بالصور... نيويورك تحتفل بالعام الجديد رغم الوباء

جانب من احتفالات العام الميلادي الجديد في ساحة تايمز سكوير بنيويورك (إ.ب.أ)
جانب من احتفالات العام الميلادي الجديد في ساحة تايمز سكوير بنيويورك (إ.ب.أ)
TT

بالصور... نيويورك تحتفل بالعام الجديد رغم الوباء

جانب من احتفالات العام الميلادي الجديد في ساحة تايمز سكوير بنيويورك (إ.ب.أ)
جانب من احتفالات العام الميلادي الجديد في ساحة تايمز سكوير بنيويورك (إ.ب.أ)

رغم الموجة الجديدة من وباء «كوفيد - 19» التي تضرب نيويورك، احتفلت عاصمة الولايات المتحدة الثقافية برأس السنة في ساحة تايمز سكوير الشهيرة في قلب حي مانهاتن مع إسقاط كرة الكريستال بحلول منتصف الليل ونثر قصاصات الورق فوق الميدان، وأضيف إلى المراسم هذه السنة أداء رئيس البلدية الجديد إريك أدامز اليمين الدستورية.
وفي العام الماضي، أقيم هذا الحدث المعروف في جميع أنحاء العالم والذي يحتفل به وسط الموسيقى والمفرقعات ليل 31 يناير (كانون الثاني) 2020 في ساحة شبه مقفرة بعد أشهر مروعة من الإصابات والوفيات جراء انتشار فيروس كورونا.

وهذه السنة، وفى رئيس بلدية نيويورك المنتهية ولايته بيل دي بلازيو بوعده بعودة الاحتفالات، فأطلق في تمام الساعة 23:59 قبل دقيقة من بدء العام الجديد، عملية العد العكسي أمام حشد اقتصر على 15 ألف شخص جميعهم ملقحون ويضعون كمامات، في حين تغص الساحة عادة بستين ألف محتفل.

وكما في كل سنة، استغرق الأمر ستين ثانية لإنزال الكرة المتوهجة البالغ قطرها 3.5 متر وزنتها أكثر من خمسة أطنان من أعلى عمود طوله عشرون متراً، وفي تمام منتصف الليل أطفئت الكرة وانطلقت ألعاب نارية في عرض كان مقتضباً هذه السنة، وسط هتافات الحشد الذي استقبل العام الجديد بتبادل القبلات.
وطبقاً للتقاليد المتبعة كل سنة، ألقي أكثر من 1.3 طن من النثار من أعلى سطوح المباني المحيطة بتايمز سكوير.

وأبدت تاليا غرين الفتاة البالغة 12 عاماً فرحتها بالمشهد الذي قدمت من فلوريدا مع عائلتها لمشاهدته في رحلة بالسيارة استغرقت 23 ساعة، وقالت: «هذه التجربة، الأضواء، المشهد الرائع ورؤية الناس هكذا، إنه أمر جميل حقاً».
ولم تكن عائلة تاليا الوحيدة التي قدمت من ولاية أخرى، وقالت كروني ستوكس التي جاءت مع شريكها من مدينة ممفيس بولاية تينيسي (جنوب) متحدثة لوكالة الصحافة الفرنسية «إنه حلم لنا».
وأضافت: «رؤية هبوط الكرة في رأس السنة كان على قائمة الأشياء التي نود القيام بها، وتلقينا اللقاح من أجل ذلك»، مضيفة: «لم نكن ننوي أخذ اللقاح في بادئ الأمر، لكننا قرأنا تعليمات السلطات الصحية، فقمنا بذلك من أجل القدوم إلى هنا».

وبمواجهة تفشي المتحورة «أوميكرون» شديدة العدوى خلال الأسابيع الأخيرة وفي ظل الخوف من تكرار كابوس 2020 حين كانت نيويورك بؤرة وباء «كوفيد - 19». راهنت المدينة وولاية نيويورك على اللقاح وفحوص كشف الإصابات.
وأعلنت حاكمة ولاية نيويورك كاثي هوكل أمس (الجمعة) تسجيل أكثر من 76500 إصابة بفيروس كورونا من أصل 340 ألف شخص أجريت لهم فحوص الكشف خلال الساعات الـ24 الأخيرة، مما يعتبر حصيلة قياسية للولاية البالغ عدد سكانها 20 مليون نسمة.
وثمة نحو ثمانية آلاف مريض في المستشفيات.
قدمت ماكنزي ليلارد من دنفر بولاية كولورادو إلى نيويورك للمشاركة في الاحتفالات، وهي تقول إن خوفها من الإصابة بالوباء تراجع بعد تلقيها اللقاح بجرعتيه والجرعة والمعززة.

وإلى الاحتفالات، شهدت «تايمز سكوير» هذه السنة بعيد منتصف الليل انتقال مهام رئاسة بلدية المدينة من بيل دي بلازيو إلى خلفه إريك أدامز، الشرطي السابق الأسود الذي انتخب في 2 نوفمبر (تشرين الثاني) بناء على برنامج يقوم على مكافحة الجريمة والفروقات الاجتماعية والاقتصادية في مدينة أشبه بفسيفساء اجتماعية وثقافية.
وأقسم أدامز اليمين على نسخة من الكتاب المقدس حاملاً صورة والدته المتوفاة، وبجانبه عائلته.

وبدأ المحتفلون بالتجمع بعد الظهر في الساحة التي تقام فيها احتفالات رأس السنة كل عام منذ مطلع القرن العشرين.
و«تايمز سكوير»، الواقعة عند ملتقى برودواي والشارع الثاني والأربعين، معروفة في العالم بأضوائها المشعة ليل نهار ولافتات المسارح والملاهي التي تغص بها واللوحات الإعلانية المنشرة على جوانبها، وهي التي أعطت نيويورك لقب «المدينة التي لا تنام أبداً»، ولو أنها لم تستعد بعد حالياً حيوية وصخب ما قبل الأزمة الصحية.


مقالات ذات صلة

صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تعلمت البشرية من جائحة «كورونا» أن لا شيء يفوق أهميةً الصحتَين الجسدية والنفسية (رويترز)

بعد ظهوره بـ5 سنوات.. معلومات لا تعرفها عن «كوفيد 19»

قبل خمس سنوات، أصيبت مجموعة من الناس في مدينة ووهان الصينية، بفيروس لم يعرفه العالم من قبل.

آسيا رجل يرتدي كمامة ويركب دراجة في مقاطعة هوبي بوسط الصين (أ.ف.ب)

الصين ترفض ادعاءات «الصحة العالمية» بعدم التعاون لتوضيح أصل «كورونا»

رفضت الصين ادعاءات منظمة الصحة العالمية التي اتهمتها بعدم التعاون الكامل لتوضيح أصل فيروس «كورونا» بعد 5 سنوات من تفشي الوباء.

«الشرق الأوسط» (بكين)

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟