ماراثون تشكيل الحكومة العراقية المقبلة يقترب من خط النهاية دون حسم

الغموض لا يزال يحيط بالجلسة الأولى للبرلمان الجديد الأحد

TT

ماراثون تشكيل الحكومة العراقية المقبلة يقترب من خط النهاية دون حسم

كعادتها، تؤجل القوى السياسية العراقية التي تُكثر من التصريحات وإصدار البيانات حول آلية الشراكة والمشاركة وتشكيل الكتلة الأكبر والأغلبية والتوافقية، قرارات الحسم إلى ربع الساعة الأخير، حتى لو اصطدم ذلك بالمواعيد الدستورية.
فعلى الرغم من تحديد يوم الأحد المقبل موعداً حاسماً لعقد الجلسة الأولى، فإنه بسبب عدم اكتمال المباحثات بين مختلف القوى الفائزة التي تمثل البرلمان المقبل (329 عضواً) تتضارب المواقف بشأن آلية التعامل مع تلك الجلسة، بين أن تكون شكلية في ساعتها الأولى، يترأسها أكبر الأعضاء سناً، وبين البدء في الإجراءات الرسمية التي تلي الساعة الأولى، وهي انتخاب رئيس البرلمان الجديد.
ولا تزال المواقف والآراء متباعدة، بين أن يُحسَم كل شيء خلال الجلسة، أو تبقى في حالة انعقاد دائم.
الخبير القانوني فيصل ريكان، يحدد لـ«الشرق الأوسط» طبيعة الجلسة الأولى وآلية انعقادها، قائلاً إنه «لا يجوز تأجيل انعقاد الجلسة الأولى لمجلس النواب الجديد؛ لأن انعقادها يتم بموجب الدستور الذي ألزم رئيس الجمهورية بدعوة مجلس النواب للانعقاد خلال 15 يوماً من تاريخ المصادقة على النتائج النهائية». وأضاف ريكان أن «الدستور لم يتضمن أي نص يمكن من خلاله تأجيل انعقاد الجلسة الأولى. وحيث إن الدستور هو القانون الأسمى الذي لا يمكن مخالفته، فإن التوقيتات الواردة فيه ملزمة للجميع». وأوضح: «هناك مهام أمام البرلمان خلال الجلسة الأولى عليه إنجازها، مثل انتخاب رئيس مجلس النواب ونائبيه، وفتح باب الترشح لانتخاب رئيس الجمهورية، وكذلك تحديد الكتلة الأكثر عدداً، طبقاً لتفسير المحكمة الاتحادية الذي قالت فيه إن الكتلة الأكثر عدداً تُحدَّد في الجلسة الأولى لمجلس النواب»، مبيناً أنه: «لكون هذه الأمور لا بد من حسمها خلال الجلسة الأولى، فإنه لا بد من أن يبقى البرلمان في حالة انعقاد لحين إكمال المهام المنصوص عليها في الدستور؛ لكن دون أن تكون الجلسة مفتوحة؛ لأن ذلك مخالف لقرار سابق للمحكمة الاتحادية ألغت فيه بقاء الجلسة مفتوحة».
مع ذلك، تكثفت اللقاءات السياسية بين مختلف الأطراف، مع بقاء الصراع مفتوحاً بين زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الباحث عن الأغلبية الوطنية، وبين الإطار التنسيقي الباحث عن التوافقية. وبينما لم يعلن الصدريون أي موقف بشأن موضوع الكتلة الأكبر، فإن قوى الإطار التنسيقي تكاد تعلن يومياً عدة مواقف بشأن إمكانية تشكيلها هذه الكتلة، بعيداً عن الصدر أو التقارب مع الصدر، لكي يبقى البيت الشيعي موحداً حيال الشريكين السني والكردي.
أما على صعيد الشريكين السني والكردي الباحثين عن توافق شيعي- شيعي، كي لا يتورطا في التحالف مع طرف دون آخر، فإنه في الوقت الذي بحث فيه وفد من الكتلة الصدرية في أربيل طبيعة التفاهمات المقبلة قبيل الأحد المقبل، فإن زعيم حزب «تقدم» محمد الحلبوسي التقى أمس مع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، في مقر الأخير بالحنانة في مدينة النجف.
وحول المباحثات التي أجراها الصدريون مع الحزب «الديمقراطي الكردستاني» في أربيل، قال التيار الصدري في بيان له أمس، إن «رئيس الوفد الصدري المفاوض حسن العذاري التقى الزعيم الكردي مسعود بارزاني، خلال زيارة رسمية إلى إقليم كردستان، ورحب بارزاني بزيارة رئيس وأعضاء الوفد الصدري المفاوض، معرباً عن ‏اعتزازه بحضور العذاري إلى إقليم كردستان». ونقل البيان عن العذاري تأكيده «ضرورة تشكيل حكومة الأغلبية الوطنية بمشاركة الكتل النيابية الفائزة، وأيضاً إيجاد معارضة قوية تحت قبة البرلمان». ولفت البيان إلى أن «اللقاء جرى وسط أجواء إيجابية متفائلة، فضلاً عن تأكيد الطرفين أهمية وضع النقاط على الحروف، والسعي الحثيث لإنقاذ الوطن».‏
من جهته، فإن الحزب «الديمقراطي الكردستاني» رهن موقفه من تشكيل الحكومة الاتحادية الجديدة بمخرجات المباحثات بين القطبين السياسيين للقوى الشيعية في العراق، المتمثلة بالتيار الصدري، والإطار التنسيقي. وقال المتحدث باسم الحزب، محمود محمد، في مؤتمر صحافي عقده في أربيل، عقب اجتماع مع وفد التيار الصدري: «نحن حتى الآن لا ندعم أي طرف، سواء التيار الصدري أو الإطار التنسيقي»، مستدركاً بالقول: «يتعين أن نكون شركاء وركناً أساسياً في الحكومة المقبلة». وأضاف أن «التيار الصدري يؤيد تشكيل حكومة أغلبية وطنية، والإطار مع أغلبية سياسية، ونحن ننتظر خلال هذين اليومين إلى أين ستصل نتائج مباحثاتهما».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.