المانجو والكوسا... تجارب عصرية للمخلل بمذاق مختلف

إقبال متزايد في مواجهة الأصناف التقليدية

المخلل دخلت إليه الفاكهة بالإضافة إلى الخضراوات التقليدية المعروفة
المخلل دخلت إليه الفاكهة بالإضافة إلى الخضراوات التقليدية المعروفة
TT

المانجو والكوسا... تجارب عصرية للمخلل بمذاق مختلف

المخلل دخلت إليه الفاكهة بالإضافة إلى الخضراوات التقليدية المعروفة
المخلل دخلت إليه الفاكهة بالإضافة إلى الخضراوات التقليدية المعروفة

مهما تنوّعت الأصناف على طاولة الطعام، فثمة طبق من الخضراوات المملحة تتحد أمامه الأذواق. إنه «المخلل» الذي قد يزدان بأصناف مقرمشة مثل الجزر واللفت أو على شكل زهرات مثل القرنبيط، أو حتى يتلألأ بلمعان مع زيت الزيتون والخل مثل الزيتون، لكن في ظل التجريب، دخلت أصناف جديدة من الفواكه والخضراوات مثل المانجو والكوسا، دائرة اهتمام صناع المخلل.
ويتطلب تصنيع المخلل مهارة من نوع خاص، ومن بين محترفي الطهي التقينا الطاهية المصرية أمل صالح مرسي، مؤسسة مشروع «خير جدتي» المتخصص في تحضير المخللات، لنعرف منها سر الطبق القائم على غمر الفواكه أو الخضراوات الطازجة في سائل حمضي أو محلول ملحي حتى لا تصبح نيئة، بينما بفعل المحلول تتعرض لدرجة من النضج تسمح بتناولها.
وتقول الطاهية المصرية، في حديثها لـ«الشرق الأوسط»، إن تخصصها في تخصير المخلل يعود إلى أنها تتوق إلى تقديم الجديد والمختلف عما هو شائع سواء على شاشات التلفاز أو ضمن حسابات الطهي على مواقع التواصل الاجتماعي، التي باتت لا يحصى لها.
وتضيف: «لا أقدم المخللات بشكلها التقليدي، بينما في كل وصفة أضيف لمستي، بداية من اختيار نوع الخضراوات أو الفاكهة القابلة للتخليل، وصولاً إلى المكونات من التوابل والأعشاب التي تميز مذاق الطبق».
وعن المخللات الأكثر شعبية، ترى الطاهية المصرية أن الخيار يأتي في مقدمة وصفات التخليل، وربما يكون الأكثر شعبية سواء داخل الوطن العربي أو خارجه، لكن باتت هناك أنواع أكثر عصرية يفضلها الناس؛ وتقول: «مشكلة الخيار أن قوامه يفقد القرمشة بفعل المحلول الملحي، لذلك، فكرت في بديل مبتكر، وهو الكوسا المخللة، فمذاقها قريب من الخيار، ومع فصوص الثوم والخل والشبت، تتفوق في المذاق والقيمة الغذائية على الخيار».
وعن أنواع المخلل التي يميل لها المتذوق المصري والعربي، تقول الطاهية المصرية: «يميل البعض إلى البنجر بفضل فوائده ومذاقه الحلو ولونه الأحمر العتيق الذي يحول المحلول بالكامل لهذا اللون، كما أن الجزر واللفت والقرنبيط أنواع محببة ومتوفرة في أوقات كثيرة من العام».
كل هذا قد يبدو تقليدياً ومتوقعاً، لكن العصري كان في الأطعمة ذات المذاق الحلو التي تحولها الطاهية المصرية إلى وجبة مملحة تمزج بين النقيضين، وتقول: «بات مألوفاً أن تقوم بتخليل أنواع من الفاكهة، مثل المانجو الهندي الذي غدت أحد الأطباق المميزة لـ(خير جدتي) في البداية كان الأمر غريباً على الزبائن، لكن باحترافية انتقلت المانجو من صحن الفاكهة إلى برطمان (حاوية) المخلل».
ومن الأطعمة الحلوة أيضاً التي يمكن تخليلها هو الفلفل الأحمر الحلو، تقول: «الفلفل الأحمر يجمع بين المذاق الحريف والسكري، ولهذا المزيج سحره عند إضافة بقية الخلطة من الليمون والملح والخل وبعض الأعشاب الطازجة».
بيد أن تحول بعض الفاكهة إلى أطباق المخللات هو اتجاه عصري تضج به حسابات «تيك توك» إذ قُدم العنب البري والأناناس والكمثرى كخيارات مالحة غير معتادة.
ففي كل موسم تمنحنا الأرض خيرات تتماشى مع احتياجات الجسم، وكما الخضراوات، المخللات تتلون على مدار العام، وتختلف من موسم إلى آخر، وهنا تقول الطاهية أمل: أنواع المخلل تختلف كل موسم، مثلاً في الربيع تظهر البامية، التي اعتدنا على تناولها على طريقة الطاجن، لكن لماذا لهذا الخضار الطيب ألا يزين طبقاً لمحبي (الحادق)؟ قدمت البامية المملحة على طريقة الفرنسيين، وفوجئت بأنها نالت إعجاب كثيرين، بل أصبحت من ضمن قائمة المفضلات.
لكل نوع خضراوات أو فاكهة طريقة خاصة للتخليل لكن ثمة مكونات أساسية يكمن فيها سحر المذاق، وتضع الطاهية المصرية الخل والملح والليمون في المقدمة لكن بمعادلات لا يعرفها إلا محترف التخليل، «أحاول تجنب الماء خلال عملية التمليح حتى تحتفظ الفاكهة أو الخضراوات بقوام متوسط، أما الثوم فيمكن إضافته إلى قائمة الإضافات الأساسية لمخللات مثل البامية والبنجر والخيار».
كان للزيتون ركن خاص في قائمة «خير جدتي» فهو الحبة التي يقع في حبها الملايين، لذلك، قالت أمل: «الزيتون حبة عزيزة، تغمر مطبخنا في الفترة بين شهر سبتمبر (أيلول) وحتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني)، ورغم قصر هذه المدة فإنه واحد من أهم أنواع المخلل، وما يميزه هو الطرق العديدة لتحضير المحلول الخاص به، الذي ربما يختلف بين بلد وآخر».
من الدول العربية تعشق الطاهية المصرية الهريسة الليبية «تميزت في تقديم هذه الهريسة المجهزة من الفلفل الأحمر والثوم، ولكن بإضافات أخرى أعطتها مذاقاً ساحراً، وأخيراً الباذنجان الذي أعتبره (جوكر) الخضراوات، فكم من وصفات يمكن تقديم الباذنجان من خلالها، بداية من تخليله مع عين الجمل على الطريقة الشامية، وصولاً إلى المسقعة المصرية التي يتناولها البعض كمقبلات».


مقالات ذات صلة

حلويات خطيرة لا يطلبها طهاة المعجنات أبداً في المطاعم

مذاقات صندوق من الكعك والكعك المحلى من إنتاج شركة «غريغز سويت تريتس» في نيوكاسل أبون تاين - بريطانيا (رويترز)

حلويات خطيرة لا يطلبها طهاة المعجنات أبداً في المطاعم

في بعض المطاعم والمقاهي، توجد بعض الخيارات الاحتياطية التي تجعل طهاة المعجنات حذرين من إنفاق أموالهم عليها؛ لأنها على الأرجح خيار مخيب للآمال.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
مذاقات «الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

لقمة خبز قد تأسر القلب، ترفع الحدود وتقرب الشعوب، هكذا يمكن وصف التفاعل الدافئ من المصريين تجاه المطبخ السوداني، الذي بدأ يغازلهم ووجد له مكاناً على سفرتهم.

إيمان مبروك (القاهرة)
مذاقات الشيف الأميركي براين بيكير (الشرق الأوسط)

فعاليات «موسم الرياض» بقيادة ولفغانغ باك تقدم تجارب أكل استثنائية

تقدم فعاليات «موسم الرياض» التي يقودها الشيف العالمي ولفغانغ باك، لمحبي الطعام تجارب استثنائية وفريدة لتذوق الطعام.

فتح الرحمن يوسف (الرياض) فتح الرحمن يوسف (الرياض)
مذاقات فواكه موسمية لذيذة (الشرق الاوسط)

الفواكه والخضراوات تتحول الى «ترند»

تحقق الفواكه والخضراوات المجففة والمقرمشة نجاحاً في انتشارها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتتصدّر بالتالي الـ«ترند» عبر صفحات «إنستغرام» و«تيك توك» و«فيسبوك»

فيفيان حداد (بيروت)
مذاقات طواجن الفول تعددت أنواعها مع تنوع الإضافات والمكونات غير التقليدية (مطعم سعد الحرامي)

الفول المصري... حلو وحار

على عربة خشبية في أحد أحياء القاهرة، أو في محال وطاولات أنيقة، ستكون أمام خيارات عديدة لتناول طبق فول في أحد صباحاتك

محمد عجم (القاهرة)

«قصر الطواجن»... أكلات العالم على مائدته المصرية

المطعم المصري (قصر الطواجن)
المطعم المصري (قصر الطواجن)
TT

«قصر الطواجن»... أكلات العالم على مائدته المصرية

المطعم المصري (قصر الطواجن)
المطعم المصري (قصر الطواجن)

هل تناولت من قبل طاجناً من «النجراسكو» و«اللازانيا»، أو أقدمت على تجربة «الدجاج الهندي المخلي»، أو حتى «طاجن لحم النعام بالحمام»، يمكنك تذوق ذلك وأكثر، عبر مجموعة من الوصفات التي تخللتها لمسات مصرية على أكلات غربية.

في منطقة حيوية صاخبة في مدينة «6 أكتوبر» المصرية (غرب القاهرة الكبرى) يحتل مطعم «قصر الطواجن» المتخصص بشكل أساسي في تقديم طبق «الطاجن» مساحة كبيرة، وساحة أمامية لافتة، يزينها منطقة للأطفال، بينما تتميز قاعاته الداخلية بفخامة تليق بمفهوم «القصور» المرتبط باسمه.

لا شك أن التدقيق في اختيار اسم المطعم يلعب دوراً في شهرته، إلا أنه تبقى دوماً التجربة خير دليل، بحسب تعبير أحمد مختار، مدير المطعم.

ريش بورق العنب (صفحة المطعم على فيسبوك)

ألوان مختلفة من الطواجن يقدمها المطعم، فإذا لم تكن راغباً في صنف بعينه، فحتماً سيثير «المنيو» حيرتك، وإذا كنت من عشاق الطواجن بشكل عام، فعليك أن تختار ما بين طاجن «البط البلدي» بخلطة «قصر الطواجن» أو «الكوارع» أو «ريش البتلو بورق العنب»، أو «ريش الضاني»، أو «الأرز المعمر بالقشطة واللحم»، أو «طاجن لحم النعام بالحمام»، وهناك أيضاً طاجن «بصلية» و«الفريك بالحمام»، و«لسان العصفور باللحم» و«رول الضاني».

وإذا كنت من محبي الطعام الكلاسيكي، فينتظرك هناك طاجن «بهاريز زمان»، المكون من 5 مكونات بعضها عتيق في المطبخ المصري، ومنها الكوارع، النخاع، قلوب البتلو، والكلاوي، ولا مانع أن تجرب طواجن ذات أسماء من ابتكار المطعم مثل «طاجن السعادة» المكون من المخاصي والحلويات واللحم، أو طاجن «فولتارين» الذي يداوي أي ضغوط نفسية، وفق مدير المطعم.

وأحياناً يسألك طاقم الضيافة هل تريد أن تجرب أكلات عالمية في طواجن مصرية، لتزداد حيرتك أمام طاجن «الدجاج الهندي المخلي» أو«المكسيكي الحار»، أو «إسباجيتي بلونيز»، أو «النجراسكو واللازانيا»، أما في حالة إصرارك على اختيار طبق من مصر، فتتصدر الأطباق الشعبية «منيو» الطواجن، فلا يفوتك مذاق طاجن «العكاوي» بالبصل والثوم والزنجبيل والكمون والفلفل الحلو والكركم.

«ليس غريباً أن يكون في القاهرة مطعم متخصص في الطواجن»، يقول مدير المطعم لـ«الشرق الأوسط»، ويتابع: «لقد تميزت مِصر بأنواع كثيرة من الطواجن الحادقة واللذيذة والشهية، ما بين الخضراوات واللحوم والأرز والطيور والمحاشي، واختصت أيضاً بعدة طواجن من الحلويات».

وأوضح: «وتتميز الطواجن على الطريقة المصرية بطرق ومكونات ووصفات كثيرة، وجميعها مميزة وشهية ويحبها المصريون والأجانب؛ لأنها تعتمد طريقة طهي اللحم ببطء على نار خفيفة غالباً لعدة ساعات، كما يساعد الشكل المخروطي للوعاء على «حبس» النكهة كاملة بالداخل؛ فتكون مركزة وغنية، كما يعمل الطاجن على تنعيم اللحوم والخضراوات المطبوخة».

وأضاف: «طاجن الملوخية بالطشة، البامية باللحم الضأن، التورلي باللحم، الكوسا المغموسة في الصلصلة الحمراء والبصل، هي بعض من طواجن الخضراوات التي يقدمها المطعم أيضاً لرواده، (تشتهر بها مصر كذلك)، ولذلك نحرص على تقديمها في المطعم، من خلال هذه الطريقة تظل الخضراوات محتفظة بقيمتها الغذائية، وتكتسب مذاقاً شهياً ولذيذاً وخفيفاً يحرض الجميع على التهامها، حتى بالنسبة لهؤلاء الذين لا يفضلون تناول الخضراوات، وبالإضافة إلى ذلك فإن الطعام يظل محتفظاً بسخونته لوقت طويل».

يبتكر الشيفات في المطعم في تقديم طواجن بلمسات عصرية: «نحرص على التجديد لتجربة طعام مبتكرة، إن امتزاج الأصالة بالحداثة أمر رائع في عالم الطهي؛ إذا أردت أن تخوض هذه التجربة فأنصحك أن تطلب طاجن الحمام المحشي باللحم، الذي تعلوه جبن الموتزريلا، أو الرقاق بطبقات القشطة، وغير ذلك».

أما «الطاسات» والصواني فهي طرق جديدة لمواجهة الضغوط الاقتصادية؛ فهي تسمح لرواد المطعم بإحضار الأسرة أو عمل ولائم وتقديم أنواع أنيقة ومختلفة من الطعام للمدعوين، بسعر أقل، وفي الوقت نفسه تسمح بالاستمتاع برفاهية المذاق على حد قول مختار.

لا تضم قائمة الطعام الطواجن وحدها؛ إنما هي تمثل الأطباق التي فيها توليفة من النكهات التي تحتفي بثراء التقاليد الطهوية الشرقية، فبجانب الطواجن، يقدم المطعم لرواده قائمة طويلة من المشويات، وأنواعاً مختلفة من الحساء والأرز، والمحاشي والسلطات، إلى جانب أكلات محلية من محافظات مصرية مثل البط الدمياطي والحواوشي والسجق الإسكندراني.

يعد المطعم أن المحافظة على التراث الطهوي المصري من ضمن أهدافه، يقول مختار: «نحافظ على أصالة المطبخ المصري من خلال الحصول على أطيب المكونات، وأفضل خامات الأواني الفخارية الآمنة من الناحية الصحية؛ مما يضمن أن تكون كل وجبة بمثابة مغامرة تذوق طعام مفيد وخالٍ من أي أضرار محتملة».

دوماً ترتفع تجربة تناول الطعام الخاصة بنا إلى مستوى أعلى من المتعة والرقي، حين يكون العاملون في المطعم على دراية جيدة وواعية بفن الضيافة، وهذا ما يتحقق في «قصر الطواجن»؛ فهم يبدون بصفتهم جزءاً من النسيج الثقافي والاجتماعي الغني في مصر؛ عبر ابتسامتهم الدائمة، ومهارتهم، وسرعة تلبية احتياجات الزبائن.