيل الحكومة لا سيما أن الحوار لا يُنتج قرارات بل يؤمّن مناخ التهدئة ليس أكثر، وبالتالي تبقى العبرة في التنفيذ».
وفي حين يؤكد «تيار المستقبل» على لسان النائب محمد الحجار، أنه مع الحوار من حيث المبدأ لكن عندما توجَّه الدعوة يُبنى على الشيء مقتضاه مع الأخذ بعين الاعتبار أسئلة عدة مرتبطة بتوقيت الدعوة والمواضيع المطروحة. ويوضح لـ«الشرق الأوسط»: «من حيث المبدأ، نحن مع الحوار الذي نعدّه الوسيلة الوحيدة كي يحلّ اللبنانيون خلافاتهم السياسية، لكن بالنسبة إلى دعوة الرئيس عون، هناك بعض علامات الاستفهام التي لا بدّ أن تُطرح وتحديداً لجهة توقيت الدعوة في الأشهر الأخيرة من عهد عون والقضايا التي وُضعت للبحث وكان قد وعد بها ولم تنفَّذ في عهده، في حين أن اللامركزية المالية التي تحدث عنها أيضاً لا ينص عليها اتفاق الطائف».
من هنا، يضيف الحجار، «هذه الدعوة تجعلنا نطرح السؤال عمّا إذا كان الهدف منها نفض اليد مما يحصل في لبنان ومن جهنم الذي أوقعنا فيها العهد ليعود في نهاية المطاف إلى المعزوفة الأساسية وهي (أنه لم يسمحوا لنا بالعمل ولا دخل لنا بكل ما يحصل)؟». ومع كل هذه الأسئلة يؤكد الحجار أنه «عندما توجَّه الدعوة يُبنى على الشيء مقتضاه، آخذين بعين الاعتبار كل هذه الأسئلة».
ولا يختلف موقف «حزب الكتائب» عن «تيار المستقبل»، إذ يؤكد نائب رئيس الحزب، الوزير السابق سليم الصايغ ضرورة عدم استبدال طاولة الحوار بالمؤسسات الدستورية وعملها وتحديداً في البحث بالقضايا التي طرحها رئيس الجمهورية، معتبراً أن طاولة الحوار في الوقت الراهن لا تفي بالغرض المطلوب المتمثل في الخروج من الأزمة، ويلفت إلى أن القرار النهائي بشأن المشاركة من عدمها يتخذه المكتب السياسي في الحزب عندما ترسل الدعوة.
ويوضح الصايغ لـ«الشرق الأوسط»: «الاستراتيجية الدفاعية هي من مهام الجيش لا الأحزاب والسياسيين، وبات هناك إجماع على ضرورة أن يكون السلاح في كنف الدولة كما أكد رئيس الجمهورية نفسه، أما اللامركزية المالية والإدارية فتتولاها اللجان النيابية، فيما خطة التعافي من مسؤولية الحكومة المعطلة أساساً، والمطلوب اليوم بدل تضييع الوقت في الحوار، رغم انتقادنا لها، استئناف عملها لإنجاز المفاوضات مع صندوق النقد والتحضير للانتخابات النيابية المقبلة».
ولا تزال رئاسة الجمهورية في مرحلة تقييم ردود الفعل وبانتظار مواقف الأطراف النهائية من الدعوة بموازاة بدء تحضير أوراق عمل الحوار لأن الهدف منه هو أن يكون ناجحاً وإنقاذياً ويؤسس للتوافق على قضايا معينة وإن لم يُنتج حلولاً فورية، حسبما تقول مصادر مقربة من الرئاسة لـ«الشرق الأوسط».
وترد المصادر على تشكيك البعض في أهمية الحوار في هذا التوقيت وتحديداً قبل ثمانية أشهر من انتهاء عهد عون بالقول: «في 8 أشهر يمكن أن يتحقق الكثير إذا توفرت الرغبة وصدقت النيات لا سيما أن النقاط المطروحة ليست مستعصية وبعضها فقط يحتاج إلى إقرار قوانينها الجاهزة». وتشدد المصادر على أن «المهلة الزمنية ليست حجة للقول إنه لم يبقَ من عهد الرئيس إلا أشهراً»، مشددةً على أن «غايته ليست كسب العهد أو الوصول إلى مكسب ذاتي بل إنقاذ البلد»، مضيفة: «إذا تجاوبوا يكون أمراً ممتازاً وإذا لم يتجاوبوا يعني أنهم لا يريدون الحلول». وتلفت مصادر الرئاسة إلى أن مسألة توجيه الدعوات تقرّرت بعد اتضاح صورة كل ردود الفعل. مؤكدةً في الوقت عينه أن من يرفض يتحمل المسؤولية أمام الناس لا سيما قبل الانتخابات النيابية حيث الثقة مفقودة بكل الأحزاب»، مضيفة: «على ضوء ردود الفعل تحدَّد الخطوة المقبلة وقد توجَّه الدعوات وعندها يتحمل كل فريق مسؤولية غيابه أو حضوره».



«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
TT

«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)

حذّرت منظمة الصحة العالمية، اليوم الخميس، من أنّ قطاع غزة، ولا سيّما شطره الشمالي، يعاني نقصاً حادّاً في الأدوية والأغذية والوقود والمأوى، مطالبة إسرائيل بالسماح بدخول مزيد من المساعدات إليه، وتسهيل العمليات الإنسانية فيه.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، وصفت المنظمة الأممية الوضع على الأرض بأنه «كارثي».

وقال المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس إنه عندما اندلعت الحرب في غزة، قبل أكثر من عام في أعقاب الهجوم غير المسبوق الذي شنّته حركة «حماس» على جنوب إسرائيل، في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لجأ تقريباً جميع الذين نزحوا بسبب النزاع إلى مبان عامة أو أقاموا لدى أقارب لهم.

وأضاف، في مؤتمر صحافي بمقرّ المنظمة في جنيف: «الآن، يعيش 90 في المائة منهم في خيم».

وأوضح أن «هذا الأمر يجعلهم عرضة لأمراض الجهاز التنفّسي وغيرها، في حين يتوقّع أن يؤدّي الطقس البارد والأمطار والفيضانات إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية».

وحذّر تيدروس من أن الوضع مروِّع بشكل خاص في شمال غزة، حيث بدأ الجيش الإسرائيلي عملية واسعة، مطلع أكتوبر الماضي.

وكان تقريرٌ أُعِدّ بدعم من الأمم المتّحدة قد حذّر، في وقت سابق من هذا الشهر، من أن شبح المجاعة يخيّم على شمال قطاع غزة؛ حيث اشتدّ القصف والمعارك، وتوقّف وصول المساعدات الغذائية بصورة تامة تقريباً.

وقام فريق من منظمة الصحة العالمية وشركائها، هذا الأسبوع، بزيارة إلى شمال قطاع غزة استمرّت ثلاثة أيام، وجالَ خلالها على أكثر من 12 مرفقاً صحياً.

وقال تيدروس إن الفريق رأى «عدداً كبيراً من مرضى الصدمات، وعدداً متزايداً من المصابين بأمراض مزمنة الذين يحتاجون إلى العلاج». وأضاف: «هناك نقص حادّ في الأدوية الأساسية».

ولفت المدير العام إلى أن منظمته «تفعل كلّ ما في وسعها - كلّ ما تسمح لنا إسرائيل بفعله - لتقديم الخدمات الصحية والإمدادات».

من جهته، قال ريك بيبركورن، ممثّل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية، للصحافيين، إنّه من أصل 22 مهمّة إلى شمال قطاع غزة، قدّمت طلبات بشأنها، في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، جرى تسهيل تسع مهام فقط.

وأضاف أنّه من المقرّر أن تُجرى، السبت، مهمّة إلى المستشفيين الوحيدين، اللذين ما زالا يعملان «بالحد الأدنى» في شمال قطاع غزة؛ وهما مستشفى كمال عدوان ومستشفى العودة، معرباً عن أمله في ألا تحدث عرقلة لهذه المهمة.

وقال بيبركورن إنّ هذين المستشفيين «بحاجة إلى كل شيء»، ويعانيان بالخصوص نقصاً شديداً في الوقود، محذراً من أنّه «دون وقود لا توجد عمليات إنسانية على الإطلاق».

وفي الجانب الإيجابي، قال بيبركورن إنّ منظمة الصحة العالمية سهّلت، هذا الأسبوع، إخلاء 17 مريضاً من قطاع غزة إلى الأردن، يُفترض أن يتوجه 12 منهم إلى الولايات المتحدة لتلقّي العلاج.

وأوضح أن هؤلاء المرضى هم من بين نحو 300 مريض تمكنوا من مغادرة القطاع منذ أن أغلقت إسرائيل معبر رفح الحدودي الرئيسي في مطلع مايو (أيار) الماضي.

لكنّ نحو 12 ألف مريض ما زالوا ينتظرون، في القطاع، إجلاءهم لأسباب طبية، وفقاً لبيبركورن الذي طالب بتوفير ممرات آمنة لإخراج المرضى من القطاع.

وقال: «إذا استمررنا على هذا المنوال، فسوف نكون مشغولين، طوال السنوات العشر المقبلة».