قاآني في ذكرى سليماني: ربط الدبلوماسية بـ«الميدان»

صورة وزعتها الخارجية الإيرانية من استقبال عبداللهيان لقاآني أمس
صورة وزعتها الخارجية الإيرانية من استقبال عبداللهيان لقاآني أمس
TT

قاآني في ذكرى سليماني: ربط الدبلوماسية بـ«الميدان»

صورة وزعتها الخارجية الإيرانية من استقبال عبداللهيان لقاآني أمس
صورة وزعتها الخارجية الإيرانية من استقبال عبداللهيان لقاآني أمس

قبل أن تشهد طهران اليوم مراسم الذكرى الثانية لمقتل مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري» الجنرال قاسم سليماني، ألقى خلفه إسماعيل قاآني، أمس، خطابا في مقر الخارجية الإيرانية، سلط فيه الضوء على الصلات التي تربط بين قواته والجهاز الدبلوماسي.
وقضى سليماني، القائد السابق لـ«فيلق القدس» الموكل العمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، وأحد أبرز مهندسي السياسة الإقليمية الإيرانية، بضربة نفذتها طائرة أميركية مسيرة بعيد خروجه من مطار بغداد في الثالث من يناير (كانون الثاني) 2020. كما قتلت الضربة الأميركية زعيم الميليشيا العراقي أبو مهدي المهندس.
وقال قاآني إن سليماني «كان سباقا في إقامة الصلات بين الميدان والدبلوماسية»، وذلك في إشارة واضحة إلى شهادة صوتيه مسربة في أبريل (نيسان) الماضي، من وزير الخارجية السابق، محمد جواد ظريف ينتقد فيها غياب دور مواز بين الجهاز الدبلوماسي و«أنشطة الميدان» في تلميح إلى أنشطة «الحرس الثوري» في المنطقة. وشملت الانتقادات زيارة سليماني إلى موسكو للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد توقيع الاتفاق النووي في يوليو 2015 وقبل أن يدخل حيز التنفيذ، وهي تلك الفترة التي التقى فيها بوتين مع المرشد الإيراني علي خامنئي قبل توسع تعاونهما العسكري في الحرب الداخلية السورية.
وتسببت الانتقادات للتسجيل الصوتي، خصوصاً من المرشد الإيراني في ابتعاد ظريف من الانتخابات الرئاسية، بعد محاولات من حلفائه الإصلاحيين لإقناعه بخوض الانتخابات التي انتهت بفوز المحافظ المتشدد إبراهيم رئيسي في عملية شهدت أدنى مشاركة بين الاستحقاقات الرئاسية على مدى أربعة عقود من عمر النظام. وكشف التسجيل الصوتي عن أسباب إبعاد وزير الخارجية الحالي، حسين أمير عبد اللهيان من منصب نائب الوزير للشؤون الأفريقية والعربية، حينذاك، بعد خلافات بشأن السياسة الإقليمية، وهو ما أثار انتقادات من أوساط «الحرس الثوري».
وقبل التسجيل الصوتي بعامين، كان ظريف قدم استقالته، بعدما أعلنت وسائل الإعلام عن زيارة مفاجئة من الرئيس السوري بشار الأسد إلى طهران، بتنسيق من سليماني، ولقائه مع الرئيس الإيراني قبل عودته إلى دمشق دون أن يعلم ظريف.
ودافع قاآني عن العلاقة بين الوزارة الخارجية والجهاز الخاص بعلميات «الحرس الثوري» خارج الأراضي الإيرانية، وقال «لا دخل لنا بالأشخاص، البعض منهم كانت لديه تذبذبات لكن كان هذا الاتساق والتعاون حاضرا دائما». ونقلت وكالة «إيسنا» الحكومية عن قاآني قوله «من القضايا المهمة هو أن الأشخاص الذين يعملون في المجال الدبلوماسي والسياسي لديهم اتساق وتعاون مع الأشخاص الذين يعملون في الميدان». وقال «هذا العمل الذي بدأ في طهران واستمر في الدول المختلفة».
وفي الأيام الأخيرة، عاد النقاش بشأن «الميدان» والدبلوماسية إلى الواجهة. والأسبوع الماضي، استخدمت صحف مؤيدة للحكومة و«الحرس الثوري» المفردتين للربط بين المناورات الصاروخية الباليستية وإطلاق صاروخ إلى الفضاء من جهة والمفاوضات الجارية بشأن إحياء الاتفاق النووي من جهة ثانية.
وقال وزير الخارجية الأسبق، علي أكبر صالحي في مقابلة، نشرتها صحيفة «خراسان» المتشددة أول من أمس (السبت)، إنه زار ليبيا بعد أسبوعين من سقوط نظام معمر القذافي بتوصية من سليماني. وأشار إلى توجه قوات «فيلق القدس» تحت غطاء فرق الهلال الأحمر الإيراني لـ«تقدم خدمات طبية». وكشف عن دور سليماني في تسمية سفيري تونس وليبيا، كما أشار إلى الخلافات الداخلية بشأن التدخل الإيراني في سوريا. كما تحدث عن تبادل معلومات بينه وبين سليماني في المفاوضات السرية التي جرت بين إيران والولايات المتحدة في 2012 بوساطة عمانية، قبل أن تخرج إلى العلن في بداية حكومة حسن روحاني، وتنتهي بالاتفاق النووي لعام 2015.
وتربط وزير الخارجية الحالي صلات وثيقة مع «فيلق القدس» الذي تولى عدد من قياداته مناصب دبلوماسية في البعثات الإيرانية في المنطقة.
وبحسب وسائل إعلام إيرانية أن سفراء فلسطين وسوريا والعراق حضروا مراسم رعاها عبد اللهيان في مركز أبحاث الوزارة الخارجية. وقال علي رضا بيغدلي، مساعد الشؤون القنصلية في الخارجية الإيرانية إن الخطوة الأميركية في «اغتيال» سليماني «لا يمكن تبريرها في إطار الدفاع المشروع أو الدفاع الاستباقي لأن الدفاع المشروع يجوز عندما تكون هناك مواجهة مسلحة بين البلدين، ولم تكن مواجهة بين البلدين»، مضيفا أن الخطوة «انتهاك لأحكام اتفاقية 1973 وتتعارض مع حقوق الإنسان».
ومن المقرر أن يلقي الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي خطابا في طهران اليوم في مراسم رسمية لإحياء ذكرى سليماني.
واعتبرت وزارة الخارجية الإيرانية الجمعة أن الإدارة الأميركية الحالية برئاسة جو بايدن، تتحمل أيضاً «مسؤولية» قرار الإدارة السابقة لسلفه ترمب، في الضربة التي قضت على سليماني.
وكتبت طهران رسالة إلى رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة تدعوه إلى إصدار قرار يدين مقتل سليماني، وفقاً لما نقلته وكالة الأنباء الألمانية عن وسائل إعلام إيرانية أمس.
وكتب مساعد الرئيس الإيراني للشؤون القانونية محمد دهقان في الرسالة: «على الأمم المتحدة أن تستنفد كل إمكانياتها بما يتضمن ما يشكل قراراً لإدانة هذا العمل الإرهابي وتجنب مثل هذه الجرائم في المستقبل». وذكرت طهران أن مسؤول عملياته الخارجية «كان في مهمة دبلوماسية في العراق في ذلك الوقت».



تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
TT

تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)

أشعل رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس توتراً جديداً مع تركيا، بعد أشهر من الهدوء تخللتها اجتماعات وزيارات متبادلة على مستويات رفيعة للبناء على الأجندة الإيجابية للحوار بين البلدين الجارين.

وأطلق ميتسوتاكيس، بشكل مفاجئ، تهديداً بالتدخل العسكري ضد تركيا في ظل عدم وجود إمكانية للتوصل إلى حل بشأن قضايا المنطقة الاقتصادية الخالصة والجرف القاري.

تلويح بالحرب

نقلت وسائل إعلام تركية، السبت، عن ميتسوتاكيس قوله، خلال مؤتمر حول السياسة الخارجية عُقد في أثينا، إن «الجيش يمكن أن يتدخل مرة أخرى إذا لزم الأمر». وأضاف: «إذا لزم الأمر، فسيقوم جيشنا بتنشيط المنطقة الاقتصادية الخالصة. لقد شهدت أوقاتاً تدخّل فيها جيشنا في الماضي، وسنفعل ذلك مرة أخرى إذا لزم الأمر، لكنني آمل ألا يكون ذلك ضرورياً».

رئيس الوزراء اليوناني ميتسوتاكيس (رويترز - أرشيفية)

ولفت رئيس الوزراء اليوناني إلى أنه يدرك أن وجهات نظر تركيا بشأن «الوطن الأزرق» (سيطرة تركيا على البحار التي تطل عليها) لم تتغير، وأن اليونان تحافظ على موقفها في هذه العملية. وقال ميتسوتاكيس: «في السنوات الأخيرة، زادت تركيا من نفوذها في شرق البحر المتوسط. قضية الخلاف الوحيدة بالنسبة لنا هي الجرف القاري في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط. إنها مسألة تعيين حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة، وعلينا أن نحمي جرفنا القاري».

من ناحية أخرى، قال ميتسوتاكيس إن «هدفنا الوحيد هو إقامة دولة موحّدة في قبرص... قبرص موحّدة ذات منطقتين ومجتمعين (تركي ويوناني)، حيث لن تكون هناك جيوش احتلال (الجنود الأتراك في شمال قبرص)، ولن يكون هناك ضامنون عفا عليهم الزمن (الضمانة التركية)».

ولم يصدر عن تركيا رد على تصريحات ميتسوتاكيس حتى الآن.

خلافات مزمنة

تسود خلافات مزمنة بين البلدين الجارين العضوين في حلف شمال الأطلسي (ناتو) حول الجرف القاري، وتقسيم الموارد في شرق البحر المتوسط، فضلاً عن النزاعات حول جزر بحر إيجه.

وتسعى اليونان إلى توسيع مياهها الإقليمية إلى ما هو أبعد من 6 أميال، والوصول إلى 12 ميلاً، استناداً إلى «اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار» لعام 1982 التي ليست تركيا طرفاً فيها.

وهدّد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان من قبل، مراراً، بالرد العسكري على اليونان إذا لم توقف «انتهاكاتها للمياه الإقليمية التركية»، وتسليح الجزر في بحر إيجه. وأجرت تركيا عمليات تنقيب عن النفط والغاز في شرق البحر المتوسط في عام 2020 تسبّبت في توتر شديد مع اليونان وقبرص، واستدعت تحذيراً وعقوبات رمزية من الاتحاد الأوروبي، قبل أن تتراجع تركيا وتسحب سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» في صيف العام ذاته.

سفن حربية تركية رافقت سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» خلال مهمتها في شرق المتوسط في 2020 (الدفاع التركية)

وتدخل حلف «الناتو» في الأزمة، واحتضن اجتماعات لبناء الثقة بين البلدين العضوين.

أجندة إيجابية وحوار

جاءت تصريحات رئيس الوزراء اليوناني، بعد أيام قليلة من تأكيد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، في كلمة له خلال مناقشة البرلمان، الثلاثاء، موازنة الوزارة لعام 2025، أن تركيا ستواصل العمل مع اليونان في ضوء الأجندة الإيجابية للحوار.

وقال فيدان إننا «نواصل مبادراتنا لحماية حقوق الأقلية التركية في تراقيا الغربية، ونحمي بحزم حقوقنا ومصالحنا في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط، ​​سواء على الأرض أو في المفاوضات».

وعُقدت جولة جديدة من اجتماعات الحوار السياسي بين تركيا واليونان، في أثينا الأسبوع الماضي، برئاسة نائب وزير الخارجية لشؤون الاتحاد الأوروبي، محمد كمال بوزاي، ونظيرته اليونانية ألكسندرا بابادوبولو.

جولة من اجتماعات الحوار السياسي التركي - اليوناني في أثينا الأسبوع الماضي (الخارجية التركية)

وذكر بيان مشترك، صدر في ختام الاجتماع، أن الجانبين ناقشا مختلف جوانب العلاقات الثنائية، وقاما بتقييم التطورات والتوقعات الحالية؛ استعداداً للدورة السادسة لمجلس التعاون رفيع المستوى، التي ستُعقد في تركيا العام المقبل.

ولفت البيان إلى مناقشة قضايا إقليمية أيضاً خلال الاجتماع في إطار العلاقات التركية - الأوروبية والتطورات الأخيرة بالمنطقة.

وجاء الاجتماع بعد زيارة قام بها فيدان إلى أثينا في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أكد البلدان خلالها الاستمرار في تعزيز الحوار حول القضايا ذات الاهتمام المشترك.

لا أرضية للتوافق

وقال ميتسوتاكيس، في مؤتمر صحافي عقده بعد القمة غير الرسمية للاتحاد الأوروبي في بودابست في 9 نوفمبر، إن الحفاظ على الاستقرار في العلاقات بين بلاده وتركيا سيكون في مصلحة شعبيهما.

وأشار إلى اجتماع غير رسمي عقده مع إردوغان في بودابست، مؤكداً أن هدف «التطبيع» يجب أن يكون الأساس في العلاقات بين البلدين، وتطرق كذلك إلى المحادثات بين وزيري خارجية تركيا واليونان، هاكان فيدان وجيورجوس جيرابيتريتيس، في أثنيا، قائلاً إنه جرى في أجواء إيجابية، لكنه لفت إلى عدم توفر «أرضية للتوافق بشأن القضايا الأساسية» بين البلدين.

وزير الخارجية اليوناني يصافح نظيره التركي في أثينا خلال نوفمبر الماضي (رويترز)

وسبق أن التقى إردوغان ميتسوتاكيس، في نيويورك على هامش مشاركتهما في أعمال الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، وأكد أن تركيا واليونان يمكنهما اتخاذ خطوات حازمة نحو المستقبل على أساس حسن الجوار.

وزار ميتسوتاكيس تركيا، في مايو (أيار) الماضي، بعد 5 أشهر من زيارة إردوغان لأثينا في 7 ديسمبر (كانون الأول) 2023 التي شهدت عودة انعقاد مجلس التعاون الاستراتيجي بين البلدين، بعدما أعلن إردوغان قبلها بأشهر إلغاء المجلس، مهدداً بالتدخل العسكري ضد اليونان بسبب تسليحها جزراً في بحر إيجه.