تعزيزات بشرية حوثية إلى شبوة ومأرب

TT

تعزيزات بشرية حوثية إلى شبوة ومأرب

كشفت مصادر يمنية مطلعة أن الميليشيات الحوثية دفعت على مدى الأيام القليلة الماضية بتعزيزات بشرية كبيرة من أربع محافظات هي العاصمة المختطفة صنعاء وريفها وعمران وذمار نحو جبهات القتال في شبوة ومأرب، خصوصا بعد تلقيها ضربات قاسية جنوب مأرب من قبل طيران التحالف، إلى جانب التقدمات المتسارعة التي تحرزها قوات «العمالقة» في شمال شبوة.
وأكدت المصادر بسياق حديثها مع «الشرق الأوسط»، أن الجماعة عززت جبهاتها بأعداد كبيرة من المقاتلين وعشرات العربات والمدرعات وغيرها على شكل دفع متفرقة، كان آخرها وصل خلال الساعات الماضية إلى مديريتي عين وبيحان بعد خسارتها عسيلان في شبوة.
وسبق للميليشيات، وفق نفس المصادر، أن دفعت خلال الأسابيع القليلة الماضية بتعزيزات بشرية من مناطق عدة تحت سيطرتها، ونقلتهم نحو جبهات مأرب التي تشهد تصعيداً حوثياً ومعارك عنيفة، تكبدت على أثرها الجماعة خسائر بشرية ضخمة.
وفي العاصمة صنعاء وريفها، كشفت مصادر تربوية لـ«الشرق الأوسط»، عن اختطاف الجماعة أعدادا من الطلبة وصغار السن من مديريات معين وبني الحارث والسبعين ومن مدارس حكومية أخرى بمديريات صعفان ومناخة وسنحان وبني بهلول في ريف صنعاء.
وفي حين أكدت المصادر أن الميليشيات أخضعت المختطفين من مدارسهم لدورات تعبوية وتدريبات عسكرية سريعة ومكثفة ثم ألحقتهم بشكل إجباري كتعزيزات إلى جبهاتها القتالية، وتحدث شهود عيان بريف صنعاء عن ملاحظتهم نقل مشرفين حوثيين قبل أيام طلابا من مختلف الأعمار من مدارسهم ظهرا على متن عربات ذات دفع رباعي إلى جهات وأماكن غير معروفة.
ورجحت المصادر أن الميليشيات ستقوم بوضع الطلبة المجندين بعد الزج بهم قسرا إلى جبهتي شبوة ومأرب وغيرهما في الصفوف الأمامية وكدروع بشرية.
ويأتي تجنيد الميليشيات لصغار السن بالتزامن مع اتهامات محلية ودولية للجماعة بأنها تواصل تجنيد آلاف الأطفال بصورة قسرية للقتال بصفوفها تعويضا لخسائرها الكبيرة التي تتلقاها بمختلف الجبهات.
وإضافة إلى من تم تجنيدهم من طلبة المدارس في العاصمة وريفها، فقد زجت الجماعة على مدى أيام قليلة فائتة، وفق تلك المصادر، بالعشرات من المواطنين ومن أبناء القبائل إلى ميادينها من قرى ومناطق عدة بمحافظتي عمران وذمار.
وفي السياق نفسه، ذكرت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن الميليشيات دفعت بتلك التعزيزات البشرية التي وصفتها بـ«الكبيرة» إلى جبهات شبوة ومأرب، من مركز محافظة ذمار ومن مديريات ميفعة عنس ووصابين، بالتوازي مع الزج بأعداد أخرى من المقاتلين الجدد والمغرر بهم من قرى في مديريات حرف سفيان وحبور ظليمة والمدان في محافظة عمران.
وأوضحت المصادر أن معظم المقاتلين الذين زجت بهم الجماعة مؤخراً إلى جبهاتها هم من الأطفال وأن أغلبهم لم يتجاوز 16 سنة.
وبحسب ما ذكرته المصادر، فإن قيادات الجماعة في العاصمة صنعاء وريفها ومحافظات عمران وذمار وإب وحجة والمحويت وريمة كانت قد دقت منذ أيام وأسابيع ماضية ناقوس الخطر عقب سقوط مناطق كانت تحت سيطرتهم بأيدي القوات الحكومية.
وتقول المصادر، إن قادة الميليشيات بتلك المديريات والمحافظات عقدت اللقاءات الموسعة مع مسؤولين محليين ووجاهات قبلية موالية لها أغلبها تمت بطرق سرية وغير معلنة بغية الاستمرار بعملية التعبئة والتحشيد واستقطاب مجندين جدد من المدنيين للزج بهم للقتال.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.