بين إلغاء الحفلات وتشديد القيود على التجمّعات وحصر التجمّعات بالعائلة، أرخت جائحة كوفيد-19 بظلالها السبت، للسنة الثانية على التوالي، على الاحتفالات بحلول العام الجديد في وقت ارتفعت فيه بقوة أعداد المصابين بفيروس كورونا على الرّغم من بصيص أمل خجول يلوح في الأفق.
ألغت باريس عرض الألعاب النارية التقليدية بمناسبة رأس السنة (ا.ب)
وشهدت الأشهر الـ12 الأخيرة انتخاب رئيس أميركي جديد وإقامة أول ألعاب أولمبية بدون جمهور وتلاشي الأحلام بالديموقراطية من أفغانستان إلى بورما مروراً بهونغ كونغ وروسيا.
لكنّ الجائحة هي التي كانت تتحكّم مجدداً بالحياة اليومية للقسم الأكبر من البشرية. وتوفي بحسب الأرقام الرسمية أكثر من 5.4 ملايين شخص منذ ظهور الفيروس للمرة الأول في الصين في ديسمبر (كانون الأول) 2019.
وأُصيب بالمرض عدد لا يُحصى من الأشخاص وخضع كثرٌ لتدابير عزل وحظر تجوّل وللكثير من الفحوص.
وتسبّب ظهور المتحوّرة أوميكرون نهاية العام 2021 بتجاوز حصيلة الإصابات اليومية في العالم مليوناً للمرة الأولى، بحسب تعداد لوكالة الصحافة الفرنسية (ا.ف.ب).
احتفالات بالسنة الجديدة في أمستردام (إ.ب.أ)
وأضيفت فرنسا مساء الخميس الى قائمة الدول التي اعلنت أن أوميكرون باتت المتحورة المهيمنة على أراضيها بعد «تقدم كبير» في الأيام الأخيرة.
وفي خطابه لمناسبة حلول العام الجديد، أكد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، الجمعة، أنه حقق الهدف الرسمي القاضي بتوفير جرعة معززة لجميع البالغين قبل نهاية كانون ديسمبر.
واذ اعتبر أن الوضع الراهن «افضل من نظيره العام الفائت» بفضل حملات التلقيح، كرر تشجيع مواطنيه على تلقي اللقاح.
عد تنازلي لدخول العام الجديد في نيويورك (رويترز)
وعلى صعيد العلاجات، وبعدما كانت أول بلد يوافق في نوفمبر (تشرين الثاني) على استخدام العقار المضاد لكوفيد الذي انتجه مختبر ميرك، أجازت بريطانيا الجمعة استخدام عقار مماثل أنتجته شركة فايزر ويعرف باسم «باكسلوفيد»، بحسب ما اعلنت وكالة الأدوية.
وتسجّل بريطانيا والولايات المتحدة وحتى أستراليا التي بقيت لوقت طويل بمنأى من الوباء، أعداد إصابات قياسية.
إلا أن توزيع اللقاحات على نحو 60 في المائة من سكان العالم يبعث بصيص أمل، رغم أن بعض الدول الفقيرة لم تحصل على ما يكفيها من اللقاحات وأن فئة من الشعوب لا تزال مناهضة لها.
وكانت جزر كيريباتي في المحيط الهادئ أول دولة في العالم تستقبل العام الجديد وذلك في الساعة العاشرة من صباح الجمعة (بتوقيت غرينتش)، لكن الاحتفالات الجماهيرية المعتادة سنوياً في هذه المناسبة، من سيول إلى باريس، ألغيت للسنة الثانية على التوالي أو أقيمت على نطاق أضيق بكثير من المعتاد.
شهدت دبي 36 عرضاً للألعاب النارية في 29 موقعاً (إ.ب.أ)
وإذا كانت العاصمة المكسيكية ألغت العديد من التجمّعات الكبيرة التي تقام فيها بمناسبة رأس السنة عادة، فإنّ احتفالات ريو دي جانيرو التي تجمّع عادةً ثلاثة ملايين شخص على شاطئ كوباكابانا لم تُلغَ.
وعلى غرار ما سيحصل في ساحة تايمز سكوير في نيويورك، سيتمّ تقليص الاحتفالات الرسمية لكن يُنتظر حضور حشود كبيرة.
وأبقت سيدني، أكبر مدينة في أستراليا، عرضها للمفرقعات التي أضاءت مرفأها الشهير ستة أطنان من الألعاب النارية، لكنّ الحضور كان خجولاً هذا العام إذ اقتصر على بضع عشرات الآلاف في حين كان في العادة يناهز المليون شخص.
من احتفالات العام الجديد بجنيف (إ.ب.أ)
وتؤكد السلطات الأسترالية أن تغيير موقفها بشكل مفاجئ لناحية التخلي عن استراتيجيتها بعنوان «صفر كوفيد» لصالح استراتيجية «التعايش مع كوفيد»، مبنيّ على معدّلات التلقيح المرتفعة وعلى الاقتناع المتزايد بأن المتحوّرة أوميكرون ليست قاتلة.
وفي الإمارات، أبقت دبي على الاحتفالات على الرّغم من زيادة الإصابات بكورونا في الإمارة، وقد نظّم في أرجاء المدينة 36 عرضاً للألعاب النارية في 29 موقعاً.
وفي باريس حيث ألغي عرض الألعاب النارية التقليدية بمناسبة رأس السنة، تدفّق آلاف السيّاح والمتفرّجين على الشانزليزيه، لكنّ أعداد هؤلاء هي أقلّ بكثير مما اعتادت عليه في مطلع كل عام هذه الجادة الشهيرة. وانتشر وسط هؤلاء المارة شرطيون لفرض التزام الجميع بإلزامية وضع الكمامة.
ألعاب نارية في العاصمة اليونانية أثينا (إ.ب.أ)
أما في قلب مدريد، فتدفّق حوالى 7000 شخص إلى ميدان «لا بويرتا ديل سول» للمشاركة في التجمّع التقليدي لابتلاع 12 حبة من العنب على وقع دقات الساعة الـ12 التي تزفّ حلول العام الجديد.
وفي جنوب أفريقيا حيث اكتُشفت المتحوّرة الجديدة نهاية نوفمبر، رفع حظر التجول الليلي الساري منذ 21 شهراً وتمّ تأخير موعد حظر التجوّل من منتصف الليل إلى الرابعة فجراً للسماح بإجراء الاحتفالات. لكن وضع الكمامة ما زال إلزامياً في الأماكن العامة وما زالت التجمعات محددة بألف شخص في الخارج وألفين في الأماكن المغلقة.
ويتردد قادة الدول الغربية في إعادة فرض التدابير الصارمة التي كانت مفروضة عام 2020، وذلك لتجنب حصول ركود اقتصادي مرة أخرى.
وشهد العام 2021 في أوروبا وخارجها، زيادة في عدد التظاهرات المناهضة للقيود، في وقت كانت أقلية لا تزال مترددة في أخذ اللقاح، ما أثار مخاوف من كيفية انتهاء الوباء بدون زيادة معدّلات التلقيح.
ويأمل الخبراء في أن تمضي دول العالم في اتجاه تعزيز الإجراءات الوقاية وأن يبشر العام 2022 بمرحلة جديدة بالنسبة للوباء، يسجّل خلالها عدد أقلّ من الوفيات. لكن منظمة الصحة العالمية تتوقع أن تكون الأشهر المقبلة عصيبة.