إدانات لـ«العنف المفرط» للسلطات العسكرية في السودان

فنانون ورجال دين يلغون احتفالات رأس السنة واستقالة مسؤولين احتجاجاً

سحب الدخان والغازات تغطي سماء الخرطوم خلال اشتباكات بين المحتجين وقوات الأمن يوم الخميس (رويترز)
سحب الدخان والغازات تغطي سماء الخرطوم خلال اشتباكات بين المحتجين وقوات الأمن يوم الخميس (رويترز)
TT

إدانات لـ«العنف المفرط» للسلطات العسكرية في السودان

سحب الدخان والغازات تغطي سماء الخرطوم خلال اشتباكات بين المحتجين وقوات الأمن يوم الخميس (رويترز)
سحب الدخان والغازات تغطي سماء الخرطوم خلال اشتباكات بين المحتجين وقوات الأمن يوم الخميس (رويترز)

تصاعدت الإدانات الدولية والمحلية للعنف المفرط الذي استخدمته القوات العسكرية السودانية ضد المحتجين السلميين، والذي أدى لمقتل 5 محتجين، وإصابة العشرات معظمهم بالذخيرة الحية، ونتجت عنه ردود فعل محلية قوية، فاستقال عدد من كبار المسؤولين ومنهم عضو في مجلس السيادة الانتقالي ووزير مكلف، ووجه أئمة مساجد وقوى سياسية ومجتمعية انتقادات قوية، حملوا فيها قادة الجيش والقوات الأمنية المسؤولية عن الأرواح التي أزهقت.
من جانبه انتقد الاتحاد الأوروبي «الإعلان السياسي» بين قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك. وقال إنه وبالرغم من مرور أكثر من شهر على توقيعه، لم تجر «تحقيقات ذات مصداقية» في أي من عمليات القتل. وأدان الاتحاد بشدة مقتل 4 متظاهرين سلميين على يد القوات الأمنية، والاعتداء على وسائل الإعلام والمستشفيات، واعتبرها غير مقبولة، ودعا إلى احترام حق الشعب السوداني في حرية التعبير السلمي، وتقديم مرتكبي العنف للعدالة.
وأبدى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن استياءه من استخدام قوات الأمن القوة المميتة ضد المتظاهرين، وحجب خدمة الإنترنت والاعتداء على وسائل الإعلام. وأعلن وقوف الولايات المتحدة إلى جانب الشعب السوداني في مطالبته بـ«الحرية والسلام والعدالة»، وهي الشعارات التي رفعتها الثورة السودانية التي أطاحت بحكم الإسلاميين بقيادة الرئيس المعزول عمر البشير. وقال مبعوث الأمم المتحدة الخاص للسودان فولكر بيرتيس إنه «منزعج للغاية» من سقوط قتلى.
محلياً، تحدثت مصادر صحافية عن تقدم عضو مجلس السيادة الطبيب عبد الباقي عبد القادر الزبير، باستقالته احتجاجاً على العنف المفرط الذي استخدمته القوات العسكرية ضد المحتجين السلميين.
وقدم وكيل وزارة الصحة، المكلف مهام الوزير، هيثم محمد عثمان استقالته لرئيس الوزراء، احتجاجاً على العنف المفرط وسوء الخدمات الصحية. وقال في استقالته إن الوضع السياسي في البلاد ازداد توتراً ما أثر على الخدمات الصحية والطبية، و«زاد الأمر سوءاً وضغطاً على الصحة، والمؤسسات الصحية، ازدياد القتل والإصابات، للحد الذي تعجز معه مستشفياتنا عن الاستجابة». وندد الوزير المكلف بالاعتداء على حرمة المستشفيات والمؤسسات الصحية، واقتحامها وتعرض الكوادر الطبية والمرضى والزوار للضرب والغاز المسيل للدموع، وعدم استجابة الجهات المسؤولة للتنبيهات المتكررة من قبل وزارته.
وأدان عضو «مجلس السيادة» الهادي إدريس العنف المفرط، ودعا بحسب تقارير صحافية محلية إلى الكشف عن هوية المعتدين للرأي العام.
وشن أئمة مساجد في خطبة الجمعة حملات عنيفة ضد القيادة العسكرية ورئيس «مجلس السيادة» عبد الفتاح البرهان، وقالوا إن العنف ضد المتظاهرين جريمة دنيوية وأخروية. يُذكر أنه في 25 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، نفذ قائد الجيش عبد الفتاح البرهان انقلاباً على الحكومة المدنية، وأعلن حالة الطوارئ وألغى نصوص الشراكة بين الجيش و«قوى الحرية والتغيير» وحل مجلسي السيادة والوزراء، بيد أنه أعاد تسمية نفسه رئيساً لمجلس السيادة، وبموجب ذلك عين مجلس سيادة جديداً. وبعد إعادته لممارسة مهام منصبه، كلف رئيس الوزراء عبد الله حمدوك وكلاء وزارات جددا، منهم وكيل الصحة المستقيل.
وأعلنت جهات دينية وفنية مقاطعة احتفالات رأس السنة وأعياد الميلاد. وأعلن أسقف أبرشية أم درمان وعطبرة وشمالي السودان، الأنبا صرابامون إلغاء احتفال رأس السنة الميلادية، مراعاة لمشاعر أسر المتوفين والمصابين.
وأعلن مطربون ومغنون إلغاء حفلاتهم التقليدية بمناسبة رأس السنة حداداً على القتلى وحزناً على المصابين، واحتجاجاً على العنف المفرط الذي استخدمته السلطات.
وشهد السودان أول من أمس احتجاجات شعبية واسعة طالبت بعودة العسكر إلى الثنكات ومحاسبة قتلة الشهداء، وتسليم السلطة للمدنيين، واجهتها القوات العسكرية بعنف مفرط، أدى إلى مقتل 4 أشخاص وإصابة 297 بمدن السودان المختلفة. بيد أن تقارير لاحقة صادرة عن جهات طبية، ذكرت أن عدد القتلى في أحداث الخميس بلغ 5 شهداء، بعد وفاة أحد المصابين في المستشفى متأثرا بجراحه. ومنذ انقلاب البرهان في أكتوبر الماضي، بلغ عدد القتلى من المحتجين السلميين 52 قتيلاً بينهم نساء وأطفال، ومئات الجرحى والمصابين، جراء العنف المفرط الذي استخدمته السلطات الأمنية، وهو الأمر الذي ألغى فعلياً إعلان البرهان حمدوك السياسي الموقع في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، لفشله في حقن دماء المواطنين.
وشهد الخميس الماضي مواكب احتجاجية شارك فيها مئات الآلاف في معظم مدن السودان، فأغلقت السلطات العسكرية الجسور، وعزلت الخرطوم عن كل من أم درمان والخرطوم بحري، للحيلولة بين المحتجين والوصول للقصر الرئاسي. كما قطعت خدمات الإنترنت والاتصالات المحلية والدولية، ونشرت قوات عسكرية كبيرة في أنحاء العاصمة المختلفة. بيد أن المحتجين أفلحوا في اختراق الحواجز والوصول لمحيط القصر الرئاسي، فواجهتهم القوات الأمنية بالعنف المفرط الذي نتجت عنه عمليات القتل في أم درمان، ومئات الإصابات في الخرطوم والخرطوم بحري ومدن البلاد الأخرى. إلى ذلك، ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أن السلطات السودانية عن مراسلتي قناة «الشرق» في السودان بعد ساعات من احتجازهما داخل مكتب القناة الخميس في الخرطوم. وأكد بيان أصدرته «الشرق» في ساعة متأخرة من مساء أول من أمس أن «السلطات السودانية أفرجت عن الزميلتين مها التلب وسالي عثمان بعد أن احتجزهما جهاز الأمن لساعات داخل مكتب (الشرق)».



تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
TT

تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)

أصدرت الدول العربية المجتمعة في مدينة في الأردن، اليوم السبت، بيانها الختامي الذي أكدت فيه دعمها لعملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية.

وقال البيان بعد اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا التي تضم: الأردن، والسعودية، والعراق، ولبنان، ومصر، وأمين عام جامعة الدول العربية، وبحضور وزراء خارجية الإمارات، ومملكة البحرين، الرئيس الحالي للقمة العربية، ودولة قطر، وذلك ضمن اجتماعات العقبة حول سوريا: «أكد المجتمعون الوقوف إلى جانب الشعب السوري الشقيق، وتقديم كل العون والإسناد له في هذه المرحلة الدقيقة، واحترام إرادته وخياراته».

وأضاف: «ندعم عملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية، وبمن فيها المرأة والشباب والمجتمع المدني بعدالة، وترعاها الأمم المتحدة والجامعة العربية، ووفق مبادئ قرار مجلس الأمن رقم 2254 وأهدافه وآلياته».

كما دعا البيان إلى «تشكيل هيئة حكم انتقالية جامعة بتوافق سوري، والبدء بتنفيذ الخطوات التي حددها القرار للانتقال من المرحلة الانتقالية إلى نظام سياسي جديد، يلبي طموحات الشعب السوري بكل مكوناته، عبر انتخابات حرة ونزيهة، تشرف عليها الأمم المتحدة، استناداً إلى دستور جديد يُقره السوريون، وضمن تواقيت محددة وفق الآليات التي اعتمدها القرار».

وأكد البيان على «دعم دور المبعوث الأممي إلى سوريا، والطلب من الأمين العام للأمم المتحدة تزويده بكل الإمكانات اللازمة، وبدء العمل على إنشاء بعثة أممية لمساعدة سوريا؛ لدعم العملية الانتقالية في سوريا ورعايتها، ومساعدة الشعب السوري الشقيق في إنجاز عملية سياسية يقودها السوريون وفق القرار 2254».

وشدد على أن «هذه المرحلة الدقيقة تستوجب حواراً وطنياً شاملاً، وتكاتف الشعب السوري بكل مكوناته وأطيافه وقواه السياسية والاجتماعية؛ لبناء سوريا الحرة الآمنة المستقرة الموحدة التي يستحقها الشعب السوري بعد سنوات طويلة من المعاناة والتضحيات».

إلى ذلك طالب البيان بـ«ضرورة الوقف الفوري لجميع العمليات العسكرية»، وأكد «ضرورة احترام حقوق الشعب السوري بكل مكوناته، ومن دون أي تمييز على أساس العرق أو المذهب أو الدين، وضمان العدالة والمساواة لجميع المواطنين».

ودعا إلى «ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية، وتعزيز قدرتها على القيام بأدوارها في خدمة الشعب السوري، وحماية سوريا من الانزلاق نحو الفوضى، والعمل الفوري على تمكين جهاز شرطي لحماية المواطنين وممتلكاتهم ومقدرات الدولة السورية».

وحث على «الالتزام بتعزيز جهود مكافحة الإرهاب والتعاون في محاربته، في ضوء أنه يشكل خطراً على سوريا وعلى أمن المنطقة والعالم، ويشكل دحره أولوية جامعة».

أيضاً، أكد البيان «التضامن المطلق مع الجمهورية العربية السورية الشقيقة في حماية وحدتها وسلامتها الإقليمية وسيادتها وأمنها واستقرارها وسلامة مواطنيها. وتوفير الدعم الإنساني الذي يحتاج إليه الشعب السوري، بما في ذلك من خلال التعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

وتطرق إلى العمل على «تهيئة الظروف الأمنية والحياتية والسياسية للعودة الطوعية للاجئين السوريين إلى وطنهم، وتقديم كل العون اللازم لذلك، وبالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

كذلك، أدان البيان توغل إسرائيل داخل المنطقة العازلة مع سوريا وسلسلة المواقع المجاورة لها في جبل الشيخ ومحافظتي القنيطرة وريف دمشق، ورفضه احتلالاً غاشماً وخرقاً للقانون الدولي ولاتفاق فك الاشتباك المبرم بين سوريا وإسرائيل في عام 1974، مطالباً بانسحاب القوات الإسرائيلية.

كما أدان الغارات الإسرائيلية على المناطق والمنشآت الأخرى في سوريا، وأكد أن هضبة الجولان أرض سورية عربية محتلة يجب إنهاء احتلالها، مطالباً مجلس الأمن باتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف هذه الاختراقات.

وأوضح أن التعامل مع الواقع الجديد في سوريا سيرتكز على مدى انسجامه مع المبادئ والمرتكزات أعلاه، وبما يضمن تحقيق الهدف المشترك في تلبية حقوق الشعب السوري وتطلعاته.