لبنان يوقف 4 متورطين في عملية تهريب الكبتاغون إلى الكويت

TT

لبنان يوقف 4 متورطين في عملية تهريب الكبتاغون إلى الكويت

أسفرت التحقيقات الأولية التي تجريها السلطات القضائية والأمنية في لبنان، في قضية شحنة «الكبتاغون» المخدّرة التي ضبطت في مرفأ بيروت، ليل الأربعاء، وكانت معدّة لشحنها إلى دولة خليجية، عن توقيف 4 أشخاص لبنانيين وسوريين، يشتبه بتورّطهم في العملية، وعلى اطلاع كامل بتفاصيلها.
ويُجري مكتب مكافحة المخدرات المركزي في لبنان التحقيقات الأولية بالتنسيق مع مخابرات الجيش والجمارك اللبنانية، وبإشراف مباشر من النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، الذي أعطى توجيهاته للتوسّع بالتحقيق وتحديد هويات كلّ من له علاقة بهذه الشحنة. وأكد عويدات لـ«الشرق الأوسط» أنه «تم تحديد هويات عدد من المتورطين بالعملية وتوقيف بعضهم». وأشار إلى أن «التحقيق توصل إلى معلومات مهمّة عن مصدر حبوب الكبتاغون ومكان توضيبها ووجهتها، والأشخاص المرسلة إليهم هذه البضاعة في دولة الكويت»، كاشفاً عن «وجود تنسيق تام مع السلطات الكويتية في هذا الخصوص».
وكان عناصر من الجمارك اللبنانية، ضبطوا ليل الأربعاء، 9 ملايين حبة من مخدر «الكبتاغون» موضبة في أكياس بلاستيكية، ومخبأة في حبات ليمون بلاستيكية، وضعت وسط حبوب الفاكهة الطبيعي، وجرى عرض هذه الكميات عبر شاشات التلفزة. وقال وزير الداخلية اللبناني بسام المولوي إن «الشحنة كانت معدّة للتصدير إلى إحدى دول الخليج».
وتوصّلت التحقيقات الأولية وعملية الاستقصاء وجمع المعلومات، إلى الكشف عن مزيد من هذه المواد، وأوضح القاضي عويدات أنه «تم اكتشاف مستوعبين إضافيين في مرفأ بيروت في ساعة متقدمة من الليل كانا يحتويان نفس المادة، كما اعترف الموقوفون بأن مستوعبين آخرين جرى شحنهما باتجاه الكويت على متن إحدى البواخر، وقد أعطيت الأوامر للأجهزة الأمنية لتعقّب الباخرة المذكورة أثناء وجودها في المياه الإقليمية اللبنانية، وسارعت إلى مصادرة حمولتها ومنعها من الإبحار إلى وجهتها المحددة في ميناء الكويت».
ومع تنامي هذه العمليات، شددت السلطات اللبنانية إجراءاتها وعمليات المراقبة والتدقيق على المعابر البحرية والبرية كافة، حتى مطار بيروت الدولي، لرصد تهريب الممنوعات من لبنان إلى الخارج وبالعكس. وأفاد مصدر أمني لبناني بأن «شحنة الكبتاغون التي ضبطت (أول من) أمس في المرفأ، هي من أكبر العمليات التي شهدها لبنان»، لافتاً إلى «توقيف 4 أشخاص لبنانيين وسوريين حتى الآن». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن هذا «الإنجاز يأتي في سياق الحرب الاستباقية للدولة اللبنانية على تجار المخدرات الذين يستهدفون دول الخليج العربي، ويمعنون في تخريب العلاقات اللبنانية مع هذه الدول الشقيقة».
وتأتي هذه العملية بعد أسبوع واحد على ضبط السلطات الأمنية في دولة الإمارات العربية المتحدة شحنة أخرى؛ حيث أعلنت شرطة دبي، أمس (الخميس)، أنها أحبطت عملية تهريب أكثر من مليون قرص «كبتاغون» بقيمة 15.8 مليون دولار، مخبّأة في شحنة ليمون، وأنها اعتقلت 4 أشخاص من جنسية عربية. كما سبق للمملكة العربية السعودية أن أحبطت شحنات في مرفأ جدّة آتية من لبنان، وهو ما تسبب بمنع دخول المنتجات اللبنانية من الخضار والفاكهة من لبنان إلى المملكة.
وأثار الكشف عن هذه العملية الفاشلة استياء واسعاً لدى الأوساط السياسية والشعبية في لبنان، لما لها من مردود سلبي على سمعة الدولة اللبنانية وعلاقاتها مع دول الخليج العربي. وسأل عضو كتلة «الجمهورية القوية» النائب جورج عقيص في تغريدة له على «تويتر» أمس: «باسم من يتم شحن الكبتاغون إلى دول الخليج؟ من الفاعل والمسهّل والمحرّض والشريك؟ على من ادعت النيابة العامة المختصة في هذه الجريمة المشهودة؟ ألا تستحق سمعة هذا الوطن أو ما تبقى منها وعلاقاتها مع دول الخليج بعضاً من العلانية المطمئنة والموحية بالثقة؟».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم