أزمة «الطاقة النووية» تتوسع بين دول أوروبا

ألمانيا تعارض بشدة... وإيطاليا ترفض... والنمسا تهدد باللجوء للقضاء

أزمة تصنيف الطاقة النووية كاستثمار أخضر تتصاعد في أوروبا (د.ب.أ)
أزمة تصنيف الطاقة النووية كاستثمار أخضر تتصاعد في أوروبا (د.ب.أ)
TT
20

أزمة «الطاقة النووية» تتوسع بين دول أوروبا

أزمة تصنيف الطاقة النووية كاستثمار أخضر تتصاعد في أوروبا (د.ب.أ)
أزمة تصنيف الطاقة النووية كاستثمار أخضر تتصاعد في أوروبا (د.ب.أ)

لاقى اقتراح للمفوضية الأوروبية بتصنيف استثمارات معينة في محطات الغاز والطاقة النووية بأنها صديقة للمناخ انتقادات، بما فيها تهديد من النمسا باتخاذ إجراءات قانونية. وكتبت وزيرة العمل المناخي النمساوية ليونور جويسلر على تويتر عقب إعلان المفوضية عن مشروع قانون بهذا الشأن مساء السبت: «إذا تم تنفيذ هذه الخطط كما هي، فسوف نلجأ إلى القضاء».
يشار إلى أن الاقتراح مثير للجدل، ويأتي وسط خلاف حول ما تعنيه الطاقة «النظيفة». ويقول المؤيدون إن المحطات التي تعمل بالغاز، نظراً لأنه أنظف من الفحم والبدائل الأخرى، تساعد الاقتصادات على الوصول إلى مستقبل مستدام بيئياً.
وسوف يتم تصنيف الطاقة النووية على أنها خضراء لأنها لا تسبب انبعاث أي غازات احتباس حراري. لكن المعارضين يقولون إن الغاز لا يزال غير نظيف بدرجة كافية، ويشيرون إلى المخاطر طويلة المدى للنفايات المشعة التي تخلفها الطاقة النووية.
ويضع الاقتراح شروطاً صارمة لتصنيف الاستثمارات على أنها صديقة للبيئة. وعلى سبيل المثال، لن يتم تصنيف الاستثمارات في محطات الطاقة النووية على أنها خضراء إلا إذا استخدمت أحدث المعايير التكنولوجية وتضمنت خطة حقيقية للتخلص من النفايات الذرية تدخل حيز التنفيذ بحلول عام 2050 على أبعد تقدير.
ووفقاً لوثائق الاتحاد في هذا الشأن، وفق وكالة الأنباء الألمانية، سيتعين على هذه المشروعات الحصول على تصريح بناء بحلول عام 2045.
واتهمت جويسلر المفوضية الأوروبية بمحاولة «الغسل الأخضر» للطاقة النووية والغاز الطبيعي. وأضافت أن «الطاقة النووية خطيرة وليست حلاً في مواجهة أزمة المناخ». وأيد الحزب الاشتراكي الديمقراطي في البرلمان الوطني الألماني رأي جويسلر.
وصرح ماتياس ميرش، نائب رئيس كتلة الحزب في البرلمان (بوندستاج) لوكالة الأنباء الألمانية بأنه «يجب على ألمانيا أن تستنفد كل الأساليب الممكنة لمنع الترويج لهذه التكنولوجيا على المستوى الأوروبي». وقال: «الطاقة النووية ليست مستدامة وليس لها أي مغزى اقتصادي على الإطلاق». مشيراً إلى تكلفة تخزين النفايات النووية، وقال إنه لا يمكن تمويل محطات نووية جديدة «بدون إعانات كبيرة».
كما قال ميرش، الذي يقود حزبه حكومة ائتلافية تضم أيضاً حزب الخضر والديمقراطيين الأحرار: «يجب أن يكون المستقبل لمصادر الطاقة المتجددة فقط - لا سيما على مستوى الاتحاد الأوروبي».
وأضاف أنه «إذا تمت إضافة دعم الطاقة النووية إلى تسعير الكربون، فسوف تكون النتيجة تشويهاً كبيراً للمنافسة. بدلاً من ذلك، نحتاج إلى مناقشة التسعير المماثل للطاقة النووية».
ومن جانبها، انتقدت منظمة الصندوق العالمي للطبيعة المعنية بالبيئة اقتراح الاتحاد الأوروبي.
وقال ماتياس كوب، رئيس التمويل المستدام في فرع المنظمة في ألمانيا: «يبدو أن شعار مفوضية الاتحاد الأوروبي بشأن الطاقة النووية والغاز الطبيعي هو: أغمض عينيك وتمنَّ الأفضل».
وأضاف أنه بعد شهور من التأخير، منحت المفوضية مجموعات الخبراء من الدول الأعضاء 8 أيام عمل فقط للرد على مشروع القانون، متهماً بروكسل بالسعي لتجنب الأصوات الناقدة من مجال العلوم.
كما أثار الاقتراح جدلاً في إيطاليا، حيث أشار ماتيو سالفيني - من حزب الرابطة اليميني المتطرف - إلى احتمالية بناء محطات طاقة نووية مرة أخرى على الأراضي الإيطالية.
كانت إيطاليا قد تخلصت تدريجياً من الطاقة النووية في أواخر ثمانينات القرن الماضي في أعقاب كارثة تشيرنوبل.
وكتب سالفيني في تغريدة: «لا يمكن لإيطاليا أن تقف مكتوفة الأيدي... حزب الرابطة مستعد أيضاً لجمع التوقيعات من أجل استفتاء يقود بلادنا إلى مستقبل طاقة نظيفة وآمنة ومستقلة».
وتحصل إيطاليا على جزء من الكهرباء التي تحتاجها من الخارج، ما يعني أن الطاقة النووية يحتمل أنها لا يزال بوسعها أن تشق طريقها في الشبكة.
وفي عام 2011 رفض الشعب الإيطالي العودة إلى الطاقة النووية. وأعرب أعضاء آخرون في الائتلاف الحاكم متعدد الأحزاب في إيطاليا، مثل حركة الخمس نجوم، عن رفض الطاقة النووية. ومع ذلك، أصبحت الزيادة الكبيرة في أسعار الكهرباء والغاز في الآونة الأخيرة واحدة من أكثر القضايا السياسية إلحاحاً في إيطاليا.



ترمب يخلق حالة من عدم اليقين الاقتصادي ويثير مخاوف الركود

متداول في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)
متداول في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)
TT
20

ترمب يخلق حالة من عدم اليقين الاقتصادي ويثير مخاوف الركود

متداول في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)
متداول في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)

شهدت الجلسة الافتتاحية لسوق الأسهم الأميركية، يوم الثلاثاء، ارتفاعاً ضعيفاً بعد خسائر حادة، يوم الاثنين، مع تنامي المخاوف من تباطؤ الاقتصاد وإمكانية الدخول في حالة ركود بسبب حرب الرسوم الجمركية بين الولايات المتحدة وشركائها التجاريين، وهو ما قال محللون إنه قد يؤدي إلى ضغوط تضخمية وتباطؤ اقتصادي.

هذا الانخفاض الكبير في «وول ستريت» دفع ترمب إلى اتخاذ قرار بلقاء رؤساء أكبر الشركات الأميركية التي تراجعت قيمتها السوقية في الأيام الأخيرة، في محاولة لتهدئة المخاوف من ارتفاع معدلات التضخم ودخول الاقتصاد الأميركي في حالة ركود بسبب حالة عدم اليقين بشأن سياسة فرض الرسوم الجمركية.

ومن المقرر أن يحضر نحو 100 من الرؤساء التنفيذيين اجتماع المائدة المستديرة للأعمال في واشنطن، وهي مجموعة مؤثرة من الرؤساء التنفيذيين من شركة «أبل» إلى «جيه بي مورغان تشيس وشركاه» إلى «وول مارت»، بالإضافة إلى الرؤساء التنفيذيين لشركات التكنولوجيا الكبرى التي التقى بها ترمب مساء الاثنين في البيت الأبيض.

وقد أصيبت الأسواق المالية بحالة من الفزع بعد تصريحات ترمب لشبكة «فوكس نيوز» يوم الأحد التي اعترف فيها بأنه سيكون هناك بعض الألم الاقتصادي الناجم عن سياساته لفرض الرسوم الجمركية، وأشار إلى أنه ستكون هناك فترة انتقالية قد تستغرق بعض الوقت وتعود الأسواق مرة أخرى إلى الانتعاش. ورفض الإجابة عما إذا كانت سياساته الاقتصادية ستتسبب في الركود، قائلاً إنه لا يستطيع التنبؤ. وكان ترمب في خطابه أمام الكونغرس الأسبوع الماضي قد أشار إلى ضرورة الاستعداد لاضطراب اقتصادي قصير الأجل.

وحافظ ترمب على موقفه بشأن فرض الرسوم الجمركية قائلا للصحافيين يوم الأحد: «إن الرسوم الجمركية ستكون أعظم شيء قمنا به على الاطلاق كدولة وستجعل بلادنا غنية مرة أخرى».

وحاول البيت الأبيض تهدئة المخاوف بعد تصريحات ترمب. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض كوش ديساي للصحافيين إنه منذ انتخاب ترمب، استفاد قادة الصناعة من أجندته الاقتصادية «أميركا أولا» التي تتضمن الرسوم الجمركية وإلغاء القيود التنظيمية وإطلاق العنان لمشاريع الطاقة التي ستخلق آلاف الوظائف الجديدة. وحقق الرئيس ترمب نمواً تاريخياً في الوظائف والأجور والاستثمار في ولايته الأولى، ومن المقرر أن يفعل ذلك مرة أخرى في ولايته الثانية.

متداول في بورصة نيويورك (أ.ب)
متداول في بورصة نيويورك (أ.ب)

الاثنين الأحمر

لكن أسواق الأسهم التي كانت تبحث عن الاطمئنان وتترقب خطوات البيت الأبيض لتجنب الركود، أصيبت بالارتباك بسبب حالة عدم اليقين، وبدأت الأسهم الأميركية تتجه نحو الهبوط خلال الأسبوع الماضي وسط مخاوف من حدوث ركود نتيجة إصرار ترمب على فرض هذه الرسوم وإشعال حرب تجارية. وتزايدت موجة القلق مع حرب إدارة ترمب على البيروقراطية الفيدرالية، وطرد الآلاف من الموظفين الفيدراليين وتجميد المنح للمقاولين.

وشهد يوم الاثنين أكبر هبوط أدى إلى محو كل المكاسب التي حققتها سوق الأسهم على وقع التفاؤل بانتخاب ترمب، وسجل مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» أسوأ يوم له منذ سبتمبر (أيلول) الماضي وانخفض بنسبة 2.7 في المائة. وخسر مؤشر «داو جونز» الصناعي حوالي 2.08 في المائة. وكانت أسهم شركات التكنولوجيا هي الأكثر تضرراً، حيث سجل مؤشر «ناسداك» أكبر انخفاض له في يوم واحد منذ عام 2022 وأدى إلى محو تريليون دولار في قيمته السوقية. وتحولت المؤشرات إلى اللون الأحمر في إشارة إلى الانخفاض، ما أدى إلى زيادة المخاوف.

وأظهر انخفاض العائد على سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات حالة عدم اليقين والقلق بشأن معدلات النمو الاقتصادي. وينتظر المستثمرون صدور بيانات التضخم من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي لمعرفة ما إذا كان التضخم سيظل عنيداً.

وهبطت أسهم «إنفيديا» 5 في المائة، وهبطت عملة «البتكوين» إلى 87 ألف دولار، وهو أدنى مستوى لها منذ نوفمبر (تشرين الثاني)، كما ارتفع مؤشر التقلب (فيكس) وهو مقياس الخوف في وول ستريت - إلى أعلى مستوياته، وكان الخوف الشديد هو المحرك وراء الانخفاضات في الأسواق.

شعار «تسلا» في إحدى وكالات بيع السيارات في برلين (د.ب.أ)
شعار «تسلا» في إحدى وكالات بيع السيارات في برلين (د.ب.أ)

إيلون ماسك يخسر

شهدت أسهم شركة «تسلا» للسيارات الكهربائية أسوأ يوم تداول لها منذ سبتمبر 2020 وانخفضت بنسبة 15 في المائة بعد سبعة أسابيع متتالية من الخسائر منذ تولي الرئيس التنفيذي لـ«تسلا» إيلون ماسك دوراً رئيسياً في الأبيض مع الرئيس ترمب. ومنذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي خسرت أسهم «تسلا» أكثر من 50 في المائة من قيمتها منذ ذلك الحين وبلغت خسائرها نحو 800 مليار دولار من قيمتها السوقية.

وطالما تفاخر الرئيس ترمب في ولايته الأولى بالإنجازات الاقتصادية واستخدم الاقتصاد والأوضاع الاقتصادية كسلاح في حملته الانتخابية العام الماضي لإقناع الناخبين أن ولاية وسياسات جو بايدن تسببت في خسائر للاقتصاد، وأنه سيكون الأقدر على قيادة البلاد لخفض التضخم وخفض الأسعار وخفض الضرائب وتحقيق «انتعاشه اقتصادية» غير مسبوقة في الأسواق المالية.

وتفاعلت أسواق المال مع هذه الوعود الانتخابات، وتفاءل المستثمرون بأن سياسات الرئيس الجمهوري الجديد ستميل إلى تحفيز النمو وتخفيف الضغوط التضخمية، وعلى إثر هذا التفاؤل، ارتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» عشية تنصيب الرئيس ترمب بنحو 3 في المائة وارتفع تفاؤل الشركات الصغيرة إلى مستوى قياسي بلغ 41 نقطة وحطمت عملة «البتكوين» التوقعات وارتفعت إلى مستوى قياسي، كما تحسنت مؤشرات أخرى اقتصادية، وهو ما سماه المحللون «تأثير ترمب». وقبل عشرين يوماً فقط كانت سوق الأسهم الأميركي في أعلى مستوياتها على الإطلاق وبدا أن الاقتصاد الأميركي ينمو بوتيرة ثابت ولم يكن هناك مخاوف من ركود اقتصادي.

لكن بعد مرور 50 يوماً فقط من ولاية ترمب، تبدّد تفاؤل المستثمرين، وارتجفت الأسواق تحت وطأة قراراته الاقتصادية، إذ تسارعت وتيرة الانحدار في أسواق المال بمجرد شروعه في تنفيذ تهديداته بفرض رسوم جمركية بنسبة 25 في المائة على السلع المستوردة من كندا والمكسيك، رغم كونهما من أقرب الشركاء التجاريين للولايات المتحدة. كما فرض رسوماً إضافية بنسبة 10 في المائة على الواردات الصينية، مؤكداً أن مزيداً من الرسوم الجمركية ستدخل حيز التنفيذ اعتباراً من الثاني من أبريل (نيسان) المقبل. وكرر ترمب في تصريحاته أن هذه الرسوم يمكن أن تكون أداة تفاوض فعالة، مشيراً إلى أنها ستضمن تحقيق التوازن التجاري مع الدول التي تفرض رسوماً أعلى على المنتجات الأميركية.