قتيل بين عرب إسرائيل كل ثلاثة أيام

مصادرة أسلحة واعتقال مشبوهين بقضايا العنف المجتمعي

وقفة لعرب وناشطين يهود أمام منزل وزير الداخلية الإسرائيلي في سبتمبر الماضياحتجاجاً على إهمال الجريمة في المجتمع العربي (أ.ف.ب)
وقفة لعرب وناشطين يهود أمام منزل وزير الداخلية الإسرائيلي في سبتمبر الماضياحتجاجاً على إهمال الجريمة في المجتمع العربي (أ.ف.ب)
TT

قتيل بين عرب إسرائيل كل ثلاثة أيام

وقفة لعرب وناشطين يهود أمام منزل وزير الداخلية الإسرائيلي في سبتمبر الماضياحتجاجاً على إهمال الجريمة في المجتمع العربي (أ.ف.ب)
وقفة لعرب وناشطين يهود أمام منزل وزير الداخلية الإسرائيلي في سبتمبر الماضياحتجاجاً على إهمال الجريمة في المجتمع العربي (أ.ف.ب)

داهمت قوات من الشرطة الإسرائيلية والوحدات التابعة لها، عدة بلدات عربية (فلسطينيي 48)، واعتقلت عشرات المواطنين المشبوهين وصادرت كميات من الأسلحة النارية في الوقت الذي نشرت فيه إحصائيات رسمية تدل على أن مواطناً عربياً يُقتل كل ثلاثة أيام بسبب تفاقم العنف المجتمعي.
وقال ناطق بلسان الشرطة، إن هذه الحملة تأتي ضمن تنفيذ قرارات الحكومة بوضع مكافحة العنف الداخلي المتفاقم في المجتمع في إسرائيل، على رأس اهتمامها. وفي إطاره تم رصد ميزانية تزيد على نصف مليار دولار. ورحب الدكتور ثابت أبو راس، المدير العام العربي لجمعية مبادرات إبراهيم، بهذا الجهد، وطالب بالاستمرار فيه بقوة وعدم الاكتفاء بحملة ليوم واحد، وقال إن «وضع الأمن الشخصي للعرب في إسرائيل خطير جداً، ووضعهم أسوأ من وضع أي شريحة أخرى من السكان».
وكان معهد الأبحاث في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، قد نشر إحصائيات، الاثنين، حول الموضوع، جاء فيها أن حصيلة ضحايا جرائم القتل في المجتمع العربي بلغت في عام 2021، لا أقل من 111 ضحية، نصفهم من الشباب الذين تقل أعمارهم عن 30 عاماً، بينهم 16 امرأة. وتضيف الشرطة الإسرائيلية لذلك، 16 جريمة عنف وقعت في مدينة القدس الشرقية المحتلة، الخاضعة هي أيضاً للشرطة الإسرائيلية. وتنطوي هذه الإحصائية على ارتفاع كبير في عدد القتلى، لتصبح قتيلاً واحداً كل ثلاثة أيام، وفيها زيادة ملحوظة على حصيلة السنوات الماضية: 100 في سنة 2020، و93 في سنة 2019، و76 في 2018، و72 في 2017. وأكد المعهد أن الشرطة لم تتمكن من فك لغز 80 في المائة من الجرائم في الوسط العربي، بينما تمكنت من فك رموز 70 في المائة من الجرائم في الوسط اليهودي.
واتضح من الإحصائيات، أن غالبية جرائم القتل بين العرب، نحو 73 في المائة، تمت باستخدام سلاح ناري، علماً بأن هناك تقديرات تشير إلى وجود نحو 300 ألف قطعة سلاح في المجتمع العربي، وإلى أن ثلاثة أرباع هذه الأسلحة مصدرها مخازن الجيش الإسرائيلي، حصل عليها العرب مقابل ثمن باهظ، من جنود أو لصوص.
وتشير الإحصائيات، إلى أنه ورغم أن فلسطينيي 48 يشكلون نسبة 19 في المائة من السكان في إسرائيل، فإنهم يشكلون أكثر من 70 في المائة من ضحايا جرائم القتل فيها. وكان مراقب الدولة الإسرائيلي، قد أصدر تقريراً خاصاً في الموضوع، قبل بضعة شهور، جاء فيه: «إن أجهزة الأمن فشلت في منع انتشار واستخدام السلاح غير المرخص في المجتمع العربي، الأمر الذي كان له الأثر الهائل في ارتفاع نسبة الجريمة». واعتبر قادة الأحزاب العربية، هذا الإهمال، مقصوداً، متهمين المؤسسة الرسمية بالتقاعس لدوافع عنصرية.
وحسب النائب السابق، طلب الصانع، رئيس لجنة مكافحة العنف في المجتمع العربي، فإن «الحكومة لم تحرك ساكناً رغم تصاعد الجريمة، ورغم معرفتها بالنقاط السوداء ومراكز السلاح المنفلت. فطالما كانت الجريمة موجهة للعرب وضد العرب ولا تصيب اليهود، تركوها تنفلت». وقال: «إن حياة الإنسان العربي في هذه الدولة رخيصة. ومشكلتنا لا تقتصر على العنف. أيضاً في حوادث الطرق، من مجموع 362 ضحية في إسرائيل يشكل الضحايا العرب 30 في المائة، وفي حوادث العمل، من مجموع 66 ضحية يوجد 36 عربياً، أي 53 في المائة».
تشير القيادات العربية، إلى الأسباب الذاتية للجريمة المتعلقة بالعادات والتقاليد والعصبية القبلية، والتراجع عن ثقافة التسامح وتزايد ثقافة الأنانية والعربدة والبعد عن الأخلاق الدينية والقيم الإنسانية. على سبيل المثال، قدمت لائحة اتهام، أمس، ضد شابين عربيين من الناصرة، قتلا شاباً في المدينة على إثر خلاف بسيط حول موقف سيارة. وكما جاء في لائحة الاتهام المقدمة إلى المحكمة المركزية في المدينة، فإن جدالاً نشب بين أحد المتهمين وبين شقيق المرحوم، يتعلق بمكان إيقاف السيارة، ما أدى إلى مشادات كلامية وضرب بينه وبين شقيق المتوفى.
وعلى هذه الخلفية، قرر المتهم الذي شعر بالإهانة، قتل شقيق المتوفى أو أحد أفراد أسرته. وبعد 10 دقائق، قام بتجهيز مسدس في حوزته بشكل غير قانوني، ثم توجه مع المتهم الثاني إلى عائلة المتوفى لتنفيذ جريمة القتل. وعند وصول المتهمين قرب المنزل، نزل المتهم الأول من السيارة وأطلق النار على المغدور، بما لا يقل عن عشر رصاصات، كان خلالها الضحية ملقى على الأرض مصاباً، ما أدى إلى وفاته.
وفي أثناء هروب المتهمين، اصطدمت سيارتهما بأحد المشاة، لكنهما واصلا القيادة داخل المدينة، وفي الوقت نفسه تلقت سيارة دورية كانت في مكان الحادث بلاغاً عن تورط مركبة في جريمة قتل. ورصد الضباط السيارة المشبوهة تسير أمامهم، وأمروا المتهمين بالتوقف. لكنها لم تتوقف واصطدمت بحافلة وسيارة، وألقيا المسدس الذي استخدم عند القتل خارج مركبتهما. وتم إيقاف السيارة على بعد مئات الأمتار وتم اعتقالهما.



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.