إحباط هجوم بـ«مسيّرتين» استهدف الأميركيين في مطار بغداد

بالتزامن مع تهديد إيران بـ«الثأر» لمقتل قاسم سليماني

مسؤول في التحالف الدولي يحمل قطعة من حطام إحدى «المسيرتين» اللتين استهدفتا مطار بغداد أمس كتب عليها «عمليات ثأر القادة» (أ.ف.ب)
مسؤول في التحالف الدولي يحمل قطعة من حطام إحدى «المسيرتين» اللتين استهدفتا مطار بغداد أمس كتب عليها «عمليات ثأر القادة» (أ.ف.ب)
TT
20

إحباط هجوم بـ«مسيّرتين» استهدف الأميركيين في مطار بغداد

مسؤول في التحالف الدولي يحمل قطعة من حطام إحدى «المسيرتين» اللتين استهدفتا مطار بغداد أمس كتب عليها «عمليات ثأر القادة» (أ.ف.ب)
مسؤول في التحالف الدولي يحمل قطعة من حطام إحدى «المسيرتين» اللتين استهدفتا مطار بغداد أمس كتب عليها «عمليات ثأر القادة» (أ.ف.ب)

فيما هددت إيران بـ«الثأر» لمقتل قائد فيلق القدس السابق الجنرال قاسم سليماني في الذكرى الثانية لمقتله مع القيادي في «الحشد الشعبي» العراقي أبو مهدي المهندس في ضربة أميركية قرب مطار بغداد مطلع عام 2020، نفذت الفصائل الموالية لها في العراق أمس التهديد واستهدفت مجمعاً في مطار بغداد يضم قوات استشارية من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة بطائرتين مسيرتين مفخختين تم إسقاطهما.
وأفاد مسؤول في التحالف الدولي لمكافحة «داعش» في العراق بتعرض المجمع في المطار إلى هجوم «بطائرتين مسيرتين مفخختين نحو الساعة 4.30 فجر الاثنين». ونقبت عنه وكالة الصحافة الفرنسية أن «منظومة سي رام للدفاع الجوي (الأميركية) التابعة لمركز الدعم الدبلوماسي في بغداد قامت بإسقاط الطائرتين»، موضحاً أن «الهجوم لم يسفر عن أضرار». وأظهرت صور نشرها التحالف بقايا من الطائرتين كتب عليها «عمليات ثأر القادة». ولم تتبن أي جهة بعد الهجوم.
وأوضح المصدر أن مركز الدعم الدبلوماسي في مطار بغداد التابع للسفارة الأميركية، عبارة عن مجمع «يضم عدداً قليلاً من قوات التحالف التي لا تقوم بدور قتالي»، مشيراً إلى أن المركز «يضم عدداً قليلاً من القوات اللوجيستية للتحالف وطاقماً من المتعاقدين والمدنيين». وأشار المصدر الذي فضل عدم الكشف عن هويته إلى أن «تحقيقاً عراقياً بدأ في الحادثة».
ومنذ أيام، يقيم الحشد الشعبي المؤلف من فصائل عدة موالية بمعظمها لإيران، احتفالات في الذكرى الثانية لاغتيال المهندس وسليماني. وشهدت مدينة النجف التي تضم مقامات دينية بارزة في جنوب العراق، أمس، تشييعاً رمزياً في المناسبة سار المئات خلاله نحو ضريح المهندس. وأقيم مساء الأحد حفل تأبين وإضاءة شموع في مطار بغداد شارك فيه المئات من مناصري الحشد. كما تظاهر الآلاف في بغداد السبت للمناسبة، وكرر قياديون في الحشد المطالبة بانسحاب القوات الأجنبية من البلاد.
ومنذ اغتيال سليماني والمهندس، استهدفت مصالح أميركية في العراق، بصواريخ أو طائرات مسيرة أحياناً، بينها محيط السفارة الأميركية في العراق، وقواعد عسكرية عراقية تضم قوات من التحالف الدولي، مثل عين الأسد في غرب البلاد، أو مطار أربيل في إقليم كردستان.
وفي طهران، تعهد الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أمس بالثأر لمقتل سليماني قبل عامين ما لم تتم محاكمة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب. وقال رئيسي في كلمة تلفزيونية في ذكرى عملية الاغتيال: «إذا لم يُحاكم ترمب و(وزير الخارجية السابق مايك) بومبيو أمام محكمة عادلة لارتكاب جريمة اغتيال الجنرال سليماني، فإن المسلمين سيثأرون لشهيدنا». ونقلت وكالة «رويترز» عن وسائل إعلام إيرانية أن إيران دعت مجلس الأمن الدولي في رسالة يوم الأحد إلى محاسبة الولايات المتحدة وإسرائيل، التي تقول طهران إنها متورطة أيضاً في عملية الاغتيال.
ويأتي استهداف الأميركيين في مطار بغداد وسط جدل محتدم حول الانسحاب الأميركي من العراق من عدمه. ولفت انتباه المراقبين السياسيين أن الصور التي التقطت لحطام الطائرتين المسيرتين التي استخدمتا في هجوم أمس أظهرت عليها عبارة «عمليات ثأر القادة». لكن لم يعرف ما إذا كانت عملية مطار بغداد أمس سوف تكون هي البداية أم أنها مجرد جرس إنذار أو رسالة من الفصائل نفسها أو من طهران التي يرى المراقبون أنها هي من تحرك هذه الفصائل في عمليات الرد والانتقام أو التزام الهدنة.
إلى ذلك، أعلنت هيئة الحشد الشعبي، وهي هيئة رسمية حكومية، عن عزمها إطلاق مناورات عسكرية «سوف تدهش العالم»، على حد قول مدير إعلام هيئة الحشد مهند العقابي.



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.