تصاعدت الإدانات الدولية والمحلية للعنف المفرط الذي استخدمته القوات العسكرية السودانية ضد المحتجين السلميين، والذي أدى لمقتل 5 محتجين، وإصابة العشرات معظمهم بالذخيرة الحية، ونتجت عنه ردود فعل محلية قوية، فاستقال عدد من كبار المسؤولين ومنهم عضو في مجلس السيادة الانتقالي ووزير مكلف، ووجه أئمة مساجد وقوى سياسية ومجتمعية انتقادات قوية، حملوا فيها قادة الجيش والقوات الأمنية المسؤولية عن الأرواح التي أزهقت.
من جانبه انتقد الاتحاد الأوروبي «الإعلان السياسي» بين قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك. وقال إنه وبالرغم من مرور أكثر من شهر على توقيعه، لم تجر «تحقيقات ذات مصداقية» في أي من عمليات القتل. وأدان الاتحاد بشدة مقتل 4 متظاهرين سلميين على يد القوات الأمنية، والاعتداء على وسائل الإعلام والمستشفيات، واعتبرها غير مقبولة، ودعا إلى احترام حق الشعب السوداني في حرية التعبير السلمي، وتقديم مرتكبي العنف للعدالة.
وأبدى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن استياءه من استخدام قوات الأمن القوة المميتة ضد المتظاهرين، وحجب خدمة الإنترنت والاعتداء على وسائل الإعلام. وأعلن وقوف الولايات المتحدة إلى جانب الشعب السوداني في مطالبته بـ«الحرية والسلام والعدالة»، وهي الشعارات التي رفعتها الثورة السودانية التي أطاحت بحكم الإسلاميين بقيادة الرئيس المعزول عمر البشير. وقال مبعوث الأمم المتحدة الخاص للسودان فولكر بيرتيس إنه «منزعج للغاية» من سقوط قتلى.
محلياً، تحدثت مصادر صحافية عن تقدم عضو مجلس السيادة الطبيب عبد الباقي عبد القادر الزبير، باستقالته احتجاجاً على العنف المفرط الذي استخدمته القوات العسكرية ضد المحتجين السلميين.
وقدم وكيل وزارة الصحة، المكلف مهام الوزير، هيثم محمد عثمان استقالته لرئيس الوزراء، احتجاجاً على العنف المفرط وسوء الخدمات الصحية. وقال في استقالته إن الوضع السياسي في البلاد ازداد توتراً ما أثر على الخدمات الصحية والطبية، و«زاد الأمر سوءاً وضغطاً على الصحة، والمؤسسات الصحية، ازدياد القتل والإصابات، للحد الذي تعجز معه مستشفياتنا عن الاستجابة». وندد الوزير المكلف بالاعتداء على حرمة المستشفيات والمؤسسات الصحية، واقتحامها وتعرض الكوادر الطبية والمرضى والزوار للضرب والغاز المسيل للدموع، وعدم استجابة الجهات المسؤولة للتنبيهات المتكررة من قبل وزارته.
وأدان عضو «مجلس السيادة» الهادي إدريس العنف المفرط، ودعا بحسب تقارير صحافية محلية إلى الكشف عن هوية المعتدين للرأي العام.
وشن أئمة مساجد في خطبة الجمعة حملات عنيفة ضد القيادة العسكرية ورئيس «مجلس السيادة» عبد الفتاح البرهان، وقالوا إن العنف ضد المتظاهرين جريمة دنيوية وأخروية. يُذكر أنه في 25 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، نفذ قائد الجيش عبد الفتاح البرهان انقلاباً على الحكومة المدنية، وأعلن حالة الطوارئ وألغى نصوص الشراكة بين الجيش و«قوى الحرية والتغيير» وحل مجلسي السيادة والوزراء، بيد أنه أعاد تسمية نفسه رئيساً لمجلس السيادة، وبموجب ذلك عين مجلس سيادة جديداً. وبعد إعادته لممارسة مهام منصبه، كلف رئيس الوزراء عبد الله حمدوك وكلاء وزارات جددا، منهم وكيل الصحة المستقيل.
وأعلنت جهات دينية وفنية مقاطعة احتفالات رأس السنة وأعياد الميلاد. وأعلن أسقف أبرشية أم درمان وعطبرة وشمالي السودان، الأنبا صرابامون إلغاء احتفال رأس السنة الميلادية، مراعاة لمشاعر أسر المتوفين والمصابين.
وأعلن مطربون ومغنون إلغاء حفلاتهم التقليدية بمناسبة رأس السنة حداداً على القتلى وحزناً على المصابين، واحتجاجاً على العنف المفرط الذي استخدمته السلطات.
وشهد السودان أول من أمس احتجاجات شعبية واسعة طالبت بعودة العسكر إلى الثنكات ومحاسبة قتلة الشهداء، وتسليم السلطة للمدنيين، واجهتها القوات العسكرية بعنف مفرط، أدى إلى مقتل 4 أشخاص وإصابة 297 بمدن السودان المختلفة. بيد أن تقارير لاحقة صادرة عن جهات طبية، ذكرت أن عدد القتلى في أحداث الخميس بلغ 5 شهداء، بعد وفاة أحد المصابين في المستشفى متأثرا بجراحه. ومنذ انقلاب البرهان في أكتوبر الماضي، بلغ عدد القتلى من المحتجين السلميين 52 قتيلاً بينهم نساء وأطفال، ومئات الجرحى والمصابين، جراء العنف المفرط الذي استخدمته السلطات الأمنية، وهو الأمر الذي ألغى فعلياً إعلان البرهان حمدوك السياسي الموقع في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، لفشله في حقن دماء المواطنين.
وشهد الخميس الماضي مواكب احتجاجية شارك فيها مئات الآلاف في معظم مدن السودان، فأغلقت السلطات العسكرية الجسور، وعزلت الخرطوم عن كل من أم درمان والخرطوم بحري، للحيلولة بين المحتجين والوصول للقصر الرئاسي. كما قطعت خدمات الإنترنت والاتصالات المحلية والدولية، ونشرت قوات عسكرية كبيرة في أنحاء العاصمة المختلفة. بيد أن المحتجين أفلحوا في اختراق الحواجز والوصول لمحيط القصر الرئاسي، فواجهتهم القوات الأمنية بالعنف المفرط الذي نتجت عنه عمليات القتل في أم درمان، ومئات الإصابات في الخرطوم والخرطوم بحري ومدن البلاد الأخرى. إلى ذلك، ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أن السلطات السودانية عن مراسلتي قناة «الشرق» في السودان بعد ساعات من احتجازهما داخل مكتب القناة الخميس في الخرطوم. وأكد بيان أصدرته «الشرق» في ساعة متأخرة من مساء أول من أمس أن «السلطات السودانية أفرجت عن الزميلتين مها التلب وسالي عثمان بعد أن احتجزهما جهاز الأمن لساعات داخل مكتب (الشرق)».
إدانات لـ«العنف المفرط» للسلطات العسكرية في السودان
فنانون ورجال دين يلغون احتفالات رأس السنة واستقالة مسؤولين احتجاجاً
إدانات لـ«العنف المفرط» للسلطات العسكرية في السودان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة