القراصنة الإيرانيون يصعدون من هجماتهم الإلكترونية على شركات أميركية

أشهرها الهجوم على مؤسسة «لاس فيغاس ساندز»

القراصنة الإيرانيون يصعدون من هجماتهم الإلكترونية على شركات أميركية
TT

القراصنة الإيرانيون يصعدون من هجماتهم الإلكترونية على شركات أميركية

القراصنة الإيرانيون يصعدون من هجماتهم الإلكترونية على شركات أميركية

بعد عام من تعرض شركة «لاس فيغاس ساندز» لهجمة إلكترونية مدمرة أتت على الكثير من الحواسيب التي تدير أعمال الكازينو والفندق، أعلن جيمس آر. كلابر، مدير وكالة الاستخبارات الوطنية أمام الكونغرس ما بدا واضحًا حيال تلك الهجمات: القراصنة الإيرانيون كانوا وراء الهجمات.
واقترح شيلدون جي. أديلسون، الملياردير والرئيس التنفيذي لشركة ساندز، وأحد أكبر المؤيدين لدولة إسرائيل، مسارًا لحل المشكلات مع إيران قبل شهور من الهجمات، وكان حديثًا لم تجرؤ شخصية عامة قبله على التلفظ به أمام الكاميرات، إذ قال أديلسون أمام جامعة يشيفا في مانهاتن في أكتوبر (تشرين الأول) 2013: «أترون تلك الصحراء هناك؟ أريد أن أريكم شيئا». ثم اقترح تفجير سلاح نووي أميركي في مكان لن يتأذى منه أحد باستثناء «الحيات والعقارب أو أي شيء آخر»، قبل أن يضيف: «التفجير الثاني سوف يضرب قلب طهران».
وهناك دراسة حول الأنشطة الإلكترونية الإيرانية، من المقرر نشرها من قبل مؤسسة نورس، وهي مؤسسة معنية بالأمن الإلكتروني، مع معهد أميركان إنتربرايز. وقد خلصت الدراسة إلى أنه بعد هجمات ساندز، زادت إيران بشكل كبير من تواتر ومهارات الهجمات الإلكترونية، حتى أثناء التفاوض مع القوى الدولية حول حدود قدراتها النووية. وبهذا الشأن يقول فريدريك دبليو كاغان، مدير مشروع التهديدات الحساسة بالمعهد، الذي يعمل على تتبع الأنشطة الإلكترونية الإيرانية: «إن الفضاء الإلكتروني يمنحهم سلاحًا صالحًا للاستخدام، وبأساليب لا توفرها التكنولوجيا النووية. كما يتمتع بدرجة من الإنكار المعقول الجذاب لدى الكثير من الدول الأخرى.. وإذا توقفت العقوبات المفروضة على إيران بموجب الاتفاق النووي المزمع، فسوف تتمكن إيران من تكريس عوائد صادرات النفط المحسنة لتطوير أسلحتها الإلكترونية. ولكن من غير الواضح حتى الآن ما إذا كان ذلك هو ما تصبو إليه إيران».
وحينما أشار كلابر إلى إيران والهجمات الإلكترونية على شركة ساندز، كانت تلك إحدى الحالات القليلة التي تمكنت فيها وكالات الاستخبارات الأميركية من تحديد هوية دولة معينة، تعتقد في استخدامها لتلك الهجمات تحقيقًا لغايات سياسية. وكانت أول حالة مسجلة في ديسمبر (كانون الأول)، حينما اتهم الرئيس أوباما كوريا الشمالية بشن هجمة إلكترونية على شركة سوني بيكتشرز. وقال مسؤولون أميركيون آخرون إن إيران شنت هجمات إلكترونية على بعض البنوك الأميركية، انتقامًا لقرار فرض العقوبات الاقتصادية عليها.
وتشير الأدلة في تقرير مؤسسة نورس، إلى جانب تحليلات وكالات الاستخبارات الأميركية، بقوة إلى أن إيران استفادت بصورة كبيرة من الأسلحة الإلكترونية خلال العام الماضي، على الرغم من العقوبات الدولية المفروضة. وقد اشتملت الهجمات الإلكترونية في معظمها على عمليات للتجسس، ولكنها قليلة، مثل الهجوم على شركة ساندز الذي كان لأغراض تدميرية. وقد تمكنت مؤسسة نورس، كما ورد في التقرير المزمع نشره اليوم الجمعة، من تتبع آلاف الهجمات الموجهة ضد أهداف أميركية من قبل قراصنة داخل إيران. ويوضح التقرير، برفقة تقرير آخر صادر عن مؤسسة سايلانس، وهي إحدى المؤسسات المعنية كذلك بالأمن الإلكتروني، أن القراصنة الإيرانيين ينتقلون من الهجمات الإلكترونية، التي يتفاخرون بها، من تشويه المواقع، أو مجرد إغلاقها إلى مجهود استطلاعي هادئ. ففي بعض الحالات، يبدو أنهم يبحثون عن نظم البنية التحتية الحساسة التي قد توفر الفرص لشن مزيد من الهجمات الخطيرة.
لكن مؤسستي نورس وسايلانس تختلفان إزاء مسألة ما إذا كانت وتيرة الهجمات الإيرانية قد زادت بشكل ملحوظ خلال الشهور الأخيرة، وعما إذا كانت طهران بدأت في التهدئة والتراجع خلال بعض المراحل الحرجة التي واجهتها أثناء المفاوضات النووية. وفي هذا الإطار تصر مؤسسة نورس، التي تقول إنها تمتلك الآلاف من المستشعرات على شبكة الإنترنت لجمع الاستخبارات حول أساليب القراصنة والمهاجمين، على أن القراصنة الإيرانيين لم تظهر عليهم أي علامة للتراجع. فبين يناير (كانون الثاني) 2014 والشهر الأخير، حسبما أفاد تقرير مؤسسة نورس، التقطت المستشعرات زيادة بنسبة 115 في المائة من الهجمات التي انطلقت من عناوين بروتوكول الإنترنت الإيراني. كما تقول مؤسسة نورس إن المستشعرات التقطت أكثر من 900 هجوم، في المتوسط، وكل يوم خلال النصف الأول من شهر مارس (آذار).
وخلصت مؤسسة سايلانس إلى استنتاج مختلف، على الأقل بالنسبة لأنشطة إيران خلال الأشهر القليلة الماضية، مع اقتراب المفاوضات من موعدها النهائي، حيث قال ستيورات ماكليور، المؤسس والرئيس التنفيذي لمؤسسة سايلانس، التي ظلت تتابع مجموعات القرصنة الإيرانية، إن هناك انخفاضًا ملحوظًا في النشاط الإيراني خلال الشهور القليلة الماضية، وإن تلك المجموعات ظلت هادئة إلى حد كبير الآن.
من جهتها، تراقب وكالات الاستخبارات الأميركية تلك المجموعات، غير أنها لا تنشر تقديراتها حيال أنشطتهم علانية، إذ خلصت تقديرات الاستخبارات الوطنية السرية عبر السنوات الخمس الماضية إلى أن روسيا والصين هما أكثر خصوم الولايات المتحدة تطورًا، وأكثر الخصوم وجودًا على الفضاء الإلكتروني. ورغم ذلك، قال المسؤولون الأميركيون إن أكثر ما يقلقهم هو إيران وكوريا الشمالية، وليس ذلك بسبب تطور مستوى الهجمات، ولكن بسبب أن الهجمات تهدف إلى التدمير، كما كانت الحالة في شركة سوني بيكتشرز. بالإضافة إلى الهجوم على شركة ساندز العام الماضي، الذي لم يفصح السيد كلابر عن أي تفاصيل بشأنه للصحافة.
ويقول مسؤولو الاستخبارات الأميركية إن قراصنة إيران المتقدمين للغاية محدودو العدد، ولكنهم يعملون لصالح الشركات الوهمية وللحكومة في آن واحد. ويساور هؤلاء المسؤولين القلق مع تكرار الهجمات المدمرة، حيث يتزايد الإغراء بشن الهجمات على ما تسميه الحكومة الأميركية «البنية التحتية الحساسة»، مثل خطوط السكك الحديدية، وشبكات الطاقة، وإمدادات المياه. وقد لاحظ الباحثون في مؤسسة سايلانس، على سبيل المثال، أن القراصنة الإيرانيين كانوا يستخدمون الأدوات للتجسس، واحتمال إغلاق نظم التحكم الحرجة، وشبكات الحواسيب في الولايات المتحدة، فضلاً عن كندا وإسرائيل والإمارات العربية المتحدة ومجموعة من الدول الأخرى. وشملت أهدافهم شبكة تربط جنود مشاة البحرية الأميركية مع المدنيين عبر أنحاء الولايات المتحدة، وكذلك شبكات شركات النفط وخطوط الطيران الرئيسية والمطارات.
وتعرضت نظم الشركة للاختراق من جانب القراصنة العسكريين الصينيين في 2012. وبعد عامين، تقول مؤسسة نورس إنها سجلت 62 هجمة بفترات فاصلة تبلغ 10 دقائق بين كل هجمة وأخرى من عنوان لبروتوكول الإنترنت داخل إيران على نظام شبكة تيلفينت، وهو النظام الأساسي للبنية التحتية بشركة سكادا. وقد كتب الباحثون في مؤسسة نورس يقولون إنه «يمكن تفسير ذلك النشاط بأنه محاولة إيرانية لإقامة مرابط إلكترونية في نظم البنية التحتية الأميركية الحساسة، وهي البرامج الضارة التي تظل خاملة الآن، ولكنها تسمح لإيران بإتلاف وتدمير تلك النظم إذا ما أرادت ذلك في وقت لاحق».
* خدمة «نيويورك تايمز»



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.