بنيت تراجع عن قرار نتنياهو إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين

يعيق تنفيذ صفقة تبادل بين إسرائيل و«حماس»

TT

بنيت تراجع عن قرار نتنياهو إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين

كشف اللواء احتياط، موشيه طال، أمس الأحد، أن رئيس الوزراء السابق، بنيامين نتنياهو، وافق على صيغة لإبرام صفقة تبادل أسرى مع «حماس» مرتين وتراجع. ولكن رئيس الوزراء الحالي، نفتالي بنيت، فحص الملف وعندما رأى أن الصفقة تتضمن إطلاق سراح مئات الأسرى الفلسطينيين، رفض التقدم في الموضوع. وهذا ما يعيق الصفقة.
وكان طال قد استقال من منصبه، ويفترض أن يغادر منصبه خلال الأسابيع القليلة القادمة. وقال في مقابلة إذاعية صباح أمس الأحد، إن استقالته جاءت بناء على شعوره بأنه لا توجد رغبة إسرائيلية كبيرة وكافية لإعادة الأسرى الإسرائيليين الموجودين لدى «حماس»، خصوصا من القيادة السياسية، التي عليها أن تقرر ماذا يريد وبأي ثمن.
يقول طال: «إدراكي أنه لا يوجد شيء في الوقت الحالي بعد الجولة الأخيرة من المحادثات التي أجريناها، وكانت في ظل الحكومة الحالية. لا توجد حالياً إرادة وحافز كافيان لدى صانع القرار الإسرائيلي، للذهاب على هذا الطريق كما كان في عهد صفقة شاليط، حيث كانت هناك ضغوط كبيرة، والآن الوضع لصالح (حماس) والضغط يمارس علينا».
وأشار طال إلى وجود عدد من الفرص لعودة الجنديين والمواطنين الإسرائيليين، حتى بعمليات عسكرية ضد قطاع غزة، للضغط على «حماس». وأشار إلى أن استبدال الإدارة الأميركية خفف الضغوط، وأن المصريين يدفعون باتجاه صفقة، باعتبارهم أهم لاعب وسيط في قضية الأسرى، ويمكنهم تحفيز أي مخطط حتى لو كان شفويا للتوصل إلى اتفاق.
وعندما سئل عن رئيس الوزراء بنيت، وإن كان قد غير من توجه سابقه في الملف، أجاب طال «إذا كان قائدا فعليه أن يتخذ قرارات». مشيرا إلى أمر آخر، وهو أن هناك التزامات للحكومات السابقة، بالموافقة على إطلاق سراح أسرى فلسطينيين كثيرين. وهناك أرقام ظهرت على الطاولة خلال المفاوضات، تقدر بالمئات من الأسرى الفلسطينيين الذين تعتبر إسرائيل أن أيديهم ملطخة بالدماء لقتلهم إسرائيليين. «لقد مرت سنوات منذ حرب 2014 التي تم خلالها أسر الجنديين الإسرائيليين هدار غولدين وأورون شاؤول. فماذا نقول وكيف نفسر عدم التقدم في صفقة؟».
في تعقيب على كلام طال، صرحت لئيا غولدين، والدة أحد الجنديين الأسيرين في قطاع غزة، بأن «إسرائيل تخلت عن قيمها الأساسية. بل داست هذه القيم عندما امتنعت عن عمل ما يجب عمله لإعادة الجنديين الذين أرسلتهم ليحاربوا من أجلها». ورفضت منطق الحكومة، التي تدعي أنها تمتنع عن الصفقة لأنها ترفض دفع الثمن الذي تطلبه «حماس»، وقالت: «الجميع يتذرع بثمن صفقة جلعاد شاليط بأنه باهظ، ولكنهم بذلك يريدون أن يدفع أبناؤنا الثمن». وقالت إن وزير الدفاع، بيني غانتس، ورئيس الأركان، أفيف كوخافي، قالا خلال اللقاءات معهم بكل صراحة، إنه لا توجد خطط لإعادتهما. وطالبت بعودة الجنديين، وقالت نحن في وضع أنه لا أحد يسأل عنهما، «إنها خيانة لنا وللجنديين وللقيم».
يذكر أن طال كان قد كشف قبل أسبوع، أن حكومة نتنياهو، رفضت إبرام صفقة تبادل أسرى مع «حماس» تم وضع بنودها في عام 2018. وحسب الناطق الأسبق بلسان الجيش، رونين منليس، فإن «جميع رؤساء الجيش والموساد والشاباك كانوا على قناعة في تلك السنة، بأن هناك فرصة حقيقة لإجراء صفقة تبادل للأسرى مع (حماس)، وتم التوصل إلى اتفاق بشأن عدد من الأسرى الفلسطينيين الذين يمكن الإفراج عنهم بالصفقة، لا بل كانت هناك ورقة مكتوبة بالأسماء، لكن الحكومة برئاسة بنيامين نتنياهو، تراجعت ولم تنجح الصفقة».
المعروف أن «حماس» تحتجز الجنديين، هدار غولدين وأورون شاؤول، منذ حرب سنة 2014، وتدعي إسرائيل أنهما ميتان. كما تحتجز «حماس» مواطنين إسرائيليين، أفرا منغيستو (وهو من أصل إثيوبي) وهشام السيد (عربي من بدو النقب)، اللذين دخلا قد إلى قطاع غزة طواعية. وقد رفضت إسرائيل في البداية إطلاق سراح مئات الأسرى لقاء إطلاق الأربعة، لكنها تراجعت ووافقت على عدد من مطالب «حماس» ثم تراجعت من جديد. وقد احتجت عائلتا غولدن وشاؤول على تردد الحكومة وتلعثمها في قضية ابنيهما.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».