تصاعد أزمة تصنيف «الطاقة النووية» بين الاتحاد الأوروبي وبرلين

TT

تصاعد أزمة تصنيف «الطاقة النووية» بين الاتحاد الأوروبي وبرلين

في الوقت الذي وضع فيه الاتحاد الأوروبي خططاً لتصنيف بعض مشروعات الغاز الطبيعي والطاقة النووية استثمارات «خضراء»، أعلنت ألمانيا أمس إغلاق 3 محطات طاقة نووية، ورفضت خطة المفوضية الأوروبية في هذا الشأن.
وبحسب مقترح المفوضية، من المقرر تصنيف الاستثمارات في محطات الطاقة النووية الجديدة على أنها خضراء إذا كانت الأنظمة تفي بأحدث المعايير التقنية، وإذا تم تقديم خطة محددة لتشغيل مرفق التخلص من النفايات عالية الإشعاع بحلول عام 2050 على أبعد تقدير. وتستند خطط المفوضية إلى مسودة إجراء قانوني تم نشره يوم رأس السنة الجديدة بعد وقت قصير من إرساله إلى الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.
غير أن وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك، رفض خطة المفوضية الأوروبية، وقال، وفق وكالة الأنباء الألمانية: «مقترحات المفوضية الأوروبية تضعف العلامة الجيدة للاستدامة... نرى أنه ليست هناك حاجة لهذه الإضافة في قواعد التصنيف... لا نرى أي موافقة على المقترحات الجديدة للمفوضية الأوروبية».
ومن المتوقع أن تقترح المفوضية الأوروبية القواعد في يناير (كانون الثاني) لاتخاذ قرار بشأن ما إذا كانت مشروعات الغاز والطاقة النووية ستدرج في «تصنيف التمويل المستدام» الخاص بالاتحاد الأوروبي.
وتشمل هذه القائمة الأنشطة الاقتصادية والمعايير البيئية التي يتعين أن تستوفيها كي تصنف استثمارات خضراء. وبقصر علامة «خضراء» على المشروعات الصديقة للبيئة فعلياً، يهدف النظام إلى زيادة جاذبية هذه الاستثمارات أمام رأس المال الخاص والحد من مبالغة الشركات والمستثمرين في وصف استحقاقهم للتصنيف ضمن هذه الفئة. كما يتخذ الاتحاد الأوروبي خطوات لتطبيق هذا التصنيف على بعض التمويل الذي يقدمه التكتل، وهو ما يعني أن القواعد يمكنها أن تقرر أي مشروعات مؤهلة للحصول على تمويل حكومي معين.
وبالنسبة لاستثمارات محطات الكهرباء التي تعمل بالغاز الطبيعي فيتم تصنيفها خضراء إن كانت تنتج انبعاثات تقل عن 270 غراماً من مكافئ ثاني أكسيد الكربون لكل كيلو وات في الساعة، وتستبدل الوقود الأحفوري الأكثر تلويثاً للبيئة على أن تحصل على تصريحات البناء قبل 31 ديسمبر (كانون الأول) 2030، ويتعين على هذه المحطات استيفاء شروط منها تجهيزها تقنياً لحرق غازات منخفضة الكربون.
وانتقد هابيك، الإدراج المقترح للغاز الأحفوري في هذا التصنيف، وقال: «على الأقل يجب أن توضح المفوضية الأوروبية هنا أن الغاز المستمد من الوقود الأحفوري ليس سوى مرحلة انتقالية وأنه يجب استبداله بالهيدروجين الأخضر».
وأغلقت ألمانيا ليلة رأس السنة الجمعة، ثلاث محطات نووية وأخرجتها من شبكة الكهرباء، من أصل ست محطات نووية متبقية.
وتستغرق عملية التفكيك المنصوص عليها قانوناً سنوات عديدة. وفي عام 2011 قررت الحكومة الألمانية التخلص التدريجي من الطاقة النووية عقب الحادثة النووية في مدينة فوكوشيما اليابانية.
وبذلك ستظل ثلاث محطات نووية فقط تنتج الكهرباء في العام الحالي، وهي تقع في ولايات بافاريا وبادن - فورتمبرج وسكسونيا السفلى. وحتى بعد ذلك التاريخ، ستظل هناك محطتان تعملان لإنتاج وقود نووي وقضبان الوقود للتصدير.
لكن في الآونة الأخيرة، دعا مزيد من مؤيدي الطاقة النووية مجدداً إلى التمسك بهذا النوع من الطاقة، لأنه، على عكس إنتاج الكهرباء من الفحم على سبيل المثال، ينتج عنه انبعاثات أقل بوضوح من ثاني أكسيد الكربون المضر بالمناخ.



 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
TT

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)

رفعت وكالة التصنيفات الائتمانية «موديز» تصنيفها للسعودية بالعملتين المحلية والأجنبية عند «إيه إيه 3» (Aa3) من «إيه 1» مع نظرة مستقبلية «مستقرة»، وذلك نظراً لتقدم المملكة المستمر في التنويع الاقتصادي والنمو المتصاعد لقطاعها غير النفطي.

هذا التصنيف الذي يعني أن الدولة ذات جودة عالية ومخاطر ائتمانية منخفضة للغاية، هو رابع أعلى تصنيف لـ«موديز»، ويتجاوز تصنيفات وكالتي «فيتش» و«ستاندرد آند بورز».

وقالت «موديز» في تقريرها إن رفعها لتصنيف المملكة الائتماني، مع نظرة مستقبلية «مستقرة»، يأتي نتيجة لتقدمها المستمر في التنوع الاقتصادي، والنمو المتصاعد للقطاع غير النفطي في المملكة، والذي، مع مرور الوقت، سيقلل ارتباط تطورات سوق النفط باقتصادها وماليتها العامة.

ترتيب أولويات الإنفاق ورفع كفاءته

وأشادت «موديز» بالتخطيط المالي الذي اتخذته الحكومة السعودية في إطار الحيّز المالي، والتزامها بترتيب أولويات الإنفاق ورفع كفاءته، بالإضافة إلى الجهود المستمرة التي تبذلها ومواصلتها استثمار المـوارد الماليـة المتاحـة لتنويـع القاعـدة الاقتصاديـة عـن طريـق الإنفـاق التحولي؛ مما يدعم التنمية المستدامة للاقتصاد غير النفطي في المملكة، والحفاظ على مركز مالي قوي.

وقالت «موديز» إن عملية «إعادة معايرة وإعادة ترتيب أولويات مشاريع التنويع -التي ستتم مراجعتها بشكل دوري- ستوفر بيئة أكثر ملاءمة للتنمية المستدامة للاقتصاد غير الهيدروكربوني في المملكة، وتساعد في الحفاظ على القوة النسبية لموازنة الدولة»، مشيرة إلى أن الاستثمارات والاستهلاك الخاص يدعمان النمو في القطاع الخاص غير النفطي، ومتوقعةً أن تبقى النفقات الاستثمارية والاستثمارات المحلية لـ«صندوق الاستثمارات العامة» مرتفعة نسبياً خلال السنوات المقبلة.

شعار «موديز» خارج المقر الرئيسي للشركة في مانهاتن الولايات المتحدة (رويترز)

وقد وضّحت الوكالة في تقريرها استنادها على هذا التخطيط والالتزام في توقعها لعجز مالي مستقر نسبياً والذي من الممكن أن يصل إلى ما يقرب من 2 - 3 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي.

وسجل الناتج المحلي الإجمالي للمملكة نمواً بمعدل 2.8 في المائة على أساس سنوي في الربع الثالث من العام الحالي، مدعوماً بنمو القطاع غير النفطي الذي نما بواقع 4.2 في المائة، وفقاً لبيانات الهيئة العامة للإحصاء السعودية الصادرة الشهر الماضي.

زخم نمو الاقتصاد غير النفطي

وتوقعت «موديز» أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي للقطاع الخاص بالسعودية بنسبة تتراوح بين 4 - 5 في المائة في السنوات المقبلة، والتي تعتبر من بين أعلى المعدلات في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، معتبرةً أنه دلالة على استمرار التقدم في التنوع الاقتصادي الذي سيقلل ارتباط اقتصاد المملكة بتطورات أسواق النفط.

وكان وزير المالية، محمد الجدعان، قال في منتدى «مبادرة مستقبل الاستثمار» الشهر الماضي إن القطاع غير النفطي بات يشكل 52 في المائة من الاقتصاد بفضل «رؤية 2030».

وقال وزير الاقتصاد فيصل الإبراهيم إنه «منذ إطلاق رؤية المملكة 2030 نما اقتصادنا غير النفطي بنسبة 20 في المائة، وشهدنا زيادة بنسبة 70 في المائة في الاستثمار الخاص في القطاعات غير النفطية، ومهد ذلك للانفتاح والمشاركات الكثيرة مع الأعمال والشركات والمستثمرين».

وأشارت «موديز» إلى أن التقدم في التنويع الاقتصادي إلى جانب الإصلاحات المالية السابقة كل ذلك أدى إلى وصول «الاقتصاد والمالية الحكومية في السعودية إلى وضع أقوى يسمح لهما بتحمل صدمة كبيرة في أسعار النفط مقارنة بعام 2015».

وتوقعت «موديز» أن يكون نمو الاستهلاك الخاص «قوياً»، حيث يتضمن تصميم العديد من المشاريع الجارية، بما في ذلك تلك الضخمة «مراحل تسويق من شأنها تعزيز القدرة على جانب العرض في قطاع الخدمات، وخاصة في مجالات الضيافة والترفيه والتسلية وتجارة التجزئة والمطاعم».

وبحسب تقرير «موديز»، تشير النظرة المستقبلية «المستقرة» إلى توازن المخاطر المتعلقة بالتصنيف على المستوى العالي، مشيرة إلى أن «المزيد من التقدم في مشاريع التنويع الكبيرة قد يستقطب القطاع الخاص ويُحفّز تطوير القطاعات غير الهيدروكربونية بوتيرة أسرع مما نفترضه حالياً».

النفط

تفترض «موديز» بلوغ متوسط ​​سعر النفط 75 دولاراً للبرميل في 2025، و70 دولاراً في الفترة 2026 - 2027، بانخفاض عن متوسط ​​يبلغ نحو 82 - 83 دولاراً للبرميل في 2023 - 2024.

وترجح وكالة التصنيف تمكّن السعودية من العودة لزيادة إنتاج النفط تدريجياً بدءاً من 2025، بما يتماشى مع الإعلان الأخير لمنظمة البلدان المصدرة للنفط وحلفائها «أوبك بلس».

وترى «موديز» أن «التوترات الجيوسياسية المتصاعدة في المنطقة، والتي لها تأثير محدود على السعودية حتى الآن، لن تتصاعد إلى صراع عسكري واسع النطاق بين إسرائيل وإيران مع آثار جانبية قد تؤثر على قدرة المملكة على تصدير النفط أو إعاقة استثمارات القطاع الخاص التي تدعم زخم التنويع». وأشارت في الوقت نفسه إلى أن الصراع الجيوسياسي المستمر في المنطقة يمثل «خطراً على التطورات الاقتصادية على المدى القريب».

تصنيفات سابقة

تجدر الإشارة إلى أن المملكة حصلت خلال العامين الحالي والماضي على عدد من الترقيات في تصنيفها الائتماني من الوكالات العالمية، والتي تأتي انعكاساً لاستمرار جهـود المملكـة نحـو التحـول الاقتصـادي فـي ظـل الإصلاحـات الهيكليـة المتبعـة، وتبنـّي سياسـات ماليـة تسـاهم فـي المحافظـة علـى الاستدامة الماليـة وتعزز كفـاءة التخطيـط المالي وقوة ومتانة المركز المالي للمملكة. ​

ففي سبتمبر (أيلول)، عدلت «ستاندرد آند بورز» توقعاتها للمملكة العربية السعودية من «مستقرة» إلى «إيجابية» على خلفية توقعات النمو القوي غير النفطي والمرونة الاقتصادية. وقالت إن هذه الخطوة تعكس التوقعات بأن تؤدي الإصلاحات والاستثمارات واسعة النطاق التي تنفذها الحكومة السعودية إلى تعزيز تنمية الاقتصاد غير النفطي مع الحفاظ على استدامة المالية العامة.

وفي فبراير (شباط) الماضي، أكدت وكالة «فيتش» تصنيفها الائتماني للمملكة عند «إيه +» مع نظرة مستقبلية «مستقرة».