ليبيا: الدبيبة يتحدى مساعي إقالته... ويؤكد بقاءه في السلطة

رئيسا «الرئاسي» و«النواب» يناقشان آخر تطورات الأوضاع السياسية

محمد المنفي مستقبلاً رئيس مجلس النواب المكلف في طبرق (المجلس الرئاسي)
محمد المنفي مستقبلاً رئيس مجلس النواب المكلف في طبرق (المجلس الرئاسي)
TT

ليبيا: الدبيبة يتحدى مساعي إقالته... ويؤكد بقاءه في السلطة

محمد المنفي مستقبلاً رئيس مجلس النواب المكلف في طبرق (المجلس الرئاسي)
محمد المنفي مستقبلاً رئيس مجلس النواب المكلف في طبرق (المجلس الرئاسي)

صعّد عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية، من حدة خلافه مع مجلس النواب بتحدي إقالة حكومته، التي مضى على توليها السلطة نحو تسعة شهور، رافعاً شعار «الدستور أولاً» وقبل إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المؤجلة. وفي غضون ذلك، استمر أمس التحشيد العسكري في العاصمة الليبية طرابلس.
وتعهد الدبيبة، الذي عاد لممارسة عمله كرئيس للحكومة بعد غياب دام بضعة أسابيع، بالبقاء في منصبه إلى حين انتخاب سلطة جديدة، وقال في كلمة ألقاها مساء أول من أمس، لدى حضوره احتفالية في العاصمة طرابلس، بمناسبة تسليم صكوك منحة تيسير الزواج: «سنكمل... ولن نسلم السلطة حتى يتم وضع دستور، وإجراء انتخابات حقيقية»، واتهم الأمم المتحدة والأميركان بـ«تخدير الليبيين»، على حد وصفه.
وبعدما اعتبر مجدداً أن «قوانين الانتخابات معيبة وغير عادلة»، حدد الدبيبة خريطة طريق جديدة، تبدأ بتدشين دستور جديد للبلاد قبل إجراء الانتخابات، مشيراً إلى أن «الطريق ما زالت طويلة جداً».
وتابع الدبيبة مخاطباً جمعاً من الليبيين: «وضعكم جيد جداً، ونحن ماضون وسنكمل ما بدأنا به لحين صدور دستور، وإجراء انتخابات حقيقية، ويظهر من يحكمنا، وعندها سنسلم السلطة بكل همة وشرف»، مؤكداً أن «هذا الوضع الذي نحن فيه لم نخطط له، فالقدر هو من أتى بنا، وهدفنا خدمة هذا الشعب وإصلاح ما يمكن إصلاحه»، مشدداً على أن «الشرعية لا يمكن أن تكون إلا للشعب، هو من ينفذ ويختار».
في سياق ذلك، حث الدبيبة وزراء الحكومة على التحلي بالشفافية التامة، وطالبهم بعرض كل التقارير وفق أرقام دقيقة على كل الليبيين، كما دعا الأجهزة الحكومية لحشد الهمة لعودة العمل بالوتيرة، التي بدأت بها، لافتاً إلى أنه يسعى لاستثمار الوقت لتحقيق ما وعدت به الحكومة.
وفي رده ضمنياً على الاتهامات الموجهة إليه بتزوير شهادة جامعية، اعتبر الدبيبة أن موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك»، «فتنة»، وقال إنه حصل على شهادته من جامعة كندية، مضيفاً: «أقول لكل من انجر في هذه الحملة، التي سعت إلى تشويه صورتي، وتشويه كل من دعم وعمل في الحكومة، ولكل من تداول عنّي التزوير في الحملة ضدي: لقد سامحتكم جميعاً».
وفي ساعة مبكرة من صباح أمس، أعلن الدبيبة أن حكومته ستباشر في الأيام القليلة المقبلة، البدء في منح القروض للشباب ولغيرهم، إضافة إلى البدء في قروض التنمية الاقتصادية لتمويل المشاريع، كما أعلن زيادة مليار ثالث للشباب لمنحة الزواج.
وجاءت هذه التطورات فيما أعلن محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي، أمس، أنه ناقش مع فوزي النويري، رئيس مجلس النواب المكلف، آخر تطورات الأوضاع السياسية، وكثيراً من المقترحات، وبرامج العمل التي تلبي استحقاقات المرحلة المقبلة.
من جهة ثانية، قرر مجلس النواب تأجيل حسم مصير الحكومة إلى الأسبوع المقبل، واكتفى في جلسة عقدها مساء أول من أمس، بمناقشة ملفات أخرى لا تمت بصلة لوضع خريطة الطريق المقترحة، وتشكيل سلطة انتقالية جديدة في البلاد، أو مستقبل العملية الانتخابية.
وعلق المجلس جلساته إلى الثلاثاء المقبل، دون إجراء اقتراع على أي من الاقتراحات، التي طُرحت لمعالجة تداعيات تأجيل الانتخابات، التي كانت مقررة الأسبوع الماضي.
وفشلت مداولات أعضاء المجلس في التوصل إلى اتفاق بشأن تحديد موعد جديد للانتخابات، وإعادة تشكيل السلطة الانتقالية، وبحث إجراء تعديلات دستورية.
كما لم يصدر المجلس قراراً كان متوقعاً باستبعاد سفيرة بريطانيا، باعتبارها شخصية غير مرغوب فيها على خلفية تصريحات مثيرة للجدل، اعتبرت بموجبها أن حكومة «الوحدة الوطنية» ما زالت تتمتع بالشرعية، وأن بلادها لن تعترف بأي خطوة جديدة لتشكيل حكومة موازية.
وقال عبد الله بليحق، الناطق الرسمي باسم المجلس، إنه ناقش مساء أول من أمس، بمقره في طبرق، وبحضور 110 نواب، ملف المناصب السيادية، وإنه أحال مشروع قانون الاتحادات والنقابات إلى اللجنة التشريعية.
كما بحث المجلس قانون نظام القضاء، الذي سيتم عرضه خلال الجلسة المقبلة، بالإضافة إلى مناقشة ملف العلاج بالخارج ومعاناة المرضى والجرحى بدول العالم.
في غضون ذلك، قال فتحى باشاغا، وزير الداخلية السابق والمرشح للانتخابات الرئاسية، إنه بحث أمس مع السفير الأميركي، ريتشارد نورلاند، تنسيق الجهود الدولية لدعم العملية الديمقراطية، وأهمية اتخاذ المؤسسات المعنية بالعملية الانتخابية كل السبل لتوفير بيئة مناسبة، بالإضافة إلى تحديد موعد لإجراء الانتخابات ليتمكن الليبيون من اختيار قادة المرحلة المقبلة.
بدوره، أكد خالد مازن، وزير الداخلية بالحكومة الليبية، لدى اجتماعه مساء أول من أمس، مع رئيس وأعضاء اللجنة العسكرية المشتركة (5 + 5) دعمه لأعمالها، والتزامه بتوفير كل المتطلبات البشرية، بالإضافة إلى التجهيزات الأخرى لضمان نجاح عملية تأمين الطريق، الذي يمتد لمسافة أكثر من 200 كيلومتر، مشيراً إلى أن الاجتماع بحث الترتيبات الأمنية لتأمين الطريق الساحلية، ووضع خطة لتأمين الطريق الممتدة من منطقة الهيشة إلى الجفرة، التي تتم حالياً إزالة مخلفات الحرب والألغام منها.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.