قوات الأمن السودانية تفرق المحتجين في الخرطوم... ومقتل متظاهرين اثنين

متظاهرون يحملون أحد المصابين
متظاهرون يحملون أحد المصابين
TT

قوات الأمن السودانية تفرق المحتجين في الخرطوم... ومقتل متظاهرين اثنين

متظاهرون يحملون أحد المصابين
متظاهرون يحملون أحد المصابين

سار آلاف السودانيين، الأحد، باتجاه القصر الرئاسي في الخرطوم، متحدين الغاز المسيل للدموع الذي أطلقته قوات الأمن السودانية، وسط انقطاع كامل جديد للاتصالات وانتشار كثيف للجنود المسلحين.
وقتل متظاهران مناهضان للحكم العسكري، الأحد، فيما كانا يشاركان بمظاهرات في أم درمان؛ الضاحية الشمالية الغربية للخرطوم، بحسب ما أفادت به «لجنة الأطباء المركزية» المناهضة للانقلاب، لافتة إلى أن أحدهما قضى برصاصة في صدره.
ومنذ انقلاب الفريق أول عبد الفتاح البرهان في 25 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قتل 56 متظاهراً وأصيب المئات.
وأفادت «لجنة الأطباء» بأن القتيل الثاني، الأحد، تعرض لضربة شديدة على الرأس تسببت في تحطيم جمجمته، علماً بأن قوات الأمن تعمد دائماً إلى ضرب المتظاهرين بواسطة عصي.
وكانت السلطات السودانية أغلقت في وقت سابق الأحد الجسور التي تربط الخرطوم وأحياء أم درمان و«بحري» ونشرت عربات مسلحة لقوات الأمن وقطعت الاتصالات والإنترنت تحسباً للمظاهرات؛ وفق مراسل وكالة الصحافة الفرنسية.
ولبى مئات المحتجين الدعوة للمشاركة في مسيرة باتجاه القصر الرئاسي في وسط العاصمة وهم يحملون أعلام السودان ولافتات كتب عليها: «العسكر إلى الثكنات» ويهتفون: «الردة مستحيلة» و«السلطة سلطة شعب» عندما أطلق عناصر الأمن الغاز المسيل للدموع.

شهدت العاصمة الخميس تصعيداً في وتيرة الاحتجاجات من جهة وعنف قوات الأمن للرد من جهة أخرى، ما أسفر عن سقوط 6 قتلى من المتظاهرين، بحسب «لجنة أطباء السودان المركزية» المناهضة للانقلاب.
واتهمت «اللجنة» قوات الأمن بقطع الطريق على سيارات الإسعاف وإخراج جريح واحد بالقوة من إحداها، فيما أظهر العديد من مقاطع الفيديو التي نُشرت الجمعة رجالاً بالزي العسكري يضربون متظاهرين بالعصي.
كذلك تعرضت بعض وسائل الإعلام وعاملون فيها لاعتداء من سلطات الأمن السودانية، مثل قناتي «العربية» و«الشرق».
وسار آلاف المتظاهرين من جديد، الأحد، عادّين أن على الجيش «العودة إلى الثكنات» وأن «القوة للشعب»، فيما اخترق شبان على متن دراجات نارية الحشد وهم ينقلون الجرحى، في ظل منع قوات الأمن سيارات الإسعاف من التحرك.
وعلى مقربة من القصر الرئاسي، حيث مقر الحكومة الانتقالية، تقدم الحشد وتراجع رغم الانتشار الأمني، وفق ما أشار إليه مراسل وكالة الصحافة الفرنسية.
ودعا «تجمع المهنيين السودانيين»؛ الكيان المهني الذي لعب دوراً محورياً في الانتفاضة التي أسقطت عمر البشير في أبريل (نيسان) 2019، في بيان السبت إلى جعل 2022 «عاماً للمقاومة المستمرة».
ودعا «جماهير الشعب السوداني وجموع المهنيين السودانيين والعاملين بأجر في كل مدن وقرى السودان» إلى «الخروج والمشاركة الفعالة في المواكب المليونية يوم 2 يناير (كانون الثاني) 2022... فلنجعل منه عاماً للمقاومة المستمرة».
وكان قائد الجيش عبد الفتاح البرهان عزل رئيس الوزراء وأعضاء حكومته واعتقلهم في 25 أكتوبر الماضي، لكنه أعاده إلى منصبه من دون حكومته إثر ضغوط دولية ومحلية في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
ووقع الرجلان لاحقاً اتفاقاً لإعادة الانتقال الديمقراطي إلى مساره وطمأنة المجتمع الدولي الذي خفف من مساعداته بعد الانقلاب، ولم يكن الاتفاق مرضياً لجميع الأطراف في السودان، لذلك تواصلت الاحتجاجات في الشوارع.

ومع استمرار تصاعد أعمال العنف، قدم وزير الصحة بالإنابة استقالته، بينما قال عضو مدني في مجلس السيادة إنه يريد أن يحذو حذوه.
في هذا البلد الذي لطالما خضع للسلطة العسكرية منذ نيله الاستقلال قبل 65 عاماً، أعلن المتظاهرون أنه «لا شراكة ولا تفاوض» مع الجيش.
من جهته، قال العميد الطاهر أبو هاجة، مستشار البرهان، لوكالة الأنباء الرسمية، الجمعة، إن «استمرار التظاهرات بطريقتها الحالية ما هو إلا استنزاف مادي ونفسي وذهني للبلاد وإهدار للطاقات والوقت». وأضاف أن «التظاهرات لن توصل البلاد إلى حل سياسي».
وعلاوة على وقوع قتلى وقطع خدمتي الهاتف والإنترنت، جرى اتهام قوات الأمن كذلك باللجوء إلى أداة جديدة للقمع في ديسمبر الماضي، مع اغتصاب ما لا يقل عن 13 متظاهرة؛ بحسب الأمم المتحدة.
كما تعلن «لجان المقاومة»، وهي مجموعات صغيرة تنظم المظاهرات، كل يوم وفي كل حي، عن اعتقالات جديدة في صفوفها.
وأعرب الأوروبيون بالفعل عن غضبهم، وكذلك الأمم المتحدة، ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن.
ويطالب الجميع على الدوام بالعودة إلى الحوار شرطاً مسبقاً لاستئناف المساعدات الدولية بعد الانقلاب في هذا البلد؛ وهو أحد أفقر دول العالم.
وقال بلينكن، السبت، إن الولايات المتحدة «مستعدة للرد على كل أولئك الذين يريدون إيقاف السودانيين عن سعيهم لإقامة حكومة مدنية وديمقراطية».



«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
TT

«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)

حذّرت منظمة الصحة العالمية، اليوم الخميس، من أنّ قطاع غزة، ولا سيّما شطره الشمالي، يعاني نقصاً حادّاً في الأدوية والأغذية والوقود والمأوى، مطالبة إسرائيل بالسماح بدخول مزيد من المساعدات إليه، وتسهيل العمليات الإنسانية فيه.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، وصفت المنظمة الأممية الوضع على الأرض بأنه «كارثي».

وقال المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس إنه عندما اندلعت الحرب في غزة، قبل أكثر من عام في أعقاب الهجوم غير المسبوق الذي شنّته حركة «حماس» على جنوب إسرائيل، في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لجأ تقريباً جميع الذين نزحوا بسبب النزاع إلى مبان عامة أو أقاموا لدى أقارب لهم.

وأضاف، في مؤتمر صحافي بمقرّ المنظمة في جنيف: «الآن، يعيش 90 في المائة منهم في خيم».

وأوضح أن «هذا الأمر يجعلهم عرضة لأمراض الجهاز التنفّسي وغيرها، في حين يتوقّع أن يؤدّي الطقس البارد والأمطار والفيضانات إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية».

وحذّر تيدروس من أن الوضع مروِّع بشكل خاص في شمال غزة، حيث بدأ الجيش الإسرائيلي عملية واسعة، مطلع أكتوبر الماضي.

وكان تقريرٌ أُعِدّ بدعم من الأمم المتّحدة قد حذّر، في وقت سابق من هذا الشهر، من أن شبح المجاعة يخيّم على شمال قطاع غزة؛ حيث اشتدّ القصف والمعارك، وتوقّف وصول المساعدات الغذائية بصورة تامة تقريباً.

وقام فريق من منظمة الصحة العالمية وشركائها، هذا الأسبوع، بزيارة إلى شمال قطاع غزة استمرّت ثلاثة أيام، وجالَ خلالها على أكثر من 12 مرفقاً صحياً.

وقال تيدروس إن الفريق رأى «عدداً كبيراً من مرضى الصدمات، وعدداً متزايداً من المصابين بأمراض مزمنة الذين يحتاجون إلى العلاج». وأضاف: «هناك نقص حادّ في الأدوية الأساسية».

ولفت المدير العام إلى أن منظمته «تفعل كلّ ما في وسعها - كلّ ما تسمح لنا إسرائيل بفعله - لتقديم الخدمات الصحية والإمدادات».

من جهته، قال ريك بيبركورن، ممثّل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية، للصحافيين، إنّه من أصل 22 مهمّة إلى شمال قطاع غزة، قدّمت طلبات بشأنها، في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، جرى تسهيل تسع مهام فقط.

وأضاف أنّه من المقرّر أن تُجرى، السبت، مهمّة إلى المستشفيين الوحيدين، اللذين ما زالا يعملان «بالحد الأدنى» في شمال قطاع غزة؛ وهما مستشفى كمال عدوان ومستشفى العودة، معرباً عن أمله في ألا تحدث عرقلة لهذه المهمة.

وقال بيبركورن إنّ هذين المستشفيين «بحاجة إلى كل شيء»، ويعانيان بالخصوص نقصاً شديداً في الوقود، محذراً من أنّه «دون وقود لا توجد عمليات إنسانية على الإطلاق».

وفي الجانب الإيجابي، قال بيبركورن إنّ منظمة الصحة العالمية سهّلت، هذا الأسبوع، إخلاء 17 مريضاً من قطاع غزة إلى الأردن، يُفترض أن يتوجه 12 منهم إلى الولايات المتحدة لتلقّي العلاج.

وأوضح أن هؤلاء المرضى هم من بين نحو 300 مريض تمكنوا من مغادرة القطاع منذ أن أغلقت إسرائيل معبر رفح الحدودي الرئيسي في مطلع مايو (أيار) الماضي.

لكنّ نحو 12 ألف مريض ما زالوا ينتظرون، في القطاع، إجلاءهم لأسباب طبية، وفقاً لبيبركورن الذي طالب بتوفير ممرات آمنة لإخراج المرضى من القطاع.

وقال: «إذا استمررنا على هذا المنوال، فسوف نكون مشغولين، طوال السنوات العشر المقبلة».