«الإطار» الشيعي العراقي يطوي صفحته وطهران «ملّت» المعترضين

TT

«الإطار» الشيعي العراقي يطوي صفحته وطهران «ملّت» المعترضين

قبل يوم من مصادقة الانتخابات العراقية، أعلن الإطار التنسيقي مبادرة من تسع نقاط، أبرزها «معالجة الاختلال في التوازن البرلماني الذي أسفرت عنه نتائج الاقتراع». بحسب هذه الفرضية غير الواقعية، فإن قرار المحكمة الاتحادية، أول من أمس، ختم «الاختلال» بالقانون، وجعله ثابتاً لأربع سنوات مقبلة.
أهمية «لا واقعية» مبادرة الإطار التنسيقي تكمن في ترجمتها التأثير الذي جاءت به القرارات القضائية الأخيرة برد طعون المعترضين، والمصادقة على النتائج. المبادرة، من شدة تأخرها عن «الأمر الواقع»، طلبت مجلساً أعلى للسياسات، كحلقة زائدة في النظام السياسي المرهق بالبيروقراطية، فضلاً عن التمسك بـ«العرف السائد» في تسمية الرئاسات الثلاث. مبادرة تعيش لحظة 2018. وترفض التعايش مع «الاختلال» الذي رسمته الانتخابات الأخيرة، وإن كان نسبياً.
قضي الأمر! فما الذي سيحدث الآن؟ يبدو أن إقرار النتائج وتثبيت الخريطة الجديدة سيطلق جولة من التعديلات على البيئة السياسية للأحزاب الشيعية، ومع فوز التيار الصدري بأكبر عدد من المقاعد فإنه يمتلك مفاتيح هذه التعديلات، ومن حول هذه الكتلة سيدور الاستقطاب، تحالفاً وانشقاقاً.
خلال الساعات الماضية، تحدث لـ«الشرق الأوسط» ثلاثة سياسيين من قوى الإطار التنسيقي، وعلى مضض تقبلوا الأمر الواقع، لكن سؤالاً واحداً عن مستقبل الإطار أظهر التناقضات الحادة داخل الإطار. فحركة «عصائب أهل الحق»، مثلاً، تتوقع «إقصاءً» من مراكز النفوذ، تحت وطأة العلاقة المتوترة مع الصدر، فيما يقول مقربون منها إنها طلبت «ضمانات للمستقبل».
أما منظمة «بدر» فهي أكثر براغماتية من غيرها داخل الإطار، وتستعد الآن للتموضع داخل المشروع الصدري، فيما يحاول ائتلاف «دولة القانون» بناء مقاربة لتشكيل الحكومة، لكنها صعبة بقدر ما يحتفظ زعيمه نوري المالكي والصدر بمسافة ثابتة من الخلافات التاريخية.
ثمة مؤشرات على تغييرات وشيكة في بنية الإطار التنسيقي، قد تصل درجة الانشقاق. الإطار في الأساس لم يكن تحالفاً جامعاً على مشروع انتخابي، إلا المصلحة في منع التحول النسبي الذي أحدثته الانتخابات، هذه الأخيرة ومع تحولها إلى أمر واقع ستخرج الإطار من حالة الصدمة لبدء إجراءات التكيف. ومنذ نحو شهر تحاول الكتلتان الشيعيتان الكبيرتان، الصدر والمالكي، الصيد في مياه المقاعد المستقلة. وتفيد معلومات خاصة بأن الأسابيع المقبلة ستشهد إعلانات انضمام وتحالف مع أحد الطرفين اللذين يتسابقان في جولة الصيد هذه، وما أن تنتهي سيتحدد بشكل أوضح ما إذا كان الصدر قادراً على تشكيل حكومة أغلبية، والمالكي على التوافق بالشراكة مع الصدر.
«لن ينتقل المالكي إلى المعارضة (…) لا يستطيع، لكن الصدر يمكنه ذلك»، يقول قيادي سابق في حزب الدعوة الإسلامية في وصفه لطبيعة الصراع بين القطبين، وهي معادلة تؤرق المالكي أكثر مما تفعل مع الصدر، ويرى أنه «رغم كل شيء، فإن الصدر يبدو أكثر انسجاماً مع التيار العام الذي يميل لإجراء تعديلات في النظام السياسي»، بينما «يُظهر المالكي تمسكاً تقليدياً بالمدرسة السياسية التي أسست لعراق ما بعد صدام». وبسؤال قياديين في التيار الصدري عن مستقبل الحكومة وشكلها، وطبيعة الحلفاء فيها، قالا إن الكتلة الصدرية «لا ترحب بالقوى التي ترفض نهج الإصلاح الذي يتبناه الصدر». وعما إذا كان المالكي واحداً من الشركاء المحتملين، أجابا «هذا أمر بيد الصدر».
طويت صفحة «الإطار»، فيما البيئة الشيعية تستعد لمناورات قطبية، ومثلها إيران التي لم تعد متحمسة للدفاع عن الصيغة التي يقاتل من أجلها حلفاء مثل «العصائب» و«كتائب حزب الله». وهنا تبدو السياسة الإيرانية أكثر تكيفاً من ذراعها المحلية. يقول سياسيون شيعة، إن طهران «أظهرت لهم جزعاً من الطريقة التي عمل فيها الحلفاء، وأوصلت انطباعات للجميع بأنها تحتاج للدخول في مرحلة أقل توتراً بقوى أكثر نضجاً وخبرة».
أكثر ما يمكن للإيرانيين القيام به الآن هو الدفع باتفاق سياسي على الشراكة بين المالكي والصدر، لضبط التغيير وإيقاعه، والأهم التوافق على مرشح لرئاسة الوزراء. قلق طهران في هذه المرحلة هو من شخصية «تطيع» الصدر.
في المحصلة، يبدو أن الحياة السياسية في شقها الشيعي تدخل مرحلة غير مسبوقة من الاستقطاب، وقد تكون الانتخابات الأخيرة نقطة شروع لتحولات في المعادلة السياسية، تفضي إلى ضمور مسميات حزبية أو انخراط آخرين ضمن ثنائية تنافسية بين الصدر والمالكي.



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.