قوات المعارضة السورية تكثف هجماتها في حماه لـ«تشتيت تركيز النظام» على إدلب

تركز على نقاط عسكرية بين المدينتين ضمن معركة «شفاء الصدور»

مجموعة من رجال الدفاع المدني يطفئون حريقا تسبب به النظام السوري في أحد أحياء مدينة حلب (رويترز)
مجموعة من رجال الدفاع المدني يطفئون حريقا تسبب به النظام السوري في أحد أحياء مدينة حلب (رويترز)
TT

قوات المعارضة السورية تكثف هجماتها في حماه لـ«تشتيت تركيز النظام» على إدلب

مجموعة من رجال الدفاع المدني يطفئون حريقا تسبب به النظام السوري في أحد أحياء مدينة حلب (رويترز)
مجموعة من رجال الدفاع المدني يطفئون حريقا تسبب به النظام السوري في أحد أحياء مدينة حلب (رويترز)

تصدرت مدينة حماه، في شمال سوريا، واجهة التطورات الميدانية أمس، مع محاولة قوات المعارضة السيطرة على نقاط عسكرية في ريفها الشمالي، بهدف «منع القوات الحكومية من حشد مقاتليها لاستعادة السيطرة على مدينة إدلب»، و«قطع خطوط إمداد النظام بين المدينتين»، كما قال المستشار القانوني للجيش السوري الحر أسامة أبو زيد لـ«الشرق الأوسط».
وجاء تصاعد العمليات العسكرية في ريف حماه الشمالي بموازاة إطلاق فصائل معارضة معركة «شفاء الصدور»، الهادفة للسيطرة على عدة نقاط عسكرية تشغلها القوات الحكومية في ريف حماه، بينها حواجز تل ملح والجبين وعدة حواجز أخرى في ريف حماه الشمالي والغربي، إضافة إلى تخفيف الضغط عن قوات المعارضة و«جيش الفتح» في مدينة إدلب وما حولها.
وحاليًّا، تسعى قوات المعارضة للاحتفاظ بسيطرتها على إدلب وأريافها، في ظل تسريبات من المقرّبين في النظام تحدثت عن استعدادات لاستعادة السيطرة على المدينة التي انسحبت منها قواته أواخر مارس (آذار) الماضي، بعد أربعة أيام على المعارك. وتعد مدينة إدلب، وهي عاصمة محافظة حدودية مع تركيا، مدينة استراتيجية بالنظر إلى موقعها الجغرافي، وتماسّها مع ريفها مناطق نفوذ النظام في اللاذقية (غربًا) وريف حماه (جنوبًا).
أبو زيد قال لـ«الشرق الأوسط» إن السيطرة على إدلب «وضعت الخزان البشري لقوات النظام وبيئته الحاضنة محل تهديد قوات المعارضة، ما دفعه لتصعيد عملياته ومحاولات استعادة السيطرة على إدلب عبر القصف الجوي». وأردف أن حماه، التي تحتضن مقرات القوات النظامية ومراكز عملياتها ومقرات الميليشيات الموالية، قد تكون انطلاقة نحو عملية عسكرية ضد إدلب، وذلك «بعدما هدد تحرير إدلب وجود النظام في حماه».
من ناحية ثانية، نفى أبو زيد أن تكون العمليات في حماه «إهدارا للطاقات» في ظل اشتعال المعارك على جبهات إدلب، وبينها قاعدة المسطومة التي تعدّ أكبر القواعد العسكرية القريبة من المدينة، وأكد أن المعركة «بمثابة تكملة لمعركة إدلب، نظرًا إلى أن الحواجز تتضمّن تحصينات ضخمة، ومرابض مدفعية وراجمات صواريخ يجري عبرها استهداف مناطق في إدلب». وأشار إلى أن مهاجمة تلك الحواجز «يعني قطع خطوط إمداد مفترضة للنظام من حماه التي تشكل أكبر معاقله اليوم في الشمال باتجاه إدلب، وتشتيت انتباهه ومنعه من تركيز قواته لمهاجمة إدلب».
وأفاد ناشطون أمس بأن القوات التابعة للمعارضة السورية قصفت مساء الخميس - الجمعة بالصواريخ تجمّعات للقوات النظامية في ريف حماه، ما أسفر عن سقوط عدد من القتلى والجرحى في صفوفها. ونقل «مكتب أخبار سوريا» عن ناشطين قولهم إن عناصر «تجمّع العزة» التابع للجيش السوري الحرّ استهدف بـ15 صاروخًا من نوع «غراد»، تجمع القوات النظامية في حاجز دير محردة العسكري في ريف حماه الغربي.
بدوره، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن الكتائب الإسلامية قصفت بالصواريخ مواقع تمركز لقوات النظام في حاجزي بريديج ودير محرّدة، ما أدى إلى مقتل 3 عناصر على الأقل من قوات النظام. كذلك قصفت الكتائب الإسلامية بصواريخ، مناطق في مدينة محردة، التي تسكنها غالبية مسيحية. وأكد في الوقت نفسه أن الاشتباكات العنيفة بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من طرف والفصائل الإسلامية والمقاتلة من طرف آخر، تواصلت أمس بريف حماه الشمالي الغربي، وسط قصف الطيران الحربي والمروحي لمناطق الاشتباك، وفتح الطيران الحربي بعد منتصف ليل أمس نيران رشاشاته الثقيلة على مناطق في قرية عطشان بريف حماه الشرقي.
وأشار المرصد السوري إلى مقتل 10 مقاتلين من قوات المعارضة خلال اشتباكات مع قوات النظام في محيط حواجز قوات النظام في ريف حماه الشمالي الغربي ليل الخميس - الجمعة. وتأتي هجمات المعارضة ضمن معركة «شفاء الصدور» التي أطلقتها قوات المعارضة، للسيطرة على مواقع عسكرية نظامية بريف حماه الشمالي. وذكر موقع «دُرر شامية» أن الثوار بدأوا المعركة بالتمهيد المدفعي، حيث استهدفوا حواجز تل ملح والجبين وشليوط وتل الحماميات بقذائف المدفعية الثقيلة وقذائف الهاون، قبل أن تتطور إلى معارك طاحنة أسفرت عن مقتل مقاتلين.
ويشارك في هذه المعركة كلٌّ من: فيلق الشام، والفوج 11، وتجمع العزة، ولواء سيف الله، وتجمع صقور الغاب، وكتيبة حذيفة بن اليمان، والفرقة 13، ولواء الشام، ولواء العاديات، وجبهة صمود، وجبهة الإنقاذ المقاتلة، ولواء الإيمان، وأنصار حماه، وفرسان الحق، والفرقة 101، وجبهة شام، وجيش الفاتحين، والهيئة الشرعية في حماه وريفها. أما في ريف إدلب، فتواصلت الاشتباكات العنيفة بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من طرف والكتائب الإسلامية و«جبهة النصرة» (تنظيم القاعدة في بلاد الشام) من طرف آخر، في محيط معسكر المسطومة، جنوب مدينة إدلب، في حين أفاد ناشطون بأن الطيران المروَحي واصل قصفه بالبراميل المتفجرة مناطق في قرية مجارز بين بلدتي سراقب وسرمين، في حين نفذ الطيران الحربي عدة غارات على مناطق في بلدات طعوم وتفتناز والطلحية.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.