واشنطن: مستعدون للرد على معرقلي تطلعات الشعب السوداني

TT

واشنطن: مستعدون للرد على معرقلي تطلعات الشعب السوداني

حذرت الولايات المتحدة من أي محاولات لعرقلة مسار الفترة الانتقالية في السودان الرامية إلى التحوّل الديمقراطي وإقامة حكومة مدنية. وأعلن وزير الخارجية أنتوني بلكين، في بيان، أن واشنطن «مستعدة للرد على أولئك الذين يسعون إلى إعاقة تطلعات الشعب السوداني إلى حكومة ديمقراطية بقيادة مدنية، والذين يقفون في طريق المساءلة والعدالة والسلام».
وأضاف بلكين في بيانه، الذي جاء في مناسبة احتفال السودان بالذكرى 66 لاستقلاله عن بريطانيا: «موقفنا واضح... الولايات المتحدة ستستمر في الوقوف إلى جانب شعب السودان ونضاله السلمي من أجل الديمقراطية. كنا نأمل أن يوفر عام 2021 فرصة للشراكة مع سودان ديمقراطي، لكن استيلاء الجيش على السلطة في أكتوبر (تشرين الأول) والعنف ضد المتظاهرين السلميين ألقيا بظلال من الشك على هذا المستقبل، ولا نريد العودة إلى الماضي». وتابع وزير الخارجية الأميركي قائلاً: «بالنيابة عن الولايات المتحدة الأميركية... نحن معجبون بشجاعة أولئك السودانيين الذين نزلوا مراراً وتكراراً إلى الشوارع للمطالبة بأن تُسمع أصواتهم وأن يحقق قادتهم مستقبلاً آمناً ومزدهراً. كما نعترف بالتضحية التي قدمها أولئك الذين فقدوا أرواحهم في البحث عن الحرية، ولا بد أن يكون هناك طريق للمضي قدماً».
ويطالب بلكين قوات الأمن السودانية بالتوقف الفوري عن استخدام القوة المميتة ضد المتظاهرين واتخاذ إجراءات لمحاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان. كما طالب قادة السودان بإحراز تقدم سريع في تشكيل «حكومة ذات مصداقية»، وإنشاء مجلس تشريعي، وتشكيل هيئات قضائية وانتخابية، و«نقل رئاسة مجلس السيادة» للمدنيين. وأضاف في ختام بيانه: «إنني أتطلع إلى مواصلة العمل مع السودان في انتقال ديمقراطي حقيقي يحركه الناس، وأرسل أطيب التمنيات بعام ينعم بالسلام والازدهار في المستقبل».
يشار إلى أن الوثيقة الدستورية لعام 2019 التي أسست للشراكة بين المدنيين والعسكريين خلال الفترة الانتقالية، تنص على أن يتولى العسكريون رئاسة مجلس السيادة خلال النصف الأول من فترة الحكم الانتقالي، ثم تنتقل الرئاسة إلى أحد الأعضاء المدنيين في المجلس، وهو ما كان مقرراً أن يحدث في 17 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. غير أن الجيش استبق ذلك التاريخ بإعلان حالة الطوارئ قبل هذا الموعد بـ3 أسابيع، في 25 أكتوبر، وحلّ بموجبها مجلسي السيادة والوزراء، واعتقل عدداً من السياسيين والوزراء، بمن فيهم رئيس الحكومة عبد الله حمدوك، ثم شكّل منفرداً مجلس سيادة جديداً، واستمر قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان رئيساً للمجلس الجديد.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.