لا مساعدات كافية لانتشال اللاجئين السوريين من بؤس الأزمة اللبنانية

أسرة سورية تشعل حطباً للتدفئة في جنوب لبنان (أ.ب)
أسرة سورية تشعل حطباً للتدفئة في جنوب لبنان (أ.ب)
TT

لا مساعدات كافية لانتشال اللاجئين السوريين من بؤس الأزمة اللبنانية

أسرة سورية تشعل حطباً للتدفئة في جنوب لبنان (أ.ب)
أسرة سورية تشعل حطباً للتدفئة في جنوب لبنان (أ.ب)

تجول الطفلة السورية، ابنة الاثنتي عشرة سنة، شوارع عرمون وخلدة (جنوب بيروت) ذهابا وإيابا في الصيف الحار والشتاء القارس، حاملة بيديها الصغيرتين أكياسا من أوراق المحارم تبيعها للمارة. لا تقترب من أحد ولا تلح في بيع بضائعها، تلوح للمارة من بعيد بأدب فإن نادوا عليها اقتربت، وإن تجاهلوها لزمت مكانها.
ابتسامتها الخجولة وأدبها لافتان ويثيران الفضول، فيصعب تجاهلها، ما يدفع أبناء المنطقة أو الذين اعتادوا رؤيتها يوميا في أماكنها المعتادة، إلى السؤال عن حكايتها. فمريم اللاجئة السورية بائعة محارم في النهار والليل، وطالبة على مقاعد الدراسة في فترة بعد الظهر. هي الأكبر لأخ وأخت، وتعيش في بيت أرضي مؤلف من غرفة ومنافعها مع عائلتها.
وبعد مرور قرابة عشرة أعوام على اندلاع الحرب في سوريا، ما زال لبنان يستضيف حوالي مليون لاجئ سوري مسجلين، أصبحت حياتهم أكثر بؤسا منذ بدء الأزمة الاقتصادية في البلاد العام الماضي. فالفقر يزيد بين اللاجئين السوريين في لبنان في انعكاس للمعاناة التي تتفاقم بين جميع السكان.
«أبي يعمل أحيانا في ورش العمار، في السابق كان يعمل أكثر... أما الآن فلا»، تخبر مريم «الشرق الأوسط». أما والدتها فتعمل في تنظيف البيوت «عندما لا تكون مريضة» كما تعبر. وتروي «أعمل لأساعد عائلتي ولأتمكن من الذهاب إلى المدرسة… هذا العام تسجلنا كلنا أنا وإخوتي».
في شهر أكتوبر (تشرين الأول) ركضت مريم مسرعة باتجاه سيارة خليل، وهو أحد سكان المنطقة الذي اعتاد الاطمئنان عليها وهي تلوح له بيديها من بعيد ليوقف السيارة: «عم خليل، لقد تسجلت في المدرسة!» زفت الخبر كأنها ربحت الجائزة الكبرى، يقول لـ«الشرق الأوسط».
ويضيف «أخبرتني يومها أنها اشترت الكتب وبقي كتابا الرياضيات والعلوم، قالتها باللغة الإنجليزية، وتفاجأت بلكنتها الصحيحة، وتفاجأت أكثر بمدى حبها للعلم والمدرسة، فتلك الطفلة تعمل لساعات طويلة وأحيانا لساعات متأخرة من الليل لتعيل عائلتها وتكمل تعليمها من دون أي تململ، ولا أعلم متى تجد الوقت لتأدية الفروض المدرسية».
والعام الماضي، وبسبب انتشار وباء «كورونا» والتعلم عن بعد، لم تتلق مريم وأخواها أي تعليم، فلا أجهزة خلوية أو شبكة إنترنت في المنزل، فنزلت الطفلة إلى الشارع لبيع المحارم في حين بقي أخوها وأختها الصغيران في المنزل. وينقل عن أهالي المنطقة قولهم إن والد الطفلة اضطر لإرسال ابنته إلى العمل بعدما ضاقت به السبل وخسر عمله كعامل في ورش البناء، خصوصا مع استفحال الأزمة الاقتصادية اللبنانية، ما وضعه في عجز مادي، أما الأم فتعاني من مرض في الكلى ولا تستطيع العمل دائما.
وتساعد المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، النازحين السوريين المسجلين لديها بأنواع مختلفة من المساعدة، بما في ذلك المساعدات النقدية، إلا أن عددا كبيرا منهم غير مسجل لديها، ويعتمد على مساعدات الجمعيات المعنية.
المدير القطري لجمعية «بسمة وزيتونة» إيليو غاريوس يؤكد في هذا الإطار، أن «الأزمة اللبنانية أثرت على اللاجئين السوريين، كما أثرت على المواطنين اللبنانيين»، موضحا أنها «أرخت أيضا بظلالها على سوق العمل لديهم، فخسر العديد من المعيلين أعمالهم، خصوصا أن المجتمع السوري الذي لجأ إلى لبنان أغلبه من غير المتعلمين، ويعملون في الأرض والزراعة أو العمار».
ويقول: «وضع اللاجئ السوري اليوم أسوأ من السابق، ورغم أن المساعدات الإنسانية ما زالت موجودة فإن حجمها لا يتجاوب مع الحاجة التي ارتفعت». ويضيف «هذا العام لم تستطع الجمعية تقديم المساعدة على أبواب الشتاء كما جرت العادة؛ لأن التمويل تقلص في أماكن كثيرة من بينها المساعدات التي كانت تقدم لطلاب المدارس. إذ أصبح من الصعب تأمين التمويل اللازم».
ويشير غاريوس إلى أن «التسرب المدرسي لدى اللاجئين السوريين ارتفع بشكل ملحوظ والضرر الأكبر وقع على التعليم، في ظل عدم القدرة على تأمين الكتب المدرسية والقرطاسية من جهة، والمواصلات من جهة أخرى». ويتابع: «الحصول على تمويل أصبح بالغ الصعوبة، ولذلك نحاول كجمعيات مع بعضنا البعض التقديم على جهات كبيرة لتأمين تمويل للتعليم لكننا نواجه صعوبات».
وفي موسم الشتاء الحالي، يأسف عاريوس لأن الجمعية لم تتمكن من تأمين تمويل للتدفئة، ويقول: «في السنوات السابقة كنا نحصل على تمويل للمساعدة في مناطق عكار والبقاع وغيرها من المناطق الأكثر حاجة والتي تحتضن مخيمات اللاجئين، لكننا هذا العام لم نحصل على التمويل وحتى الجمعيات الأخرى التي تمكنت من تأمين تمويل لهذا الموضوع لم تحصل على دعم بحجم أو بسهولة السنوات السابقة».
وبحسبه، فإن اللاجئين السوريين يعتمدون حاليا على ما تبقى لديهم من العام الماضي، ويشرح غاريوس أن «التمويلات تتركز حاليا على سبل العيش أو دعم وإنشاء الشركات الصغيرة، خصوصا بعد انفجار مرفأ بيروت في العام 2020، وهذا الدعم يذهب للبنانيين، أما في المجالات الأخرى التي لا تعتبر إغاثية والتي لها أثر على المدى الطويل، كالتعليم، هي التي نواجه صعوبة في تأمين تمويل لها».
وبات جميع اللاجئين السوريين تقريباً عاجزين عن توفير الحد الأدنى من الإنفاق اللازم لضمان البقاء على قيد الحياة، وهي مجموعة السلع والخدمات الأساسية التي تحتاجها الأسر شهرياً للبقاء على قيد الحياة، وبحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين يعيش تسع من أصل كل عشر عائلات سورية لاجئة اليوم في فقر مدقع.
ووفقا للمفوضية، في عام 2021 واصل غالبية اللاجئين الاعتماد على استراتيجيات مواجهة سلبية للبقاء على قيد الحياة، مثل التسول أو اقتراض المال أو التوقف عن إرسال أطفالهم إلى المدرسة أو تقليص النفقات الصحية أو عدم تسديد الإيجار.



إشهار تكتل واسع للقوى اليمنية لمواجهة الانقلاب الحوثي

جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)
جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)
TT

إشهار تكتل واسع للقوى اليمنية لمواجهة الانقلاب الحوثي

جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)
جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)

بهدف توحيد الصف اليمني ومساندة الشرعية في بسط نفوذها على التراب الوطني كله، أعلن 22 حزباً ومكوناً سياسياً يمنياً تشكيل تكتل سياسي جديد في البلاد، هدفه استعادة الدولة وتوحيد القوى ضد التمرد، وإنهاء الانقلاب، وحل القضية الجنوبية بوصفها قضيةً رئيسيةً، ووضع إطار خاص لها في الحل النهائي، والحفاظ على النظام الجمهوري في إطار دولة اتحادية.

إعلان التكتل واختيار نائب رئيس حزب «المؤتمر الشعبي» ورئيس مجلس الشورى أحمد عبيد بن دغر رئيساً له، كان حصيلة لقاءات عدة لمختلف الأحزاب والقوى السياسية - قبل مقاطعة المجلس الانتقالي الجنوبي - برعاية «المعهد الوطني الديمقراطي الأميركي»، حيث نصَّ الإعلان على قيام تكتل سياسي وطني طوعي للأحزاب والمكونات السياسية اليمنية، يسعى إلى تحقيق أهدافه الوطنية.

القوى السياسية الموقعة على التكتل اليمني الجديد الداعم للشرعية (إعلام محلي)

ووفق اللائحة التنظيمية للتكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية، ستكون للمجلس قيادة عليا تُسمى «المجلس الأعلى للتكتل» تتبعه الهيئة التنفيذية وسكرتارية المجلس، على أن يكون المقر الرئيسي له في مدينة عدن، العاصمة المؤقتة للبلاد، وتكون له فروع في بقية المحافظات.

وبحسب اللائحة التنظيمية للتكتل، فإن الأسس والمبادئ التي سيقوم عليها هي الدستور والقوانين النافذة والمرجعيات المتفق عليها وطنياً وإقليمياً ودولياً، والتعددية السياسية، والتداول السلمي للسلطة، والعدالة، والمواطنة المتساوية، والتوافق والشراكة، والشفافية، والتسامح.

ونصَّ الباب الثالث من اللائحة التنظيمية على أن «يسعى التكتل إلى الحفاظ على سيادة الجمهورية واستقلالها وسلامة أراضيها، والتوافق على رؤية مشتركة لعملية السلام، ودعم سلطات الدولة لتوحيد قرارها وبسط نفوذها على كافة التراب الوطني، وتعزيز علاقة اليمن بدول الجوار، ومحيطه العربي والمجتمع الدولي».

وكان المجلس الانتقالي الجنوبي، الشريك في السلطة الشرعية، شارك في اللقاء التأسيسي للتكتل الجديد، لكنه عاد وقاطعه. وأكد المتحدث الرسمي باسمه، سالم ثابت العولقي، أن المجلس الانتقالي الجنوبي يتابع نشاط التكتل الذي تعمل عليه مجموعة من الأطراف لإعلانه، ويؤكد عدم مشاركته في هذا التكتل أو الأنشطة الخاصة به، وأنه سيوضح لاحقاً موقفه من مخرجات هذا التكتل.

ومن المقرر أن يحل التكتل الجديد محل «تحالف الأحزاب الداعمة للشرعية»، الذي تأسس منذ سنوات عدة؛ بهدف دعم الحكومة الشرعية في المعركة مع جماعة الحوثي الانقلابية.

ويختلف التكتل الجديد عن سابقه في عدد القوى والأطراف المكونة له، حيث انضم إليه «المكتب السياسي للمقاومة الوطنية» بقيادة العميد طارق صالح عضو مجلس القيادة الرئاسي، و«مؤتمر حضرموت الجامع»، وغيرهما من القوى التي لم تكن في إطار التحالف السابق.

ووقَّع على الإعلان كل من حزب «المؤتمر الشعبي العام»، وحزب «التجمع اليمني للإصلاح»، و«الحزب الاشتراكي اليمني»، و«التنظيم الناصري»، و«المكتب السياسي للمقاومة الوطنية»، و«الحراك الجنوبي السلمي»، وحزب «الرشاد اليمني»، وحزب «العدالة والبناء».

كما وقَّع عليه «الائتلاف الوطني الجنوبي»، و«حركة النهضة للتغيير السلمي»، وحزب «التضامن الوطني»، و«الحراك الثوري الجنوبي»، وحزب «التجمع الوحدوي»، و«اتحاد القوى الشعبية»، و«مؤتمر حضرموت الجامع»، وحزب «السلم والتنمية»، وحزب «البعث الاشتراكي»، وحزب «البعث القومي»، وحزب «الشعب الديمقراطي»، و«مجلس شبوة الوطني»، و«الحزب الجمهوري»، وحزب «جبهة التحرير».

وذكرت مصادر قيادية في التكتل اليمني الجديد أن قيادته ستكون بالتناوب بين ممثلي القوى السياسية المُشكِّلة للتكتل، كما ستُشكَّل هيئة تنفيذية من مختلف هذه القوى إلى جانب سكرتارية عامة؛ لمتابعة النشاط اليومي في المقر الرئيسي وفي بقية فروعه في المحافظات، على أن يتم تلافي القصور الذي صاحب عمل «تحالف الأحزاب الداعمة للشرعية»، الذي تحوَّل إلى إطار لا يؤثر في أي قرار، ويكتفي بإعلان مواقف في المناسبات فقط.

بن دغر مُطالَب بتقديم نموذج مختلف بعد إخفاق التحالفات اليمنية السابقة (إعلام حكومي)

ووفق مراقبين، فإن نجاح التكتل الجديد سيكون مرهوناً بقدرته على تجاوز مرحلة البيانات وإعلان المواقف، والعمل الفعلي على توحيد مواقف القوى السياسية اليمنية والانفتاح على المعارضين له، وتعزيز سلطة الحكومة الشرعية، ومكافحة الفساد، وتصحيح التقاسم الحزبي للمواقع والوظائف على حساب الكفاءات، والتوصل إلى رؤية موحدة بشأن عملية السلام مع الجماعة الحوثية.