دعوات يمنية للتصدي لإرهاب الحوثيين في البحر الأحمر وموانئ الحديدة

TT

دعوات يمنية للتصدي لإرهاب الحوثيين في البحر الأحمر وموانئ الحديدة

أعادت واقعة قيام الميليشيات الحوثية أمس (الاثنين) بقرصنة سفينة الشحن الإماراتية (روابي) أثناء مرورها في البحر الأحمر التذكير بخطورة بقاء موانئ الحديدة تحت سيطرة الميليشيات، وما يمثله ذلك من تهديد حقيقي لحركة الملاحة بالقرب من واحد من أهم الممرات البحرية في العالم.
وفيما لم يستبعد مراقبون يمنيون وجود دعم لوجيستي قدمه الحرس الثوري الإيراني للميليشيات الحوثية لتسهيل عملية القرصنة الجديدة، ترى الحكومة اليمنية من جهتها أنه آن للمجتمع الدولي أن يعطي الضوء الأخضر لانتزاع موانئ الحديدة من قبضة الجماعة الحوثية، إلى جانب المضي في تصنيف الجماعة على لوائح الإرهاب.

مسؤولية دولية:
وفي هذا السياق وصف الباحث السياسي والأكاديمي اليمني فارس البيل الواقعة بـ«الجريمة» التي قال إنها «دليل دامغ على أن هذه الميليشيا الحوثية باتت خطراً على الملاحة الدولية والتجارة العالمية والأمن الإقليمي والدولي برمته».
وأشار البيل في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الميليشيات «أصبحت بكل هذا الدمار التي تقوم به في البر والبحر وحتى الجو عاراً على المجتمع الدولي والدول الكبرى التي تتعامل مع الميليشيا باعتبارها طرفاً سياسياً أو ورقة سياسية يلعب بها في إطار المصالح الدولية وتنافس النفوذ».
وشدد الباحث السياسي والأكاديمي اليمني على أن الميليشيات باتت «خطراً عالمياً أشد أذى وإجراماً من تنظيمات (داعش) و(القاعدة) التي حشد العالم لقتالها دون تأخير». أما عن إيران فيقول البيل إنها «لم تعد بدعمها المباشر وعدائها الواضح مجرد نظام سياسي، بل صارت تنظيماً إرهابياً ملتحفاً بدولة، وقد أعلنت الحرب على العالم دون مواربة».
وتابع «لم يكن لهذه الميليشيا أن تتجرأ على هذه الأعمال العدائية العابرة للمحلية، دونما إعداد متكامل من إيران، منذ البدايات ولا يزال وسيظل طالما تغافل المجتمع الدولي وظل يفصل أعمال ميليشيا الحوثي عن رغبات إيران ومشروعاتها التوسعية».
وفي الوقت الذي لم تكن هذه الحادثة الإرهابية هي الأولى يفترض - والحديث للدكتور البيل «أن يتحرك المجتمع الدولي لمواجهة إرهاب الحوثي وإيران كما واجه التنظيمات الإرهابية الأخرى، وإلا فإنه يمنح الإرهاب فرصاً لتقويض السلام الدولي، وسيقف أمام القيم التي ينادي بها للسلام عارياً وبلا غطاء». ويتهم البيل المجتمع الدولي بأنه «قايض بملايين اليمنيين ودولتهم التي دمرتها ميليشيا الحوثي، وتغاضى عن كل هذه الجرائم». وأضاف متسائلاً «ها هي النار تتوسع لتلتهم الجميع، فهل سيعترف المجتمع الدولي بهذه الحقيقة ويكفر عن تغاضيه عن هذه الميليشيا، أو عليه أن يبتعد عن طريق اليمنيين والتحالف، كحجر عثرة، لكي يتخلصوا من هذا الداء ويخلصوا العالم منه؟».
ولم يفت البيل أن يوجه دعوته للحكومة الشرعية والتحالف الداعم لها لكي «يضعوا العالم أمام هذه الحقائق، وأن يذكروا العالم كيف أنه تحرك قبل سنوات لمواجهة قراصنة البحر رغم الفارق المهول بين خطرهم وخطر الميليشيا الحوثية».
ويجزم أنه «إذا لم يقف المجتمع الدولي مع حقيقة السلام باعتبار الميليشيا هذه نقيضته، فإنه شريك في الخطر القادم والنار المشتعلة».

إرهاب دولي:

من جهته يصف المحلل السياسي اليمني الدكتور عبد الملك اليوسفي قرصنة ميليشيا الحوثي للسفينة «روابي» بأنها «اعتداء سافر على حرية النقل البحري» وأنه «بناءً على نصوص الاتفاقية الدولية لمكافحة الإرهاب الدولي فإن هذا الاعتداء يندرج تحت أعمال الإرهاب الدولي».
ويضيف اليوسفي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «استمرار هكذا أعمال إرهابية يترتب عليه تبعات كبيرة على النقل البحري ليس أقلها ارتفاع التأمين البحري كما حصل نتيجة القرصنة في خليج عدن قبل عقد من الزمن عندما ارتفعت تكاليف التأمين البحري إلى مستويات قياسية».
وبخصوص الرد المناسب على اختطاف السفينة يقول اليوسفي: «هناك رد فوري مطلوب بالتعامل مع مصدر التهديد وتأمين سلامة العاملين وهناك نسق عسكري لا بد منه لترتيب الحماية للنقل البحري وهناك نسق سياسي بتوظيف الحادثة لتشكيل ضغط نحو تصنيف ميليشيا الحوثي جماعة إرهابية».

توجيهات إيرانية:
في السياق نفسه، يعلق الكاتب والصحافي اليمني وضاح الجليل على الواقعة ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «كالعادة لا تدخر الميليشيات الحوثية أي جهد أو وسيلة لممارسة أعمالها الخارجة عن كافة الأعراف والقوانين، كتأكيد على نهجها الإرهابي واستعدادها الدائم لتهديد أمن المنطقة والعالم، واستهداف المصالح الحيوية حيثما أمكن لها أن تصل».
ويؤكد الجليل أن الميليشيات الحوثية «تلقت توجيهات إيرانية لتنفيذ مثل هذه الجرائم، وأنها تستخدم أسلحة ومعدات إيرانية في أعمال القرصنة والاعتداء، وذلك تلبية لرغبات إيران التوسعية، وسعيها لتحويل اليمن إلى منصة لتهديد أمن المنطقة وابتزاز العالم من خلال سيطرتها على أراضيه وسواحله، وتشكيل خطورة علنية على الملاحة في البحر الأحمر ومضيق باب المندب».
ويعتقد الصحافي والكاتب اليمني وضاح الجليل أن جريمة الاختطاف والقرصنة للسفينة الإماراتية «تضع المجتمع الدولي مجدداً أمام تحديات مواجهة التهديدات الإيرانية وإرهاب ميليشياتها، وضرورة التصدي لمثل هذه الأعمال العدوانية قبل أن تتمكن الميليشيات من جعلها أمراً روتينياً وممارسات يومية».
ويقترح الجليل أن «الرد المناسب ينبغي أن يكون عاجلاً، وأن يتمثل في عقوبات حقيقية ضد الميليشيات وإيران بالتبعية، لمحاصرتها وعدم تمكينها من الحصول على الأسلحة والمعدات والأموال التي تمكنها من هذه الممارسات، وإن استدعى الأمر توجيه ضربات عسكرية كافية لتدمير كامل إمكانيات الميليشيات النوعية».



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).