«النواب» الليبي يبحث مصير السلطة الانتقالية والانتخابات الرئاسية

قرر طرد سفيرة بريطانيا باعتبارها «شخصاً غير مرغوب فيه»

جانب من المظاهرات التي شهدتها شوارع بنغازي نهاية الأسبوع الماضي رفضاً لتأجيل الانتخابات (أ.ف.ب)
جانب من المظاهرات التي شهدتها شوارع بنغازي نهاية الأسبوع الماضي رفضاً لتأجيل الانتخابات (أ.ف.ب)
TT

«النواب» الليبي يبحث مصير السلطة الانتقالية والانتخابات الرئاسية

جانب من المظاهرات التي شهدتها شوارع بنغازي نهاية الأسبوع الماضي رفضاً لتأجيل الانتخابات (أ.ف.ب)
جانب من المظاهرات التي شهدتها شوارع بنغازي نهاية الأسبوع الماضي رفضاً لتأجيل الانتخابات (أ.ف.ب)

بدا أمس أن مصير السلطة الانتقالية في ليبيا بات على المحك، بعدما أعلن مجلس النواب، الذي قرر طرد سفيرة بريطانيا بسبب تصريحاتها المثيرة للجدل، أنه بصدد وضع خريطة طريق جديدة للمرحلة القادمة، والتواصل مع كافة الأطراف المعنية.
ولليوم الثاني على التوالي، شرع أمس مجلس النواب خلال جلسة رسمية في مناقشة مستقبل العملية الانتخابية ومصير السلطة الانتقالية، بما في ذلك إمكانية فتح باب الترشح لمنصب رئيس جديد للحكومة، خلفا لرئيس حكومة الوحدة الحالية عبد الحميد الدبيبة، بالإضافة إلى إصدار قرار رسمي باعتبار كارولاين هيرندال، سفيرة بريطانيا في البلاد، شخصية غير مرغوب فيها، بعد تصويته المفاجئ على ذلك مساء أول من أمس.
واستبقت رئاسة المجلس جلسة أمس باجتماع مع لجنة خريطة الطريق، ناقشت خلالها آليات عملها للوصول إلى الاستحقاق الانتخابي، وفقاً لإرادة الشعب الليبي، من خلال المعطيات الحالية للعملية الانتخابية، والتواصل مع كافة الجهات المعنية، علما بأن فوزي النويري، رئيس مجلس النواب المكلف، اقترح تأجيل الانتخابات لمدة ستة أشهر، وإجراء حوار موسع بين مختلف الأطراف.
وكان المجلس قد قرر عقب المداولات، التي شهدتها جلسة أول من أمس بحضور 120 نائبا، بشأن تقارير أمنية واستخباراتية حول العملية الانتخابية استدعاء عماد السائح، رئيس المفوضية العليا للانتخابات، وأعضائها للاستماع إليهم في جلسته المقبلة، بعدما أوضح أن المفوضية لم تخاطبه بشأن تأجيل الانتخابات إلى غاية 24 من الشهر القادم.
وأشار المجلس على لسان عبد الله بليحق، الناطق الرسمي باسمه مساء أول من أمس، إلى استمرار لجنة خريطة الطريق التي شكلها المجلس في عملها، من أجل رسم خريطة جديدة، والتواصل مع الأطراف المعنية.
ويعني هذا القرار الإطاحة بترويكا السلطة التي أنتجها اتفاق السلام الليبي، الذي رعته بعثة الأمم المتحدة في سويسرا العام الماضي، والتي تضم المجلس الرئاسي برئاسة محمد المنفي، وحكومة الدبيبة.
في غضون ذلك، دعا بليحق وزارة الخارجية إلى التواصل مع الجهات المعنية لإبلاغها باستبعاد سفيرة بريطانيا، وأرجع القرار إلى «التصريحات التي لاقت استهجانا شعبيا واسعا، واعتبرت انتهاكا للسيادة الليبية، وتدخلا في الشأن الداخلي الليبي»، والتي صدرت مؤخرا عن كارولاين، التي عينت في شهر أغسطس (آب) الماضي كأول امرأة سفيرة لبريطانيا لدى ليبيا.
من جانبها، اعتبرت المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا، ستيفاني ويليامز، أن الاهتمام الرئيسي بعد تأجيل الانتخابات، التي كانت مقررة الأسبوع الماضي، ينبغي أن ينصب على كيفية المضي قدما في إجراء الانتخابات، وليس على مصير الحكومة المؤقتة.
وقالت في تصريحات لوكالة «رويترز» مساء أول من أمس إن معظم الليبيين «يريدون نهاية لهذه الفترة الانتقالية التي لا نهاية لها». وردا على سؤال عما إذا كانت تعتقد أن تفويض حكومة الوحدة ما زال قائما، قالت ويليامز إن ذلك يرجع إلى البرلمان، لكن «ينبغي أن ينصب الاهتمام بشكل رئيسي على إجراء الانتخابات». مبرزة أن أي تغييرات على الحكومة يتعين أن تجري وفقا للقواعد، التي أرستها الاتفاقات السياسية السابقة التي حظيت باعتراف دولي. وكانت اللجنة البرلمانية، التي كلفها مجلس النواب بمتابعة العملية الانتخابية، قد أوصت بوضع خريطة طريق جديدة لإنجاح الانتخابات، وتشكيل سلطة تنفيذية جديدة، بعد تأجيل الاستحقاق الانتخابي.
في سياق متصل، كشفت تقارير قدمها حسين العايب، رئيس جهاز الاستخبارات، وخالد مازن وزير الداخلية بحكومة «الوحدة الوطنية»، عن نية عناصر متشددة مرتبطة بـ«تنظيم داعش» المتطرف مهاجمة مراكز الانتخاب، وشن هجمات إرهابية. فيما تحدثت وسائل إعلام محلية عن خطوات تصعيدية، تشمل إغلاق مقر مجلس النواب، بعدما أغلق متظاهرون مساء أول من أمس، مصفاة طبرق ميناء الحريقة للمطالبة بإجراء الانتخابات في موعدها الجديد، والتنديد بإطالة المرحلة، وإبقاء الأجسام الانتقالية وتأجيل الانتخابات.
بدورها، أرسلت المنطقة العسكرية الغربية قوة تعزيزية للتمركز في العاصمة طرابلس، في سياق ذلك، قالت مصادر غير رسمية إن استدعاء وحدات من ميليشيات تتبع مدينة الزنتان بإمرة اللواء أسامة جويلي، تم استجابة لطلب محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي، لتأمينه وحمايته.
وكان الجويلي قد أعلن لدى تفقده الوحدات العسكرية التابعة للقوة المشتركة، أن هذا التمرين يأتي لفرضية استعداد القوات المسلحة لأي تهديد محتمل خلال الأيام القادمة، واعتبر أن نتيجة المعركة الحقيقية تتوقف على تدريب وجاهزية الوحدات، ما يعني ضرورة التدريب والاستعداد الجيد.



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).