لبنان... حكومة مأزومة ورهان على «النقد الدولي»

2021 سنة الانهيارات الاقتصادية والتصعيد السياسي على خط المرفأ ـ الطيونة

احتجاجات أمام أحد المصارف في شارع الحمراء وسط بيروت في 3 ديسمبر (إ.ب.أ)
احتجاجات أمام أحد المصارف في شارع الحمراء وسط بيروت في 3 ديسمبر (إ.ب.أ)
TT

لبنان... حكومة مأزومة ورهان على «النقد الدولي»

احتجاجات أمام أحد المصارف في شارع الحمراء وسط بيروت في 3 ديسمبر (إ.ب.أ)
احتجاجات أمام أحد المصارف في شارع الحمراء وسط بيروت في 3 ديسمبر (إ.ب.أ)

لم تكد تمضي أسابيع قليلة من العام 2021 حتى اكتشف اللبنانيون أن رهانهم على عام أفضل من السابق كان في غير محله، وأن سنوات السوء سوف تلاحقهم في هذا العام، ومن غير المرجح أن يتركوا صحبتها في العام المقبل... على أقل تقدير.
دخل اللبنانيون في العام 2021 وهم مثخنون بالجراح. الانهيار المالي والاقتصادي، الذي ضرب البلاد، خلق موجة من عدم اليقين عند اللبنانيين الذين كانوا يشاهدون عملتهم الوطنية تنهار أمام الدولار، ومدخراتهم في المصارف تطير في مهب الريح، فيما «كورونا» يفتك بهم، وجراح تفجير المرفأ الذي ضرب قلب بيروت كانت لا تزال ساخنة. وفي المقابل، كان السياسيون يتلهون بمعارك «طواحين الهواء» ويختلفون على حصصهم في الحكومة، التي كان من المفترض بها أن تساهم في عملية تخفيف الارتطام الناجم عن الانهيار الاقتصادي، وهو ما لم يحدث.
كان اللبنانيون يأملون بولادة حكومة مستقلة حيادية تقود عملية إصلاح البنية الاقتصادية والسياسية. ويأملون في أن تكون الحقيقة قد ظهرت في ملف التفجير الذي ضرب قلب العاصمة. لكن الحكومة لم تُشكل إلا بعد توافقات سياسية بين القوى المشاركة فيها، ومن ضمنها توزيع الحصص على الطوائف، وهو ما شكل صدمة للناشطين المدنيين والمعارضين الذين أدانوا الاستمرار بتطبيق الأعراف نفسها في عمليات تشكيل الحكومات القائمة على المحاصصة، وفي مقدم المعترضين حزبا «الكتائب اللبنانية» و«القوات اللبنانية» اللذان لم يشاركا بالحكومة.

أنهى تشكيل الحكومة برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي حالة من الشلل السياسي استمرت 13 شهراً. فقد ظل لبنان من دون حكومة منذ قدم رئيس الوزراء حسان دياب استقالته عقب الانفجار في مرفأ بيروت في 4 أغسطس (آب) 2020 الذي أدى إلى تدمير المرفأ والمناطق المحيطة به. فشل السفير مصطفى أديب في تشكيل حكومته بداية، ثم فشل الرئيس سعد الحريري في تشكيل حكومة منسجمة مع شروطه لجهة تأليف حكومة من الاختصاصيين المستقلين لا تتضمن ثلثاً معطلاً لأحد. بعد تنحيه، سمى البرلمان الرئيس ميقاتي الذي لم يُقابل بشروط تشبه الشروط التي تمت مواجهة الحريري بها، فنجح بالتأليف.
كان الملف الحكومي من أبرز معالم العام. قضى اللبنانيون هذا العام من دون حكومة في بدايته، وأنهوه بحكومة مشلولة غير قادرة حتى على الاجتماع. فالحكومة التي هلل كثيرون لتأليفها، وانخفض سعر صرف الدولار إلى حدود الـ15 ألف ليرة مقابل الدولار الواحد بعدما وصل قبل تأليفها إلى 23 ألفاً، علقت جلساتها بعد جلستين عقدتهما. انفجر ملف التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت في وجهها، وحوصرت بخلافات مكوناتها. انقسمت القوى السياسية الممثلة فيها، بين مؤيد لتحقيقات وإجراءات المحقق العدلي في ملف المرفأ القاضي طارق البيطار، وبين رافض لها اتهم إجراءاته بالتسييس والاستنسابية. ووصل الخلاف إلى مجلس الوزراء حيث انفجر الصراع بين فريق «التيار الوطني الحر» من جهة، وفريق «حزب الله» و«حركة أمل» و«تيار المردة» من جهة ثانية. تأزم الوضع أكثر، وانفجر على شكل تطور أمني في الشارع بين منطقتي الشياح وعين الرمانة، خطوط التماس السابقة في الحرب اللبنانية بين المسلمين والمسيحيين، وتم احتواء الموقف من غير أن تهدأ تداعياته.
والواقع أن الخلافات السياسية التي عطلت اجتماع الحكومة، علقت المساعي الحكومية لتحقيق الإنجازات. لا مفاوضات مع صندوق النقد الدولي اكتملت، ولا ضبط لأسعار صرف الدولار. واصلت العملة المحلية انهيارها، وانزلق معظم اللبنانيين إلى ما دون خط الفقر. لم يتغير أي شيء على أزمات كانت قائمة قبل تشكيلها، وخصوصاً لجهة انقطاع الكهرباء. الفارق الوحيد، أن اللبنانيين قضوا الصيف بلا كهرباء ولا ضوء، بفعل انقطاع المحروقات التي تشغل مولدات الشبكة الرديفة. بعد تشكيل الحكومة، رُفع الدعم عن المحروقات، وارتفع ثمنها بشكل كبير، فتوفرت الكهرباء لدى فئات معينة قادرة على دفع رسوم الشبكة الرديفة، فيما حلقت أسعار المحروقات إلى مستويات وصلت إلى 1500 في المائة ارتفاعاً خلال عامين.
الأزمات التي تحاصر اللبنانيين لم تنتهِ. تدهور سعر الصرف قلص قدراتهم على العيش، بفعل التراجع الكبير في الرواتب نتيجة انهيار القيمة الشرائية. المؤسسات الحكومية شبه معطلة، والبطالة ترتفع، والنخب الأكاديمية والعلمية، ومن بينها الكوادر الطبية، تغادر إلى خارج البلاد، فيما تضرب البلاد موجة جديدة من الإصابات بـ(كوفيد – 19) مع ارتفاع حوادث السرقة والقتل.
وخلال أقل من عامين، خسر عشرات الآلاف وظائفهم أو جزءاً من رواتبهم، وتراجع سعر صرف الليرة أمام الدولار تدريجاً إلى أن فقدت أكثر من 90 في المائة من قيمتها، وبات أكثر من نصف السكان تحت خط الفقر، وارتفع معدل البطالة.
وقال البنك الدولي في تقرير نشره في مايو (أيار) الماضي، إن الأزمة الاقتصادية في البلاد يمكن أن «تصنف ضمن الأزمات الثلاث الأولى في العالم خلال الـ150 عاما الماضية». بتقديره، هي أسوأ من أزمة اليونان، التي اندلعت عام 2008، وتسببت في تشريد عشرات الآلاف من الأشخاص ودخول سنوات من الاضطرابات الاجتماعية، وأكثر حدة من أزمة عام 2001 في الأرجنتين، والتي أسفرت أيضا عن اضطرابات واسعة النطاق.
وتحاول القوى السياسية محاصرة الاضطرابات. تعد بالإصلاحات، وتراهن على مفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وتعد بدفع مساعدات اجتماعية بالدولار الأميركي بدءاً من شهر مارس (آذار) المقبل. هي مساعدات ينظر إليها المعارضون على أنها «مسكنات» بهدف «منع الانفجار». ويتصاعد التصعيد السياسي بين القوى الداخلية قبل الانتخابات النيابية المزمعة في مايو المقبل.
لم يبقَ أمام لبنان إلا التفاوض مع صندوق النقد الدولي لاستدراج مساعدات أجنبية. المفاوضات التقنية شارفت على نهايتها لتبدأ بعدها مرحلة المفاوضات على السياسات النقدية والاقتصادية. يراهن لبنان على الحصول على الأموال التي تقدر بأربعة مليارات، بحسب ما أعلن حاكم المصرف المركزي رياض سلامة، و«يمكن أن ترتفع إلى مبلغ يتراوح بين 12 مليار دولار و15 ملياراً». وأوضح أن «هذا المبلغ يساعد لبنان لينطلق مجدداً ويستعيد الثقة». وأضاف: «بقدر ما نتمكن من استقطاب أموال... بقدر ما نتعافى بسرعة... هذا هو المفتاح لأن ينطلق لبنان ويستعيد البلد نشاطه الطبيعي».



الإمارات ترحب بإعلان غروندبرغ الاقتصادي وتصف الاتفاق بالخطوة الإيجابية

الإمارات ترحب بإعلان غروندبرغ الاقتصادي وتصف الاتفاق بالخطوة الإيجابية
TT

الإمارات ترحب بإعلان غروندبرغ الاقتصادي وتصف الاتفاق بالخطوة الإيجابية

الإمارات ترحب بإعلان غروندبرغ الاقتصادي وتصف الاتفاق بالخطوة الإيجابية

وصفت الخارجية الإماراتية الاتفاق اليمني الاقتصادي بين الحكومة والحوثيين بالخطوة الإيجابية في طريق الحل السياسي في اليمن.

وفي بيان نشرته الخارجية الإماراتية في وكالة الأنباء الرسمية «وام»، قالت الإمارات إنها ترحب «ببيان المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ بشأن التوصل إلى اتفاق بين الأطراف اليمنية حول الخطوط الجوية والقطاع المصرفي».

ووفق البيان: «أثنت الوزارة على الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص للوصول إلى حل شامل ومستدام للأزمة اليمنية، بما يعزز السلام والاستقرار في اليمن والمنطقة».

وقالت الخارجية الإماراتية إنها تجدد التأكيد «على دعم جميع الجهود الإقليمية والدولية المبذولة لإحلال الاستقرار في اليمن»، وعلى وقوفها إلى جانب الشعب اليمني، ودعم طموحاته المشروعة في التنمية والازدهار.

وجرى اتفاق بين الحكومة اليمنية والجماعة الحوثية، الثلاثاء، على تدابير للتهدئة وخفض التصعيد الاقتصادي بينهما تمهيداً لمحادثات اقتصادية شاملة بين الطرفين.

ويشمل الاتفاق، إلغاء الإجراءات الأخيرة ضد البنوك من الجانبين، واستئناف طيران «الخطوط الجوية اليمنية» للرحلات بين صنعاء والأردن، وزيادة عدد رحلاتها إلى 3 يومياً، وتسيير رحلات إلى القاهرة والهند يومياً، أو حسب الحاجة.

كما يشمل الاتفاق البدء في عقد اجتماعات لمناقشة القضايا الاقتصادية والإنسانية كافة، بناءً على خريطة الطريق.

وكان مجلس التعاون الخليجي رحب بإعلان غروندبرغ، وعبّر أمينه العام جاسم البديوي عن دعم المجلس الجهود الإقليمية والدولية والجهود التي يقودها المبعوث «الرامية إلى تحقيق السلام والأمن في اليمن»، مؤكداً أن صدور هذا الإعلان يأتي تأكيداً للأهمية التي يوليها المجتمع الدولي للأزمة اليمنية.

وعبّر الأمين عن أمله أن يسهم الإعلان في تهيئة الأجواء للأطراف اليمنية لبدء العملية السياسية برعاية الأمم المتحدة.

وجدد تأكيد استمرار دعم مجلس التعاون ووقوفه الكامل إلى جانب اليمن وحكومته وشعبه، وحرصه على تشجيع جميع جهود خفض التصعيد والحفاظ على التهدئة للوصول إلى السلام المنشود.