حركة المسافرين وإجراءات «المركزي» توقفان تدهور سعر صرف الليرة

240 ألف وافد عبر مطار بيروت خلال شهر

شجرة الميلاد في وسط بيروت أمس (أ.ف.ب)
شجرة الميلاد في وسط بيروت أمس (أ.ف.ب)
TT

حركة المسافرين وإجراءات «المركزي» توقفان تدهور سعر صرف الليرة

شجرة الميلاد في وسط بيروت أمس (أ.ف.ب)
شجرة الميلاد في وسط بيروت أمس (أ.ف.ب)

ساهمت حركة المسافرين إلى لبنان، إلى جانب إجراءات مالية اتخذها مصرف لبنان، بكبح الانخفاض الدراماتيكي بسعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأميركي وضبطه نسبياً، حيث شهد سعر صرف الدولار استقراراً نسبياً عند حدود الـ27 ألف ليرة خلال الأسبوعين الأخيرين، خلافاً لما كان عليه الأمر في الأشهر الثلاثة الماضية.
واستقبل لبنان خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي نحو 240 ألف زائر دخلوا البلاد عبر مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، وهم من المغتربين والسياح الذين يحملون العملة الصعبة، ما أدى إلى فائض في العرض مقابل الطلب على الدولار، وهو ما ساهم في تحقيق استقرار نسبي في سعره.
وتدهور سعر صرف الليرة مقابل الدولار بشكل قياسي خلال الأشهر الثلاثة الماضية على ضوء التأزم السياسي وعدم اجتماع الحكومة، وانخفضت قيمة الليرة من 18 ألف ليرة للدولار الواحد في شهر سبتمبر (أيلول) الفائت، إلى نحو 27 ألف ليرة في منتصف شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قبل أن يستقر سعر الصرف على هذه القيمة طوال الأسبوعين الماضيين. وأعاد خبراء هذا الاستقرار إلى ضخ العملة الصعبة لدى الصرافين، مما صنع تجانساً نسبياً بين العرض والطلب.
وقال رئيس مطار رفيق الحريري الدولي فادي الحسن لـ«الشرق الأوسط»، إن أرقام الوافدين حتى أمس قاربت الـ240 ألف وافد عبر المطار، لافتاً إلى أن معظمهم من اللبنانيين المغتربين الذين حضروا لتمضية إجازات الأعياد. وقال إن أرقام شهر ديسمبر (كانون الأول) في العادة «تكون الأعلى»، لكنه سجل أن هذا الرقم «هو الأعلى منذ عامين في مثل هذا الشهر»، ويقترب عددهم من أعداد المسافرين عبر المطار في ديسمبر (كانون الأول) ما قبل الأزمة الاقتصادية والمالية التي ضربت لبنان وبدأت في عام 2019، وقال إن أرقام الوافدين «هي أفضل بطبيعة الحال من أرقام الوافدين في شهر نوفمبر (تشرين الثاني)».
وترى مصادر مصرفية أن أسباب الاستقرار النسبي بسعر الصرف تعود بشكل أساسي إلى عاملين؛ أولهما حركة العائدين إلى لبنان لقضاء عطلة الأعياد، وثانيهما الإجراء المالي الذي اتخذه مصرف لبنان قبل أسبوعين، والقاضي بضخ العملة الصعبة في السوق، عبر تحرير ودائع اللبنانيين في المصارف بالدولار الأميركي، على سعر المنصة.
واستفاد عدد كبير من المودعين من التعميم رقم 161، وذلك بسحب النسبة المسموح لها من أموالهم (بسقف 3 آلاف دولار شهرياً) بالليرة اللبنانية على سعر 8 آلاف ليرة للدولار الواحد، ويحولها المصرف إلى الدولار على سعر المنصة (تراوح بين 22 ألفاً و24 ألفاً للدولار) ويدفعها للمودعين بأوراق نقدية بالدولار. وكان المودعون يحملون هذه الأوراق لصرافتها لدى الصرافين على سعر صرف 27 ألف ليرة تقريباً، وهو ما عدل الميزان بين العرض والطلب في السوق السوداء، حسب ما قالت مصادر مصرفية لـ«الشرق الأوسط».
وأعلن مصرف لبنان المركزي عن ضخ 45 مليون دولار، أيام الاثنين والثلاثاء والأربعاء الماضية، ضمن عمليات منصة «صيرفة»، بسعر تراوح بين 22600 ليرة و23200 ليرة للدولار الواحد، وهي عمليات مصرفية تتم عبر المصارف، ويتم خلالها ضخ القطع النقدية بالدولار في السوق. وتعهد مصرف لبنان في وقت سابق بتجديد التعميم بما يتسنى للبنانيين الاستفادة منه شهرياً.
واستبعدت مصادر مصرفية ارتفاعاً كبيراً في سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية خلال الأشهر المقبلة، على ضوء الاستمرار بالعمل بالتعميم رقم 161، ونية مصرف لبنان تجديد العمل معه، قائلة إن تنفيذ هذا التعميم «يساهم في ضخ الدولارات النقدية في السوق، مما يخفف الطلب على العملة الصعبة لدى الصرافين، وبالتالي يحمي سعر العملة نسبياً». وأشارت المصادر إلى «توقعات بأن تزيد السحوبات اليومية على منصة (صيرفة) إلى حدود الـ30 مليون دولار يومياً بدءاً من هذا الشهر (يناير/ كانون الثاني 2022)، بالنظر إلى أنه عندما صدر التعميم في الشهر الماضي، كان قسم من المودعين قد سحب المسموح له من ودائعه على سعر صرف 3900 ليرة، ولم يستفد بعد من التعميم الجديد (161)».



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.