دوريس لي تتلقى تقديراً متأخراً... إنما كبيراً

معرض فني لأعمالها يجوب الولايات المتحدة حتى عام 2023

الفنانة دوريس لي ووراءها لوحة رسمتها لجودي ماركوس (المتحف الوطني للمرأة في الفن)
الفنانة دوريس لي ووراءها لوحة رسمتها لجودي ماركوس (المتحف الوطني للمرأة في الفن)
TT

دوريس لي تتلقى تقديراً متأخراً... إنما كبيراً

الفنانة دوريس لي ووراءها لوحة رسمتها لجودي ماركوس (المتحف الوطني للمرأة في الفن)
الفنانة دوريس لي ووراءها لوحة رسمتها لجودي ماركوس (المتحف الوطني للمرأة في الفن)

نقلت الفنانة دوريس لي إلى مدرسة داخلية في مراهقتها عام 1920، «للتهيؤ للحياة الجامعية»، وقصت شعرها تمرداً على محيطها «الأقل مغامرة وإبداعا»، حيث لم يكن باستطاعتها ممارسة هواية الرسم. لكن تمردها قوبل بوعظ من المدرسة بأن «الفتيات اللطيفات يجب أن يكون لديهن شعر طويل».
واستناداً للعديد من الصور المتبقية من لي (1905 - 1983)، لم تقص شعرها مرة أخرى، لكنها واصلت شق طريقها على مدى العقود الأربعة المقبلة.
تعلمت «لي»، وهي الرسامة التصويرية البارعة خلال حقبة الكساد، والفنانة التجارية الناجحة خلال الأربعينات والخمسينات من القرن الماضي، في سن مبكرة، ومن أجل البقاء في اللعبة، كان عليها على الأقل التظاهر باللعب وفقاً للقواعد. فقد كانت تستدعي مناظر مزرعتها وتجمعاتها العائلية فيما يطلق عليه «العاطفة الروكويلية» أو «بركة الجدة موسيز»، لكن تحت غطائها الأميركي كان هناك حس نسوي متأجج.
تلعب النساء الجريئات والواثقات دور البطولة في غالبية أعمالها، ولا يقتصر الأمر على الأنشطة الأنثوية النمطية حيث نراهن يتبارين بالخيول ويطلقن السهام ويستمتعن، حتى أن فلاديمير نابوكوف امتدح إحدى لوحاتها التي تحمل اسم «لوليتا» على اعتبار أن صاحبته تعاملت مع العمل من منظور لم نره في أي مكان آخر في ذلك الوقت.
تعرض لوحات لي في صالات العرض الكبرى. وتباع أعمالها للمتاحف الكبرى، ناهيك عن ثلاث جداريات أبدعت بها لصالح «مشروع الفن الفيدرالي». أرسلتها مجلة «لايف» إلى جميع أنحاء العالم، مراسلة فنية، وأنتجت أعمالاً فنية حازت جوائز لحملات إعلانية كبيرة. ولكن شأن العديد من الرسامين التصويريين في ذلك العصر، خاصةً النساء، اتسمت أعمالها بغموض نسبي عندما استحوذت المدرسة التعبيرية التجريدية على اتجاه القرن العشرين. وفي هذا السياق، قال تاجر الأعمال الفنية ديدي ويغمور، الذي تعامل مع إنتاج دوريس لي منذ عام 1991، إن هؤلاء الفنانين الذين عملوا في الثلاثينات والأربعينات من القرن الماضي كانوا ببساطة «مهمشين بسبب الموضة».
في محاولة لإعادة تقديم أعمال لي إلى الجمهور، من المقرر أن يجوب معرض فني جديد عنوانه «استمتع ببساطة: فن دوريس لي»، الولايات المتحدة حتى عام 2023، وذلك من خلال 70 نموذجا من أعمالها الفنية الرائعة والتجارية؛ وسيقدم عرض مصاحب بعنوان «عرض دي ميغور للفنون الجميلة في مانهاتن» نحو 40 عملاً فنياً آخر، يستمر حتى 28 يناير (كانون الثاني).
في السياق ذاته، قالت ميليسا وولف المسؤولة في متحف سانت لويس للفنون، التي نظمت المعرض التمهيدي الحالي بالتعاون مع باربرا جونز من متحف «ويستمورلاند للفن الأميركي» في غرينسبيرغ بولاية بنسلفانيا، «إنها تستمتع بهذا الترابط المثير بين الفن الشعبي والمشهد الأميركي والحداثة» المقرر أن يستمر حتى 9 يناير (كانون الثاني). وأضافت، «في الأساس، كان ينظر إلى لي على أنها ليست جادة. فأعمالها مجازية، ويمكن الوصول إليها، ويمكن أن تكون زخرفية. وكان ينظر إلى هذه الأشياء على أنها نسوية ولا تؤخذ على محمل الجد. أعلم أن مدرسة نيويورك لم تكن متجانسة، ولكن العمل كان ينظر إليه على أنه عمل ذكوري نشط، وكبير، وعدواني، ومضطرب، ومليء بالشكوك. وهذا ما أخذ على محمل الجد».
ولدت دوريس إمريك في مدينة «أليدو» بولاية «إلينوي» لأب يعمل مصرفيا وأم معلمة. ونشأت كـ«الفتاة المسترجلة» في مزارع أجدادها. وتخطت دروس العزف على البيانو لتعشق الرسم مستوحية أفكارها من شرفة جارها. تخرجت بدرجة بكالوريوس، وحصلت على درجة الدكتوراه في الفلسفة عام 1927. تزوجت من راسل لي، الذي أصبح مصوراً مشهوراً.
كان مهرجان «وودستوك» الفني مكاناً راقياً ومناسبا لها، قبل أن تنضم إلى «مجلس الفنانين الأميركيين» الذي هدف إلى مكافحة صعود الفاشية في أوروبا، حين عبرت عن آرائها بشأن اللامساواة. ففي حديث في عام 1951، بعنوان «النساء فنانات»، أشارت لي إلى ما وصفته بـ«الغباء» المتمثل في تعليم الفتيات كيفية العثور على أزواج. وقالت في كلمة للجمهور، «لا يمكننا تحمل إهمال أو تثبيط أي موهبة بسبب الحواجز المصطنعة، من العرق أو الطبقة أو الجنس».
لم يكن عملها سياسيا بشكل صريح، لكن بعض رسائلها تسللت من خلال بعض الأعمال، وغالبا ما نشرت بعض انتقاداتها الصريحة بحس اتسم بالدعابة والمرح الإنساني.
لم يكن عمل لي مناسباً للجميع. لكنها ذكرت أنها تلقت «الكثير من رسائل المعجبين من أشخاص في السجون والمصحات». وقد فاز عملها بعنوان «عيد الشكر» – جسد مشهد مطبخ مزدحم لنساء من مختلف الأجيال– بجائزة «لوغان بورتيشس» المرموقة البالغ قيمتها آنذاك 500 دولار أميركي في «معهد شيكاغو للفنون» في عام 1935. في الحقيقة كان تركيز لي على عمل المرأة أكثر صدقاً في الحياة الواقعية من رسوم العصر النموذجية لطاولة عيد الشكر الشاعرية.
وقد وصفت المتبرعة بالجائزة، جوزفين هانكوك لوغان، عمل لي علناً بأنه «شيء فظيع». من ثم أسست «حركة العقل في الفن» لتطهير الفن الأميركي من «المغريات الحداثية» للسريالية، واستجاب معهد شيكاغو للفنون بشراء العمل. في غضون ذلك، قالت لي لصحيفة «واشنطن بوست»، إن «رسم صور جميلة لم يكن هدفي» وأنه إذا بدت بعض الوجوه «كرسوم كاريكاتورية»، حسبما أوحت مجلة «تايم» وغيرها، «فإن هذا يعكس حقيقة بعض الناس الكاريكاتيرية».
ساعدت الميزة النسبية التي تمتعت بها لي، على بقائها فنانة خلال فترة الكساد، كما كان الحال بالنسبة لجيرترود فاندربيلت ويتني. وحسب المؤرخ الثقافي جون فاغ، الذي ساهم في إنتاج كتالوغ «مباهج خاصةً»، فقد أسست الوريثة المنشقة نادي «ويتني ستوديو كلوب» حيث يمكن لفنانين مثل لي عرض أعمالهم أو بيعها. وسرعان ما لفتت أعمال لي انتباه مديري ومحرري الفنون أيضاً، لتبدو أكثر بريقاً مع وجود مساحات كبيرة من الألوان، مما سهل من عملية إعادة إنتاج نسخ منها. (كانت لديها أيضاً نظرة على تفاصيل التصميم-الأثاث، والهندسة المعمارية، والحياة النباتية، والتكنولوجيا، والمجوهرات، وهو ما جعل أعملها أكثر وضوحا وقابلية للفهم).
في عام 1941 انضمت لي إلى اتحاد الفنانين الأميركيين، لتعرض لوحاتها في المعرض الصاخب لرائد الأعمال ريفز لوينثال، الذي كان يهدف إلى الربح من خلال جلب الفنون الجميلة إلى الجماهير.
ومع تفجر النزعة الاستهلاكية وعصر الإعلان، أعاد لوينثال إنتاج أعمالها، وحصل لها على وظائف في شركات مثل «أميركان توباكو»، و«جنرال ميلز»، كما صممت لي الأقمشة والسيراميك وكتب الرسوم التوضيحية، بما في ذلك كتاب الأغاني «روجرز وهارت». وقالت باربرا جونز، «لقد كانت عنيدة للغاية. لقد سعت وراء كل شيء. كانت غالباً المرأة الوحيدة التي تعمل مع هذه المجموعات من الرجال، وكان بإمكانها حقا الاحتفاظ بتفردها».
في عام 1968 أصيبت لي بمرض الزهايمر، وتوفيت عام 1983، في مدينة «كليرووتر» بولاية فلوريدا. لم يكن لديها أطفال وقد اشتكت عام 1951، من أن امرأة ما قالت لها، «إن أجمل شيء يمكن للمرأة أن تصنعه هو عائلتها ومنزلها ولن تعرف هذا الشعور أبدا»، وكان رد لي: «ولن تعرفي أبداً الشعور بأنك فنانة».
*خدمة {نيويورك تايمز}



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».