لماذا يصرّ «الحرس الإيراني» على تعيين خليفة لإيرلو في صنعاء؟

نعش ألصقت عليه صورة سفير إيران لدى الحوثيين حسن إيرلو خلال مراسم جنازته بطهران يوم 21 ديسمبر 2021 (رويترز)
نعش ألصقت عليه صورة سفير إيران لدى الحوثيين حسن إيرلو خلال مراسم جنازته بطهران يوم 21 ديسمبر 2021 (رويترز)
TT

لماذا يصرّ «الحرس الإيراني» على تعيين خليفة لإيرلو في صنعاء؟

نعش ألصقت عليه صورة سفير إيران لدى الحوثيين حسن إيرلو خلال مراسم جنازته بطهران يوم 21 ديسمبر 2021 (رويترز)
نعش ألصقت عليه صورة سفير إيران لدى الحوثيين حسن إيرلو خلال مراسم جنازته بطهران يوم 21 ديسمبر 2021 (رويترز)

بخلاف ما كانت أوردته الصحافة الأميركية عن تعهد إيران للوسطاء العراقيين والعمانيين بعدم تعيين أي مندوب جديد في صنعاء مقابل السماح بإخلاء المندوب السابق حسن إيرلو، أعلنت طهران (الاثنين) اعتزامها تعيين خليفة له، في تحدٍ سافر للشرعية اليمنية والمجتمع الدولي، وهو الأمر الذي يطرح معه أكثر من علامة استفهام بخصوص إصرار إيران على قرار مثل هذا، إلى جانب الكيفية التي سيتم بها إدخال المندوب الجديد.
يشار إلى أن طائرة عراقية سمح لها تحالف دعم الشرعية لاعتبارات إنسانية بإخلاء إيرلو من صنعاء إلى البصرة قبل أن يعلن عن وفاته لاحقاً في طهران في ظروف غامضة مع مزاعم النظام الإيراني، أنه لقي حتفه متأثراً بإصابته بفيروس كورونا.

غياب الثقة
يصف وكيل وزارة الإعلام اليمنية فياض النعمان، إصرار طهران على تعيين مندوب جديد لدى الحوثيين تحت مسمى «السفير» بأنه «غير مسؤول وغير أخلاقي؛ لجهة أنه لا يحترم الأعراف الدولية ولا القانون اليمني».
ويعتقد النعمان في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن النظام الإيراني لا يثق مطلقاً بقيادات الميليشيات الحوثية الإرهابية في إدارة المعارك العسكرية أو السياسية والإعلامية؛ لذلك فهو يحرص أن تكون كلمة الفصل قادمة من طهران عبر الوكيل الذي ستقوم بتعيينه في صنعاء، بخاصة أن الملف اليمني أصبح من الملفات التي تستخدمها طهران ضمن مفاوضاتها مع المجتمع الدولي بشأن برنامجها النووي.
ويضيف «ستعمل إيران بكل ما تملك لإرسال ممثلها في الحرس الثوري الإيراني لدى الميليشيات الحوثية ليكون الحاكم الجديد لها بعد مقتل المدعو إيرلو بصورة غامضة».
ويتهم وكيل وزارة الإعلام اليمنية الأمم المتحدة والمنظمات الدولية التي تستخدم مطار صنعاء الدولي لأغراض إنسانية بأنها «كانت هي البوابة التي عملت على تهريب إيرلو». ويرى، أنها «تتحمل المسؤولية أمام العالم وأمام اليمنيين حيال تكرار تهريب عناصر إيرانية إرهابية إلى صنعاء لإشرافهم على جرائم الحرب التي تمارس في اليمن والمناطق المجاورة».

تأكيد دعم الميليشيات
الكاتب والصحافي اليمني مصطفى غليس، يرى أن إعلان طهران لهذه الخطوة المرتقبة يأتي في سياق تأكيدها على دعم الميليشيات الحوثية.
ويقول لـ«الشرق الأوسط»، «إيران مستمرة بكل قدراتها في دعم ميليشيا الحوثي عسكرياً ولوجيستياً، ناهيك عن الدعم الاقتصادي والإسناد الإعلامي الكبير، وما إصرارها على تعيين مندوب جديد لها في اليمن تحت غطاء السلك الدبلوماسي إلا تأكيد على ذلك الدعم، وهي رسالة مباشرة توجهها إيران للعالم بحقيقية سيطرتها الفعلية على اليمن وتبعية الحوثيين لها لاستخدام هذه الورقة في مفاوضاتها الجارية مع أميركا والمجتمع الدولي بشأن برنامجها النووي».
وعن سيناريوهات الوصول المحتمل للمندوب الجديد، يتابع غليس «نعلم أن إيران لن تعين مندوباً لها في اليمن من موظفي خارجيتها، بل من الحرس الثوري، وهناك سيناريوهان لا ثالث لهما لوصول المندوب الجديد لإيران في اليمن؛ الأول أنه موجود بالفعل في اليمن منذ سنوات كنائب أو مساعد لسابقه حسن إيرلو، والآخر أنه سيتم نقله بحراً عبر القوارب التي تستخدمها طهران في تهريب الأسلحة إلى اليمن».
ويدعو غليس «الحكومة اليمنية للتقدم بمذكرة احتجاج للأمم المتحدة لخرق إيران للأعراف الدبلوماسية، في حال تعيينها لمندوب جديد لدى الحوثيين، وإن كانت إيران لا تبالي لهكذا احتجاج لكنه أقل ما يمكن عمله»، بحسب تعبيره.

مناورة وتضليل
يقرأ المحلل السياسي اليمني محمود الطاهر إصرار طهران على تعيين مندوب أو حاكم عسكري لها في اليمن، ويقول لـ«الشرق الأوسط»، «إن المعلومات التي سرّبها الحوثيون حول وجود خلافات بينهم وبين إيران، كانت عملية تضليل، بهدف نقل الحاكم العسكري المصاب إصابة خطرة إلى طهران، بحكم وجود خلافات، وكذلك إيهام المجتمع الدولي، أن الخلافات هذه قد تفضي إلى حوار سياسي، وكان يهدف الحوثيون من ذلك إلى تخفيف الضغوط على إيران بطريقة أو بأخرى في مفاوضاتها النووية مع الغرب».
ويتابع الطاهر حديثه بالقول «إعلان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، تعيين مندوب جديد في صنعاء، جاء بعد أقل من 24 ساعة من كشف تحالف دعم الشرعية عن أدلة قاطعة حول تورط إيران وميليشياتها في المنطقة، وهو كان بمثابة التأكيد على صحة ما ورد في المؤتمر الذي عقده العميد تركي المالكي المتحدث باسم التحالف».
ويجزم الطاهر، بأن «إيران لا تريد أن يكون هناك حل سياسي في اليمن»، وأنها بإعلانها عن تعيين مندوب جديد «طمأنت الحوثيين بأنها سوف تستمر بدعمهم عسكرياً مع تنامي التوافق اليمني وتوحيد الصف لمواجهة المشروع الإيراني في المنطقة». ويتكهن المحلل السياسي اليمني محمود الطاهر، أن «الحاكم العسكري الجديد لطهران في صنعاء قد وصل إلى صنعاء ضمن 100 شخص وصلوا أخيراً إلى مطار صنعاء على اعتبار أنهم موظفون أمميون وجرحى حوثيون عائدون».
ويدعم الطاهر تكهنه بالقول «الحوثي أعلن قبل أسبوع تقريباً خروج المطار عن الخدمة، ليعود ويعلن وصول ثلاث طائرات أممية إلى صنعاء، وهذا يذكرنا بطريقة دخول حسن إيرلو صنعاء في أكتوبر (تشرين الأول) 2021 والذي وصل بين موظفين أمميين وجرحى من الميليشيا، وفي اليوم ذاته أعلنت إيران تعيينه سفيراً لها لدى الحوثيين».
وبخصوص ما يمكن أن ترد به الحكومة اليمنية، يرى الطاهر «أن الإدانة والاستنكار والاعتراض لدى الأمم المتحدة، لم يعد كافياً؛ لأن ذلك يقابل من قبل المجتمع الدولي بتجاهل تام، لتعوده على هذه الإدانات، أو لأنه يستمتع بالتدخل الإيراني في المنطقة»، وفق تعبيره.
ويقول «يفترض على الحكومة اليمنية، أن يكون لها رد على الأرض، وأن تعلن عن مكافآت لمن يدلي بمعلومات عن هذا الإرهابي القادم إلى اليمن، وأن تعلن الطوارئ في كل المناطق، وأن تعمل جاهدة للقبض عليه ومحاكمته؛ كونه جاء إلى البلاد لقتل أبناء الشعب اليمني وممارسة الإرهاب في البلاد».



العليمي: الحوثيون تسببوا في دمار هائل للبنى التحتية باليمن

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مشاركاً في «المنتدى الحضري العالمي» (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مشاركاً في «المنتدى الحضري العالمي» (سبأ)
TT

العليمي: الحوثيون تسببوا في دمار هائل للبنى التحتية باليمن

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مشاركاً في «المنتدى الحضري العالمي» (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مشاركاً في «المنتدى الحضري العالمي» (سبأ)

أكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن، رشاد العليمي، أن انقلاب الجماعة الحوثية في بلاده تسبَّب في دمار هائل للبنى التحتية، مشيراً إلى تقديرات أممية بأن الاقتصاد سيخسر 657 مليار دولار بحلول 2030 في حال استمرّت الحرب.

تصريحات العليمي جاءت في وقت اتَّهم فيه عضوُ مجلس القيادة الرئاسي، عثمان مجلي، الجماعةَ الحوثيةَ باستغلال موانئ الحديدة؛ لتهريب الأسلحة الإيرانية وتهديد الملاحة، وبرفض مساعي السلام، وذلك خلال لقائه في لندن وزير الدولة البريطاني للشرق الأوسط وشمال أفريقيا هاميش فالكونر.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

وأوضح العليمي، في كلمة بلاده أمام «المنتدى الحضري العالمي»، الذي تستضيفه مصر، أن الحكومة في بلاده «ماضية في جهودها للتغلب على ظروف الحرب المدمرة التي أشعلتها الميليشيات الحوثية الإرهابية العميلة للنظام الإيراني».

واستعرض خسائر بلاده جراء الحرب الحوثية التي أدت إلى دمار هائل في قطاعات البنى التحتية والخدمات الأساسية، وفي المقدمة الكهرباء، والطرق، وخطوط النقل والموانئ والمطارات، والجسور، والمصانع، والمنشآت التجارية.

وقال إن خسائر الاقتصاد والمدن الحضرية تتضاعف يوماً بعد يوم؛ جراء الحرب المفروضة على الشعب اليمني، محذراً من أن الخسائر سترتفع بحسب تقديرات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى 657 مليار دولار بحلول عام 2030 إذا استمرّت الحرب، ولم تستجب الميليشيات لنداء السلام، ومتطلبات استعادة مسار التنمية.

وبلغة الأرقام، أوضح العليمي أن التقديرات تشير إلى تضرر خدمات المدن والحواضر اليمنية بنسبة 49 في المائة من أصول قطاع الطاقة، و38 في المائة من قطاع المياه والصرف الصحي، فضلاً عن أضرار بالغة التكلفة في شبكة الطرق الداخلية، والأصول الخاصة بقطاع الاتصالات، بينما تضرر قطاع المساكن بشدة، وأُعيدت نحو 16 مدينة يمنية عقوداً إلى الوراء.

وتطرَّق رئيس مجلس الحكم اليمني إلى التحديات البنيوية والتمويلية المعقدة التي تواجه الحكومة اليمنية إزاء المتغيرات المناخية التي ضاعفت من أعباء التدخلات الطارئة، وتباطؤ إنفاذ خطط التنمية الحضرية على مختلف المستويات.

التطرف المناخي كبَّد اليمن خسائر كبيرة خلال السنوات الماضية (إعلام محلي)

وقال العليمي: «إن الأعاصير القوية التي شهدها اليمن خلال السنوات الأخيرة تسببت بدمار واسع النطاق، بما في ذلك الفيضانات والانهيارات الأرضية والأضرار التي لحقت بالبنى التحتية ومنازل المواطنين».

وأشار إلى أنه بين أبريل (نيسان) وأغسطس (آب) 2024 خلّفت الفيضانات المفاجئة عشرات الضحايا، وأكثر من 100 ألف نازح، وخسائر في البنى التحتية والحيازات الزراعية قُدِّرت بنحو 350 مليون دولار.

وثمَّن العليمي، في كلمته، الدور السعودي والإماراتي والمصري، وباقي دول «تحالف دعم الشرعية»، في الحد من وطأة الحرب على الشعب اليمني، ومنع انهيار شامل لمؤسساته الوطنية.

من جانبه، جدَّد عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، اتهامات بلاده لإيران بدعم الحوثيين بالصواريخ والمسيّرات. وقال إن الجماعة هي التي ترفض السلام، كما حمّل المجتمع الدولي المسؤولية عن توقف معركة تحرير الحديدة.

وبحسب الإعلام الرسمي، التقى مجلي في لندن، الثلاثاء، في وزارة الخارجية البريطانية، وزير الدولة البريطاني للشرق الأوسط وشمال أفريقيا هاميش فالكونر.

عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني عثمان مجلي مع وزير الدولة البريطاني للشرق الأوسط وشمال أفريقيا (سبأ)

وأوضح مجلي للوزير البريطاني أن السلام مطلب الشعب اليمني الذي يعاني ويلات الانقلاب الحوثي. وقال: «لأجل السلام ذهبنا إلى المشاورات كافة، بدءاً من (جنيف1) و(جنيف2)، ومشاورات الكويت، واستوكهولم، وظهران الجنوب في السعودية».

وأكد أن الحكومة في بلاده تدعم كل الدعوات التي تحقق سلاماً عادلاً وشاملاً في اليمن وفق القرارات الدولية، بما يحقن الدماء ويصون حقوق اليمنيين في العيش بسلام.

وقال مجلي إن الدور الإيراني التخريبي امتدّ ضرره إلى الإقليم والعالم من خلال تزويد الحوثيين بالأسلحة والصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، وتمكين الجماعة من تهديد السفن التجارية في البحرَين الأحمر والعربي، وإعاقة تدفق سلاسل الغذاء، وإحداث أزمة عالمية.

وأشار مجلي إلى انتهاكات الحوثيين التي امتدت إلى العاملين في المنظمات الإنسانية الأممية والدولية، وموظفي السفارات الذين تمارس الجماعة ضدهم أشد أنواع التعذيب النفسي والجسدي، غير آبهة بالتحذيرات والدعوات التي تطلقها السفارات والمنظمات الدولية لسرعة الإفراج عنهم.

واتهم الحوثيين بإعاقة كل صفقات تبادل الأسرى التي ترعاها الأمم المتحدة والمبعوث الأممي هانس غروندبرغ. وقال: «الجميع يدفع ثمن منع الشرعية من تحرير ميناء الحديدة الذي استخدمه الحوثيون سابقاً ويستخدمونه حالياً لأغراض غير إنسانية وتهريب الأسلحة، وتحويله إلى غرفة عمليات لمهاجمة السفن، وتعطيل حركة الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

عضو مجلس القيادة اليمني عثمان مجلي اتهم إيران بدعم الحوثيين لتهديد المنطقة (سبأ)

وأثنى عضو مجلس القيادة اليمني على الدور السعودي والإماراتي في بلاده، وقال إنه كان ذا أثر ملموس في التخفيف من معاناة اليمنيين من خلال تقديم المساعدات الإنسانية والطارئة ودعم الاقتصاد والعملة الوطنية.

ونسب الإعلام اليمني الرسمي إلى الوزير البريطاني أنه أكد حرص بلاده «على المضي في العمل مع الشركاء الدوليين ودول الجوار والمنطقة؛ لمكافحة الإرهاب وتأمين خطوط الملاحة البحرية في البحر الأحمر، والالتزام بتحقيق سلام مستدام في اليمن، ودعم جهود مجلس القيادة الرئاسي والحكومة لتحسين الوضع الاقتصادي».