الحوثيون يحيون ذكرى اغتيال سليماني... ويمنيون يرونها تـأكيداً للتبعية الإيرانية

TT

الحوثيون يحيون ذكرى اغتيال سليماني... ويمنيون يرونها تـأكيداً للتبعية الإيرانية

عبر ناشطون وإعلاميون يمنيون عن غضبهم حيال احتفاء وسائل إعلام حوثية وقادتها الانقلابيين في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتهم بما يسمونه الذكرى الثانية لمقتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني التي تصادف الثالث من يناير (كانون الثاني)، مشيرين إلى أن ذلك يعد تأكيداً جديداً على تبعية الجماعة المطلقة للنظام الإيراني.
وأفاد عدد منهم بأن وسائل إعلام الجماعة كرست معظم برامجها منذ ثلاثة أيام ماضية للحديث عن سليماني وسيرته وتاريخه الحافل بجرائم القتل والتنكيل بالمواطنين العرب.
وفي حين وصف بعض الناشطين سليماني في ذكرى مرور عامين على تصفيته بأنه أكبر أذرع إيران الملطخة بدماء العرب، أشار آخرون إلى أنه من الخزي والعار أن تحتفي مدن يمنية عدة بما فيها العاصمة العريقة صنعاء بذكرى مقتل الإرهابي وقاتل أطفال العرب قاسم سليماني.
وفي سياق متصل، أبدى مواطنون في صنعاء استياءهم الكبير من الاحتفاء الحوثي بمناسبة الذكرى الثانية لمقتل القائد الإيراني.
وقالوا في لقاءات مع «الشرق الأوسط»، إن الأمر الذي أثار غضبهم هو نشر صحف ممولة حوثياً في صنعاء على مدى يومين ماضيين عبر صفحاتها الرئيسية مانشيتات وعناوين بارزة تفيد بأن اليمن يحيي الذكرى الثانية لمقتل سليماني.
وأضافوا قائلين: «إنه كان الأولى بتلك الميليشيات ووسائل إعلامها أن تضع في عناوينها أن الحوثيين هم فقط من يحيون ذكرى مصرع القائد العسكر الإيراني، بدلاً من أن تعمم الاحتفاء بتلك المناسبة على اليمن واليمنيين»، مؤكدين أن الغالبية العظمى من أبناء اليمن لا يكنون الولاء والطاعة لإيران، ولا يؤمنون بعقيدتها وأفكارها الطائفية الدخيلة عليهم وعلى مجتمعهم.
من جانبه، قال موظف حكومي بصنعاء، طلب عدم نشر اسمه إنه كان من المفترض على وسائل إعلام الجماعة في ظل هذه الظروف العصيبة أن تفرد مساحة للحديث عن معاناة ملايين السكان بمناطق تحت سيطرتها وصراعهم المرير مع الجوع والفقر والمرض منذ سبعة أعوام عجاف خلفها الانقلاب المشؤوم بدلاً من إفراد مساحات عبثية للاحتفاء بذكرى مصرع القائد العسكري الإيراني.
وعبر الموظف بإحدى الدوائر الإعلامية في العاصمة صنعاء عن غضبه لتوجيه بعض الصحف الحوثية الورقية الدعوة عبر مانشيتات عريضة لليمنيين بمناطق سيطرتهم إلى إحياء تلك الذكرى في قلوبهم وحضهم على الحديث عنها والترويج لها بمختلف وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.
وعلى غرار ما فعلته الميليشيات العام المنصرم من خلال احتفائها بالذكرى الأولى لمقتل سليماني، عمدت الجماعة هذه المرة كعادتها إلى إهدار ملايين الريالات من قوت اليمنيين وإنفاقها في سبيل إغراق شوارع العاصمة صنعاء بصور سليماني وشعارات تمجد المشروع الإيراني وفق ما نقله مواطنون وشهود عيان في صنعاء لـ«الشرق الأوسط».
وذكر بعض الشهود أن رفع الجماعة حالياً لصور سليماني في شوارع صنعاء، يأتي متزامناً مع ما يعانيه ملايين السكان هناك من أوضاع معيشية صعبة وحرجة.
وأشاروا إلى أن الميليشيات بممارستها لكل الطقوس والمناسبات الإيرانية المختلفة تحاول بكل الطرق والوسائل فرضها بقوة السلاح على كل اليمنيين القابعين في المدن والمناطق تحت سيطرتها.
وتوالياً للتبعية الحوثية لإيران، أعدت الجماعة وفي إطار فعاليات إحياء الذكرى الثانية لمقتل سليماني أنشودة حوثية (زامل) تتغنى بالقائد السابق في الحرس الثوري الإيراني.
وفي تعليق له، قال وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني، إن «ميليشيا الحوثي الإرهابية التابعة لإيران تتغنى بمؤسسها قائد فيلق القدس الإرهابي لتؤكد أنها مجرد صنيعة إيرانية كباقي الميليشيات الطائفية في المنطقة».
وجدد الإرياني عبر تغريدة له بحسابه بموقع تويتر، تأكيده على أن مهمة الحوثي تنفيذ مشروع إيران «التوسعي وأجندتها التخريبية وزعزعة أمن واستقرار دول المنطقة وتهديد أمن الممرات الدولية في البحر الأحمر».
وأرفق المسؤول الحكومي مع تغريدته مقطع فيديو حديثاً لأنشودة حوثية تمجد عدداً من قتلى إيران وأتباعها وعلى رأسهم قاسم سليماني، الذي قتل في غارة أميركية قرب مطار بغداد مع القيادي في ميليشيا الحشد الشعبي العراقي الموالي لإيران المدعو أبو مهدي المهندس.
واشتمل «الزامل» الحوثي، الذي يظهر كثيراً من المشاهد العسكرية لسليماني، على كلمات من قبيل «دم أبو مهدي وقاسم سليماني... فجر يطلع بالإباء من كل ميداني».
وكان قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني قد لقي مصرعه في الثالث من يناير 2020، وبرفقته نائب رئيس الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس، بقصف جوي أميركي قرب مطار بغداد.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».