لبنان متفائل باتفاق مع «النقد الدولي» قبل الانتخابات

عون ونائب رئيس الوزراء خلال لقائهما أمس (تويتر)
عون ونائب رئيس الوزراء خلال لقائهما أمس (تويتر)
TT

لبنان متفائل باتفاق مع «النقد الدولي» قبل الانتخابات

عون ونائب رئيس الوزراء خلال لقائهما أمس (تويتر)
عون ونائب رئيس الوزراء خلال لقائهما أمس (تويتر)

تنطلق بداية العام المقبل المفاوضات الجدية بين صندوق النقد الدولي ولبنان الذي تعمل حكومته لتوقيع الاتفاق بين الطرفين قبل الانتخابات النيابية المرتقبة في الربيع المقبل لمساعدته على تجاوز الأزمة المالية والاقتصادية التي بلغت مستويات غير مسبوقة، فيما يبقى التحدي الأبرز في انعقاد جلسات الحكومة المعلقة التي تقع عليها مهمة إقرار القرارات والإصلاحات المطلوبة، وهذا ما قد يشكل عائقاً أساسياً.
وقد أعلن أمس (الخميس) نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي أن وفداً من الصندوق سيصل إلى بيروت منتصف الشهر المقبل، حيث من المتوقع أن تتعمق المفاوضات، وذلك بعد لقائه رئيس الجمهورية ميشال عون واطلاعه على أجواء الاجتماعات التي تعقد تحضيراً لإنجاز برنامج التعافي الاقتصادي.
وتعمل حكومة نجيب ميقاتي على إعداد خطة التعافي المالي والاقتصادي التي تتضمن الإصلاحات الأساسية في البنية الاقتصادية والمالية، ووقف النزف المالي الذي يسببه قطاع الكهرباء خصوصاً، وإنجاز المراسيم التطبيقية للقوانين الإصلاحية التي أقرها مجلس النواب، إضافة إلى إعداد مشاريع قوانين جديدة، والتعاون مع مجلس النواب لإقرارها في أسرع وقت، بحسب ما سبق لميقاتي أن أعلن.
وقال الشامي بعد اللقاء: «إن هذه المفاوضات ستتعمق أكثر خلال زيارة ستقوم بها بعثة موسعة من صندوق النقد لبيروت خلال شهر يناير (كانون الثاني) المقبل، ونحن نحضر مختلف الملفات لتكون جاهزة لهذه المفاوضات على أمل أن نصل إلى اتفاق مع الصندوق بأسرع وقت ممكن».
وكان وفد الصندوق الذي زار لبنان الشهر الماضي قد أعرب عن استعداده لمساعدة لبنان على برنامج متكامل يمكنه من مواجهة الأزمة المالية والاقتصادية الراهنة، ويشمل برنامج التعافي الإصلاحات في المالية العامة، وقطاع المصارف ومصرف لبنان، والإصلاحات الهيكلية، والسياسة النقدية.
وقالت مصادر مطلعة على الاجتماع بين الشامي وعون لـ«الشرق الأوسط» إن «العمل على الخطة بات في مراحله الأخيرة»، مشيرة إلى أن «هناك بعض النقاط التي تخضع للمزيد من البحث منها توزيع الخسائر إضافة إلى النقص في بعض المعلومات حول الأرقام، متوقعة أن تصبح الخطة جاهزة في منتصف الشهر المقبل لعرضها على مجلس الوزراء شرط استئناف عمله».
من جهته، يقول النائب نقولا نحاس الذي يشارك كمستشار لميقاتي في المباحثات مع صندوق النقد لـ«الشرق الأوسط» إن وفد الصندوق سيصل إلى بيروت في 17 يناير المقبل حيث من المتوقع أن تبدأ «المفاوضات الجدية» حسب وصفه. ويوضح نحاس لـ«الشرق الأوسط» أن هناك 3 مراحل للخطة وهي تجميع المعطيات والمباحثات التي تحصل بشكل شبه يومي بين اللجنة الوزارية في لبنان وصندوق النقد عبر تقنية «زوم» والمرحلة الأخيرة هي المفاوضات الجدية، مشيراً إلى أن لبنان حقق تقدماً كبيراً في مرحلة المباحثات آملاً ألا تأخذ مرحلة المفاوضات وقتاً طويلاً.
وفيما يرفض نحاس الحديث عن اختلافات أو عقبات أساسية وتحديداً حول الخسائر وتوزيعها، يبدي تفاؤله بإمكانية التوصل إلى اتفاق بين لبنان والصندوق قبل موعد الانتخابات النيابية في شهر مايو (أيار) المقبل مشيراً في الوقت عينه من دون أن ينفي وجود إشكالية انعقاد جلسات الحكومة لإقرار الإصلاحات.
في المقابل، يشكك الخبير الاقتصادي وليد أبو سليمان بقدرة الحكومة والسلطة في لبنان على إنجاز الخطة وفق شروط صندوق النقد لأسباب سياسية وتقنية. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «بداية هذا الاتفاق يجب أن يوقعه وزير المال نيابة عن الحكومة التي هي معطلة أساساً، وثانياً البرلمان يجب أن يوافق على القرض، وهو المؤلف من كتل نيابية لن تكون قادرة على اتخاذ قرار بإصلاحات غير شعبية قبيل الانتخابات النيابية بحيث إنها قد تنعكس سلباً على نتائجها بالنسبة إليهم. ومن الناحية التقنية يقول أبو سليمان: «يقولون إنهم حددوا الخسائر بـ69 مليار دولار لكن السؤال كيف توزعت وهل وافقت عليها المصارف والمصرف المركزي التي يفترض أن تكون طرفاً في المباحثات وهي التي كانت قد نسفت الخطة السابقة لرفضها لها».
ويصف أبو سليمان المتفائلين بالتوصل إلى هذا الاتفاق بالواهمين، وينطلق من تشكيكه بقدرة الحكومة على إقرار الخطة وتوقيع الاتفاق من أنها لم تستطع حتى الساعة على الأقل اتخاذ أي إجراء إصلاحي، ويعطي مثالاً على ذلك توحيد سعر الصرف وقانون الكابيتال كونترول والتدقيق الجنائي كما إصلاح القطاع العام الذي يشكل المثال الأكبر للتوظيف العشوائي والسياسي بالنسبة إليهم».



مصر والانتخابات الأميركية… لا مرشح مرجحاً ولا توقعات متفائلة

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر والانتخابات الأميركية… لا مرشح مرجحاً ولا توقعات متفائلة

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

هيمن كل من الحرب في غزة، وملف «سد النهضة» الإثيوبي على تقييمات سياسيين وبرلمانيين مصريين، بشأن انعكاس نتيجة انتخابات الرئاسة الأميركية على مصر، إذ شاعت نبرة غير متفائلة حيال مستقبل هذين الملفين سواء في عهدة الجمهوري دونالد ترمب، أو منافسته الديمقراطية كامالا هاريس اللذين يصعب توقع الفائز منهما.

وبدا تحفظ رسمي مصري بشأن شخص الرئيس الأميركي المفضل لدى الدولة المصرية، فيما قال مصدر لـ«الشرق الأوسط» إن «الرهان على رجل أو سيدة البيت الأبيض المقبل كان من بين أسئلة وجهها برلمانيون مصريون إلى مسؤول في وزارة الخارجية المصرية، داخل مجلس النواب قبل أيام، إلا أنه لم يرد بشكل حاسم».

ويختار الأميركيون رئيسهم الـ47 بين الديمقراطية كامالا هاريس والجمهوري دونالد ترمب، في نهاية حملة ترافقت مع توتر إقليمي بمنطقة الشرق الأوسط، يراه محللون عاملاً مهماً في الترتيبات المستقبلية لحسابات مصر.

ولا يرى دبلوماسيون مصريون، ومن بينهم محمد العرابي رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق «خياراً مفضلاً للمصالح المصرية» بين أي من هاريس أو ترمب.

ويرى العرابي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «جوانب إيجابية وسلبية لدى كلا المرشحين، بشأن معادلة العلاقات مع مصر وحرب غزة».

فيما لا يكترث المفكر السياسي والدبلوماسي المصري السابق مصطفى الفقي، بالفروق الضئيلة بين حظوظ ترمب وهاريس، ويرى أنهما «وجهان لعملة واحدة في السياسة الأميركية، وهو الدعم المطلق لإسرائيل»، وفق وصفه لـ«الشرق الأوسط».

وإلى جانب الاقتناع بالدعم الأميركي المطلق لإسرائيل، فإن هناك تبايناً آخر في ترجيحات البعض، إذ يعتقد رئيس حزب «الوفد» (ليبرالي) عبد السند يمامة أن «نجاح هاريس بسياساتها المعتدلة يصب في صالح السياسة الخارجية المصرية في ملف غزة».

في المقابل، يرجح رئيس حزب «التجمع» المصري (يسار) سيد عبد العال «اهتمام ترمب الأكبر بسرعة إنهاء الحرب في غزة»، موضحاً أن «مصالح مصر هي ما يحدد العلاقة مع الرئيس الأميركي المقبل».

وبالنسبة لوكيل المخابرات المصرية الأسبق اللواء محمد رشاد، فإن هناك انعكاسات خطيرة لفوز ترمب على «مصالح مصر فيما يخص ملف تهجير الفلسطينيين إلى سيناء».

ويعيد رشاد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، التذكير «بمشروع المرشح الجمهوري القديم لتوطين الفلسطينيين في سيناء، وهذا ضد مصر»، علماً بأن صهر ترمب وكبير مستشاريه السابق اقترح في مارس (آذار) إجلاء النازحين الفلسطينيين في غزة إلى صحراء النقب جنوب إسرائيل أو إلى مصر.

في المقابل، تبدو نبرة الثقة من برلمانيين مصريين في قدرة الدبلوماسية المصرية على التعامل مع أي مرشح فائز، خصوصاً في ملف حرب غزة.

ويقول وكيل لجنة الشؤون العربية في مجلس النواب المصري أيمن محسب، لـ«الشرق الأوسط» إن «القاهرة ستتعاطى بإيجابية مع أي فائز ينجح في وقف الحرب في غزة والتصعيد في المنطقة».

بينما يلفت عضو مجلس الشيوخ إيهاب الهرميل في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى «التواصل الدوري من مصر الرسمية مع أطراف في المعسكرين الحاكمين بأميركا، بشأن غزة وجهود الوساطة المصرية - القطرية».

وخلال الشهر الماضي، استقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في اجتماعين منفصلين وفدين من مجلسي النواب والشيوخ الأميركيين، ضما أعضاء من المعسكرين الديمقراطي والجمهوري، حيث تمت مناقشة جهود تجنب توسيع دائرة الصراع في المنطقة.

وبشأن نزاع «سد النهضة» بين مصر وإثيوبيا، يراهن متابعون على مساندة ترمب لمصر حال فوزه، بعدما أبدى اهتماماً لافتاً بالقضية في ولايته الأولى، واستضاف مفاوضات بين مصر وإثيوبيا والسودان، كما سبق أن حذّر الإثيوبيين عام 2020 من «تفجير مصر للسد، بعد أن ضاقت بها السبل لإيجاد حل سياسي للمشكلة».

لكنّ رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية، يقول: «مصر لا تُعوّل على أحد، تتحرك من منطلق أنها دولة أفريقية مهمة في قارتها، وتحرص على مصالحها»، فيما يُذكّر وكيل الاستخبارات السابق بأن «ترمب لم يُحدث خرقاً في الملف» رغم اهتمامه به.

ومن بين رسائل دبلوماسية متعددة حملها آخر اتصال بين مصر وإدارة الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن، أعاد وزير الخارجية بدر عبد العاطي، الأحد الماضي، التأكيد لنظيره الأميركي أنتوني بلينكن، على أن «مصر لن تسمح لأي طرف بتهديد أمنها المائي».

سؤال وجّهه مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء المصري للمتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي

شعبياً، بدا أن المصريين لا يلقون اهتماماً كبيراً بالسباق الأميركي، وهو ما كشفته محدودية الردود على سؤال بشأن توقعات المرشح الأميركي الفائز، ضمن استطلاع أجراه مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، التابع للحكومة المصرية.

وبدت تباينات الآراء في الاستطلاع الذي نشر عبر «السوشيال ميديا»، إذ رأى أحد المعلقين أن هاريس الأقرب، في مقابل آخر رجح فوز ترمب. لكن المثير للاهتمام هو توقع أحد المستطلعين «فوز نتنياهو»، أو على حد قول أحد المصريين باللهجة العامية المصرية: «شالوا بايدن وجابوا ترمب أو هاريس... كده كده اتفقوا على حماية إسرائيل».