ليلة «تريو الرياض» تتوج اللحظات الأولى للعام الجديد 2022

ليلة «تريو الرياض» تتوج اللحظات الأولى للعام الجديد 2022
TT

ليلة «تريو الرياض» تتوج اللحظات الأولى للعام الجديد 2022

ليلة «تريو الرياض» تتوج اللحظات الأولى للعام الجديد 2022

استقبل العالم من الرياض عامهم الجديد، وهم يراقبون الساعة لدخول لحظاته الأولى، على وقع الموسيقى التي زيّنت مسرح محمد عبده أرينا، بمشاركة 14 فناناً من أبرز نجوم الغناء العربي، وتحت العروض الضوئية المبهرة لشاشات منطقة بوليفارد الرياض، وعروض الألعاب النارية التي انطلقت في تمام الساعة 12:00 بعد منتصف الليل معلنةً دخول العام 2022.

وتوّجت الرياض التي شهدت طقساً رائعاً أمس (الجمعة)، يجمع هدوء السَحَر برذاذ المطر، حفلات موسمها الترفيهي الأضخم، بليلة «تريو الرياض»، وهي الأولى من نوعها عربياً، لتبدأ بها أولى ليالي العام الجديد، ضمّت فنان العرب محمد عبده، وعبدالمجيد عبدالله، وعبدالله الرويشد، وأنغام، وفهد الكبيسي، وأصالة، وماجد المهندس، وأحلام، ونوال الكويتية، وراشد الماجد، ونبيل شعيل، وعلي بن محمد، ووليد الشامي، وأصيل أبوبكر، وأسماء المنور، قدموا خلالها ساعات من الأغنيات المتنوعة والوصلات الطربية الممتعة.

ورافقت فرقة الأوركسترا الموسيقية المصرية بقيادة المايسترو وليد فايد، الفنانين المشاركين في احتفال «تريو الرياض»، أو ليلة الرياض الثلاثية، وتريو مصطلح مشتق من الإيطالية، يطلق في أغلب الأحوال على أي عمل موسيقي، يقوم ثلاثة أشخاص بالاشتراك في تقديمه من خلال فرقة موسيقية.
https://twitter.com/GEA_SA/status/1477042604097380359
وهو ما انعكس على احتفال الرياض الأسطوري، بمشاركة كل ثلاثة فنانين من قائمة المشاركين في ظهور مشترك لأداء وصلة غنائية واحدة، فيما كان الفنان محمد عبده المحور الأساسي في التريو، مع تغيير في المجموعة المشاركة من نجوم هذه الاحتفالية التي لا تنسى على المسرح الذي يحمل اسم فنان العرب، وعرف حضور الآلاف من الجماهير التي ملأت المدرجات، وشهدت على بزوغ العام الجديد، على متن غيمة من التفاؤل والأمل.

وحظي جمهور بوليفارد رياض سيتي الذي يحتضن مسرح الحفلة، والحضور من خلف الشاشات، بفرصة مشاهدة العد التنازلي للسنة الجديدة بالتزامن مع مدن العالم، وانطلاق الألعاب النارية إيذاناً بدخول العام الجديد.

سماء الرياض التي تزينت بالألوان المضيئة والألعاب النارية ابتهاجاً بحلول العام الجديد، تكرس صورة العاصمة السعودية كوجهة منافسة للسياحة والاحتفالات العالمية.
https://twitter.com/Turki_alalshikh/status/1477032326928510983
وبدأ الفنان القطري فهد الكبيسي، افتتاح الأمسية بأغنية «الحب أسرار»، قليلاً حتى ينضم إليه الفنان علي بن محمد، ويطيران بجناحي الطرب والمتعة للجمهور.
وأضفت العروض الفلكلورية على خشبة المسرح طابعها على الوصلة الغنائية الأولى، وأخذ معها نهر الليلة الساحرة، يتدفق بالمشاعر التي يلفها الطقس البارد العذب.

وانفرد علي بن محمد بالمسرح، تشاركه أسماء المنور حيناً، ووليد الشامي حيناً آخر، في غناء ثنائي لروائعه «أبوس راسك»، «قصر حبك»، ويلتحق بهم الفنان عبدالله الرويشد، في أول إطلالة ثلاثية مشتركة تعكس عنوان الحفلة.
وظهر الفنان نبيل شعيل، لغناء رائعته «ندمان»، وانضم إليه فهد الكبيسي، ثم ماجد المهندس، وتكتمل لوحة غير عادية من غناء ثلاثي، ضاعف من بهائها.

وخاطب رئيس هيئة الترفيه تركي آل الشيخ، جمهور الأمسية وفنانيها، في ليلة تاريخية تليق بمدينة الرياض، تبعه الفنانون في توجيه كلماتهم إلى الجمهور، وحيوا فيهم الروح التي زادت من بهاء الأمسية وألقها.
وقدمت قيثارة الخليج الفنانة نوال الكويتيه‬ في إطلالة أولى، مع النجم عبدالله الرويشد‬ أغنيته «دنيا الوله»، وانضمت إليهم الفنانة أنغام، التي نثرت إبداعها في طبعة مجددة للأغنية الشهيرة.

صوت الأرض، الفنان الكبير طلال مداح، كان حاضراً بطريقة ما، عبر أغنيته «تصدق والا أحلف لك» يتوزع كل من أسماء المنور وفهد الكبيسي وعبدالله الرويشد، مسؤولية الوفاء للراحل ولإرثه العريق.
«ذهب» عنوان الأغنية التي أطل بها الفنان وليد الشامي، قبل أن ينضم إليه زملاؤه، وهكذا يظهر تباعاً الفنانون الـ 14 في وصلات غنائية مشتركة، وأعادوا ابتكار الأغنيات التي طالما سمعها وتعلق بها الناس.

بعد دخول العام الجديد بدقائق، تفصح ليلة «تريو الرياض» عن مفاجأتها غير المتوقعة، إطلالة الفنان عبدالمجيد عبدالله، على المسرح، حولت المدرجات إلى كرنفال من التصفيق، تحية حارة من جمهوره العريض على أنغام أغنيته «قبل أعرفك» وصوته القادم من جوف الانتظار والشوق لإطلالة تساوي حضوره في قلوب جمهوره.

وبعد الظهور المميز للفنان عبدالمجيد، يطلّ الفنان محمد عبده، ليفتتح ظهوره الذي يتوج الأمسية، ويجدها فرصة ليستذكر مع الفنان عبدالمجيد، لحظة من الماضي البعيد، قبل 38 عاماً عندما قدمه لأول مرة إلى الساحة الفنية.
ثم يبدأ فنان العرب حيزه الخاص، ينثر عبق الأغنيات التي احتفظت ببريقها طوال عقود وأجيال، «يا ليل خبرني» أول وصلاته، وبعيداً في شريط الذكريات حيث «جيتك حبيبي»، ثم قريباً منها «سريت ليل الهوى»، و «أنا حبيبي»، يتسع السؤال على شفتي أبو نوره في «وينك يا درب المحبة».



موسيقى تحت النار تصدح في «مترو المدينة» لإعلان الحياة

مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
TT

موسيقى تحت النار تصدح في «مترو المدينة» لإعلان الحياة

مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)

وسط الأجواء المثقلة بالهموم والخوف أعادت رسالة هاتفية بعض الأمل إلى سكان مدينة بيروت، معلنةً عودة أمسيات «مترو المدينة». يتحدث أحد مؤسّسي «مترو» ومديره الفنّي، هشام جابر، مع «الشرق الأوسط» عن ترسيخ الفنون بوصفها احتمالاً للنجاة. ينفض عنها «مفهوماً قديماً» حصر دورها بالترفيه وتمضية الوقت، ليحيلها إلى ما هو عميق وشامل، بجَعْلها، بأصنافها وجمالياتها، مطلباً مُلحّاً لعيش أفضل، وحاجة لتحقيق التوازن النفسي حين يختلّ العالم وتتهدَّد الروح.

موسيقيون عزفوا للمحاربين في هذه الاستراحة (مترو المدينة)

في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، أنار المسرح البيروتي أضواءه واستقبل آتين إلى سهراته المميّزة بفرادة الطابع والمزاج. أُريد للموسيقى خَلْق فسحة تعبيرية لاحتواء المَعيش، فتُجسّد أرضية للبوح؛ مُنجزةً إحدى وظائفها. تُضاف الوظيفة الأخرى المُمثَّلة بالإصرار على النجاة لمَنْح الآتي إلى الأمسية المُسمَّاة «موسيقى تحت النار» لحظات حياة. موسيقيون على البزق والدرامز والإيقاع والكمنجة... عزفوا للمحاربين في هذه الاستراحة. يُعلّق هشام جابر: «لم يكن ينقصنا سوى الغبار. جميعنا في معركة».

لشهر ونصف شهر، أُغلق «مترو». شمَلَه شلل الحياة وأصابته مباغتات هذه المرارة: «ألغينا برنامجاً افترضنا أنه سيمتدّ إلى نهاية السنة. أدّينا ما استطعنا حيال النازحين، ولمّا لمسنا تدهور الصحّة النفسية لدى المعتادين على ارتياد أمسيات المسرح، خطرت العودة. أردنا فسحة للفضفضة بالموسيقى».

لم يَسْلم تاريخ لبنان من الويل مما لقَّن أبناءه فنّ التجاوُز (مترو المدينة)

يُشبّه المساحة الفنية التي يتيحها «مترو» بـ«علبة خارج الزمن». ذلك لإدراكه أنّ لبنان امتهن الصعاب ولم يَسْلم تاريخه من الويل، مما لقَّن أبناءه فنّ التجاوُز. وامتهن اجتراح «العُلب»، وهي الفسحات الرقيقة. منها يُواجه أقداره ويُرمّم العطب.

استمرّت الحفلات يومَي 20 و21 الحالي، وسلّمت «موسيقى تحت النار» أنغامها لعرض سُمِّي «قعدة تحت القمر»، لا يزال يتواصل. «هذا ما نجيده. نعمل في الفنّ»، يقول هشام جابر؛ وقد وجد أنّ الوقت لا ينتظر والنفوس مثقلة، فأضاء ما انطفأ، وحلَّ العزفُ بدل الخوف.

يُذكِّر بتاريخ البشرية المضرَّج بالدماء، وتستوقفه الأغنيات المولودة من ركام التقاتُل الأهلي اللبناني، ليقول إنّ الحروب على مرّ العصور ترافقت مع الموسيقى، ونتاج الفنّ في الحرب اللبنانية تضاعف عمّا هو في السلم. يصوغ المعادلة: «مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس، موسيقى ونغمات وأمل». ذلك يوازي «تدليك الحالة»، ويقصد تليينها ومدّها بالاسترخاء، بما يُشبه أيضاً إخضاع جهاز لـ«الفرمتة»، فيستعيد ما تعثَّر ويستردّ قوةً بعد وهن.

أنار المسرح البيروتي أضواءه واستقبل آتين إلى سهراته المميّزة (مترو المدينة)

يتمسّك «مترو المدينة» بحقيقة أنّ الوقت الصعب يمضي والزمن دولاب. أحوالٌ في الأعلى وأحوال في الأسفل. هذه أوقات الشدائد، فيشعر الباحثون عن حياة بالحاجة إلى يد تقول «تمسّك بها»، ولسان يهمس «لا تستسلم». أتاح المسرح هذا القول والهَمْس، ففوجئ هشام جابر بالإقبال، بعد الظنّ أنه سيقتصر على معارف وروّاد أوفياء. يقول: «يحضر الناس لكسر الشعور بالعزلة. يريدون مساحة لقاء. بعضهم آلمته الجدران الأربعة وضخّ الأخبار. يهرعون إلى المسرح لإيجاد حيّز أوسع. ذلك منطلقه أنّ الفنّ لم يعد مجرّد أداة ترفيهية. بطلَ هذا الدور منذ زمن. الفنون للتعافي وللبقاء على قيد الحياة. أسوةً بالطعام والشراب، تُغذّي وتُنقذ».

كفَّ عن متابعة المسار السياسي للحرب. بالنسبة إليه، المسرح أمام خيارَيْن: «وضع خطّة للمرحلة المقبلة وإكمال الطريق إنْ توقّفت النار، أو الصمود وإيجاد مَخرج إنْ تعثَّر الاتفاق. في النهاية، المسارح إيجارات وموظّفون وكهرباء وتكاليف. نحاول أن يكون لنا دور. قدّمنا عروضاً أونلاين سمّيناها (طمنونا عنكم) ترافقت مع عرض (السيرك السياسي) ذائع الصيت على مسرحنا. جولته تشمل سويسرا والدنمارك وكندا...».

ترسيخ الفنون بوصفها احتمالاً للنجاة (مترو المدينة)

ويذكُر طفولة تعمَّدت بالنار والدخان. كان في بدايات تفتُّح الوعي حين رافق والده لحضور حفل في الثمانينات المُشتعلة بالحرب الأهلية. «دخلنا من جدار خرقته قذيفة، لنصل إلى القاعة. اشتدّ عودنا منذ تلك السنّ. تعلّقنا بالحياة من عزّ الموت. لبنان حضارة وثقافة ومدينة وفنّ. فناء تركيبته التاريخية ليست بهذه البساطة».

يرى في هذه المحاولات «عملاً بلا أمل». لا يعني إعلان اليأس، وإنما لشعورٍ بقسوة المرحلة، «يخذلني الضوء حيال الكوكب بأسره، ولم يعُد يقتصر غيابه على آخر النفق. حين أردّد أنني أعمل بلا أمل، فذلك للإشارة إلى الصعوبة. نقبع في مربّع وتضيق بنا المساحة. بالفنّ نخرج من البُعد الأول نحو الأبعاد الثلاثة. ومن الفكرة الواحدة إلى تعدّدية الأفكار لنرى العالم بالألوان. كما يُحدِث الطبيب في الأبدان من راحة وعناية، يحتضن الفنّ الروح ويُغادر بها إلى حيث تليق الإقامة».