حرب حوثية جديدة لحصر استيراد السلع على الموالين للجماعة

صبي يرش الماء على الخضروات في مطعم بأحد شوارع صنعاء الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
صبي يرش الماء على الخضروات في مطعم بأحد شوارع صنعاء الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
TT

حرب حوثية جديدة لحصر استيراد السلع على الموالين للجماعة

صبي يرش الماء على الخضروات في مطعم بأحد شوارع صنعاء الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
صبي يرش الماء على الخضروات في مطعم بأحد شوارع صنعاء الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)

أفادت مصادر اقتصادية يمنية بأن الميليشيات الحوثية لا تزال مستمرة بمساعيها الرامية لتدمير ما تبقى من القطاع الخاص بمناطق سيطرتها من خلال اتخاذها قرارات ارتجالية هدفها حصر استيراد السلع الخارجية على الموالين لها بالشراكة من قادة بارزين في الميليشيات.
وأشارت المصادر إلى أن الميليشيات اتخذت قرارات تقضي بحظر استيراد سلع ومواد استهلاكية مختلفة، من بينها الزبيب والثوم والبرتقال، امتدادا لقرارات سابقة حظرت فيها استيراد جميع أنواع المكسرات والفواكه والخضراوات والمعلبات وبعض الأدوية وحافلات النقل الصغيرة وغيرها من المواد والسلع الأخرى.
ورجحت المصادر أن هدف الميليشيات من وراء تلك الخطوات هو استكمال فرض كامل هيمنتها على كبار التجار المستوردين بغية تطفيشهم وإحلال آخرين موالين لها مكانهم.
وفي حين أثار حظر الانقلابيين استيراد عدة سلع استهلاكية استياء وغضب عدد من التجار من كبار المستوردين في صنعاء ومدن يمنية أخرى. أكد اقتصاديون محليون أن الميليشيات ألحقت من خلال قراراتها العبثية تلك أضرارا بالغة بالاقتصاد اليمني بشقيه الحكومي والخاص.
وأشار الاقتصاديون إلى أن الجماعة تعمد كل مرة إلى اتخاذ قرارات مجحفة تخص منع استيراد سلع ومواد جديدة من الخارج متجاهلة بذلك كل التبعات والأضرار التي قد تلحق بما تبقى من الاقتصاد الذي يعاني في الوقت الحالي تدهورا حادا بفعل سياسات الميليشيات الخاطئة وجرائم النهب والابتزاز المتبعة بحق منتسبيه.
ورغم مضي الجماعة طوال فترات ماضية في اتخاذ سلسلة من القرارات تخص حظر استيراد مواد استهلاكية عدة لأسباب غير مفهومة، فإن مواطنين في صنعاء ومدن يمنية أخرى تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، عن تفاجئهم بأن معظم تلك السلع المحظورة من الاستيراد لا تزال حتى اليوم منتشرة في المحال التجارية ومختلف الأسواق في المدن تحت قبضة الجماعة.
وأبدى بعض المواطنين تساؤلاتهم، بالقول: «من أين تأتي تلك المواد وهي باتت وفق قرارات الميليشيات محظورة من الاستيراد». مشيرين إلى أن البعض من تلك السلع المحظورة حوثيا والمتوافرة حاليا في الأسواق بكميات كبيرة تم استيرادها عبر قادة حوثيين وتجار موالين لا يسري عليهم قرار الحظر.
وأكد تاجر جملة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن لجوء الانقلابيين لإصدار مثل تلك القرارات ليس الهدف منه تشجيع ودعم وحماية بعض المنتجات المحلية كما تزعم الجماعة وإنما لمحاربة من تبقى من كبار التجار المستوردين ومنعهم من الاستيراد من أجل إفساح المجال أمام التجار الجدد الموالين للميليشيات.
وفي محافظة إب (170 كلم جنوب صنعاء) منعت الميليشيات قبل نحو أسبوعين بعض تجار المحافظة الخاضعة تحت سيطرتها من استيراد جميع أصناف التمور، بالتوازي مع فرضها على العشرات منهم قيودا جديدة.
وبحسب ما أكدته معلومات وتقارير محلية، يأتي منع الجماعة التجار من استيراد التمور في أعقاب إنشاء قيادي حوثي بالمحافظة نفسها شركة خاصة بتجارة واستيراد التمور أطلق عليها اسم شركة «اليسر» واعتمدته الميليشيات وكيلا حصريا لاستيراد تلك السلعة.
وأشارت المصادر إلى أن تلك الإجراءات رافقها منع الميليشيات لسائقي الشاحنات من إدخال كميات من التمور إلى المحافظة إلا عبر ذلك الوكيل الموالي لها.
وعلى الرغم من مواصلة الميليشيات تعطيل ما تبقى من فاعلية الاقتصاد المحلي بمناطق سيطرتها ووضع العراقيل أمام من تبقى من منتسبي القطاع الخاص فيما يخص عملية الاستيراد بغية الاستحواذ عليه، كانت مصادر مطلعة في صنعاء قد كشفت سابقا لـ«الشرق الأوسط»، عن وجود مساع حوثية لإدراج أعداد كبيرة من التجار الموالين للجماعة لم يمض على عملهم بمهنة التجارة سوى بضعة أشهر، ضمن قوائم التجار الكبار المستوردين لمختلف السلع والبضائع.
وفي سياق مساعي الجماعة لتأسيس اقتصاد خاص بها، كانت المصادر نفسها قد أكدت أن القيادي في الجماعة بسام الغرباني المعين بحكومة الانقلاب غير المعترف بها وكيلا لقطاع التجارة الداخلية عقد أواخر ديسمبر(كانون الأول) الماضي اجتماعا مع ممثلي الاتحاد العام للغرف التجارية والصناعية في صنعاء لبحث ومناقشة ما أطلقت عليه الجماعة حينها توسيع دائرة التجار المستوردين.
وبينت المصادر أن الميليشيات سعت من وراء ذلك اللقاء إلى إدراج نحو 75 تاجرا حوثيا حديثا ضمن قوائم كبار المستوردين.
وكان عاملون في قطاع التجارة والصناعة بصنعاء أفادوا في وقت سابق لـ«الشرق الأوسط»، بأن الجماعة بدأت عقب انقلابها بعملية تدمير ونهب ممنهجة للقطاع الاقتصادي الحكومي والخاص، ومن ثم التوجه صوب إنشاء اقتصاد خاص بها على حساب ملايين الجوعى بعد نهب جميع موارد الدولة والسيطرة على مؤسساتها وتجريف القطاع الخاص وإحلال الاستثمارات والشركات الخاصة بالجماعة.
وأشاروا إلى أن قادة الجماعة «اتبعوا جميع الوسائل والإجراءات في سبيل بناء اقتصاد خاص بهم، وعملوا بكل جهد على تعطيل فاعلية الاقتصاد المحلي، بما في ذلك خصخصة المؤسسات الحكومية وإنشاء الشركات الخاصة، وفرض الضرائب والجبايات باستمرار وكذلك العمل على سن تشريعات جديدة تخدم مرامي الجماعة الهادفة للسيطرة على القطاع الخاص».
وأوضحوا أنه ونتيجة لاستمرار سلوك الانقلابيين التدميري فقد «بات القطاع الخاص يلفظ أنفاسه الأخيرة، بعدما أعلنت العشرات من الشركات والمؤسسات التجارية الخاصة إفلاسها نتيجة جرائم وممارسات الميليشيات».



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.