الحركة الشعبية في السودان تطلق سراح 42 أسيرًا

المتحدث باسم الجيش ينفي لـ {الشرق الأوسط} استخدام قواته قنابل محرمة دوليًا في حربه ضد متمرديها

الحركة الشعبية في السودان تطلق سراح 42 أسيرًا
TT

الحركة الشعبية في السودان تطلق سراح 42 أسيرًا

الحركة الشعبية في السودان تطلق سراح 42 أسيرًا

أعلنت مبادرة سائحون، وهم مجاهدو الحركة الإسلامية الذين قاتلوا مع الحكومة السودانية في الحرب الأهلية ضد جنوب السودان (1990 - 2005) عن إطلاق سراح 42 أسيرًا بينهم 22 من عمال التعدين كانت الحركة الشعبية لتحرير السودان قد قامت بأسرهم في الحرب الدائرة في منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق التي دخلت عامها الرابع، وكانت الحركة قد نشرت أسماء الأسرى بطرفها ليتم نقلهم إلى دولة ثالثة بواسطة اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي ينتظر أن تنقلهم إلى السودان بعد موافقة الخرطوم.
وقال بيان صادر من المتحدث الرسمي باسم مبادرة «سائحون» علي عثمان، تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إن اجتماعات عقدتها قياداتها مع رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان (شمال) مالك عقار وأمينها العام ياسر عرمان، بالاشتراك مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر الأسبوع الماضي، وأكد البيان أن الاجتماع «أسفر عن تحرير عشرات الأسرى وعمال تعدين تم أسرهم في مناطق سيطرة المتمردين»، وقال البيان: «نبتهل للمولى عز وجل أن يبارك هذه الخطوة ويعود الأسرى إلى ذويهم وأسرهم ليعود لهذه الأسر الحزينة الفرح».
وأوضح عثمان في بيانه أن قيادات المبادرة بحثت مع قادة الحركة الشعبية إجراءات استكمال إطلاق سراح الأسرى، وقال: «لقد تم التوصل إلى اتفاق يقضي باستلام قائمة بأسماء عشرين أسيرًا متفقا على تحريرهم لمبادرة (سائحون) واللجنة الدولية للصليب الأحمر إبداء لحسن النيات»، مشيرًا إلى أن الحركة الشعبية لتحرير السودان (شمال) بادرت بتسليم مجموعته قائمة بأسماء 22 مدنيًّا من عمال شركات التعدين موجودين في المناطق التي تقع تحت سيطرة الحركة في ولاية النيل الأزرق، ويصبح بذلك عدد المفرج عنهم من الأسرى 42 أسير حرب وعمال التعدين، وأضاف: «ستتابع مبادرة السائحون مع السلطات الحكومية في الخرطوم إجراءات تسهيل تسليم الأسرى إلى ذويهم عبر إذن لطائرة اللجنة الدولية للصليب الأحمر أو ترحيلهم عبر البر إلى إحدى الدول المجاورة للسودان». وعبر عن إشادته بحرص الحركة الشعبية على استكمال عملية إطلاق سراح الأسرى وإيفائها بوعدها بتسليم قائمة أسماء العشرين أسيرًا، وقال: «هذه خطوة تنم عن إنسانية في التعامل مع موضوع الأسرى».
وعلى صعيد آخر نفى الجيش السوداني بشدة اتهامات منظمة هيومان رايتس ووتش باستخدامه قنابل عنقودية في جبال النوبة جنوب كردفان ضد المدنيين أو المتمردين، ووصفها بغير الصحيحة وأنها لا تستقيم مع أخلاق السودانيين، وأكدت أنها لا تملك مثل هذه القنابل، وقد اتهمت منظمة «هيومان رايتس ووتش» الخرطوم باستخدام قنابل عنقودية في مناطق جبال النوبة في ولاية جنوب كردفان خلال شهري فبراير (شباط) ومارس الماضيين، وهي تعد من الأسلحة المحظورة والمحرمة دوليًّا ولم يوقع السودان على الاتفاقية الدولية التي تحظرها بعد.
وقال المتحدث الرسمي باسم الجيش السوداني الصوامي خالد سعد لـ«الشرق الأوسط» في اتصال هاتفي معه، إن الاتهامات التي أطلقتها منظمة «هيومان رايتس ووتش» عارية عن الصحة تمامًا، وأضاف: «الجيش السوداني لا يملك قنابل عنقودية، وقواتنا لا تستهدف المدنيين، ولا يستقيم عقلاً أن نستخدم مثل هذه الأسلحة المحرمة حتى مع المتمردين، ناهيك بالمواطنين؛ لأن المتمرد هو سوداني». وقال: «ليس بجريرة المتمرد أن نستخدم قنابل ضد المدنيين؛ لأن القوات المسلحة تعمل على الفصل بين أبناء النوبة بعضهم ضد بعض، وليس من أهدافها قتل أبناء الوطن».
وتابع: «إذا وضع عبد العزيز الحلو - نائب رئيس الحركة الشعبية المتمردة في السودان - السلاح اليوم، فلن يكون هناك قتال في جبال النوبة»، مشددًا على أن القوات الحكومية لا تقوم بعمليات قصف ضد المدنيين إطلاقا، كما أنها لا تستخدم قنابل عنقودية ضد السودانيين، وقال: «حربنا ضد المتمردين في دارفور أو في جنوب السودان سابقا، لم نقصف المدنيين، بل كنا نحميهم من المتمردين الذين يستهدفونهم».
وكان رئيس قسم أفريقيا في منظمة «هيومان رايتس ووتش» دانيال بيكلي في تقرير تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه قد قال إن «الأدلة على إلقاء الجيش السوداني قنابل عنقودية في جنوب كردفان تثبت عدم اكتراث الحكومة التام للسكان المدنيين». وتابع: «يجب على السودان أن يتوقف فورًا عن استخدام هذه الأسلحة المروعة وإتلاف مخزونه منها، واحترام الحظر المفروض على الذخائر العنقودية بالتوقيع على الاتفاقية التي تحظر استخدامها».
وقال: «بالإضافة إلى استمراره في حملات القصف على مناطق المدنيين، تشير الأدلة إلى أن السودان لا يزال يستخدم القنابل العنقودية». وتابع: «حكومة السودان في حاجة إلى وقف عمليات قصف المدنيين ووقف إلقاء القنابل العنقودية، التي يمكن أن تهدد حياة المدنيين على مدى سنوات مقبلة».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.