«قذائف الهاون» أول أسلحة النظام قبل البراميل.. والمعارضة لم تجد بديلاً

قتلت أكثر من 3000 شخص خلال 4 سنوات.. غالبيتهم من المدنيين

«قذائف الهاون» أول أسلحة النظام قبل البراميل.. والمعارضة لم تجد بديلاً
TT

«قذائف الهاون» أول أسلحة النظام قبل البراميل.. والمعارضة لم تجد بديلاً

«قذائف الهاون» أول أسلحة النظام قبل البراميل.. والمعارضة لم تجد بديلاً

ذكر تقرير حقوقي صدر أمس، أن القوات النظامية السورية هي أول من استخدم قذائف الهاون في الحرب السورية وكان ذلك في مدينة دوما بريف دمشق، الأول من أغسطس (آب) 2011. حيث سقطت القذيفة بالقرب من المصرف التجاري داخل مدينة دوما وتسببت في مقتل شخص، وتوسعت بعدها في استخدام سلاح الهاون في جميع المحافظات.
واستعرض التقرير الذي صدر عن «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» بعنوان «لا أمان لأحد»، حصيلة الضحايا الذين قتلوا إثر استخدام سلاح قذائف الهاون فقط، من قبل أطراف النزاع.
وأشار إلى أن المعارضة السورية بدأت باستخدام سلاح الهاون منذ بدء تسليح نفسها، كونه سلاحا مدفعيا بسيطا سريع النشر والطي، وفي ظل عدم امتلاكها للأسلحة الدقيقة كالصواريخ أو الطائرات، فقد استمرت حتى لحظة طباعة هذا التقرير باستخدام قذائف الهاون.
وأكد التقرير على أن التنظيمات المتشددة كجبهة النصرة و«داعش»، استخدمت سلاح الهاون بكثرة للأسباب ذاتها، كذلك قوات حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي.
واستعرض التقرير 69 حادثة من أبرز حوادث القصف بقذائف الهاون التي تسببت في سقوط عدد من الضحايا أو الجرحى، مع استهداف مراكز حيوية، وذلك منذ مارس (آذار) 2011 حتى لحظة طباعة التقرير، وتضمن بداخله 19 رواية لشهود عيان أو مصابين حول تلك الحوادث.
ووثق التقرير قيام القوات الحكومية بقتل 1487 شخصا عبر استخدام قذائف الهاون يتوزعون إلى 27 مسلحا، و1460 مدنيا، بينهم 138 طفلا، و167 امرأة. وكان العدد الأكبر من الضحايا في محافظة حمص تلتها محافظتا دمشق وريفها. وذكر التقرير مقتل 1414 مدنيا، بينهم 381 طفلا، و258 سيدة على يد فصائل المعارضة، إثر استخدامها لقذائف هاون، وكانت النسبة الأكبر من الضحايا في محافظة حلب حيث تجاوزت نسبة الضحايا فيها 51 في المائة من مجموع الضحايا الكلي، تلتها محافظة دمشق وريفها التي تجاوزت نسبة الضحايا فيها 32 في المائة.
ووفق التقرير فإن الجماعات المتشددة قتلت 170 مدنيا عبر استخدام قذائف الهاون، بينهم 41 طفلا، و24 امرأة. وقتل تنظيم داعش بمفرده 156 مدنيا، بينهم 37 طفلا و21 امرأة.
أما تنظيم جبهة النصرة فكان مسؤولا عن قتل 14 مدنيا، بينهم 4 أطفال، و3 نساء، عبر القصف العشوائي بقذائف الهاون.
كما سجل التقرير قيام قوات حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي بقتل 34 مدنيا، بينهم 13 طفلا، وسيدة، عبر القصف العشوائي على المناطق السكنية باستخدام قذائف الهاون.
من ناحية أخرى، أكد التقرير على أن هناك الكثير من الحوادث التي سقط فيها ضحايا إثر القصف العشوائي بقذائف الهاون، لم يتم تحديد مصدر القصف وبالتالي الجهة المسؤولة عنه، وحصل هذا بشكل خاص في مدينة دمشق ومدينة حلب، مع إصدار الكثير من فصائل المعارضة (وهي ليست كيانا مركزيا موحدا) بيانات متعددة عن بدء استهداف المقرات والمراكز الأمنية في المناطق التي تسيطر عليها القوات الحكومية داخل المدن، وهو هدف يصعب إصابته بدقة، وبالتالي يتسبب في مقتل الكثير من المدنيين في الأحياء والشوارع المجاورة، إلا أن الكثير من التحقيقات والشهادات أثبتت أيضا استغلال القوات الحكومية لهذه البيانات، ومن ثم قيامها بقصف الأحياء المجاورة لهذه المقرات من داخل المقرات الأمنية نفسها.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم